في الأخوّة الإسلاميّة المسيحية
أ. عدنان السمان
يُجمع الناس في بلاد العرب – مسلمين ومسيحيين – على عدد من الحقائق المتعلقة بوجودهم حاضرًا ومستقبلاً في هذه البلاد، ومن هذه الحقائق أن أرض العرب للعرب، وأن ديار المسلمين للمسلمين.. لا يجوز أن يعتدي عليهم فيها أحد، وإن حصل ذلك فإنهم جميعًا يتصدَّون للمعتدي حفاظًا على حرية أوطانهم، وسلامة أبدانهم وأديانهم.. هذا ما حصل في الماضي البعيد، وفي الماضي القريب، وهذا ما يحصل اليوم أيضًا ... ومن هذه الحقائق أنهم جميعًا أخوة متحابون يعيشون في وطن واحد، ويجمع بينهم تاريخ، ومصير، ولغة، وأهداف، وآمال، وآلام مشتركة، فهم جميعًا عرب قبل الأديان، وهم جميعًا عرب بعد الأديان التي لم تفرّق بينهم، بل وحّدت، وألَّفت ، وآخت، وجمعت إنهم جميعًا مؤمنون، وهم جميعًا مواطنون متساوون في الحقوق والواجبات، وهم جميعًا أهل وعشيرة وجيران يجمع بينهم خلق المودة والمحبة والتعاطف والتسامح والغفران...
لسنا بحاجة للأدلة التي نثبت بها عمق العلاقات، وقوة الروابط والأواصر والصِّلات بين المسلمين والمسيحيين في كل ديار العروبة والإسلام ، ولسنا بحاجة للأدلة التي نثبت بها أن التناقضات والصراعات التي شهدتها هذه الديار لم تكن يومًا بسبب اختلاف الأديان، وإنما بسبب ظلم الإنسان لأخيه الإنسان، وبسبب الطمع، والجشع ، وحب السيطرة، والغرور، والعدوان، ولسنا بحاجة لإقامة الدليل على صحة هذا الادعاء؛ إن ما حصل عندما تكالبت أوروبا على هذه الديار في فترة الحروب الصليبية ، وما حصل عندما تقاسمت دول الغرب في أعقاب الحرب العالمية الأولى كل بلاد العرب والمسلمين فيما بينها، وما حصل في أعقاب الحرب العالمية الثانية،وما يحصل الآن في العراق وأفغانستان والسودان وغيرها من بلاد العروبة والإسلام، وما سيحصل غدًا أو بعد غد إذا نفّذ هؤلاء وأولئك وعيدهم وتهديدهم ضد هذا البلد أو ذاك.. كل هذه الأدلة القائمة التي لا تنتظر من أحد أن يقيمها، يضاف إليها ما يصرّحون به علانيةً حول الشرق الأوسط الكبير أو الجديد لا تشكّل دليل صحة هذا الادعاء فحسب؛ وإنما تشكّل دليل إدانة أولئك الغزاة الطامعين، وإدانة أهدافهم في امتصاص دماء الشعوب ، والسيطرة على أرضها ومقدَّراتها.. أما العلاقات الإسلامية المسيحية، وأما الروابط والأواصر والصِّلات بين المسلمين والمسيحيين من عرب هذه الديار فقد كانت، ولا تزال، وستبقى فوق كل الشبهات، برغم كل الجهود التي بُذلت وتُبذَل من أجل ضرب هذه العلاقات، وافتعال الخصومات والعداوات لأسباب لا تخفى على أحد!!
إن مواطني هذه البلاد جميعًا هم إخوة متحابون، ومواطنون متساوون في الحقوق والواجبات، لا فرق بين مسيحي عربي، ومسلم عربي أو غير عربي لأنه " لا إكراه في الدين" ولأنه " لكم دينكم وليَ دين" ولأنه " ادعُ إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن" ولأن الرسول الكريم يقول: " من آذى ذمِّيًّا فقد آذاني " ولأن تاريخ الإسلام حافل بالمواقف والوثائق والوصايا التي تؤكد عمق العلاقات بين المسلمين والمسيحيين.
وإن مواطني هذه البلاد جميعًا على اختلاف دياناتهم ومعتقداتهم ينبغي أن يقفوا صفًّا واحدًا موحَّدًا في وجه الطامعين المعتدين على هذه الأمة التي ما اعتدت يومًا على أحد، هذه الأمة التي حملت رسالة الحق والعدل والمحبة والمساواة إلى البشرية كافة، هذه الأمة التي بنت للبشرية حضارة عظيمة متوازنة هي حضارة الإسلام التي أسهم في بنائها أصحاب الديانات، والمبادئ السامية، والمثل العليا من أبناء البشرية.
إن العلاقات القائمة بين المسلمين والمسحيين في هذه الديار أقوى من رهانات المراهنين، وتصيّدات المتصيّدين، وأطماع الطامعين.. وإن العلاقات القائمة بينهم وبين كثير من مسيحيي الغرب المنصفين، وغيرهم من أتباع الديانات الأخرى المسالمين، يضاف إليهم سائر القوى والحركات المؤيدة للحق والعدل وحرية الإنسان وحقوقه هي علاقات وثيقة ستؤتي أكلها ذات يوم " وأما الزبد فيذهب جفاءً وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض" صدق الله العظيم.
23/2/2008
With Windows Live for mobile, your contacts travel with you. Connect on the go.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق