المتطاولون...
أ.عدنان السمان
كثيرًا ما تلفت انتباهك وانتباهي تصرفاتٌ وممارساتٌ صادرة عن بعض عباد الله في هذه الديار ، أو غير هذه الديار من بلاد الله التي كانت واسعة ، ثم اختصر أبعادها العلمُ والاختراع اختصارًا جعل منها قرية كبيرة ً أو صغيرة .. وكثيرًا ما يخدش سمعكَ وسمعي تفوهاتٌ وعبارات وتعليقات ينطق بها جهرًا أو همسًا بعضُ هؤلاء وأولئك ممن حسبوا أنفسهم فوق كثير من العظماء الذين فعلوا ما لم يفعله أحد ، وبنَوا للبشرية أمجادًا لم يبن مثلها قطُّ أحد ، ووضَعوا للناس ( أفرادًا ، وجماعاتٍ ، ومجتمعات ) قواعد ونُظمًا ضمنت لهم حياة آمنة مستقرة قائمة على العدل والعدالة والإحسان والمساواة.. بعيدًا عن الظلم والسلب والنهب والعنصرية والعدوان والقهر .. وكثيرًا ما يؤذي عينيك وعينيَّ ، ويبعد النومَ عن جفنيكَ وجفنيَّ كلمةٌ أو كلامٌ كُتب هنا ، أو هناك ، أو هنالك لأسباب تعرفها وأعرفها ونعرفها ، فإذا عزمتَ ، وتوكلتَ ، وبدأتَ بالرد عدلتَ ، وتراجعتَ ، وقلتَ: لعل أبلغ الرد في عدم الرد ، ولعل عدم الكلام هو الكلام ، بل لعل ما أفعله ، ونفعله هنا هو الرد العملي على ما يقال هناك ؛ فالمهم ما نفعله نحن في هذه الديار ، والمهم أن يكون الرد على عوامل الهدم هناك هو الدعوة إلى البناء هنا ، وأن يكون الرد على التطاول والمتطاولين في تلك الديار هو العمل بملء الجد والثقة والاستقامة في هذه ، وبملء الثبات على الحق ، والوفاء للمعتقد ، والإخلاص للثوابت والقيم والمبادئ السامية ولمثل العليا التي توارثها الناس في هذه الديار جيلاً بعد جيل ، ورضعوها مع لبان الأمهات ، حتى غدت من مكونات الشخصية العربية ، ومن مورثات الثقافة العربية الإسلامية في كل ديار العروبة والإسلام.
على أن الأمر يختلف عندما يأتي التطاول من الداخل ، وعندما نرى ونسمع هنا من صنوف التجاوز ، وأشكال التطاول أضعاف ما يحدث هناك .. لو كان هذا الذي نرى هنا من باب الاجتهاد بالرأي ، ومن قبيل العمل بحرية التفكير والتعبير ، ولو كان هذا الذي نرى ونسمع من باب البحث عن حلول للمآزق والخطوب والأهوال التي تعصف بالبلاد والعباد لهان الأمر .. ولكن هذا الذي نرى ونسمع شيء مختلف في منطلقاته وفي أهدافه ومراميه ؛ فهؤلاء المتطاولون لا يبحثون عن حلول ، وهؤلاء المتطاولون غير معنيين بالوطن والمواطن ، وهؤلاء المتطاولون لا يكنّون أدنى أحترام للاجتهاد بالرأي ، وحرية التفكير والتعبير بدليل أنهم معنيون فقط بمصالحهم الشخصية حتى لو كانت على حساب المصلحة العامة ، وبدليل أنهم يصدرون في إساءاتهم وتطاولهم وتجاوزاتهم عن أحقاد دفينة على هذه الأمة وثقافتها ومبادئها ومعتقداتها وتاريخها وثوابتها ومقدساتها وحقوقها في العيش باحترام وحرية في أوطانها وبلدانها ، بدليل أنهم على استعداد لمهادنة كل الناس في هذا الكون دون استثناء ، وقد فعلوا ذلك منذ أمد ، ولكنهم ليسوا على استعداد للكف عن تطاولهم على معتقدات هذه الأمة ، ورموز هذه الأمة ، ونبي هذه الأمة ، ومبادئ هذه الأمة ... ليسوا على استعداد لمهادنة أبناء جلدتهم في الوقت الذي يكنّون في كل الاحترام لثقافات الشرق والغرب ، وفي الوقت الذي يُظهرون فيه كل الإعجاب بهذه الثقافات والمعتقدات ، وفي الوقت الذي يبحثون فيه دائمًا عن دَور – أي دور – يحصلون من خلاله على بعض المكاسب الرخيصة ، حتى وإن كانت على حساب هذه الأمة ماضيًا وحاضرًا ومستقبلاً !! إنهم يحترمون (الآخر) ويسمعون كل أقواله ، بل ويصغون إلى مزاعمه وادعاءاته باسمين مشيدين بديمقراطيته مسبّحين بحمد العلمانية والوجودية والتحرر من كافة المبادئ والقيم والأخلاق ، ولكنهم لا يحترمون أنفسهم مثلما يحترمون هذا الآخر ؛ فتراهم يسبون ويشتمون يمينًا وشمالاً ، ويستهزئون بكل مقدس في حياة هذه الأمة ، ويتطاولون على القرآن والرحمن والأديان ، ولا سيما ديانة الإرهاب دون أدنى إشارة إلى ما أصاب أتباع هذه الديانة من عدوان وامتهان وغزو وتقتيل وتركيع وتجويع وترويع وتدمير للأرض والإنسان في كثير من بلاد العروبة ، وديار الإسلام !! يتحدثون عن الديمقراطية ، وكأنها من ابتكارهم ، ومن صميم ثقافتهم وتراثهم ومعتقداتهم ؛ فإذا قلت إنها بضاعة غربية ، ومن صميم الأنظمة الرأسمالية ، وإذا قلت لهم إن ما يقابل ذلك في نظامنا السياسي هو العمل بالشورى أصمّوا آذانهم ، واستغشوا ثيابهم ، وانقلبوا على أعقابهم ... وإذا قلت لهم أيضًا إننا عملنا بهذه الديموقراطية المطلقة في الانتخابات النيابية الأخيرة التي أُجريت في هذه الديار ، وكانت انتخابات نزيهة شفافة لا غبار عليها بشهادة كافة الشهود .. فماذا كانت النتيجة ؟ وماذا فعل هؤلاء وأولئك بممثلي الشعب الذين فازوا في تلك الانتخابات ؟؟ إذا قلت لهم هذا وكثيرًا غيره قالوا : إن العالم لن يسمح بقيام نظام ديني في هذه البلاد ؛ فإذا قلت إن النظام الديني قائم بالفعل في تلك الدولة التي تقولون إن دولةً لعرب هذه الديار ستقام إلى جانبها .. وليس في نية أحد من أهل هذه البلاد أن يقيم نظامًا دينيًّا فيها .. إذا قلت لهم ذلك لم تسمع جوابًا ، ولم تر غير الاحتقان الذي يغشى تلك الوجوه !! وّإذا قلت إن أحد ًا من ( رجال الدين ) هناك لا يُهان ، ولا يُعتقل ولا يُضطهد مهما كانت الأسباب على خلاف ما يَحدث هنا وهناك وهنالك في كثير من ديار العروبة وبلاد الإسلام راحو يعضّون عليك الأنامل وغير الأنامل من الغيظ !! هؤلاء المتطاولون لم يدركوا بعد سر عظمة هذه الأمة ، ولم يدركوا بعد كيف خطط أعداء هذه الأمة للسيطرة عليها بعد تجريدها من أسباب قوتها ، ومن سر عظمتها ، ولم يدركوا بعد أنهم نتاج غزو ثقافي فكري غربي شرقي مشترك هدفه تجريد هذه الأمة من ثقافتها ، ليسهل عليه اجتياحها وإذلالها والسيطرة على مقدراتها وممتلكاتها ، واحتلال أوطانها ، ونهب خيراتها وثرواتها ، و تشويه إنسانها بثقافات ومسلكيات ونظرة مغلوطة إلى الإنسان والكون والحياة ، بعيدة عن فكره وثقافته ومعتقده الذي جعل منه سيد الأرض ومن عليها في يوم من الأيام !!!
لم يدرك هؤلاء المتطاولون بعد أنهم الثمرة المرة لهذه الأفكار الغريبة التي غزت ولا تزال تغزو ديار العروبة والإسلام ، ولم يدرك هؤلاء المتطاولون بعد أنهم أعدى أعداء هذه الأمة ، وأنهم أشد خطرًا عليها من كل أعدائها في شرق الدنيا وغربها ...فمتى يدرك هؤلاء هذه الحقيقة ؟ متى يدركون أن التقدمية لا تعني التطاول والسباب والشتائم ومناصبة الأمة العداء ؟ متى يدرك هؤلاء أنهم مسئولون عن كل أقوالهم وأفعالهم أمام هذه الأمة التي ستنهض من غفلتها ، وستأخذ مكانتها اللائقة بها تحت الشمس بين أمم العالم أجمع ؟
Adnanalsamman.pal24.net
1/8/2008
Got Game? Win Prizes in the Windows Live Hotmail Mobile Summer Games Trivia Contest Find out how.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق