عزيزتي .. عزيزي


ما أجمل أن نلتقيَ على كلمة طيبةٍ في كلَّ يوم ! ما أجملَ أن نلتقيَ لِنحقَّ حقا ، ونزهقَ باطلا ونحيي ثقافة ، وننصفَ مظلومًا ، وننقدَ واقعًا أليمًا ، ونوقدَ شمعة تمزق من حولنا الظلام .
أعزائي .. يا أنصارَ الحق ، وطلابَ الحقيقة ، ومحبي الخير والجمال أفرادًا ، وجماعاتٍ ، ومجموعاتٍ ، ومؤسساتٍ ، نساءً ، ورجالا ، فتية ، وفتيات .. يا كلَّ المؤمنين بحق شعبنا العربي الفِلسطيني في العيش باحترام ، وأمن ، وأمان فوق ثرى وطنه الغالي فلسطين .. ويا كلّ عشاق هذه اللغة العربية من أبنائها وبناتها ، ومعلميها ومُتعلميها .. يا كلّ شعبنا.. يا كلّ العرب .. يا كلّ المؤمنين بحق الشعوب في الخلاص من التبعية ، والاستعباد ، والاستبداد ، وبحقها في التحرر، والبناء ، والإعمار ، والسيادة على ترابها الوطني ... هذا موقعكم .. ستجدون فيه ما يسركم من فكر ، ورأي ، ومقال سياسي ، واجتماعي ، واقتصادي ، وثقافي ، ونقدي ، وأدبي .. ستجدون فيه نثرًا وشعرًا ، وقصة ، وحكاية ، وستجدون فيه كتبًا ، ومتابعاتٍ ، ومقابلاتٍ ، ومواجهاتٍ ، ومراسلاتٍ ، ومساجلاتٍ ..ستجدون فيه كثيرًا مما كتبتُ على امتداد العقود الماضية ، وبخاصة في " القدس " المقدسية ، والبيادر السياسي ، وغيرهما من مطبوعات هذه الديار وصحفها .. وسأوافيكم من خلاله بكل ما سأكتب ... مكتفيـًا في هذه المرحلة بالكتابة إليكم ، حتى إذا ما فرغتُ من إحياء ما لديّ من قديم( مخطوطٍ ومطبوعٍ) ووضعتـُه بين أيديكم في موقعكم هذا ، وتفرغتُ بشكل كامل للكتابة في قضايا الساعة فتحتُ المجالَ أمامكم للمشاركة ، والمساهمةِ ، والنقاش والحوار ، والأخذ والرد على غرار ما تفعله كثير من المواقع الرائدة التي نكنّ لها كل الاحترام ، وندين لها بالولاء والعرفان ، ونتقدم منها بالتحية والتقديروالامتنان .
أرحب بكم في موقعكم هذا .. موقع الأسرى ، والعمال ، والفلاحين ، والطلبة ، والمثقفين ، والكتـّاب ، والأدباء ، والشعراء .. موقع المؤسسات ، وكافة أحرار هذا الوطن وحرائره ..مثمنـًا وقوفكم إلى جانبي .. آملا أن يكون لي شرف الإسهام في خدمة الوطن والمواطن في بلادنا العزيزة فِلـَسطين .. وفي كل ديار العروبة والإسلام.
عدنان السمان
15/6/2008


الخميس، ٣٠ كانون الأول ٢٠١٠

في هذا العام الميلادي الجديد!!

متابعات

 

في هذا العام الميلادي الجديد!!

                                     

   

أ.عدنان السمان

                                                                                                 www.samman.co.nr

 

     تحتفل فلسطين,كما تحتفل الدنيا كلها بإشراقة شمس عام ميلادي جديد.. بعد أن ودعت الدنيا عامًا مضى وانقضى من عمرها,ليضاف إلى هذه الدهور التي أعقبت ميلاد السيد المسيح,رسول المحبة والتآخي والسلام,في ضاحية من ضواحي القدس,وبقعة عزيزة غالية من أرض فلسطين هي بيت لحم الأمجاد:يا بيت لحمٍ أنت مهدُ مسيحنا// نورُ الهدايةِ أنتِ للأجيالِ.

  وتستقبل فلسطين اليوم,كما تستقبل الدنيا كلها عامًا جديدًا تقيم فيه الصلوات,وتدعو فيه من الأعماق أن يكون عام خير وبركة وأمان واطمئنان..ويدعو فيه الجياع والمضطهدون والمقموعون والمعذبون في الأرض أن لا يكون كغيره من أعوام البؤس والمذلة والهوان..آملين أن يشهد هذا العام الجديد نهاية معاناتهم وآلامهم,وأن يكون عام سلام على الأرض,وخير ورخاء على سائر الأمم والشعوب.

    ولئن احتفلت فلسطين,واحتفل معها سائر العرب والمسلمين منذ أيام بهجرة رسول الهدى(محمد عليه السلام)من مكة مسقط رأسه إلى المدينة التي أحبه أهلها,وأيدوه ونصروه ليقيم فيها دولته,وينشر من خلالها رسالته,ويرفع رايته,فإن فلسطين أيضًا,ومعها كل هذه الدنيا تحتفل في هذه الأيام بميلاد السيد المسيح (عليه السلام) وتنقّله بين بيت لحم والناصرة,وطوافه في كل أرض فلسطين مبشرًا بالسلام,وداعيًا إلى السلام,ومناديًا بالعدل والعدالة والمحبة والتسامح والوئام ..ولئن احتفلت فلسطين منذ أيام,واحتفل العرب والمسلمون أيضًا بعام هجري جديد,فإن فلسطين,ومعها الدنيا كلها أيضًا تحتفل اليوم بعام ميلادي جديد..آملين أن يكون فاتحة خير وأمن وأمان وسلام على فلسطين,وعلى العرب والمسلمين,وعلى البشرية جمعاء.

    فلسطين في هذا كله هي المحور..هي الحقيقة والجوهر..هي الديار المقدسة..هي القيامة,والأقصى,والحرم الإبراهيمي,والمهد والبشارة..هي التاريخ والثقافة والحضارة..هي جوهر الأديان,وكرامة الإنسان..فلسطين في هذا كله هي خليل الرحمن,هي الناصرة,هي حيفا, هي غزة..هي ديار السلام:ديارَ السلامِِ وأرضَ الهنا//

يشقُّ على المرء أن تحزنا.

     في هذا اليوم نذكر كل هؤلاء الأسرى,ونذكر كل عذاباتهم وآلامهم ومعاناتهم..ونطالب بضرورة الإفراج الفوري عنهم,ليعودوا إلى أُسرهم وعائلاتهم وأحبابهم..وفي هذا اليوم نذكر كل هؤلاء الجياع والمقموعين والمشردين..ونطالب بتوفير العيش الكريم لهم..وفي هذا اليوم نذكر كل هؤلاء المهاجرين والمهجرين ..ونطالب باحترام حقهم المقدس في العودة إلى أوطانهم وديارهم التي تحبهم ويحبونها..وفي هذا اليوم نذكر كل هؤلاء الأطفال الذين فقدوا آباءهم وأمهاتهم..ونطالب بضرورة أن يجدوا الرعاية والعناية والاهتمام الكافي,وبضرورة أن يجدوا الأيدي التي تمسح دموعهم,والابتسامة التي تحيي في نفوسهم الأمل,وتغرس في قلوبهم الصغيرة التفاؤل والجذَل,وحب الحياة والعمل.

    وفي هذا اليوم لا يسعنا إلا أن نطالب أصحاب الضمائر الحية في هذا العالم بمزيد من التعاطف مع المظلومين المضطهدين من الناس الذين يتعرضون منذ أمد بعيد لألوان شتى من العسف والإذلال والجور والتنكيل..ولا يسعنا إلا أن نطالب هذا المجتمع الدولي بمزيد من العمل الجاد من أجل إنصاف هذا الشعب الأعزل الطيب المسالم مما يحيق به من خسف وتسلط وعدوان.

    وفي هذا العام الجديد نتوجه إلى كل المؤمنين برسالات الحق والهدى,وإلى كل محبي السيد المسيح ووالدته القدّيسة العذراء مريم,وإلى كل من تهفو نفوسهم,وتذوب قلوبهم شوقًا للقدس,وهيامًا بها, وبكل أرض فلسطين أن يعملوا بتعاليم السيد المسيح..تعاليم المحبة والتسامح والرحمة والعدل والإنصاف..وأن يلبوا نداء السيد المسيح بضرورة رفع الظلم عن المظلومين,وبضرورة وقف نزيف الدم في هذا الكون..وأن يعملوا جميعًا من أجل خير البشرية دون تمييز,ودون تعصّب أو تعنصر أو محاباة.

     إننا في هذا اليوم,ونحن نقف على عتبة عام جديد,لَندعو بالرحمة لكل شهداء هذا الوطن,وغير هذا الوطن,مطالبين الدنيا كلها أن تعمل في الحال من أجل وقفِ نزيف الدم في هذه الديار,وفي كل ديار العروبة والإسلام,وأن تعمل في الحال من أجل رفع الحصار عن غزة,وعن القدس,وعن نابلس,وعن كل المحاصرين الصابرين في الخليل,وفي كل فلسطين..وإننا في هذا اليوم لَندعو المجتمع الدولي من أجل وقفة صادقة مع كل هؤلاء المضطهدين في هذه الديار,وفي كل ديار العروبة والإسلام,وفي كل هذا الكون دون تمييز أو استثناء..

    وإننا في هذا اليوم الذي تحتفل فيه الدنيا بيوم السلام العالمي لنرجو أن يتحقق هذا السلام للشعب العربي الفلسطيني بنصفه المقيم هنا على أرض الوطن، ونصفه المقيم هناك في كل ديار الغربة والتشرد واللجوء، سلامٌ يعيد الحق إلى أصحابه، والسيف إلى قرابه، والأسد إلى عرين غابه..سلامٌ سيعود معه شعب فلسطين العربي إلى أرض آبائه وأجداده، ليستأنف مسيرة العمل والبناء والإعمار فوق الأرض التي أحبته وأحبها منذ أن كانت هذه الأرض، ومنذ أن كان العيش على هذه الأرض، وكانت الحياة.

    على عتبة عام جديد نقف لنقول في ضراعة وفي عزم وإصرار:يا أيها العام الجديد..كن عام خير وبركة..كن عام أمن وأمان وسلام على فلسطين,وشعب فلسطين..كن عام سلام على الأرض,ومسرة في الناس.

 (30/12/2010)

 


الثلاثاء، ٢٨ كانون الأول ٢٠١٠

في ذكرى الحرب على غزة

يُرجى مراعاة أن هذا المقال كتب عام 2009

متابعات

في ذكرى الحرب على غزة

أ‌.        عدنان السمان

www.samman.co.nr

      ودار الزمن دورته..وعاد السابع والعشرون من كانون الأول من جديد..ومضى بذلك عام كامل على بدء تلك الحرب على غزة ..مضى عامٌ وكأنه أعوام ؛ فالوقت أمر نسبيّ ٌّكما قالوا!!الأيام السعيدة تمضي مسرعة لا نكاد نشعر بها,وكأنها الدقائق والثواني!!وساعات العذاب والألم والحزن والجوع والخوف والقلق والتوجّس لا تكاد تنقضي,ولا تكاد تتحرك..وكأن كل دقيقة من دقائقها شهر,وكأن كل ساعة عمر,وكل يوم دهر!!

    دار الزمن دورته مؤْذنًاً بنهاية عام,وبداية عام آخر..وبين البداية التي كانت قبل عام, والنهاية التي تأتي اليوم آلام وعذاب ودماء ودموع وجراح وجوع وخوف وقهر وترقب وحصار ومرض وموت..وبين النهاية التي نشهدها في هذا اليوم السابع والعشرين من شهرنا هذا في عامنا هذا في بلدنا هذا,والسابع والعشرين من عام قادم من رحم الغيب تفاؤل وأمل ودعاء ورجاء وصبر وإيمان ونداء ورغبة صادقة في أن يكون هذا العام الجديد مختلفًا عن سابقه,وفي أن تكون الأيام القادمة  غير ما سبقها من أيام,وفي أن تكون الساعات غير الساعات,والتوقعات غير التوقعات..آملين خلاصًا ونُصرةً وخيرًا,والخيل معقود بنواصيها الخير!!

     في مثل هذا اليوم كانت الحرب..وكان الرد..وكان الصبر..وكان الثبات..وكانت الدماء الغزيرة الغزيرة,والجراح النازفة..وكانت الشهادة,وكان الموت والقتل والبارود والفسفور..وكان الدمار سيد الموقف..وفي مثل هذا اليوم كان الصمت,وكان الصامتون,وكان الحالمون والمراهنون,وكانت الدنيا كلها قاب قوسين أو أدنى من زلزال كبير مدمر لا يُبقي ولا يذر, ولكن الله سلّم!!

      لقد كانت المسافة الفاصلة بين هذا اليوم السابع والعشرين من كانون الأول,والثامن عشر من كانون الثاني الذي يليه(وهي بحساب الليالي والأيام ثلاثة وعشرون يومًا وليلة)كافية لهدم ما تهدم,وتدمير ما دُمر,وإحراق ما أحرق,

وتخريب ما خًُرّب..وكانت كافيه لتقتيل الآلاف من الشباب والشيوخ والأطفال والنساء، وإصابة غيرهم وغيرهم بالجراح ، والعلل ، والعاهات ، والإعاقات!!

        بعد عام من تلك الحرب يدخل كثير من أبناء القطاع شتاءهم الثاني بين أطلال بيوتهم ، وفي الخيام التي أقاموها فوق تلك الأطلال والأنقاض .. وبعد عام من تلك الحرب يُغلق اليوم معظم هذه الأنفاق التي ربطت غزة ببعض مخلوقات الله من حولها! ومكّنت الغزيين من الحصول على شيء من غذائهم ودوائهم... يغلَق اليوم معظم هذه الأنفاق ، وسيغلق لاحقًا ماتبقى من هذه الأنفاق وفق خطه مدروسة بوشر بتنفيذها منذ أيام !!

      فما الذي سيحدث عندما تغلق كل  تلك الأنفاق؟وما الذي سيفعله الغزيّون البالغ تعدادهم أكثر من مليون ونصف المليون من البشر للحصول على الغذاء والدواء؟وما الذي سيحدث عندما يجد الناس هناك أنفسهم محاصَرين تمامًا لا يملكون شيئًا من حطام الدنيا؟هل ستجري الرياح بما لا تشتهي السفن؟أم أن السفن ستجري على غير ما تشتهي تلك الرياح؟وهل هذا أمر ممكن؟أم أن في الأمر سرًًّا,ولكن لسنا ندري؟؟!!

      إن ما جرى في غزة,وما يجري فيها اليوم,وما سيجري غدًا,وبعد غد هو صراع إرادات,ووقوف وثبات وعيش في جوف الموت,وعين الردى,وانتزاع لكل مقومات الحياة من بين براثن الموت ومخالبه وأنيابه أيضًا بعد ترويضٍ دامٍ للموت,وبعد تقليم لبراثنه ومخالبه,واقتلاع لكثير من أنيابه,وتهذيب لشراسته وعدوانيته وشغفه بالدماء... وإن ما جرى وما يجري وما سيجري هو نهاية مرحلة,وبداية مرحلة..وهو شاهد على كل هذه التناقضات,وعلى اختلاف هذه المقاييس والمكاييل والحسابات,وعلى موت كثير من الضمائر..يوم تُبلى السرائر,فما له من قوة ولا ناصر!!وهو شاهد على ما يبيته المبيتون,ويخطط له المخططون لإخضاع هذه الأمة, واحتوائها تاريخيًًّا وثقافيًًّا واجتماعيًّا..وتمزيقها جغرافيًّا..وتدميرها ماديًّا ومعنويًّا..وتخريبها زراعيًّا وصناعيًّا وتجاريًّا..وتحطيمها علميًّا و اقتصاديًّا وسياسيًّا وقتلها جسديًّا ونفسيًّا.. وسلب إرادتها بعد ذلك كي تأتي البقية الباقية منها مباركة مؤيدة كل ما جرى..مهللة مكبرة مسبّحةً بحمد أولئك الذين تداعَوْا عليها, فأكلوا ما في قصعتها, وشربوا ما في قِربتها,ونهبوا ما في خزنتها..وتركوها جثة هامدةً لا تلوي على شيء ..تلك أمانيُّهم.. ولكنّ هذا لن يكون..إن هذا لن يكون!!

      إن ما جرى كثير وكبير,وإن ما سيجري أكثر من ذلك وأكبر , فما الذي سيفعله المجتمع الدولي؟ما الذي من الممكن أن تفعله هذه الأمم والشعوب التي تملأ فضاءات هذه الدنيا,وتضيق بها الأرض بما رحبت؟ما الذي ستفعله أمة العرب,وأمة الإسلام,وشعوب العالم الثالث وهي جميعها ترى ما نرى,وتسمع ما نسمع,وتعرف ما نعرف؟وإلى متى ستستمر هذه الأحوال؟وهل سيتمكن أولئك وهؤلاء من قوم ٍنذروا أنفسهم للموت؛فوُهبت لهم الحياة.. وأعرضوا عن الدنيا؛فدانت لهم هذه الدنيا..وصدقوا ما عاهدوا الله عليه؛ فأعزهم ونصرهم, وكانوا من الغالبين ,وكانوا أيضًا الوارثين؟؟!!

       إلى كل أولئك الذين وقفوا,ويقفون اليوم ,وسيقفون غدًا إلى جانب شعبنا العربي الصابر في قطاع غزة نقول:لقد بررتم إنسانيتكم,ووقفتم إلى جانب الحق والعدل والمحبة والسلام في القطاع الصابر,ولازلتم تقفون إلى جانبه ، فأنتم الصورة المشرقة المشرفة لإنسان هذا العصر.. وإلى أولئك الذين يهرفون بما لا يعرفون،ويشيعون بين الناس ما يشتهون ويحبون نقول:لقد خاب فألُكم،وطاش سهمكم ..ولن تكونوا أندادًا لأولئك الذين قرروا أن يخرجوا من صراع الإرادات موفوري الكرامة,مرفوعي الرؤوس والقامات والهامات!!

 (27 /12/2009)

            


الاثنين، ٢٧ كانون الأول ٢٠١٠

توصية..!!

 

    ريم حاتم محمد الخواجا/ المعروفة باسم الشهرة ريم خواجا/ من مواليد نابلس 19/12/1988/ حاصلة على ليسانس أدب انجليزي من جامعة النجاح 2010/ بدأت تجاربها الأولى نحو الإبداع في المرحلة الابتدائية/ قرأت مئات الكتب من مكتبة بلدية نابلس ولا تزال/ تحتفظ بدفاتر تضمنها محاولاتها التي بدأت تتسم بالنضج منذ أربع سنوات، وتبلغ هذه المحاولات والأعمال الناضجة أو شبه الناضجة مئات المحاولات/ وبدون وعي منها، أو بوعي، أو ما يشبه الوعي، رأت(ريم) نفسها سائرة في مجاهل السريالية حينًا، والرمزية الضبابية المغلفة بغشاء شفاف رقيق من الرومانسية الحالمة، الصاخبة الجامحة المتمردة أحيانًا..ولعل صعوبة الواقع الاجتماعي، وثقل الواقع الاقتصادي المُعاش، وتراكمات التجارب والحوادث والأحداث والمورثات الثقافية مضافًا إليها هواجس نفس شاعرية غضة شديدة الإحساس بوجودها، كل ذلك وكثير غيره مما يمكن أن يقال في الموهبة والعاطفة والوجدان والدراسة والتجارب البريئة قد جعل من (ريم) كاتبة نص أدبي إبداعي يراه الرائي فلا يستطيع عنه انصرافًا حتى يتمه، ثم يرى نفسه بعد ذلك، وقد تناوله بالنقد والحذف والإضافة والتعديل حتى إذا ما فرغ من ذلك، أو كاد، راح يبحث بين السطور عن معانٍ أغفلها، أو فضاءات لم يتمكن، لهذا السبب أو ذاك، من التحليق فيها، أو مجالات مما قد يكون من الضروري أن يقترب منها الباحث أو الناقد، ومما قد لا يكون.

 

   على أن ما أستطيع قوله بملء الثقة هنا، وما أستطيع التأكيد عليه أيضًا هو أن (ريم) مرشحة للتألق والتفوق على خارطة الإبداع محليًّا وإقليميًّا، ولمَ لا تحتل مكانتها على خارطة الإبداع العالمي أيضًا إذا هي حظيت بالرعاية، وإذا هي وجدت من يتبناها، ويأخذ بيدها..ومن غيركم أيها الإخوة  من تُعلَّق عليه الآمال لرعاية نبتة  بتُّ أخشى عليها من تقلبات الأيام وعوادي الزمن!

    صحيحٌ أن مزيدًا من التجارب القاسية تعني مزيدًا من التوهج والتألق والإبداع، وصحيح أنه من أكواخ الفقر تشرق العبقرية، وصحيحٌ أن لليتم أثرًا بالغًا في صقل المواهب، والارتقاء صعدًا نحو قمة المجد والإبداع، ولكن صحيحٌ أيضًا أن عمر الإنسان قصير، وأن كثيرًا من المبدعين قد ماتوا تحت وطأة الظروف الصعبة القاهرة المدمرة القاتلة، فأصبحت صدورهم مقابر لطموحاتهم، قبل أن نكتشف شيئًا من إبداعهم، بل قبل أن يتمكنوا من ترجمة تجاربهم ومشاعرهم وأحاسيسهم وانفعالاتهم وأخيلتهم وأحلامهم وأهوائهم وطموحاتهم إلى لغة، أو لوحة، أو معزوفة، أو مقطوعة، أو تمثال...وإنني إذ أخشى على (ريم) لألح على الطلب والرجاء أن تجد في كنفكم واحة الأمن والأمان..

 

عدنان السمان

26/12/2010


السبت، ٢٥ كانون الأول ٢٠١٠

عيسى سبيلك رحمةٌ ومحبّةٌ!!

عيسى سبيلك رحمةٌ ومحبّةٌ!!

أ.عدنان السمان

www.samman.co.nr

عيسى بن مريم رسول الله ونبيه وكلمته..أرسله ليكون بردًا وسلامًا على البشرية..مبشرًا بالمحبة والتسامح والمودة والوئام..وداعية إلى خير الشعوب والأمم ووئامها وصفائها وسلامها..عيسى بن مريم تلحميٌّ مقدسيٌّ مجدليٌّ ناصرٌّي.. عيسى بن مريم عربي فسلطيني أممي أرسل إلى الناس كافة ليأخذ بأيديهم نحو شاطئ النجاة والسلامة والأمان والسلام,وليجنبهم كل ألوان الخصومة والتنابذ والقطيعة والخصام,ويدعوهم إلى سبل الهداية والرشاد.

عيسى سبيلك رحمةٌ ومحبةٌ في العالمين وعصمةٌ وسلامُ

ما كنت سفاك الدماء ولا امرءًا هان الضعاف عليه والأيتامُ

يا حامل الآلام عن هذا الورى كثرتْ عليه باسمك الآلام!!

نعم..إن عيسى لم يسفك دم أحد.. ولم يهمل ضعيفًا,ولم يتنكر ليتيم..بل لقد حمل الآلام والعذاب عن الناس,وتحمل الأذى عنهم,وقضى حياته متنقلاً بين الناصرة وبيت لحم مرورًا بكل مدن فلسطين وقراها وتجمعاتها

السكانية مبشرًا بالتسامح والمحبة ومكارم الأخلاق..مرددًا بكل ثقة وإيمان:من ضربك على خدك ألأيسر,فأدر له خدك الأيمن!!

لم يستوعب كثيرٌ من أتباع هذا السريّ النبي الرسول ابن هذه الصدّيقة الطاهرة البتول خير نساء العالمين..لم يستوعب كثير منهم أسرار دعوته,ولم يفهم كثير منهم حقيقة ما بشّر به, ودعا إليه,ولم يلتزم كثير منهم بنهجه..بل لقد خالف كثير منهم هذا النهج,وتنكر كثير منهم لتلك المبادئ التي بشر بها؛ فخرجوا عليها, وراحوا يسيئون إليها..وكأن سيرة صاحب هذه الذكرى لا تعنيهم من قريب أو بعيد..وكأن أخلاقيات صاحب هذه الذكرى غير ملزمة لهم بحال من الأحوال!!

أنت الذي جعل العباد جميعهم رحمًا,وباسمك تُقطَعُ الأرحامُ

خلطوا صليبك والخناجر َوالمُدى كلٌّ أداة للأذى وحِمام!!

نعم .. لقد راح كثير من هؤلاء يقطعون الأرحام التي شاء لها رسول المحبة والسلام أن توصل ، راحوا يقتلون ويذبحون ويستبيحون .. وراحوا ينهبون ويسلبون ويعتدون.. وراحوا يستعبدون ويستعمرون ويضطهدون وينكّلون..

وراحوا يمتصّون دماء الأفراد والجماعات والشعوب .. وكأنهم لم يسمعوا بالسيد المسيح،ولم يسمعوا بتعاليمه،ولم يقفوا على أسرار دعوته،وحقيقة رسالته،وقدسية ما بشّر به !! لقد أساءوا إلى العلاقات بين الأمم والشعوب..وكان بإمكانهم أن يقيموا أفضل العلاقات بينها ، كان بإمكانهم ، ولايزال،أن يقيموا تلك العلاقات على  المودة،وأن يبنوها على المحبة والإخاء والمساواة:

ما ضرّ لو جعلوا العلاقة في غدٍ بين الشعوب مودةً وإخاءَ !!

لقد خلط أولئك المسيئون بين هذا الصليب وتلك الخناجر والسكاكين التي ذبحوا بها كثيرَا من الناس!!لقد خلطوا بين الصليب والبارود الذي أبادوا به كثيرًا من البشر!! لقد خلطوا بين هذا الصليب والقنابل النووية التي أبادوا باثنتين منها كثيرًا من اليابانيين ذات يوم !! لقد خلطوا بين هذا الصليب وكل وسائل القتل والموت والدمار في العراق وأفغانستان وباكستان والسودان وفلسطين ولبنان،وفي كل ديار العروبة والإسلام!!

إن الصليب بريء مما يفعل هؤلاء..وإن الصليب بريء من كل أولئك المعتدين المستعمرين..وإن كل أتباع الصليب من عرب هذه الديار هم اشدُّ صلابةً من كل مسلميها في وقوفهم سدًّا منيعًا أمام هجمات أولئك الحاقدين على عرب هذه الديار!!المسيحيون والمسلمون في فلسطين،وفي كل ديار العروبة يقفون صفًّا واحدًا,وجسدًا واحدًا في وجه كل الطامعين, وفي وجه كل من تحدثه نفسه بالنَّيل من أهل هذه الديار العرب!!

في ذكرى عيد الميلاد المجيد..وفي ذكرى ميلاد رسول المحبة والسلام..وفي عيد ميلاد صاحب هذه الذكرى نجدد العهد لصاحب هذه الذكرى,كما نجدد العهد لأحمد العُرب شقيق السيد المسيح أن نبقى في هذه الديار,وفي كل ديار العروبة أمة واحدة متماسكة,وشعبًا عربيًّا واحدًا موحَّدًا في وجه كل الأطماع,وفي وجه كافة التحديات,وفي وجه كافة المخاطر التي تهدد هذه الديار وعرب هذه الديار,وقدس العروبة والإسلام قلب هذه الديار:

هذي القيامةُ قامت فوق رأسهمُ كنيسةَ المهد شعّت منكِ أنوارُ

عيسى بن مريم في عليائه فَرِحٌ وأحمدُ العُرب تسبيحٌ وأذكارُ

اليعربيّانٍ قد فاضتْ دموعُهما بفرحة القدسِ ريحانٌ وأزهارُ

إنّا على العهد يا أختاه فابتسمي حيّاكِ عند بزوغ الفجر آذارُ!!

وفي ذكرى هذا العيد المجيد نقول:لقد آن لهذه الأوطان أن تتحرر,وآن لهذه الشعوب أن تستقل,وأن تحيا بمحبة ومودة وأمن وأمان واستقرار وسلام.. وكل عام وأنتم بخير.

 

       (25/12/2010)

    


الخميس، ٢٣ كانون الأول ٢٠١٠

في اليوم العالمي لإلغاء الاعتقال الإداري

في اليوم العالمي لإلغاء الاعتقال الإداري

أ.عدنان السمان

www.samman.co.nr

    الشرائع والقوانين والأنظمة والتشريعات واللوائح والدساتير جميعها في هذا الكون تنصُّ صراحةً على حق الإنسان في العيش، وعلى حقه في الحرية، والعمل، والتفكير، والتعبير، والمعتقد، والمذهب السياسي، والديني والاجتماعي، وعلى حقه المقدس في التنقل، والحركة، وممارسة كافة أشكال حياته اليومية، دون أن يكون لأحد الحق في منعه من ممارسة أي من هذه  الحقوق، أو الانتقاص منها، أو تقييدها.. ودون أن يكون لأحد أدنى حق في التعرض لهذا  الإنسان بهدف الحد من أي  حق من حقوقه التي نصت عليها كل هذه الشرائع والتشريعات والقوانين والأنظمة واللوائح والأعراف.. ودون أن يكون لأحد كائنًا من كان أدنى حق في اعتقاله، أو تعذيبه، أو التضييق عليه، أو مساومته، أو تحذيره وإغرائه، وترهيبه وترغيبه، بهدف ثنيه عن ممارسة أي حق من هذه  الحقوق، وعلى رأسها جميعًا حقه في التفكير والتعبير واعتناق المذهب السياسي الذي يؤمن به فكرًا وممارسة.

    لقد تسابقت هذه  الشرائع والتشريعات في تمجيد الإنسان، والتأكيد على احترام كافة  حقوقه.. ولقد تنافست فيما بينها على إبراز قيمة الإنسان، والتغني بها.. مسبغةً عليه من  نعوتها وصفاتها وخيالها وأخيلتها وصورها وتشبيهاتها واستعاراتها وكناياتها في أدبياتها ما يرتقي به إلى مستوى الأسطورة، ويقترب به إلى أعالي القمم والمرتفعات ليلامس حدود الخرافة، وألق المبادئ والمعتقدات.. وتألّق التاريخ، وحرارة الحروب، وتوهّج الفتوحات والانتصارات!!

    وما أكثرَ غرائب هذا الكون! وما اشدَّ تناقضاتِه أيضًا! فهذا هو الإنسان في حال الرضى.. هذا هو الإنسان ملاكًا طاهرًا، وأسدًا كاسرًا، وسيفًا من سيوف الله هو الغالب دائمًا.. وهو نفسه الشيطان الرجيم، والعدو اللدود المبين عندما نكره، وعندما يَنقلب الشيء إلى ضده؛ فَمَن قال فيك من الخير ما ليس فيك إذا رضي قال فيك من  الشر ما ليس فيك إذا غضب!! ليس هذا فحسب، بل إن الأمور تنقلب بين عشية وضحاها إلى أضدادها؛ فما كان على رؤوس الأشهاد، وفوق الأكتاف والأعناق أصبح موطئًا للأقدام.. وما كان قمة القمم، وغاية الجود والكرم أصبح على النقيض من ذلك.. ولله في خلقه شؤون!!

     وإذا كان الإنسان في مجتمعه، وبين أهله وصحبه وعشيرته عرضةً لكل هذه التغيّرات.. وإذا كان هذا الإنسان محفوفًا بكل هذه المفاجآت والمتغيرات.. محاصَرًا بكل هذه التناقضات والمتناقضات في الأسرة الواحدة، أو الحي، أو القرية، أو المدينة في الأحوال العادية، أو شبه العادية؛ فإنه في الأحوال الاستثنائية الطارئة، وغير العادية سيواجه أحوالاً تختلف، وسيخضع لحسابات واعتبارات وأمزجة من نوع آخر مختلف.

    وإذا كان الغموض في الأحوال العادية مدعاة للتساهل أو التسامح في بعض الأحيان، ومدعاة للتجاهل والإهمال والعقاب السلبي في بعضها الآخر؛ فإن هذا الغموض قد يؤدي بصاحبه إلى سلسلة من العقوبات والعقبات التي قد تجر عليه ألوانًا من العنَت، وألوانًا من العقاب، وألوانًا من   الحروب ما أنزل الله بها من سلطان!!

    في الأحوال الاستثنائية الطارئة غير العادية، وفي مواجهة القوم الآخرين ليس من حق الإنسان أن يكون غامضًا، وليس من حقه أن يكتم أحلامه، وأن يجعل من صدره مقبرة لأمنياته وأسراره وآلامه وآماله!! فهؤلاء الآخرون يريدون أن يعرفوا كل شيء!! فتُبدأ التحريات والاستفسارات والاستجوابات.. وتكون التحذيرات والإنذارات والتهديدات والإملاءات.. ويكون التحييد.. أو الاحتواء.. وقد يكون الصِّدام فيكون العقاب بواحدة من العقوبتين، أو بكليهما!!

    بعد ذلك تكون المتابعات والمداهمات، وتكون الملاحقات والتوجُّسات؛ فهؤلاء الآخرون يختلفون عن غيرهم في كثير من  المزايا والخصال والصفات والمواصفات والخصائص، وعلى رأس هذه  الخصائص والمزايا انعدام الهامش تمامًا إلى حد التلاشي الكامل في كل المسائل الأمنيّة، وفي كل ما يمتّ بأدنى صلة للأمن؛ فمزاجهم العام، والمزاج الخاص لكل منهم لا يطيق صبرًا على أدنى شك أمنيّ.. وعليه فإن الاستمرار في الغموض، والتمادي في التكتم والتقوقع والصدود سبب كاف عند هؤلاء للتحفظ على هذا الإنسان، والاحتفاظ به لديهم دون اتهام، وهذا ما يسمى بالاعتقال الإداري!!

    لسان حالهم يقول: لا أدلة لدينا لمحاكمتك.. ولا نستطيع إخلاء سبيلك، فنحن متخوّفون منك، ونشك في نواياك تجاهنا!! فلنحتفظ بك رهينةً في أيدينا لنأمن  جانبك.. ولسان   حاله يقول: لم أفعل شيئًا، وليس عندي ما أقوله!! صحيحٌ أنني لا أحب رؤيتكم، ولكنني لم أفعل شيئًا ضدكم.. والإنسان بريء حتى تثبت "إدانته".. فلماذا تعاقبونني وأنا بريء؟؟ ولماذا تطبّقون علي قوانين الطوارئ الانتدابية الصادرة في فلسطين قبل أربعة وستين  عامًا، وأنا طفل سأبلغ الثامنة عشرة بعد ثلاثة أعوام؟؟ لماذا تحاكمونني بموجب قانون أصدره البريطانيون في بلادي قبل أن يولد جدي؟؟

    لماذا تحتجزونني لديكم بدون سبب، وأنتم تدّعون العدل والعدالة وسيادة القانون، وأنا طفل لم أحرّك ساكنًا ضدكم؟ إن كنتم لا ترغبون في رؤيتي هنا على أرضي، فأنا لا أرغب في رؤيتكم على هذه الأرض؛ فارحلوا عنها.. إن المجتمع  الدولي، ومعه كثير من مفكريكم وقادتكم السياسيين أيضًا يطالبونكم بإخلاء كل هذه الأراضي العربية المحتلة، ويطالبونكم بإخلاء سبيل كل هؤلاء المعتقلين والمحكومين، ويطالبونكم بتنفيذ القرار (194) القاضي بعودة اللاجئين والمهجَّرين الفلسطينيين إلى ديارهم، ويطالبونكم أيضًا بتنفيذ القرار (181) الذي أقيمت بموجبه دولتكم هذه التي احتلت الجزء المخصص للدولة  العربية بموجب هذا القرار!!

    لماذا  تحتجزون كل هذه الآلاف بموجب أوامر إدارية لا سند لها من قانون؟ ولماذا تعتقلون كل أسرى الحرية هؤلاء لا لشيء إلا لأنهم يريدون الحرية لشعبهم ولأرضهم  المحتلة؟؟ إن كنتم تؤمنون بالسلام العادل الدائم الشريف المتكافئ المقنع الذي لا  غالب فيه ولا مغلوب، ولا يؤسس إلا لسلام شامل، وازدهار، ورفاء، وتقدم، واستقرار في هذه المنطقة من  العالم فعليكم أن  تضعوا حدًّا لأوهامكم وأحلامكم.. عليكم أن تخرجوا في الحال من كافة الأراضي العربية التي احتلها جيشكم بقوة السلاح في صبيحة الخامس من  حزيران من عام سبعة وستين .. وعليكم أن   تخرجوا من الأرض العربية التي احتلها مقاتلوكم في العام ثمانية وأربعين وهي التي كانت مخصصة للدولة  العربية في فلسطين بموجب القرار (181) والبالغة  مساحتها أكثر من 14% من مساحة فلسطين التاريخية، وبهذا وضعتم أيديكم على ما مساحته (78%) قبل ان تضعوها على ما تبقى من أرض فلسطين عام سبعة وستين.. وعليكم أيضًا أن توافقوا على وضع  القرار (194) موضع  التنفيذ.. عندئذ لن تكون هنالك مشكلات أو عقبات، ولن تكون هنالك حروب وعداوات.. ولن يكون هنالك  خصام ومشاحنات.. وعندئذ لن يكون هنالك سوى العدل والعدالة والمحبة والتسامح والإخاء والبناء والإعمار والتقدم والازدهار... وثقوا أن  كل هذا ممكن، وممكن جدًّا.. وثقوا أيضًا أن تحويل هذه الديار إلى جنة من جنان الله على الأرض أكثر من ممكن بين عشية وضحاها!!

    في اليوم  العالميّ لإلغاء الاعتقال الإداريّ نقول: إنه الخطوة الأولى لتحقيق الأمن والأمان لهذا الشعب.. وهو  الخطوة الأولى لإلغاء الاعتقال السياسيّ أيضًا.. وهو الخطوة الأولى لبناء مجتمع المحبة والتسامح والوئام بعيدًا عن المعتقلات، ومراكز التوقيف والتحقيق.. وهو المقدمة الأولى لإرساء دعائم دولة القانون والعدل والعدالة والمؤسسات في هذه  الديار.

    وفي هذا اليوم الخميس الثالث والعشرين من شهر كانون الأول نهيب بالمجتمع  الدولي، وبكل القوى  التقدمية، وبكل الهيئات والجمعيات والتجمعات المحبة للعدل والحرية، وبكل الشخصيات المؤمنة بالسلام العادل أن تعمل من أجل إلغاء الاعتقال الإداري وصمة العار التي لطّخت جبين البشرية في هذا العصر الحديث!!

(23/12/2010)

 

 

الاثنين، ٢٠ كانون الأول ٢٠١٠

إليها .. في عامها الثاني والعشرين

متابعات
إليها .. في عامها الثاني والعشرين
أ.عدنان السمان
لم أكن أعلم أنني سألتقي في أرذل العمر، وفي خريف أيامه الصفراء المتساقطة الواجفة الراجفة الخائفة الزاحفة موهبةً شابةً ثرةً ثائرةً متفجرةً صاخبةً صارخةً هائجةً متوترةً مستفَزةً مستَفِزةً، تفيض سحرًا وشذًى ورؤًى وقصائد، ولم يكن ليخطر لي على بال أن هذا الزمن الجميل سيمتد بي حتى أكون على موعد مع كل هذا السحر والشعر والجمال والعنفوان الذي تجسده هذه العشبة البرية المتوحشة، والنبتة القوية الضاربة جذورها في أعماق الأرض، والموهبة الصاخبة الصارخة الهائجة الجامحة المائجة المحلقة في بحار الفضاء بين الهواء والماء، تشق عُبابَه بثقة وعزم واقتدار، وتمكنٍ من التحليق والتحديق والتجديف والطيران.
مبتسمةً حذرةً يقظةً محبةً للعلم والمعرفة، قارئةً كاتبةً، تبحث عن عملٍ بعد تخرجها في كلية الآداب، كانت منذ عهدي القريب بها، مرهفة الشعور، صادقةً أمينة جريئة واثقة من نفسها كانت منذ عرفتها.. وعلى الرغم من قصر المدة الزمنية، وندرة المناسبات، وقلة الساعات التي التقيتُها خلالها، وفي أثنائها، إلا أنها كانت كافيةً لفهمها، والحكم عليها، والاطمئنان إليها، والإحساس نحوها بأصدق مشاعر المودة والنِّدِّيَّة والارتياح والمحبة، وأسمى مشاعر الاحترام والتقدير والإعجاب.
من خلال معرفتي بها، ووقوفي على أسرار بلاغتها وفصاحتها، ومواهبها وتفوقها ونبوغها ومصادر ثقافتها، وتوجهاتها، ومن خلال الاطلاع على كثير مما كتبتْ، وعلى بعض ما رسمتْ أستطيع أن أقول إنها موهبةٌ واعدةٌ، وسيكون لها شأنٌ وأي شأن في عالم الكتابة الإبداعية في وطنها الصغير هذا، وفي وطنها الكبير الذي سيظل كبيرًا زاخرًا بالمعالي والأمجاد ذاك. وعدتها أن أكتب إليها في عامها الثاني والعشرين، ولقد وفيتْ.
قالت الغزالة:
الدمُ لم يتوزعْ في زقاق المطرْ / لم يركب الإعصارَ والأنواءَ والأهواءَ في وقت السحرْ / لم يمخرْ عُبابَ الليلِ / لم يجتزْ شرايين الحدود السرمدية /
كنا نلملمهُ على حصيرة /  كنا نقلّبهُ ونوقظهُ في هدأةِ الليل البهيم... على حذرْ
×      ×      ×      ×      ×      ×
لم تكن السماءُ ناقوسَ رعبٍ يفجأ الطيرَ / يرهبُ الخيلَ / ينشرُ الويلَ/ يرعبُ الليلْ
ولم تكن الخناجرُ موتًا ودمًا أحمرَ يجري في عروق الوردِ والغِزلانِ والمسجونِ والسجانِ والسمانِ في ليل الخريف
نحبو على الشطآن والجدرانِ نمتشق الحجرْ / نعانق الشجرْ
نعمّدُ سرحةَ الشاطئِ / بالزيتِ بالعطرِ بالسحرِ بالحبِّ بالنارِ بالنّوارِ بالأسرارْ
نكلل سرحة الزمنِ الجميل / بالغارِ والأسفارِ والأشعارِ والأخبارِ ... والصورْ
×      ×      ×      ×      ×      ×
صغارُ الحمامِ من حولنا واليمامْ  / عيونُ الجنادبِ والشواهينِ الصغيرة 
تفترشُ الأعشاشَ في الآكاِم والأكمامِ والأحلامْ
في فيء الظهيرة
من خلف ذياك الغروبْ / ومن قبلِ التنائي والتوجسِ والتمترسِ والهروبْ / من تحت موتٍ داهمٍ لا ينثني / ومن بين يديهِ ومن خلفهِ / كنا نستلقي على حصادِ حنطةٍ ذهبيةٍ أرضعته الشمسْ / ... وغذّاهُ القمرْ
×      ×      ×      ×      ×      ×
أتذكر يا رفيقَ العمرِ والأسفارِ والأشعارِ والأمطارِ في ليلٍ كسيحْ ؟
أتذكرُ حين هطلتْ زَخاتٌ من العشبِ فوق الراياتِ الصاخبةِ النازفةِ حبًّا شوقًا ألمًا وجدًا سكْرًا ألقًا
حتى النّزعِ / حتى الموتِ / والموتُ فحيحْ !!
كنّا يا سيدَ الأوطانِ والإنسانِ والأزمانْ / نُتْعِبُ النارَ / نوقدُ الغارَ / نزجي البيارقْ
وعلى أكفِّ التين والزيتونِ والرمانِ والشوفانِ والإنسانِ والطوفانِ
نستريحْ !!!
×      ×      ×      ×      ×      ×
ما شكلُ السماءْ ؟ ما رائحة الفضاءِ والضياءْ ؟ ما لون المطرْ ؟ يا هذي الحفرْ
حين ترعرع الماءُ على حياض الحنطةِ من خلفِ البعيدْ
أفواهُ بنادقٍ تغزو الزنابقْ / تلهو بنا / وبحرثنا / وبنسلنا / بقلوبنا / بعيوننا / وعقولنا / وبحبنا / بنسائنا / ورجالنا / وقياننا / وإمائنا / هذا كثيرْ / أمرٌ خطيرْ / ما شكلهُ؟ / ما لونهُ ؟ / ما طعمهُ؟ / بالمختصرْ !!
نحنُ على صهواتِ الجدائلْ / نهزُّ الكرومَ البيضاءْ / نعتلي الخيولَ / نركبُ السيولَ / نضربُ الطبولْ / نقلِّبُ الشبانَ/ والقيانَ والغلمانَ والحسانَ/ نوقف الزمانْ
فإن كانت النهايةْ / وإن كان هذا المشهد المريحْ / وبالعربي الفصيح نهاية المطافْ / نمارس الحياة في ضريحْ !!!
×      ×      ×      ×      ×      ×
ماذا نرى بعد هذا اللّيلْ / بعد الويلْ / والنيرانُ تلتهمُ الشبابْ / والنارُ تعصفً بالقلوبِ وبالمرايا والتجاربِ والخمائلِ والجدائلِ والقبائل/ بالسرابِ وبالشرابِ وبالسحابْ ؟
والجمرُ يحترثُ الجنانَ / ويحرثُ القفرَ اليبابْ
يغلقُ الدروبَ / يأكلُ القلوبَ  / يحرق السهولَ والتلالَ والهضابَ والضبابْ
دمرَ الكوخ المنشى بالعطرِ
صاحَ طفل الياسمينْ / تخطفته يدُ المنونْ / طفلٌ يمزَّقُ بالسيوفِ وبالرماحِ وبالرياحِ وبالحرابْ
ماتت قناديلُ الزَّهَرْ / قُتلتْ ترانيمُ السَّحَرْ !!
×      ×      ×      ×      ×      ×
في جوفِ ليلٍ نازفٍ بالملح بالبارودْ
صاح الجرحُ / ناحَ الصبحُ  
والتهمت ألسنةُ النيران جسرًا خشبيًّا
عبرَ الموتى النهرَ واجتازوه / قطرةً قطرة
شربوا الموتَ / تجرعوا الجنونَ / كؤوسَ المنونِ
جرعةً جرعةْ
لم يُعمّدوا سرحة الشاطئ بالنّارِ بالنّوارِ / بالأخبارِ والأشعارِ والأسرارْ
مات الكنارْ / واحترقت في كبدِ السماءِ الحمراءِ أكاليلُ الغارْ ... واحترقتْ صورْ !!
قلت: 
بالأمسِ كانت طفلةً // تلهو مع الأيام تلعبْ
واليومَ صارت شعلةً // ومنارةً، في الجو كوكبْ                                                            
  19/12/2010

السبت، ١٨ كانون الأول ٢٠١٠

في اليوم العالمي للمهاجرين..!!

متابعات

في اليوم العالمي للمهاجرين..!!

 

أ‌.       عدنان السمان

www.samman.co.nr

 

    لئن قرر المجتمع الدولي اعتبار هذا اليوم الثامن عشر من شهر كانون الأول من كل عام يومًا عالميًّا للمهاجرين والمهجَّرين؛ فما ذلك إلا للتّنبيه على خطورة هذه الظاهرة، والتحذير من آثارها النفسية والاجتماعية والسياسية المدمرة.. في محاولة لمعالجة أسبابها ومسبباتها، وبالتالي وضع الحلول العملية المناسبة لتخليص المجتمعات البشرية من أضرارها ومخاطرها وسلبياتها.

    لقد عرفت المجتمعات والتجمعات البشرية الحروب منذ أقدم العصور، واكتوت بنيرانها، وكانت تلك الحروب سببًا من أسباب التشرد والهروب واللجوء والهجرات الفردية والجماعية.. كما عرفت المجتمعات ظاهرة المحل والقحط وشحّ المياه، وما يترتب على ذلك  من رحلة في الأرض بحثًا عن الكلأ والماء.. وعرفت المجتمعات والتجمعات الأوبئة على مر العصور، وعرفت فيها سببًا من أسباب الهجرة والهروب من مكان إلى مكان طلبًا للنجاة.. ويُضاف إلى هذه الأسباب، وكثير غيرها أسباب منها الكوارث الطبيعية من زلازل، وبراكين، وفيضانات، وعواصف عاتية، وأعاصير مدمرة، ومنها أيضًا الكوارث البيئية، وسطوة الحيوانات الكاسرة.. ومنها ظلم الإنسان للإنسان، وتجارة الرقيق، والرحلة في طلب العلم، أو طلب الرزق، ومنها السياحة الداخلية، والخارجية، والرحلات العلمية، والاستكشافية.. فإذا عجز هؤلاء أو أولئك عن العودة إلى أوطانهم بفعل مرض، أو وباء، أو  حرب، أو نحو ذلك أصبحوا لاجئين مهاجرين، أو تائهين بائسين مهجرين، ثم تحولوا إلى مواطنين أو شبه مواطنين بمرور الزمن، طائعين مختارين، أو مضطرين مجبرين تحت وطأة الحوادث، وضغط الأحداث، ومستلزمات الحصول على الرغيف، ومتطلبات الحياة التي لا بد منها، ولا غنًى عنها!!

    وإذا كانت المجتمعات والتجمعات البشرية الحديثة قد تخلصت من معظم أسباب الهجرة ومسبباتها في الماضي السحيق والوسيط، إلا أن كثيرًا من هذه الأسباب والمسببات ما زال موجودًا وإن اختلفت الأسماء والمسمَّيات والصور والأشكال في هذا البلد أو ذاك، وفي هذه المنطقة أو تلك.

    فالفقر الذي يعصف اليوم بكثير من البلدان، ويفتك بأكثر من  مليار إنسان ما زال سببًا، وأيّ سبب، من أسباب التشرد والهجرة واللجوء، وما زال سببًا رئيسًا من أسباب معاناة البشرية واضطرابها.. ولدى البحث في أسباب هذا الفقر نجد أنه ناجم في معظم الأحوال عن عدوان الأقوياء، واستبدادهم بالضعفاء، ووضع يدهم على مقدّراتهم وثرواتهم وخيرات بلادهم.. وإن تظاهر هؤلاء الأقوياء أحيانًا بالإنسانية ومساعدة بعض الفقراء أو الضعفاء فإن ذلك لا يعني شيئًا، ولا يثبت براءتهم من هذه التهمة الدامغة، والمسئولية عما نحن بصدده، وما كل هذا الإحسان المُفتعل، والتظاهر بالإنسانية أحيانًا إلا نوع مما يمكن تسميته بالعلاقات العامة، وما يمكن تسميته على الأصح بالنفاق السياسي والاجتماعي والخداع والرياء والتمادي في الضحك على الناس، والتمادي في استغفالهم واستغلالهم بهذا الشكل أو ذاك.

    وما يقال في الفقر يقال في القمع  السياسي، والاضطهاد الديني، والعرقي، والاجتماعي، والاستبداد الفئوي في كثير من البلدان، مما يؤدي في النهاية والمحصِّلة إلى الهجرة، إن لم يؤدِّ إلى الموت والتشوهات الجسدية والنفسية، والعيش إلى ما شاء الله في السجون والمعتقلات.. ولا يستطيع أحد إنكار مسئولية أولئك الأقوياء وتلك الدول المتنِّفذة في هذا العالم عن كل هذا الذي يحدث في كثير من أقطار هذا الكون!!

    على أن هنالك سببًا من الصعب تجاهله لهذا اللجوء الذي يحاول الناس اليوم وضع حد له في هذا اليوم العالمي للمهاجرين.. أعني هجرة الأدمغة والعقول من أوطانها إلى عدد محدود جدًّا من الدول القوية المتنِّفذة في هذا العالم لأسباب تعلمها الشعوب، وتعلمها الحكومات، وتعلمها الأدمغة المهاجرة أيضًا.. ولكن لا أحد يعمل من أجل وقفها!! إن الدول القوية معنيَّة باستمرار هذه الهجرة، وإن غالبية الأنظمة في أقطار العالم الثالث معنيّة هي الأخرى بذلك، وإن أصحاب الأدمغة والكفاءات والمهارات هم أيضًا يدركون خطورة ما يفعلون، ولكنهم يريدون أن يعملوا.. ويريدون أن يمارسوا اختصاصاتهم، ويريدون أن يعيشوا حياة لائقة بهم.. ولا يجدون ذلك في بلدانهم، فيضطرون إلى اللجوء، ويضطرون إلى العيش في تلك الدول.. وبذلك تخسرهم أوطانهم، وتخسرهم شعوبهم.. ولا يستفيد من ذلك كله ومن  مضاعفاته وتراكماته، وتفاعلاته إلا أولئك الأقوياء!!

    في اليوم العالمي للمهاجرين لا يسعنا إلا أن نتوجه بالشكر إلى كل الأحرار الغيورين على أمن الشعوب وأمانها واستقرارها وتطورها وخلاصها من السلبيات والعلل والأمراض.. ولا يسعنا إلا أن نشد على كل الأيدي العاملة من أجل خير الشعوب، ونشر العدل والعدالة في الأرض، مطالبين كافة الشعوب بالعمل الجاد من أجل وضع حد للهجرة واللجوء، ومن أجل استصلاح أراضيها، لتأكل مما تزرع، وتلبس مما تصنع..

   وفي هذا اليوم العالمي للمهاجرين نقول: كفى تشردًا، وكفى هجرةً واغترابًا ولجوءًا، وكفى تشتتًا وطوافًا على غير هدًى؛ فلقد آن الأوان لكل لاجئ ومهاجر ومهجَّر أن يعود إلى وطنه، وقد آن الأوان لشريعة العدل أن تسود هذا المجتمع الدولي، ولقوانين الأخلاق أن تنتظم العلائق والعلاقات بين أممه وشعوبه دون استثناء!!

 

18/12/2010

 


الخميس، ١٦ كانون الأول ٢٠١٠

في اليوم العالمي للطفولة..!!

 

متابعات

 

في اليوم العالمي للطفولة..!!

 

أ.عدنان السمان

www.samman.co.nr

 

 

لسنا بحاجة في اليوم العالمي للطفولة (الذي يصادف السابع عشر من كانون الأول من كل عام) لمن يذكّرنا بأن الأطفال دون سن الثامنة عشرة في كثير من أقطار هذا العالم يشكّلون أكثر من نصف السكان, وأنهم -مع أمهاتهم- يشكّلون أغلبية مريحة من حقها أن تستأثر بنصيب الأسد من ثروات تلك الأقطار،ومن اهتمام الكبار,والمثقفين,والمفكرين,وأولياء الأمور فيها..ولسنا بحاجة لمن يذكّرنا بأهمية الأطفال في قانون تعاقب الأجيال، وتغيّر الأوضاع والأحوال..ولمن يذكّرنا بأهمية الأطفال في الثورة على ثقافة النوم، والخمول، والكسل، في بلاد السمن والعسل, وإحياء ثقافة اليقظة والنشاط والتفاؤل والأمل وحب العمل في كل ديار العروبة من محيطها إلى خليجها..وبأهمية الأطفال في التقريب ما بين المسافات, واختصار الزمن بين الثقافات والحضارات..وبدورهم في بيان فضائل التحدي, ومنازل الإصرار والتصدي، ولسنا بحاجة لمن يذكرنا أيضًا بأن من حق الأطفال أن يعيشوا بحرية وكرامة ورعاية في كل أقطار هذا العالم.

لسنا بحاجة لمن يذكرنا بهذا, لأننا نعرفه حق المعرفة, ولأننا نعرف يقينًا أن هؤلاء الأطفال هم الأمة كلها اليوم وغدًا وبعد غد, وأنهم روحها, وجسدها ومعناها,ومبناها,وحقيقة وجودها وقيمتها الفعلية هنا على أرض وطنها, وهنالك بين الأمم والشعوب في هذا العالم..فأي معنًى للأمة بدون أطفالها؟ وأي معنًى لها إذا كان أطفالها مقموعين مضطهدين خائفين أميين مجردين من كافة حقوقهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية؟ وأي معنًى لها ولهم إذا كانوا مسلوبي الإرادة, مهزوزي الشخصية, فاقدي الثقة بالنفس, يشبّون على المهانة والكذب والنفاق والخداع, ويشيبون على التبعية والمذلة والفساد والتزوير والتفريط بالأوطان والأديان والإنسان؟ وأي معنًى لأمة يربي كبارُها صغارَها على التنكَّر للفضائل,والقيم,والمبادئ السامية, والأخلاق الحميدة, وعلى عبادة الذات, والكفر بكل ما فيه خير البلاد والعباد, وبكل ما فيه مصلحة هذه الأجيال في حياة حرة عزيزة كريمة في وطن حر عزيز سيد مستقل لا يهادن فسادًا وانحرافًا واستغلالا وتغافلاً, ولا يسالم طاغية معتديًا مستهترًا مستخفًًّا بالناس مستعليًا عليهم مستكبرًا في الأرض,مغتصبًا لحق الناس في الحياة الحرة, ولحقهم في البناء والإعمار والسيادة على أرضهم, ولحقهم في العيش الآمن الكريم في أوطانهم؟

إن خير ما يمكن أن تفعله الأمة هو أن تحسن تربية أطفالها,وأن تحسن تعليمهم,وأن تحيي في نفوسهم ثقافة العمل والأمل والعزة والكرامة والتضحية والمثابرة والإخلاص..وإن خير ما يمكن أن يقدمه الكبار للصغار مدارس يعيشون فيها أجمل أيام حياتهم, ويحبونها الحب كله..مدارس تلبي احتياجاتهم, وتنمّي شخصياتهم,وتغرس فيهم الولاء والوفاء لثقافتهم, ولغتهم, وأمتهم, وتاريخهم, ومبادئهم, ومعتقداتهم..مدارس تعلمهم الصدق, والأمانة, والإخلاص, والاستقامة, وحب الوطن, والتضحية من أجله, والإخلاص للأمة, والعمل من أجل وحدتها, ونصرتها, وعزتها, والوفاء لقيمها, وتقاليدها, وأعرافها, ومقدساتها..وإن خير ما يمكن أن يقدمه الكبار للصغار مناهج تلبي احتياجات هؤلاء الصغار,وتكفل حقهم في بناء أجسادهم وأرواحهم, وصنع المستقبل اللائق بهم وبالأمة التي ينتمون إليها..مناهج يستوعبها الطلبة,ويفهمونها,وتشهد على ذلك نتائجهم,وشهادات لجان المتابعة المكلفة بالإشراف على المدارس والمناهج من غير العاملين فيها,ومن غير المستفيدين منها..لجان متابعة من المختصين المستقلين المحايدين أصحاب التجربة والخبرة والمهارة..وإن خير ما يمكن أن يقدمه الكبار للصغار رعاية صحية تجنّبهم العلل والأمراض, وتكفل لهم نموًّا جسديًّا ونفسيًّا سليمًا, ورعاية اجتماعية,وتوجيهًا للأمهات, وعناية بهنّ, وبأطفالهنّ, ورعاية اقتصادية, وثقافية, وفكرية, ولُغوية تبني ولا تهدم, تجمع ولا تفرّق, تكتشف المواهب, وتصقلها, وتهذبها, وتكتشف المبدعين والموهوبين وترعاهم!!

ما أحوجنا إلى كل هذا, وإلى كثير غيره! ما أحوجنا إلى جيل يحترم نفسه, وينشأ على الكرامة والخلق والعزة, ويغتذي لبان العروبة, ويؤمن بوحدة الأرض العربية, وبالدولة العربية, فوق كل أرض العرب, ويؤمن بالعلم والعمل وسيلة لبناء أمة عربية واحدة موحدة متكاملة في سائر أقطارها وأمصارها..ما أحوجنا لجيوش من الأطباء, وجيوش من المهندسين، وجيوش من الصيادلة، والتقنيين، والمثقفين، والمفكرين، والكتّاب، والمؤلفين، والأكاديميين، والمخترعين..وما أحوجنا قبل هذا كله، أو بعد هذا كله للسياسيين المؤمنين بحق أمتهم في الحياة الحرة الكريمة، وبحقها في السيادة والعزة والاستقلال، وبحقها في العيش الآمن الكريم.

وإذا كنا نحتفل في هذا اليوم السابع عشر من كانون الأول باليوم العالمي للطفولة, فإنه يحسن بنا أن نشير إلى أن الأمم المتحدة قد ضمنت في إعلانها العالمي لحقوق الإنسان كثيرًا من حقوق الطفولة في المساعدة والمساندة والرعاية, بل إن المبادئ المعلنة في ميثاق الأمم المتحدة قد ضمنت الاعتراف بكرامة أعضاء الأسرة, وبحقوقهم المتساوية, وغير القابلة للتصرف, واعتبرت ذلك أساسًا للحرية والعدالة والسلم في العالم كله. يحسن بنا أن نشير إلى أن الحاجة لتوفير الرعاية الصحية الخاصة للطفل قد ذكرت في إعلان جنيف لحقوق الطفل عام (1934) , وفي إعلان حقوق الطفل الذي اعتمدته الجمعية العامة في الثلاثين من تشرين الثاني من العام (1959) والمعترف به في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

في اليوم العالمي للطفولة لابد من القول إن الاهتمام بالأطفال هو اهتمام بالوطن والمواطن ومستقبل الأجيال في أوطانها وأقطارها وأمصارها، وإن إهمال الأطفال هو إهمال للوطن والمواطن؛ فمن أراد خيرًا بهذا الوطن, فليبدأ بأطفاله, فهم عدته, وعتاده, وهم بُناته وحُماته، وفي هذا اليوم العالمي للطفولة نطالب بحياة كريمة للطفل العربي, وبحياة كريمة للأسرة العربية, وبالكف عن كل مظاهر الاستهتار والاستخفاف بالمواطن..كما نطالب بسيادة القانون, وبقضاء حر نزيه مستقل لا يحابي ولا يرائي ولا يحني رأسه لكان من كان.. لأنه لا احد فوق القانون!!

وفي هذا اليوم العالمي الطفولة لا بد من القول إن من حق الطفل العربي الفلسطيني أن يحيا حياة حرة سليمة على أرض وطنه فلسطين، ولا بد أن يعيش حياةً آمنة مطمئنة بعيدًا عن كل أسباب الرعب والخوف والجوع والأميّة والتوتر والتشرد، وبعيدًا عن كل أشكال التبعية والضَّياع والفساد والانحراف؛ لأن هذا من أبسط حقوقه، ولأن هذا هو ما يجب أن يقف على رأس اهتمام أبيه وأمه وأولياء الأمور كل في موقعه، وعلى رأس اهتمام كافة شرائح المجتمع ومؤسساته دون أدنى استثناء.

 

 

16/12/2010