عزيزتي .. عزيزي


ما أجمل أن نلتقيَ على كلمة طيبةٍ في كلَّ يوم ! ما أجملَ أن نلتقيَ لِنحقَّ حقا ، ونزهقَ باطلا ونحيي ثقافة ، وننصفَ مظلومًا ، وننقدَ واقعًا أليمًا ، ونوقدَ شمعة تمزق من حولنا الظلام .
أعزائي .. يا أنصارَ الحق ، وطلابَ الحقيقة ، ومحبي الخير والجمال أفرادًا ، وجماعاتٍ ، ومجموعاتٍ ، ومؤسساتٍ ، نساءً ، ورجالا ، فتية ، وفتيات .. يا كلَّ المؤمنين بحق شعبنا العربي الفِلسطيني في العيش باحترام ، وأمن ، وأمان فوق ثرى وطنه الغالي فلسطين .. ويا كلّ عشاق هذه اللغة العربية من أبنائها وبناتها ، ومعلميها ومُتعلميها .. يا كلّ شعبنا.. يا كلّ العرب .. يا كلّ المؤمنين بحق الشعوب في الخلاص من التبعية ، والاستعباد ، والاستبداد ، وبحقها في التحرر، والبناء ، والإعمار ، والسيادة على ترابها الوطني ... هذا موقعكم .. ستجدون فيه ما يسركم من فكر ، ورأي ، ومقال سياسي ، واجتماعي ، واقتصادي ، وثقافي ، ونقدي ، وأدبي .. ستجدون فيه نثرًا وشعرًا ، وقصة ، وحكاية ، وستجدون فيه كتبًا ، ومتابعاتٍ ، ومقابلاتٍ ، ومواجهاتٍ ، ومراسلاتٍ ، ومساجلاتٍ ..ستجدون فيه كثيرًا مما كتبتُ على امتداد العقود الماضية ، وبخاصة في " القدس " المقدسية ، والبيادر السياسي ، وغيرهما من مطبوعات هذه الديار وصحفها .. وسأوافيكم من خلاله بكل ما سأكتب ... مكتفيـًا في هذه المرحلة بالكتابة إليكم ، حتى إذا ما فرغتُ من إحياء ما لديّ من قديم( مخطوطٍ ومطبوعٍ) ووضعتـُه بين أيديكم في موقعكم هذا ، وتفرغتُ بشكل كامل للكتابة في قضايا الساعة فتحتُ المجالَ أمامكم للمشاركة ، والمساهمةِ ، والنقاش والحوار ، والأخذ والرد على غرار ما تفعله كثير من المواقع الرائدة التي نكنّ لها كل الاحترام ، وندين لها بالولاء والعرفان ، ونتقدم منها بالتحية والتقديروالامتنان .
أرحب بكم في موقعكم هذا .. موقع الأسرى ، والعمال ، والفلاحين ، والطلبة ، والمثقفين ، والكتـّاب ، والأدباء ، والشعراء .. موقع المؤسسات ، وكافة أحرار هذا الوطن وحرائره ..مثمنـًا وقوفكم إلى جانبي .. آملا أن يكون لي شرف الإسهام في خدمة الوطن والمواطن في بلادنا العزيزة فِلـَسطين .. وفي كل ديار العروبة والإسلام.
عدنان السمان
15/6/2008


الثلاثاء، ٢٧ نيسان ٢٠١٠

إعادة

متابعات                                                            

القدس تنادي.. فمن يلبي النداء ؟؟

                                                                           أ. عدنان السمان

www.samman.co.nr

        العرب والمسلمون والفلسطينيون جميعًا مدعوون لتلبية النداء.. الدنيا كلها مدعوة للتلبية.. ليس من القدس ولن يكون.. وليس من أحبابها ولن يكون.. وليس محبًّا للحق والعدل والخير والجمال والحرية ولن يكون من لا يلبي نداءها.. القدس تنادي أبناءها ومحبيها.. تنادي الطلبة العرب، والمثقفين العرب، والعمال العرب، والفلاحين العرب، والأحرار العرب، كي يفعلوا شيئًا من أجلها، وكي يفعلوا شيئًا من أجل أهل القدس، ومؤسسات القدس، ومنكوبي القدس، ومهجَّريها، وفقرائها، ومشرديها القدس تنادي أمة العرب كي تفعل شيئًا من أجل الأقصى والقيامة ومسجد عمر وكافة الكنائس والمساجد والمقدسات المسيحية والإسلامية في مدينة الصلاة "قلب فلسطين" عاصمة المحبة والتسامح والصفاء والضياء والسناء والوئام والسلام.. المسجد الأقصى ينادي أُمةً تَرَكَتْه أضعفَ ما يكونُ مكانًا.. القدس تنادي أمة العروبة والإسلام كي تفعل شيئًا من أجل أطفال القدس، وصبايا القدس، وشبابها، ونسائها ورجالها، وسائر مواطنيها.. وكي تفعل شيئًا من أجل هُوية القدس العربية، ومن أجل تاريخ القدس العربي، وجغرافية القدس العربية، وثقافة القدس العربية، ومعالم القدس العربية، وتراث القدس العربي، وأمجاد القدس عبر التاريخ منذ فجر التاريخ عندما أقام "يَبوسُ" أولَ بيت من مخطط البناء العربي في هذه المدينة العربية الفلسطينية الخالدة.. وعندما أطل عمر مكبّرًا في جيشٍ مكبّرٍ من الصحابة الأبرار، في جبل مكبِّرٍ يبلّغ السماءَ نداءَ الأرض واحتفالَها بهذا اليوم الأَغَر.. وعندما أصدر الخليفة الأموي المرواني عبد الملك تعليماتِه ببناء المصلى المرواني ومسجد الصخرة، وعندما أصدر تعليماتِه بأن تُطلى قبةُ الصخرة المشرّفة بالذهب الخالص بعد أن انطلق رسلُهُ في بلاد العرب والمسلمين بحثًا عن فقراءَ ومحتاجينَ فلم يجدوا!!.. وعندما دخلها القائد الأسطوري التكريتي الخالد صلاح الدين محرِّرًا حاملاً المنبرَ من دمشق إلى القدس في مسيرة ظافرة من البطولات والانتصارات على أرض فلسطين من الشمال إلى الوسط إلى الجنوب، ليضع هذا المنبر في مكانه من المسجد الأقصى المبارك أولى القبلتين وثالث الحرمين.

        القدس تنادي.. فمن يلبي النداء؟ القدس تنادي أبناءها في العالم الإسلامي كي يفعلوا شيئًا من أجل سلامها، وسلامتها، وسلامة مقدساتها، وسلامة أجيالها على هذه الأرض المقدسة.. وكي يفعلوا شيئًا من أجل إعادة البسمة إلى عيون أطفالها، وكل أطفال فلسطين الذين أنستهم الهموم والأحزان والآلام طعم المحبة والحنان، ومعنى الفرح والابتسام، والعيش بأمن وأمان وثقة واحترام.. وكي يفعلوا شيئًا من أجل سلام هذه المنطقة الذي بات مهدَّدًا تتقاذفه الرياح ذات اليمين وذات الشمال، دون أن يتقدم أحد لإنقاذه، ووضع حد للمخاطر والانهيارات التي تتهدده منذرةً بشرٍّ مستطير يغشى البلاد والعباد، ويأتي على الأخضر واليابس أو يكاد.

        شعوب العالم كله مدعوة لتلبية نداء القدس.. الولايات المتحدة الأمريكية، والقارة الأوربية، ودول العالم الثالث، ودول أمريكا اللاتينية، والصين، وروسيا، وكافة الشيوعيين والرأسماليين مدعوون جميعًا لتلبية النداء.. العالم كله مدعوٌّ لوضع حد لكل ما يجري في القدس، ولكل ما يستهدف المقدسيين العرب ومقدساتهم وممتلكاتهم وحرياتهم وحقوقهم ومعتقداتهم.. العالم كله مدعوٌّ لحماية القدس والمقدسيين، ووضع حد لكل مظاهر التهويد والهيمنة والتضييق والاستعلاء والاستكبار والمداهمات والملاحقات والمصادرات والاعتقالات، ووضع حد لكل أساليب القمع والتهديد والتخويف والعقوبات الجماعية التي يتعرض لها شعب مسالم أعزل يئن تحت احتلال استيطاني إحلالي إقصائي منذ عقود وعقود.. العالم كله مدعوٌّ اليوم لحماية المسجد الأقصى من المخاطر التي تتهدد وجوده، وحماية سائر المقدسات الإسلامية والمسيحية في هذه المدينة العربية المسالمة العصيّة على الغزاة والمحتلين.  

        مجلس الأمن مدعوٌّ لعقد اجتماع طارئ يتدارس فيه الأوضاع في القدس، ويتخذ القرار المناسب الذي يضع حدًّا لكل معاناة المقدسيين وآلامهم ومخاوفهم، والاعتداء على مقدساتهم، وحقوقهم المدنية والسياسية والاجتماعية والثقافية التي لا يجوز لأحد أن ينتقص منها، مهما كانت الذرائع والحجج والمسوّغات، لأن أحدًا لا يملك حق العدوان على الشعوب، ولأن أحدًا لا يحق له استعباد الآخرين مهما كانت أسبابه، ومهما كانت أساليبه، ومهما كانت ذرائعه!! الشعوب جميعًا يجب أن تمتلك حريتها، وتستعيد كرامتها وحقوقها السليبة.. إن مجلس الأمن قادر على إنقاذ القدس، وإنقاذ المقدسيين.. وقادر على إنقاذ الفلسطينيين جميعًا داخل بلادهم فلسطين وخارجها بقرار واحد يأخذه بالإجماع بعيدًا عن "الفيتو" الأمريكي.. يُلزم فيه المعتدي بالكف عن عدوانه، ويُلزم فيه المحتلين بالخروج من الأراضي التي يحتلونها خدمة للعدل والامن والسلم الدَّولي.. فهل تفعل أمريكا ذلك ؟ وهل تلبي أمريكا نداء القدس ؟ وهل تلبي أمريكا نداء الفلسطينيين والعرب والمسلمين في إنقاذ القدس من المخاطر التي تتهددها؟ وهل تنتصر أمريكا الآن، وقبل فوات الأوان لنداء الحق والعدل والسلام؟ نرجو ذلك.

27/4/2010


الأحد، ٢٥ نيسان ٢٠١٠

متابعات

المتقاعدون القدامى.. تضحيات ومطالب!!

أ.عدنان السمان

www.samman.co.nr

    المتقاعدون القدامى من الأطباء، والمهندسين، والصيادلة، والحقوقيين، والمعلمين، وسائر الموظفين الذين قدموا خدماتهم الجليلة لأبناء هذا الشعب على امتداد العقود الثلاثة الفاصلة بين الحكم العسكري الإسرائيلي، وقيام السلطة الفلسطينية في هذه الديار جميعهم مظلومون...ولقد ظُلم هؤلاء عندما عملوا في البدء بأجور زهيدة، وكانوا يرزحون طوال الوقت تحت وطأة الغلاء، ويدفعون ثمن كافة التغيرات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي كانت تعصف بهذه الديار من أعصابهم، ومن قوت أطفالهم، واحتياجات أسرهم، وأدوية آبائهم وأمهاتهم... كما ظُلم هؤلاء عندما اضطرت غالبيتهم الساحقة لممارسة أعمال أخرى إضافية للنهوض بالأعباء والمسئوليات الملقاة على عاتقهم، هذه الأعمال التي كانت مرهقة من جهة، وغير لائقة في كثير من الأحيان... وقد ظُلم هؤلاء أيضًا عندما تعرض كثير منهم للملاحقة والقمع وشتى أنواع المضايقات والعقوبات والتهديدات في تلك الأيام... وظُلموا عندما أحيل كثير منهم إلى ألوان من التقاعد  القسري التعسفي، وعندما فقد كثير منهم عمله ليفقد لقمة عيش أطفاله... وكما تعرضوا خلال وجودهم على رأس العمل لألوان شتى من الظلم الصارخ؛ فقد تعرضوا عند نهاية الخدمة، وعند الإحالة إلى التقاعد لظلم أكبر، لأن تلك الرواتب التقاعدية كانت هزيلة لا تكاد توفر لصاحبها من ضروريات الحياة شيئًا مذكورًا... صحيحٌ أن السلطة الفلسطينية أنصفت من أحيلوا إلى التقاعد منهم في عهدها قياسًا إلى من أحيلوا إلى التقاعد منهم في العهد السابق.. وصحيح أن هذه السلطة قد أدخلت تحسيناتٍ ملحوظةً على رواتب كثيرٍ ممن أحيلوا إلى التقاعد القسري التعسفي السياسي في ذلك الماضي.. وصحيح أنها رفعت رواتب أولئك المتقاعدين، وعملت على تحسين أحوالهم المعيشية بشكل عام.. ولكنّ هذا لا يمنع من القول:

1- إن تلك التعديلات والتحسينات التي أدخلتها السلطة على رواتب أولئك المتقاعدين القدامى قد ذهبت أدراج الرياح بعد بضع سنوات، وأصبحت كأنها لم تكن بسبب حرب العملات، وموجات الغلاء المتلاحقة، وتآكل الرواتب، وارتفاع تكاليف الحياة بارتفاع أسعار الخدمات في هذه الديار دون استثناء.. وبالتالي فإن قيمة الراتب الشرائية بعد إجراء هذه التعديلات والتحسينات أصبحت مثل قيمته قبل إجرائها على الرغم من هذه الزيادات المتواضعة التي تحاول السلطة إدخالها على هذه الرواتب بين الحين والآخر.

2- إن رواتب هؤلاء المتقاعدين(برغم التعديلات والتحسينات) لا تكاد تبلغ في مجملها ثلث رواتب من تحيلهم السلطة إلى التقاعد في هذه الأيام، أو من أحالتهم إلى التقاعد قبل سنين قليلة.. يضاف إلى هذا أن هذه الرواتب التقاعدية نفسها ليست سواء، بل إن هنالك تفاوتًا كبيرًا بين رواتب هذه الفئة وتلك من فئات الموظفين وتصنيفاتهم، الأمر الذي يلحق أبلغ الأضرار بكل فئات المجتمع من موظفين عاملين ومتقاعدين، كما يلحق أضرارًا جسيمة بالموازنة العامة نفسها.

3-  إن الموظفين جميعًا عاملين ومتقاعدين يجب أن يخضعوا لقانون خدمة واحد، وإن هذه الفوارق  الكبيرة في الرواتب يجب أن تقلَّص كثيرًا إذا كان الموظفون جميعًا فلسطينيين، وإذا كان الموظفون (عاملين ومتقاعدين) يخضعون لظروف اقتصادية، وأحوال معيشية واحدة، وإذا كان هؤلاء المتقاعدون جميعًا قد قدموا خدماتهم لشعب واحد هو شعب فلسطين... نعم، إن إنصاف المتقاعدين القدامى يتطلب مساواتهم دون إبطاء بالمتقاعدين من أبنائهم وتلاميذهم.. لا فرق بين هذا وذاك، أو بين هؤلاء وأولئك.     

    لقد كتبتُ في "القدس" الغراء كثيرًا من المقالات المتعلقة بالموظفين والمعلمين عاملين ومتقاعدين، وبالعملية التربوية التعليمية.. ولقد كان آخر هذه المقالات ما نشرته " القدس"في 18/12/2007 تحت عنوان:"مَن هم؟ وكيف نشأت مأساتهم"، وقد عالجت "القدس" في كثير من افتتاحياتها هذا الموضوع الحساس، وطالبت بإنصاف الموظفين العاملين والمتقاعدين، كما عالج كل من يعنيهم الأمر من معلمي هذا الوطن هذه القضية التي آن لها أن تُحَلَّ حلاًّ عادلاً يرضي هذه الشريحة المظلومة التي لا تطالب بأكثر من الإنصاف والعدل والعدالة لأفرادها.

    إن الطبيب الذي أفنى عمره في خدمة وطنه، وبناء مؤسساته الصحية في أصعب ظروف العمل، وأشدها تعقيدًا.. والمهندس الذي قدّم لشعبه ووطنه  أجلّ الخدمات وأنبلها.. والصيدلي الذي خدم سائر فئات هذا الشعب على امتداد انتفاضاته المتلاحقة.. ورجل القضاء النزيه الحر الذي عمل جاهدًا على نشر العدل والعدالة في المجتمع، ووقف شامخًا عملاقًا في وجه الظلم والعدوان.. والمعلم الذي حمى مؤسسات التعليم، والطلبة، والمنهاج، والقضية ولا يزال.. والموظف الذي ربط مصيره بمصير وطنه وشعبه دون التفات إلى مكسب مادي، أو مطمع شخصي... هؤلاء جميعًا لهم التحية والتجلة والتقدير والاحترام.. إنهم المحاربون القدماء الذين منحوا الوطن خالص حبهم وولائهم وجهدهم، وقدموا للمواطن كل ما من شأنه أن يبقي على عزته، وحريته، وكرامته، ووعيه، وانتمائه لهذا الوطن الحر السيد العزيز المستقل.. وإنهم المقاتلون الذين لم يترجّلوا بعد، ولن يترجّلوا إلا بعد تحقيق الأهداف النبيلة السامية التي وضعها هذا الشعب نصب عينيه.. هؤلاء جميعًا يستحقون أن يعيشوا بكرامة واحترام.. ويستحقون أن توفر لهم السلطة كل ما هم جديرون به من رعاية وأمن وسلام.

25/4/2010

 


الثلاثاء، ٢٠ نيسان ٢٠١٠

متابعات:

هل تنجح مصر في "فرض" الهدوء على الجبهة الشمالية؟

أ/ عدنان السمان

www.Samman.co.nr

قبل البدء لا بد من الإشارة أولاً إلى تميّز العلاقات المصرية السورية التي ارتقت في يوم ما من تاريخهما الحديث إلى الوحدة الشاملة.. ولا بد من الإشارة ثانيًا إلى أن مصر لا زالت حريصة على أمن سوريا وسلامتها، وأنها لن تسمح لأحد بالعدوان عليها، أو المساس بأمنها، أو النَّيل منها.. ولا بد من الإشارة ثالثًا إلى أن هنالك أرضًا سورية محتلة منذ حرب الخامس من حزيران، وإلى أن هنالك أرضًا عربية محتلة منذ تلك الحرب أيضًا، وهذا يعني أن حالة الحرب لا تزال قائمة حتى تتحرر هذه الأرض السورية، وحتى تتحرر هذه الأرض العربية.. ولا بد من الإشارة رابعًا إلى أن التوازن الاستراتيجي الذي أصبح هدف سوريا الاستراتيجي في أعقاب حرب العاشر من رمضان أو السادس من تشرين أكتوبر من العام ثلاثة وسبعين وتسعمائة وألف لا زال هدفًا سوريًّا استراتيجيًّا يسعى السوريون بكل قواهم إلى وضعه موضع التنفيذ منذ تلك الأيام وحتى يومنا هذا، ومن الطبيعي أن يتّبع السوريون شتى الطرق ومختلف الوسائل من أجل تحقيق هذا الهدف، ومن أجل وضعه موضع التنفيذ وصولاً إلى تحرير كامل الأرض السورية وكامل الأرض العربية المحتلة..

كان لا بد من كل هذه الإشارات كي نتمكن من قراءة ما يجري اليوم على الجبهة الشمالية قراءة صحيحة لا نستقي حروفها وأرقامها ومعلوماتها التاريخية والجغرافيّة ومقدماتها من مصادر أجنبية تجهل تاريخ هذه المنطقة، وتجهل طبيعة الصراع وتعقيداته فيها، أو لا تجهل شيئًا من هذا أو ذاك، ولكنها ترغب في التزوير، وممارسة الخداع في محاولة لإعادة كتابة التاريخ وصياغته من جديد، إمعانًا منها في الانتصار للظالم، والوقوف إلى جانب المعتدي، نظرًا لهذا التطابق القائم منذ البداية في الأهداف والرؤى والمصالح والغايات.

إن ما يجري اليوم على الجبهة الشمالية هو نتيجة طبيعية لرغبة قوًى خارجية في السيطرة المطلقة على هذه المنطقة، وإصرار قوًى داخليّة على التصدي لتلك القوى.. هذه القوى الداخلية ترى أن من حقها أن تحصل على القوة الكافية للرد على أي عدوان خارجي، وترى أن من حقها أن تعمل المستحيل من أجل حماية أوطانها، ومن حقها أن تقيم التحالفات التي من شأنها أن تُكسبها مزيدًا من القوة، ومزيدًا من الثبات، ومزيدًا من الإصرار على حماية الأوطان، وترى هذه القوى أن التنسيق مع الأشقاء في دول الجوار وغير الجوار، وأن التنسيق مع الأشقاء داخل الوطن الواحد وخارج هذا الوطن هو أمر لابد منه لإثراء المقاومة، وتعزيز الثبات، وتحقيق الأهداف الوطنية، والأماني القومية، وصولاً للتحرر والتحرير، وبناء الأوطان الحرة العزيزة السيدة الفاعلة في التاريخ.. وهذه القوى الخارجية ترى في كل ما تفعله القوى الداخلية من إعدادات واستعدادات وتحالفات واستقطابات أعمالاً عدائية يجب أن تتوقف إذا كانت هذه القوى الداخلية راغبة في السلام تواقة إليه كما يقولون!!

        فإذا قال قائل إن هذه القوى الداخلية هي صاحبة هذه الأوطان، وإنها حكوماتٍ وشعوبًا وأفرادًا وتياراتٍ وجيوشًا وتنظيماتٍ ومنظماتٍ وأحزابًا وقوًى شعبيةً ومؤسساتٍ مدنيةً تعمل مثل فريق واحد كامل متكامل لصد العدوان بكل أشكاله وصوره، والرد على كافة التدخلات والاعتداءات بكل أشكالها وصورها.. إذا قال قائل مثل هذا القول قال قائل منهم: إن الدولة التي تنسّق مع تنظيمات أو أحزاب إرهابية مسلحة هي دولة إرهابية تساند الإرهاب، ولا بد من فرض العقوبات عليها، بل لا بد من توجيه الضربات القاسية الماحقة لها، ولا بد من ضرب الدولة لتي تسعى لتحقيق التوازن النووي في هذه المنطقة من العالم، لأن هذا السلاح النووي يجب أن يكون في أيدينا نهدد به من لا يرضخ لإملاءاتنا، ولا نستعمله إلا عند الضرورة القصوى، لقد استعملناه في اليابان منذ خمسة وستين عامًا، ولم نضطر لاستعماله بعد ذلك، ولا نعتقد أننا سنستعمله إلا إذا اضطرنا بلد مثل إيران لاستعماله!!

        إن ما يجري اليوم على الجبهة الشمالية، وإن ما نسمعه من التهديد بإعادة سوريا تحديدًا إلى العصر الحجري، وما يلمسه المراقبون على هذه الجبهة الشمالية من توتر ينذر بانفجار الأوضاع في كل لحظة قد دفع مصر إلى التدخل العاجل من أجل احتواء الموقف، و"فرض" الهدوء على هذه الجبهة المتفجرة.. إن مصر التي تربطها معاهدة سلام مع إسرائيل تربطها علاقات الدم والقربى والتاريخ مع سوريا ولبنان.. وإن مصر اليوم تلقي بكل ثقلها لمنع تفجر الموقف على الجبهة الشمالية من منطلق أن الحروب لا تحل المشكلات، ومن منطلق أن الحروب لا تؤدي إلا لمزيد من الكوارث، والنكبات، وسفك الدماء، وجرّ مزيد من المصائب على شعوب هذه المنطقة.. ولئن كانت مصر مقتنعة بحق سوريا في استعادة كامل أرضها، وسائر الأرض العربية المحتلة دون قيد أو شرط.. ولئن كانت مصر مقتنعة أيضًا بعمق العلاقة السورية الإيرانية، والعلاقة السورية التركية، وبأهمية هذه العلاقة الاستراتيجية بين هذه الدول الثلاث في أوقات السلم والحرب على حدٍّ سواء.. ولئن كانت مصر مقتنعة كذلك بعمق هذه العلاقة العضوية بين سوريا وكافة قوى المقاومة في كل بلاد الشام؛ فإن مصر تدرك مدى إصرار التحالف الإسرائيلي الغربي على حل هذا الصراع برؤية تختلف، وبأسلوب يختلف، وآلية تختلف؛ فما الذي من الممكن أن تفعله الديبلوماسية المصرية لنزع فتيل هذه الأزمة، وما الذي من الممكن أن تفعله مصر لفرض الهدوء على الجبهة الشمالية في كلا الاتجاهين، لا في اتجاه واحد؟؟

أغلب الظن أن مصر ستعمل على تحسين علاقتها بسوريا، بل إنها ستعمل على إعادتها إلى سابق عهودها الذهبية، وفي هذا مصلحة للقطرين الشقيقين، ومصلحة للشعب الواحد في هذين القطرين، وهذا يعني بالضرورة والحتمية تحسّن العلاقة المصرية بكافة القوى المتحالفة مع سوريا في لبنان وفلسطين.. ثم إن مصر –وهي تدرك تمامًا أسباب ما يجري اليوم على الجبهة الشمالية- ستلقي بكل ثقلها من أجل لجم اليمين الإسرائيلي المتعنت، ومن أجل أن يستجيب الإسرائيليون لنداءات السلام الصادرة عن المجتمع الدولي، والرباعية الدولية، ولجنة المتابعة العربية، ومؤتمر القمة العربي، والمبادرة العربية، وستلقي بكل ثقلها من أجل ضمان انسحاب إسرائيل من الأرض السورية المحتلة حتى حدود  الرابع من حزيران، وضمان انسحاب إسرائيل مما تبقى من الأرض اللبنانية المحتلة، وضمان استجابة إسرائيلية فورية لوقف الاستيطان الإسرائيلي في القدس وسائر أنحاء الضفة الغربية المحتلة.. ثم إن مصر ستلقي بكل ثقلها لإحقاق الحقوق الوطنية الثابتة للفلسطينيين في بلادهم فلسطين.. شيء آخر ستسعى الديبلوماسية المصرية لتحقيقه هو العمل من أجل إغلاق ملف الأسرى الفلسطينيين في السجون والمعتقلات الإسرائيلية، وإغلاق ملف الاعتقال السياسي والإداري.. وأغلب الظن أيضًا أن مصر ستنجح في تعزيز موقف سوريا، وستنجح في إقناع كثير من الإسرائيليين، وكثير من الغربيين بضرورة التخلي عن سياسة الهيمنة والغطرسة والاستكبار التي يمارسونها في هذه المنطقة العربية التي ترفض الخضوع والانحناء لأحد كائنًا من كان.

إن ما يجري على الجبهة الشمالية خطير، وإن التهديدات التي يُسمعها بعضهم بين الحين والآخر جدُّ خطيرة، وإن الوضع المتفجر على الجبهة الشمالية ينذر بكارثة كبرى.. فهل سيكتب التاريخ أن مصر قد أسهمت في التصدي للعدوان، وأنها قد عملت على "فرض" الهدوء على الجبهة الشمالية بأسلوبها، ولو إلى حين؟

20/4/2010


السبت، ١٧ نيسان ٢٠١٠

متابعات

في عيد استقلال سوريا

أ‌.       عدنان السمان

www.samman.co.nr

    كان من أبرز نتائج انهيار الخلافة العثمانية في أعقاب الحرب العالمية الأولى أن وقعت بلاد الشام تحت انتدابين أو احتلالين غربيين سمّهما ما شئت.. أما سوريا ولبنان فقد وقعا تحت الاحتلال الفرنسي، وأما فلسطين وشرقي الأردن فقد وقعا – كالعراق- تحت الاحتلال البريطاني، أو الانتداب البريطاني كما قالوا في تلك الحقبة من التاريخ... ولا يخفى على دارس أو متتبع لسير الأحداث في هذه الديار أن هذه الاحتلالات قد جاءت نتيجة لاتفاق سايكس بيكو الذي أصر فيه الرجلان على تمزيق ممتلكات الخلافة العثمانية لضمان عدم قيامها من جديد، وكذلك تمزيق سوريا ، وتقسيمها إلى أربع دويلات كما تعهدت بذلك قيادة جيش الاحتلال الفرنسي آنذاك... ولا ينسى مراقب أو متتبع لأحداث هذه الديار في تلك الفترة أن القوات البريطانية قد أخذت على عاتقها وضع وعد بلفور الصادر في الثاني من تشرين الثاني من عام سبعة عشر وتسعمئة وألف موضع التنفيذ ، بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين .. وهذا ما حدث في أعقاب الحرب العالمية الثانية، وبعد ثمانية وعشرين عامًا من الاحتلال البريطاني لفلسطين، عندما أعلن الانجليز في الرابع عشر من أيار من عام ثمانية وأربعين انسحابهم من فلسطين في الوقت الذي كانت فيه القيادات اليهودية تجتمع عصر ذلك اليوم في تل أبيب محددة اليوم التالي – يوم الخامس عشر من أيار- موعدًا لقيام إسرائيل التي أسماها بن غوريون بهذا الاسم.

    ولئن تمكنت بريطانيا من تحقيق أهدافها في فلسطين ، ولا تزال تواصل جهودها من أجل استكمال خططها ومخططاتها في حسم الصراع العربي الإسرائيلي لصالح الرؤية اليهودية، والتصور اليهودي لهذا الصراع على أرض فلسطين، وعلى الأرض العربية دون استثناء، ولئن تمكنت بريطانيا مجددًا تحت راية الأمريكان من العودة إلى العراق بعد خروجها منه في الرابع عشر من تموز من عام ثمانية وخمسين، وبعد انهيار حلف بغداد في ذلك اليوم ، فإن فرنسا لم تتمكن من تحقيق أهدافها في سوريا، بل اضطرت للخروج منها ليصبح اليوم السابع عشر من نيسان من عام ستة وأربعين وتسعمئمة وألف عيدًا للجلاء يحتفل به السوريون في كل عام، وليصبح هذا اليوم السابع عشر من نيسان عيدًا وطنيًّا، وعيدًا للاستقلال السوري، ورمزًا لانتصار المقاومة المسلحة في سوريا على الاحتلال الفرنسي الذي جثم  على صدرها نحو ستة وعشرين عامًا.. دون أن يتمكن الفرنسيون من العودة إلى سوريا تحت أي غطاء أو ستار، ودون أن تتمكن فرنسا الحديثة من العودة إلى أي من مستعمراتها في بلاد العرب لأكثر من عامل، ولأكثر من سبب .

    إنه، وفي هذه الأيام التي تعصف فيها الحوادث والأحداث بهذا الوطن العربي المفتت والمجزَّأ، وفي الوقت الذي تستبيح فيه جيوش الغزاة كثيرًا من الأقطار العربية والأرض العربية، وتهدد باجتياح ما تبقى من هذه الأقطار، وهذه الأرض العربية من المحيط إلى الخليج، وفي الوقت الذي تصدر فيه الأوامر والتعليمات من تلك القيادات المتغطرسة المستكبرة إلى القيادات العربية والحكومات العربية بضرورة تنفيذ رغبة تلك القيادات ، وبضرورة تمرير خططها ومخططاتها في كل أرض العرب، وبضرورة ابتعادها عن "التطرف" العربي، و"المتطرفين " العرب.. وفي الوقت الذي لا تخفي فيه تلك القيادات رغبتها في السيطرة المطلقة على كل الأرض العربية بهذه الوسيلة أو تلك، وبهذا الأٍسلوب أو ذاك؛ فإنه يحسن بنا، ويجدر بكل مراقب ومتتبع  لسير كل هذه الحوادث ، والأحداث، والأوامر، والنواهي، والتوجيهات، والتعليمات أن يعود بالذاكرة قليلاً إلى الوراء، وتحديدًا إلى العام السادس والأربعين من القرن الماضي، وإلى السابع عشر من نيسان من ذلك العام ليقرأ صفحات مشرقة من تلك الثورة المسلحة التي انطلقت من جبل العرب في العشرين من تموز من عام خمسة وعشرين وتسعمئة وألف بقيادة سلطان باشا الأطرش.. تلك الثورة المسلحة التي استمرت وتواصلت لتوصل السوريين إلى الاستقلال التام.. يجدر بنا أن نعرف أن تلك الثورة قد تفجّرت عندما قام عدد من المسلحين السوريين بمهاجمة المركز الفرنسي في بلدة صلخد في جبل العرب، وحرقه مع دار البعثة الفرنسية بمكاتبها وأوراقها كما يقول الكاتب العربي السوري أحمد القضماني.. ثم تقدم المقاتلون نحو بلدة الكَفر مشاةً وخيّالة متسلحين بالأسلحة الخفيفة، والسلاح الأبيض، وهاجموا الموقع الذي تعسكر فيه الحملة الفرنسية التي أُبيدت بفعل عنصر المباغتة ، وبفضل شجاعة المجاهدين، وكان من نتيجة ذلك أن اندلعت الثورة في كافة قرى جبل العرب، واهتزت لتلك الأحداث سائر المدن والقرى العربية السورية.. ومن أبرز المعارك في تلك الحقبة معركة المزرعة التي زار موقعها الدكتور عبد الرحمن الشهبندر القائد السياسي الوطني الكبير بعد أيام من وقوعها، ووصفها في مذكراته بأنها ملحمة بالسلاح الأبيض لم يجرِ مثلها في بلاد الشام من قبل.. وقد غنم المقاتلون كثيرًا من أسلحة الفرنسيين بما في ذلك عدد لا بأس به من المدافع والرشاشات والقنابل اليدوية والعتاد.. وامتدت الثورة المسلحة تلك إلى المناطق السورية الأخرى ومنها منطقة غوطة دمشق، والمنطقة الممتدة قرب جبل الشيخ وصولاً إلى مجدل شمس، وعين قنية، ومسعدة، وبقعاتا.. ثم امتدت إلى كثير من البلدات والقرى اللبنانية الواقعة ما بين راشيا الوادي شمالاً، وحاصبيّا جنوبًا، وقد انتقل زعماء الحركة الوطنية من دمشق إلى جبل العرب مطالبين الجماهير العربية السورية برفض تقسيم سوريا إلى دويلات أربع، داعين إلى استعادة الوحدة السياسية السورية... ولقد جرت في جبل العرب معارك كثيرة آنذاك منها معركة المسيفرة في يومي السادس عشر والسابع عشر من أيلول من عام خمسة وعشرين وتسعمئة وألف.

    تجمع مقاتلو هضبة الجولان (قرابة أربعمئة مقاتل) في بلدة مجدل شمس في الأشهر الأخيرة من عام 1925، وحاولت القوات الفرنسية احتلال تلك القرى، وعليه فقد بدأ الثوار يقاومون تقدم الجيش الفرنسي وهو على بعد ثلاثة كيلومترات من بقعاتا، واستطاع الوصول إلى مسعدة في اليوم الأول، وفي اليوم الثاني تقدم الجيش الفرنسي محاولاً احتلال مجدل شمس فواجهه الثوار ببسالة مدهشة، والتحموا معه، وفي موقع "السكّرة" قرب البلدة تمكن الثوار من تعطيل عدد من المصفحات، وتدمير بعضها الآخر، وهزم الفرنسيون هناك هزيمة نكراء... وبعد تلك المعركة جهز الفرنسيون حملة عسكرية لاحتلال مجدل شمس، وتألفت الحملة – بحسب الكتاب الذهبي الفرنسي المترجم إلى العربية - من جيشين بقيادة الجنرال كليمان غرانكو أحد قُواد الحملات العسكرية الفرنسية لقمع الثورة التي تزعمها الشيخ صالح العلي في منطقة الساحل السوري، والثورة التي قادها الزعيم السياسي ابراهيم هنانو في منطقة حلب وشمال سوريا. انطلق الجيش الأول من جديّدة مرجعيون الواقعة جنوب لبنان، وانطلق الجيش الثاني من مدينة القنيطرة السورية الواقعة على بعد خمسة وعشرين كيلومترًا من مجدل شمس..وقد هاجم الجيش الأول المجدل من الغرب عن طريق بانياس والحدود الفلسطينية، أما الجيش الثاني فقد هاجم من جهة الجنوب والشرق، وكان الهجوم شرسًا استعمل فيه الفرنسيون الطائرات مما اضطر المقاومين إلى النزوح بعائلاتهم إلى جبل الشيخ، وقرى الجليل الفلسطينية، وجبل العرب، وتابعوا المشاركة في المعارك من هناك.

    ومن أجمل ما قيل في تلك الثورة ، وفي القصف الذي تعرضت له دمشق في تلك الفترة مطوّلة قالها أمير الشعراء أحمد شوقي عندما زار دمشق سنة 1927، ومنها هذه الأبيات :

                 

بني سوريّة اطَّرحوا الأماني
فمِنْ خِدَعِ السياسةِ أن تُغرّوا
وللمستعمرين – وإن ألانوا-
وللحريةِ الحمراءِ بابٌ
ولا يبنى الممالك كالضَّحايا
ففي القتلى لأجيالٍ حياةٌ
جزاكم ذو الجلالِ بني دمشقٍ
نصرتم يوم مِحنته أخاكم

وألقوا عنكم الأحلامَ ألقوا
بألقاب الإمارةِ وهي رِقُّ
قلوبٌ كالحجارةِ لا تَرِقُّ
بكل يد مضرَّجةٍ يُدقُّ
ولا يُدني الحقوقَ ولا يُحِقُّ
وفي الأسرى فدًى لهمُ وعِتقُ
وعزُّ الشرقِ أولُه دمشقُ
وكلُّ أخٍ بنصر أخيه حقُُّ

 

    ما أشبه الليلة بالبارحة! نعم ما أشبه الليلة بالبارحة! وهكذا استمرت الثورة في سوريا حتى تم للشعب العربي السوري تحرير وطنه من الغزاة الفرنسيين، وانتزاع حريته واستقلاله منهم في مثل هذه الأيام من عام ستة وأربعين وتسعمئة وألف.

17/4/2010

   

 

الخميس، ١٥ نيسان ٢٠١٠

متابعات:

معذرةً أسرى الحرية !!

أ.عدنان السمان

www.Samman.co.nr

          معذرةً يا كلَّ أسرى هذا الشعب إن شعرتم أن شعبكم مقصر تجاهكم، ومعذرةً إن أحسستم أن شعبكم لا يقوم بواجبه –كما يجب- نحوكم، ومعذرة إن رأيتم أن شعبكم قد شُغل عنكم.. واعلموا –أيها الأحبة- أنه إن حصل شيء من هذا، فليس لأن التقصير من شيم شعبكم، وليس لأن شعبكم يتهرب من مسئولياته والتزاماته نحوكم، أو أنه قد تخلى، أو يفكر بالتخلي عنكم.. معاذ الله أن يكون قد حدث شيء من هذا، ومعاذ الله أن يخطر على بال أحد شيء من هذا؛ فليس من شيم شعبنا أن تتنكر الأمهات لأبنائهن، وليس من طبيعة شعبنا أن تتخلى الشقيقات عن أشقائهن، ولا الزوجات عن أزواجهن، وليس من أخلاقيات شعبنا وموروثاته وثقافته ومعتقداته ومبادئه ومكونات تاريخه أن يتخلى الآباء عن أولادهم، أو الأولاد عن آبائهم، وليس من شيم الوفاء التي اتصف بها شعبنا منذ فجر التاريخ أن يقلل أحد من دور المقاتلين من أجل حرية هذا الشعب، ومن دور هذه الطلائع التي نذرت نفسها للوطن، ومن طبيعة هذه الشموع التي تأبى إلا أن تمزق الظلام من حولها تمزيقًا، وتأبى إلا أن تنير لنفسها ولغيرها من الناس سواء السبيل.

نعم –يا أحباءنا- إن شعبكم يتابع أخباركم، وهو فخور بكم، ويعمل من أجل نصرة قضيتكم العادلة.. ولكنكم تعلمون يقينًا أن حياة هذا الشعب في معازله لا تختلف كثيرًا عن حياة الأسر والأسرى، ولا تختلف كثيرًا عن حياة الاعتقال والمعتقلين، بل لعلها –أيها الأخوة والرفاق- قد وصلت حدًّا من السوء لم يسبق لها أن وصلت مثله من قبل: كثير من أبناء هذا الشعب قد باتوا فزعين مضطربين يئنون تحت وقع هذه الضربات المتلاحقة التي تنزل على رؤوسهم في كل يوم، وكثير من أبناء هذا الشعب قد باتوا عاجزين عن توفير الحد الأدنى من ضرورات الحياة لأنفسهم وأفراد أسرهم، وإن نفرًا من أبناء هذا الشعب قد أعمتهم مغريات الحياة، وصرفتهم زينتها وزخرفها عن كل شي إلا جمع المال الذي أصبح هدفًا وغاية بغض النظر عن الوسائل والطرق، وبغض النظر عن كل ما يُلحقه هذا الكسب من أضرار بالآخرين، وبغض النظر عن كل ما تجره هذه الطبقية، وهذا الفساد والإفساد على الوطن والمواطن، وعلى البلاد والعباد من كوارث ونوازل وعلل ودمار وأمراض.

 ليس بإمكاننا –أيها الأحبة- أن نقول أكثر من هذا، رغم كثرته ووفرته، ورغم خطورته أيضًا، وإنكم لتعرفون عنا وعن واقعنا المر أكثر مما نعرف.. وهنا نسكت نحن عن الكلام المباح لتواصلوه أنتم، ولتعلنوا من معتقلاتكم أن إرادتكم هي العليا، وأن السجون والمعتقلات جميعًا في كل هذه الديار إلى زوال، وأن الانقسام والتناحر والاقتتال إلى زوال، وأن الرضوخ والخضوع والرضى بالهوان والذل والاستسلام لن يستمر بحال، وأن أسرى الحرية قاب قوسين أو أدنى من إحراز النصر، وتحرير الوطن والمواطن من كافة القيود والأصفاد والأغلال.

فمزيدًا من التضامن والتعاون والثبات يا كلَّ أسرانا.. ومزيدًا من الإصرار على كسر القيد يا كلَّ أسيراتنا.. ومزيدًا من الإصرار على إحراز الانتصار يا كل أشبالنا.. ومعذرةً يا كل أسرى الحرية؛ فأنتم الأحرار، ونحن الأسرى.. حررونا –أيها الأخوة والرفاق- كي نرى جميعًا النور، وكي نحتفل جميعًا بالوطن والشمس والحرية.  

                                         15/4/2010


الاثنين، ١٢ نيسان ٢٠١٠

متابعات

هذه القرارات الإسرائيلية.. متى تتوقف ؟؟؟

عدنان السمان

www.samman.co.nr

أثار القرار الإسرائيلي بترحيل عشرات آلاف الفلسطينيين من الضفة الغربية المحتلة ردود فعل غاضبة في أوساط الفلسطينيين الذين اعتبروا أن هذا القرار تدخل في حياة الفلسطينيين الخاصة؟ وتدخل في الشأن الفلسطيني، ومحاولة إسرائيلية جديدة قديمة متجددة لتفريغ الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام سبعة وستين من أهلها وسكانها العرب الفلسطينيين، وأنه إلغاء للاتفاقات التي وقعها هؤلاء في يوم من الأيام، ورفضٌ صريحٌ للمفاوضات مباشرة أو غير مباشرة وسيلةً لحل الخلافات، والتوصل إلى الحلول المرحلية أو النهائية، وأنه دليل جديد على الإصرار الإسرائيلي والنهج الإسرائيلي، الذي لا يتغير أو يتبدل، والموقف الإسرائيلي الثابت من كافة ثوابت الفلسطينيين، ومن كافة طموحاتهم، وأحلامهم، وبقائهم، وعيشهم الآمن المستقر فوق أي جزء من أرض وطنهم، بهدف إخراجهم من أرضهم، في نهاية المطاف، وفرض الحلول التي يريدها الإسرائيليون في كل ما يتعلق بهذه الديار العربية الفلسطينية التي يرفضون رفضًا قاطعًا أن يكون لهم شريك فيها، وإن تظاهروا بغير ذلك أحيانًا إلى حين!!

        هذا القرار بترحيل سبعين ألف عربي فلسطيني من ديارهم وأماكن إقامتهم في الضفة الغربية المحتلة في هذه المرحلة، ولهذه الأسباب التي ذكرها ونصّ عليها لن يكون الأخير، ولن يتوقف هذا السيل من هذه القرارات ما دام لهؤلاء أطماع وأهداف في هذه المنطقة من العالم، وما دامت أطماعهم لا تكاد تنتهي أو تتوقف عند حد.. ولقد سبق هذا القرار قرارات كثيرة منذ بدء الصراع، وعلى امتداد تاريخ المواجهات، وسوف يتبع هذا القرار قرارات أخرى مشابهة، أو أشد سوءًا ما لم يقتنع هؤلاء أن قرارهم هذا قد جرّ عليهم المتاعب، وأنه يحمل لهم من الخسارة أمثال ما يحمل من الربح، وأن من مصلحتهم أن يكفّوا عن اتخاذ مثل هذه القرارات.. فمتى من الممكن أن يحدث هذا؟

أغلب الظن أن هذا لن يحدث إلا بقرار فلسطيني عربي مضاد، وأغلب الظن أن الفلسطينيين والعرب قادرون على اتخاذ قرار كهذا إن هم أرادوا.. بإمكان الفلسطينيين والعرب أن يختاروا أهون الطرق للرد، وبإمكانهم أن لا يلجأوا إلى الخيار العسكري، رغم أن القرار موضوع الحديث قرار عسكري، ورغم أن هذا القرار وغيره صادر عن احتلال عسكري استيطاني يرفض الانصياع للقرارات الدولية بالخروج من هذه الأراضي العربية المحتلة.. بإمكان الفلسطينيين والعرب أن يلجأوا إلى المجتمع الدولي، وإلى الولايات المتحدة الأمريكية، والدول الأوروبية، وبإمكانهم أن يلجأوا إلى روسيا أيضًا.. وبإمكانهم أن يلجأوا إلى مجلس الأمن بهدف اتخاذ قرار دولي يُلزم هؤلاء بوقف كافة إجراءاتهم في الضفة الغربية، وفي قطاع غزة المحاصر.. وإنني أعتقد أن هذا ممكن إذا أحسن العرب الوقفة، وإذا ضغط العرب سياسيًّا واقتصاديًّا كما يجب، وإذا أصر الفلسطينيون على مواجهة الأمر بالقوة الكافية، وبالإصرار الذي من شأنه أن يضع حدًّا لمثل هذا القرار، ولكافة الممارسات الإسرائيلية في الضفة الغربية بما في ذلك القدس العربية المحتلة.

وأغلب الظن أيضًا أن الإسرائيليين سيمضون في تنفيذ هذا القرار، وسيواصلون ممارساتهم التي بدأوها قبل نحو ثلاثة وأربعين عامًا في هذا الجزء من فلسطين، وسيواصلون استيطانهم أيضًا في كل هذه الديار.. ولن يفلح أحد في ثني هؤلاء عن أهدافهم إذا لم يثنهم أصحاب الشأن عن هذه الأهداف، وإذا لم يضع أصحاب الشأن كل النقاط على كل الحروف، فهل يفعلون؟؟                                                                                                 

13/4/2010


الخميس، ٨ نيسان ٢٠١٠

متابعات:

كارثة نووية تلوح في الأفق..

 أ/ عدنان السمان

www.Samman.co.nr

        الدولة التي تمتلك الأسلحة النووية تسعى لمضاعفة مخزونها منها، وتسعى أحيانًا لتقليص هذا المخزون شريطة أن يقلصه غيرها، وتسعى لتطوير مخزونها من هذه الأسلحة بحيث تحقق في كل الظروف والأحوال الغايات المرجوة منها، والأهداف من تخزينها واقتنائها.. وعلى رأس هذه الغايات والأهداف أن تبقى متفوقةً على غيرها، أو متوازنةً معها، أو محتفظةً بقوة ردع كافية تمنع غيرها من التفكير بغزوها، أو التعرض لمصالحها، أو المساس بأمنها داخل حدودها، وخارج تلك الحدود.

والدول التي تمتلك الأسلحة النووية تحاول أن تظهر في المحافل الدولية، وفي المؤتمرات الإقليمية، والمحادثات الثنائية بمظهر الناضج الحريص على الأمن والسلم في هذا العالم، وتحاول –في الوقت نفسه- أن تحتفظ لنفسها بحق الوصاية على غيرها، وبحق التدخل في شؤون غيرها من الدول في هذا العالم بشكل يخدم مصالحها، وبشكل تحافظ معه على امتيازاتها ومكاسبها، وبشكل تحقق معه مزيدًا من هذه الامتيازات والمكاسب على كل الصعد والمستويات العسكرية والاقتصادية والثقافية في كل دول هذا العالم وأقطاره ومجتمعاته وتجمعاته.

 ولعل من أبسط قواعد السياسة الدَّولية أن تتقن الدول القوية التي تمتلك الأسلحة النووية هذه اللعبة التي يتقاسم الأقوياء فيها بلاد الضعفاء، ويسيطرون من خلالها على موارد تلك البلدان، ويتحكمون باقتصادها، ويوجهون السياسة العامة فيها بالتعاون الوثيق وبالتنسيق مع الأجهزة الأمنية وغير الأمنية فيها، بحيث يصبح هذا البلد أو ذاك مملوكًا لهذه الدولة الكبرى أو تلك، وبحيث يصبح النظام السياسي في تلك البلدان مثل موظف في ممتلكات تلك الدول ودوائرها: له أن يأكل كما يريد، وأن يُطعم أعوانه وأنصاره كما يشاء، وأن يضيّق على خصومه من السياسيين المناوئين لسياسته وتوجهاته وأهدافها بالطريقة التي يراها، ويتفق بشأنها مع الدول أو الدولة المتنفذه صاحبة القرار في هذا البلد أو ذاك.. فإذا تمرد شعب هنا، وآخر هناك على هذا الظلم الصارخ الذي تمارسه هذه الدولة القوية التي تمتلك الأسلحة النووية، وإذا رفض التبعيّةَ هذا القائدُ أو ذاك الرئيسُ في هذا النظام السياسي الثوري المتمرد على ممارسات هذه الدولة القوية صراحةً أو ضمنًا.. تصريحًا أو تلميحًا... وإذا قرر معارض لهذا الظلم الصارخ هنا أن يتمرد ويسانده ويؤازره معارض هناك، ومعارض هنالك؛ فإن هذه الدول القوية ذات الحَوْل والطَّوْل تحاول رأب الصدع، والسيطرة على الموقف من باب احتوائه، والنظر في مطالب هؤلاء المتمردين الرافضين للظلم والعدوان والتدخل.. وتحاول تحقيق شيء من مطالب هؤلاء وتطلعاتهم بشكل لا يتعارض ومصالح الحلفاء، ولا يتناقض مع المصالح المشتركة والرؤى التي توحّد بين الأقوياء، وليس فيه خروج على قواعد اللعبة المتفق عليها بين تلك الدول.

أما إذا فشلت هذه الدول في السيطرة على الموقف، وإذا كانت هذه الدول أمام تحالف عنيد واثق من نفسه يزداد قوة في كل يوم، ويمارس لعبةً سياسيةً ديبلوماسية متقنةً من جانب، ويبني قوة عسكرية تتعاظم في كل يوم، من جانب آخر، ويصرّ على ارتياد الفضاء، ودخول النادي النووي من جانب ثالث أو رابع، فإن هذه الدول تضطرب، وتلجأ إلى وسائل الترغيب والترهيب، وتمارس ألوانًا من الوعيد والتهديد لمواجهة الموقف، والتصدي لمثل هذا التحالف، ومنع وصول طرف من أطرافه إلى تحقيق اختراق نووي قد يقلب معه الطاولة على كثير من الرؤوس، وقد يخلّ بكل التوازنات الاستراتيجية، وبكل توازنات الرعب في هذه المنطقة أو تلك من مناطق النفوذ، ومن مناطق التوتر أيضًا في هذا العالم.

مهما تكن النتائج المحتملة لمثل هذه التحديات، فإن الحديث هنا يأخذ منحًى آخر نابعًا من تراكمات الظلم والجَور، وممارسات المعتدين على امتداد عقود وعقود.. ذلك أن هذه الشعوب التي تعرضت وتتعرض للظلم الصارخ الواقع عليها من قِبَل هذه الدول القوية وحلفائها وأدواتها تبحث دائمًا عن مخرج من واقعها المرير؛ فلا تجد غير القوة وسيلة للرد، ولا تجد غير القوة وسيلة للخروج من الواقع المر، ولا تجد غير القوة لمواجهة كل هذه التحديات التي يفرضها عليها الخصوم.. هذه القوة لا تكون أحيانًا إلا بامتلاك شيء من الأسلحة الرهيبة التي يمتلكها هؤلاء الخصوم تحقق معها وبها هذه الشعوب شيئًا من التوازن الاستراتيجي، وشيئًا من توازن الرعب مع هؤلاء.. ووسائل امتلاك مثل هذه الأسلحة قد تكون في تصنيعها، أو شرائها، أو تهريبها بشكل أو بآخر إلى الأيدي التي تحلم منذ زمن بامتلاكها.

في الأيام الأخيرة من الحرب العالمية الثانية قررت الولايات المتحدة أن تضرب اليابان ضربة موجعة حتى لا تقوم لها قائمة بعد ذلك، فكانت القنبلة النووية الأولى التي أنزلتها على هيروشيما في السادس من آب عام خمسة وأربعين، ثم كانت الثانية التي أنزلتها على نيكازاكي في التاسع منه، ولقد حسمت الولايات المتحدة بذلك تلك الحرب لصالحها، وضمنت بذلك لنفسها سيطرة شبه مطلقة على هذا الكون.. وفي هذه الأيام التي تحاول فيها الولايات المتحدة أن تحسم هذه الحرب العالمية الثالثة التي تشنها  في بلاد الأفغان منذ تسع سنوات، وفي العراق العربي منذ سبع سنوات، وفي باكستان وغيرها من بلاد العروبة والإسلام.. وفي هذه الأيام التي تحاول فيها الولايات المتحدة فرض رؤاها التي تكيل بعشرين مكيالاً لا بمكيالين اثنين في هذه المنطقة من العالم.. وفي هذه الأيام التي يبلغ فيها التحدي مداه، ويعلن اليمين المتطرف على رؤوس الأشهاد مواقفه من القدس، ومواقفه من الاستيطان، ومواقفه من الحلول النهائية التي يريدها بحيث تضمن له السيطرة المطلقة على كل شيء في هذه الديار.. أقول في هذه الأيام التي أصبح فيها اللعب على المكشوف في هذه الديار، وفي غير هذه الديار، وأصبح فيها التحدي والاستفزاز لمشاعر العرب والمسلمين جميعًا في القدس والخليل وغزة وسائر أرض فلسطين هو اللغة السائدة التي حلت محل الديبلوماسية والحوار.. وفي هذه الأيام التي يرفض فيها غلاة اليمين المتشدد كافة المبادرات التي تطرحها الولايات المتحدة، والقمم العربية، والمؤتمر الإسلامي، والرباعية الدولية، وساركوزي الرئيس الفرنسي.. وفي هذه الأيام التي لا يسمع فيها غلاة هذا اليمين نصائح أحد في موسكو، أو بكين، أو في عواصم الدول الكبرى الست، وبعض عواصم العرب نرى أن التطرف قد بلغ مداه، وأن التعصب قد جاوز كل حد، وأن التنكر لكافة حقوق الفلسطينيين أصبح حقيقة واقعة على الأرض يمارسها هؤلاء بشكل غير مسبوق، ونرى أن المجتمع الدولي يثبت عجزه في كل يوم عن تقديم الحلول لكل قضايا هذه المنطقة، ونرى أن المشهد الآن قد بات مفتوحًا على كافة الاحتمالات، وأن الشعوب والأفراد والهيئات وكثيرًا من القادة في كافة أنحاء العالم العربي الإسلامي، وفي كثير من بلدان العالم الثالث قد باتوا يسابقون الزمن للوصول إلى مخرج يحفظ عليهم ماء الوجه، ويُبقي على شيء من كرامة، وعلى شيء من حق في العيش بشيء من كرامة واحترام.. كثير من هؤلاء لا يَرَوْن هذا المخرج إلا بامتلاك هذا السلاح الذي حسمت به أمريكا تلك الحرب العالمية الثانية.. فهل يدرك الغرب معنى ذلك؟ وهل يدرك اليمين المتشدد أبعاد ما ينطوي عليه تشدّده وإصراره على التنكر لكافة حقوق عرب فلسطين في بلادهم فلسطين؟ وهل يدرك العقلاء في هذا العالم أبعاد ما تنطوي عليه كل هذه السياسات الجائرة القائمة على الظلم والتنكر لحقوق الآخرين؟

إن الطريق إلى السلم والأمن الدَّوليين، وإلى المحبة والتسامح واضح ومعبّد ومفتوح، وإن الطريق إلى المجازر والكوارث والنكبات والكراهية والأحقاد كذلك؛ فهل يسلك الناس جميعًا في هذه المنطقة من العالم، وفي غير هذه المنطقة من العالم طريق الخير والمحبة والسلام؟ وهل يعملون معًا من أجل إبعاد شبح كارثة نووية تلوح في الأفق يراها كثير من الناس رأي العين؟ نرجو ذلك.

8/4/2010


السبت، ٣ نيسان ٢٠١٠

متابعات:

هذه الممارسات ضد المسلمين.. يجب أن تتوقف

أ. عدنان السمان

www.Samman.co.nr

        في البدء لا بد من الإشارة إلى أن عدد المسلمين في الكون اليوم يربو على مليار ونصف المليار، يشكّلون ربع عدد السكان فيه، وينتشرون في كافة أقطاره وأمصاره، لا يكاد يخلو مجتمع منهم، ولا تكاد توجد قرية، أو بلدة، أو مدينة في هذا العالم، إلا وفيها للإسلام ذِكر، أو أثر، أو أتباع.. ولا بد من الإشارة أيضًا إلى أن الإسلام دين، ودولة، ونظام حكم، وثقافة، وحضارة، وتاريخ، وتراث.. وإلى أن الإسلام معتقَدٌ يربّي أتباعه على الفضيلة، والاستقامة، وحسن الخلق، واحترام الآخرين، ما داموا يحترمون أنفسهم، ويحترمون غيرهم.. ولا بد من الإشارة إلى عدالة الإسلام وتسامحه، بغض النظر عما قد يَصدر بين فترة وأُخرى عن مسلمٍ هنا، وآخر هناك، في هذا الكون الواسع، من خطأ أو أخطاء يرفضها جمهور المسلمين، ويتبرأ منها الإسلام دين المودة، والرحمة، والعدل، والعدالة، والتسامح، والمغفرة؛ فتاريخ الإسلام والمسلمين يقول: إن محمدًا عليه السلام قد كان على صِلاتٍ وثيقة بكثير من رهبان شبه الجزيرة، وبكثير من أحبارها.. وتاريخ الإسلام والمسلمين يقول: إن الذين قاوموا الدعوة الإسلامية لم يكونوا من اليهود، ولم يكونوا من النصارى، بل كانوا من العرب المكيين القرشيين، وكانوا من أقرب أقرباء الرسول الكريم، وعلى رأسهم عمّاه: أبو جهل، وأبو لهب، في الوقت الذي وقف فيه كثير من اليهود، وكثير من النصارى إلى جانبه، يؤيدونه فيما يقول، ويقرّون بنبوّته.. وتاريخ الإسلام والمسلمين يقول: إن أبا بكر قد نهى جيوشه عن التعرض للمسالمين بعامة، وللمتعبدين في الأديرة والبِيَع والصوامع بخاصة، وإن عمر قد عيّن راتبًا لمتسوّل من أهل الذمة، بل إن حكايات عمر مع صفرونيوس، ونصارى القدس معروفة، وعهدته العمرية أيضًا معروفة.. وتاريخ الإسلام والمسلمين يروي أن حكم بني أمية في دمشق قد ضرب أروع الأمثلة في التسامح الديني، وأنه قد أقام أوثق الصِّلات مع مواطني الدولة من غير المسلمين، وأن بني العباس في بغداد بعد ذلك قد ساروا على هذا النهج، حتى أن معبد المجوس كان على بُعد أمتار من قصر الرشيد.. ويروي تاريخ الإسلام والمسلمين أن كل أهل الديانات قد ساهموا معًا في صنع الحضارة العربية الإسلامية في المشرق العربي، وفي المغرب العربي أيضًا، ولا سيما في الأندلس التي يشير تاريخنا فيها بقوة إلى دَور اليهود في صنعها، كما يشير بقوة إلى دور النصارى أيضًا في هذا الميدان.

        كان لا بد من هذه المقدمة، وكان لا بد من هذه الإشارات التي اختزلتْ تاريخًَا مجيدًا، وعلاقاتٍ طبيعيةً بين كل مواطني الدولة العربية الإسلامية بغض النظر عن ألوانهم وأجناسهم وأعراقهم وأديانهم.. كان لا بد من هذه الإشارات، ونحن نسمع ونقرأ ونرى كثيرًا من الأمور المؤسفة التي تجري اليوم في كثير من أقطار هذا العالم من عدوان على الإسلام والمسلمين، وإساءات للإسلام ونبي الإسلام، وللمسلمين: في الدنمارك وغير الدنمارك رسومٌ وإساءات، وفي سويسرا قيود على بناء المساجد والمآذن، وكذلك في بولندا... وفي فرنسا، وكثير من بلدان أوروبا صورٌ من التدخل في حياة المسلمين الخاصة.. وفي كثير من الولايات الأمريكية مشاعر من العداء والكراهية تبدو حينًا، وتختفي حينًا آخر، ولكنها سرعان ما تظهر على شكل تشريع جائر هنا، وقانون عنصري هناك.. وفي المحافل الدولية تحركٌ جديد للدول الست الكبرى، لفرض مزيد من العقوبات على إيران، لإرغامها على التخلي عن برنامجها النووي السلمي، في الوقت الذي تمتلك فيه كثير من الدول والكيانات في هذه المنطقة كثيرًا من الأسلحة النووية، والقنابل النووية، والأسلحة المحرمة دَوليًّا!! الولايات المتحدة تحاصر سوريا، وتفرض عليها ألوانًا شتى من العقوبات منذ العام الرابع والثمانين من القرن الماضي، كما تتدخل في لبنان، وتحتل كثيرًا من أقطار العروبة والإسلام، وتحارب الشعوب العربية والإسلامية في قرارها، واستقلالها، وحريتها، ولقمة عيش أبنائها، وتعمل جاهدة من أجل نشر الفساد بشتى الوسائل في كل بلدان العالمين العربي والإسلامي.. وفي المحافل الدولية أيضًا من الصعب التوصل إلى قرار ينصف شعب فلسطين، ويعيد إليه شيئًا من حقوقه الوطنية الثابتة في بلاده فلسطين.. كما يصعب التصدي –عمليًّا- لهذا الاستيطان الزاحف، ولهذا التهويد المستمر في القدس وغير القدس، ولهذا التنكر لأبسط حقوق شعب فلسطين العربي في العيش باحترام على ثرى وطنه فلسطين.

إن هذه الممارسات الغربية في كل بلاد العرب والمسلمين تؤكد بما لا يدع أدنى مجال للشك على أن هذه البلاد مستهدفة، وعلى أن كل الشعوب العربية والإسلامية دون استثناء مستهدفة، وعلى أن الغرب لا يرضى بأقل من السيطرة المطلقة على كل هذه الديار: إنسانها، وثقافتها، وتاريخها، ولغتها العربية، وصولاً إلى: استعمارها، واستعبادها، وإذلالها، ونهب خيراتها، وطمس معالم شخصيتها العربية الإسلامية، والعبث بهذه الهوية العربية الإسلامية التي تميز أهل هذه الديار منذ فجر التاريخ.. يريدون "خَلق" الإنسان الجديد في هذه الديار باستئصال كل مفاهيم العزة والإباء والكرامة والقوة، وباستئصال كل معاني العروبة والإسلام، وكل قيم العروبة والإسلام من كل بلاد المسلمين والعرب.. يريدون "خلق" الإنسان المتفرنج" اللاهث خلف سراب الغرب، وخلف ثقافته، ونسائه.. ولكنهم أكثر من واهمين حالمين، ففي مقابل كل مخدوع بالغرب آلاف الرافضين المتشبثين بعروبتهم وبإسلامهم وبحرية أوطانهم واستقلالها.

وإن كل هذه الممارسات الغربية في كل ديار العروبة والإسلام، وكل هذه الممارسات الغربية ضد الإسلام والمسلمين في أوربا نفسها تعني أن أعداد المسلمين هناك في ازدياد لدخول كثير من الأوروبيين في الإسلام كل يوم، وتعني أن المسلمين هناك يحققون بذلك مزيدًا من القوة في كل يوم، وتعني أيضًا أن كثيرًا من المسلمين والعلمانيين هناك في الغرب، وهنا في ديار الإسلام قد أخذوا يستفيقون على هذا الذي يحدث، وأخذوا يتساءلون عن سر هذه الهجمة على هذا الدين رغم تسامحه، وعن سر الوقوف إلى جانب قوًى أخرى رغم أنها المعتدية، ورغم ممارساتها العدوانية ضد الناس جميعًا في هذا العالم!! نعم إن كثيرًا من المسلمين المحايدين الذين لم يلتفتوا يومًا إلى شيء من هذا قد بدأوا يلتفتون إلى كل هذا الآن، وأغلب الظن أن هذه الصحوة، أو ردة الفعل، ستلعب دورًا بارزًا في ميلاد صحوة إسلامية سياسية شاملة هناك في أوروبا والغرب، وهنا في بلاد المسلمين.. وأغلب الظن أيضًا أن هذه الصحوة ستقابل بفعل غربي رسميٍّ وشعبيٍّ مضاد، وبالتالي فإن أوروبا والغرب بعامة سيشهد مزيدًا من التصعيد.. سيصعّد الغربيون المتعصبون من إجراءاتهم ضد المسلمين، وسيسعى المسلمون بكل الوسائل القانونية وبكل وسائل الحوار والإقناع والضغط من أجل إحقاق حقوقهم في ممارسة شعائرهم، وبناء مساجدهم، ومراكزهم الثقافية، ومكتباتهم.. سيواصل المسلمون هناك في الغرب تشبثهم بحقوقهم، وسيواصلون هنا إصرارهم على تحرير أراضيهم، وبناء أوطانهم، وصولاً إلى امتلاك وسائل القوة الكافية من أجل حماية هذه الأوطان من عدوان المعتدين.

إنه لمن المؤلم أن يسمح الغرب لكل الناس بالعمل انطلاقًا من أقطاره، وأن يمنح الحرية الكافية لكافة الاتجاهات كي تعمل، وكي تستقطب الأنصار والمؤيدين، وكي تحصل على كافة أسباب الدعم والمؤازرة تحقق بها أهدافها، في الوقت الذي لا تسمح فيه دول غربية لجالية مسلمة هنا، وجالية هناك ببناء مسجد أو مركز ثقافي، أو مكتبة عامة، أو مستوصف يلجأ إليه من يريد العلاج من أبناء كافة الديانات والاتجاهات الفكرية والسياسية.. وإنه لمن المؤلم أن يصل التمييز بين الناس في دول غربية أن يشكّل اللون سببًا من أسباب المراقبة والملاحقة والحرمان من الحقوق المدنية والاجتماعية في بلاد تدعي الحضارة والمدنية والمحافظة على السلم والأمن الأهلي، والدولي، وحقوق الإنسان.. في الوقت الذي كان فيه مؤذّن الرسول الكريم وعدد كبير من صحابته من الملوّنين الفقراء، ومن العبيد الذين سعى الإسلام في تحريرهم.

وعلى الرغم من هذا كله، وعلى الرغم من كل سلبيات الغرب، ومواقفه من قضايانا الفكرية والثقافية والسياسية إلا أن الإنسان لا يسعه إلا أن يتفاءل وهو يرى قضايا الحق والعدل والحرية تحرز في كل يوم مزيدًا من الانتصارات على كافة الصعد والمستويات.

4/4/2010

 


متابعات:

أربعون يومًا على رحيلك يا مؤيد!!

أ.عدنان السمان

www.Samman.co.nr

        أربعون يومًا على رحيلك أيها الغالي، دون أن تجفَّ لنا دمعةٌ، أو يغمض لنا جفنٌ، أو يهدأ خاطر.. أربعون يومًا مضت على الرحيل المر، ونحن في حَيْرة من أمرنا، نرزحُ تحت وطأة هذا الكابوس المزعج، ونئنّ من هول الفاجعة التي ألمت بنا، وأبعدتك عنا أيها الغالي الذي لم يفارقْنا لحظةً طيفُك؛ فأنتَ قائمٌ بيننا، ماثلٌ في أذهاننا وخواطرنا، ساكنٌ فينا لا تبرحُنا لحظةً من ليل، أو ساعةً من نهار.

أربعون يومًا.. أربعون دهرًا.. أربعون عُمرًا.. لا فرق يا مؤيد.. لا فرق أيها الحبيب!! فلقد غُيِّبتَ تحت الثرى، وأُنزلتَ في هذه الحفرة المظلمة بعيدًا عن مسقط رأسك، وبعيدًا عن البيت الذي نشأتَ فيه، وحَبوتَ على أرضه، وبعيدًا عن مرابع الطفولة، وملاعب الصِّبا، ومواطن الحب الجميل الساحر، ونشوة التفتّح على الحياة مثل زهرة، والتعرف على أسرارها وتذوّق حلاوتها، والتغني بسحرها وجمالها وبهائها.. فأنتَ أنت الزهرةُ وعبيرُها.. وأنت أنت الوردةُ وأريجُها.. وأنت أنت الحياةُ وطيفُها الساحرُ الآسرُ الجميل، وطيرُها الغَردُ الشّادي.. ولأنتَ أنتَ معناها ومبناها، وفجرُها المشرقُ، وشاعرُها الهائمُ المحلَّق، وعيدُها وشبابُها وربيعُها المزهرُ الدائم الضاحك، وفتاها الواثق المتألّق البسّام.

الوطن يناديك أيها الغالي.. الوطن يدعوك كي تجدد فيه شبابك.. والجبل يدعوك، وكم كان لك في هذا الجبلِ من أخبارٍ وأسرارٍ وحكاياتٍ وذكريات.. والعلم والكتاب والدفتر والقلم والمجد والعنفوان والعزة.. كلها تدعوك.. فأنت أنت حبيبُ هذا الوطنِ النازفِ المضيَّعِ والمكبَّل، ولأنت أنت حبيبُ هذا الوطنِ السيّدِ الماجدِ المستقلِّ في غدِه المشرقِ بهمةِ أبنائه الذين حلَّتْ فيهم روحُكَ، وساروا بعزمٍ وثباتٍ على خُطاك أيّها البعيدُ القريب!!

ستبقى أيها الغالي نبراسًا يضيء لسالي ولينا وأسيل ورولا سواء السبيل.. وستبقى أجمل ذكرى تعيش عليها ميّ في رحلة الحياة.. وستبقى طيفًا وذكرى جميلة لكل أحبابك في هذا الوطن.. أليس كذلك يا كل أحباب مؤيد؟ أليس كذلك يا كل أحباب هذا الوطن الجميل الغالي؟ بلى إنه لكذلك.. وستبقى فينا يا مؤيد شمسًا مشرقةً لا تغيب.

3/4/2010