عزيزتي .. عزيزي


ما أجمل أن نلتقيَ على كلمة طيبةٍ في كلَّ يوم ! ما أجملَ أن نلتقيَ لِنحقَّ حقا ، ونزهقَ باطلا ونحيي ثقافة ، وننصفَ مظلومًا ، وننقدَ واقعًا أليمًا ، ونوقدَ شمعة تمزق من حولنا الظلام .
أعزائي .. يا أنصارَ الحق ، وطلابَ الحقيقة ، ومحبي الخير والجمال أفرادًا ، وجماعاتٍ ، ومجموعاتٍ ، ومؤسساتٍ ، نساءً ، ورجالا ، فتية ، وفتيات .. يا كلَّ المؤمنين بحق شعبنا العربي الفِلسطيني في العيش باحترام ، وأمن ، وأمان فوق ثرى وطنه الغالي فلسطين .. ويا كلّ عشاق هذه اللغة العربية من أبنائها وبناتها ، ومعلميها ومُتعلميها .. يا كلّ شعبنا.. يا كلّ العرب .. يا كلّ المؤمنين بحق الشعوب في الخلاص من التبعية ، والاستعباد ، والاستبداد ، وبحقها في التحرر، والبناء ، والإعمار ، والسيادة على ترابها الوطني ... هذا موقعكم .. ستجدون فيه ما يسركم من فكر ، ورأي ، ومقال سياسي ، واجتماعي ، واقتصادي ، وثقافي ، ونقدي ، وأدبي .. ستجدون فيه نثرًا وشعرًا ، وقصة ، وحكاية ، وستجدون فيه كتبًا ، ومتابعاتٍ ، ومقابلاتٍ ، ومواجهاتٍ ، ومراسلاتٍ ، ومساجلاتٍ ..ستجدون فيه كثيرًا مما كتبتُ على امتداد العقود الماضية ، وبخاصة في " القدس " المقدسية ، والبيادر السياسي ، وغيرهما من مطبوعات هذه الديار وصحفها .. وسأوافيكم من خلاله بكل ما سأكتب ... مكتفيـًا في هذه المرحلة بالكتابة إليكم ، حتى إذا ما فرغتُ من إحياء ما لديّ من قديم( مخطوطٍ ومطبوعٍ) ووضعتـُه بين أيديكم في موقعكم هذا ، وتفرغتُ بشكل كامل للكتابة في قضايا الساعة فتحتُ المجالَ أمامكم للمشاركة ، والمساهمةِ ، والنقاش والحوار ، والأخذ والرد على غرار ما تفعله كثير من المواقع الرائدة التي نكنّ لها كل الاحترام ، وندين لها بالولاء والعرفان ، ونتقدم منها بالتحية والتقديروالامتنان .
أرحب بكم في موقعكم هذا .. موقع الأسرى ، والعمال ، والفلاحين ، والطلبة ، والمثقفين ، والكتـّاب ، والأدباء ، والشعراء .. موقع المؤسسات ، وكافة أحرار هذا الوطن وحرائره ..مثمنـًا وقوفكم إلى جانبي .. آملا أن يكون لي شرف الإسهام في خدمة الوطن والمواطن في بلادنا العزيزة فِلـَسطين .. وفي كل ديار العروبة والإسلام.
عدنان السمان
15/6/2008


الجمعة، ٢٩ حزيران ٢٠١٢

مؤتمر جنيف.. هل يعيد لسوريا أمنها المنشود؟؟

متابعات
 
مؤتمر جنيف.. هل يعيد لسوريا أمنها المنشود؟؟
أ‌.       عدنان السمان
    من المقرر أن يعقدَ في هذا اليوم  الثلاثين من هذا الشهر مؤتمر دولي في جنيف لدراسة الأوضاع في سوريا، تشارك فيه كثير من الدول ذات العلاقة، وذات التأثير على الأطراف المتصارعة في سوريا.. ولعل المراقب المتتبع لسير الحوادث والأحداث المتفاقمة في سوريا يدرك مدى التباينات والخلافات في المواقف والتوجهات لدى كثير من الدول التي تشارك في هذا المؤتمر؛ ففي الوقت الذي ستنطلق فيه كثير من الدول الغربية ( ومعها بالطبع أتباعها وحلفاؤها من العرب الذين يناصبون سوريا العداء) مما تسميه مرحلة ما بعد الأسد، وهي تعني بذلك إسقاط النظام السوري الحالي، واستبداله بنظام، وربما بأنظمة، أكثر اعتدالاً، وأكثر مرونةً، وأكثر استعدادًا لتقبل الحلول الغربية، وأكثر تناغمًا معها، واستجابة لها، وأكثر انسجامًا مع هذه الأنظمة الرسمية القائمة من حوله، وفي الوقت الذي ستصر فيه هذه الدول الغربية، ومعها حلفاؤها وأتباعها من العرب، على التخلص من هذا النظام السوري الذي تتهمه بقمع المواطنين السوريين، والاعتداء عليهم، وبقتل الأطفال، والتنكيل بهم، نجد دولاً أخرى في هذا المؤتمر تقف إلى جانب سوريا، وإلى جانب النظام، وإلى جانب رأس هذا النظام تحديدًا، ونجد أن هذه الدول تصر على ضرورة أن ترفع كل القوى الخارجية يدها عن سوريا، وضرورة أن يقرر السوريون مصيرهم بأنفسهم، بعيدًا عن كافة المؤثرات الخارجية غربيةً كانت أو عربية، وضرورة أن تكف كل هذه القوى الخارجية عن تزويد ما تسميه المعارضة السورية، أو الجيش السوري الحر بالمال والسلاح والدعم اللوجستي، وضرورة أن تلزم كافة الأطراف الخارجية الحياد التام، كي يتوصل السوريون داخل سوريا إلى الحلول التي يرونها مناسبة لكافة القضايا الخلافية التي كانت مثار جدل على مدار العقود القليلة الماضية.
    كثير من السوريين داخل سوريا وخارجها، وكثير من الفلسطينيين واللبنانيين والأردنيين والعراقيين، وكثير من العرب على امتداد الوطن العربي، وخارج حدود هذا الوطن الكبير يعتقدون أن النظام السوري هو خير الأنظمة العربية، لأنه: نظام عربي عروبي وحدوي، ولأنه نظام يدعم المقاومة والممانعة في سائر أقطار بلاد الشام، وفي سائر أقطار العروبة والإسلام، ولأنه نظام لا يؤمن في كثير أو قليل بالإقطاع، وسيطرة رأس المال، والتبعية لأحد، ولأنه نظام يأكل فيه الناس مما يزرعون، ويلبسون مما يصنعون، وهو نظام غير مدين لأحد، بل على العكس من ذلك؛ فإن كثيرًا من العرب يعرفون جيدًا ما يقدمه لهم هذا النظام من وسائل العيش ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، ولأنه نظام يوفر لكافة الناس في سوريا كل ما يستطيع توفيره من مأكل ومشرب ومسكن وعلاج قد يشمل زراعة الأعضاء حيث توجد، ولأنه نظام يفتح المجال أمام الطلبة دون تمييز أو استثناء لمواصلة دراساتهم العليا حتى الدكتوراة، في الوقت الذي نرى فيه كثيرًا من الطلبة المتفوقين في كثير من ديار العروبة يهجرون جامعاتهم لعدم مقدرتهم على دفع الأقساط الجامعية!! وفي الوقت الذي نرى فيه أن المقاعد الجامعية تباع في هذا البلد أو ذاك لمن يستطيع أن يدفع الثمن!! وليس هنالك حاجة لمزيد من الشرح والتوضيح؛ فالناس يعرفون كل هذا وكثيرًا غيره، وإن كانوا يفضلون الصمت لأسباب يعرفونها ونعرفها ويعرفها الناس في هذا العالم الذي طغت فيه المصالح الشخصية، وحكمته الأهواء والميول والأمزجة، واستبدت به الولاءات والتبعية لهذا ( السيد) أو ذاك (الزعيم)، ولهذه ( الشركة) أو تلك ( المؤسسة)، ولكن من الطبيعي أن هذا الصمت لن يستمر إلى الأبد، ولا بد للأبكم أن يتكلم، ولا بد للمصدور أن ينفث، ولا بد للنائم أن يستفيق، وللمظلوم المأزوم أن يتظلم، وأن يشكو، وأن يصرخ في وجوه كل الأدعياء: كفى، فقد طفح الكيل.. كفى، فقد وصل السيل الزبى.
     وإذا كان هذا هو شأن كثير من المواطنين العرب داخل سوريا وخارجها، وإذا كان هذا هو شأن كثير من السوريين داخل سوريا وخارجها؛ فإن هذا أيضًا شأن كثير من الدول الصغرى والكبرى في الوطن العربي، وفي هذا العالم.. فإذا كانت دول غربية، ومعها أنظمة عربية تابعة تناصب سوريا كل هذا العداء لأسباب تعرفها الدنيا كلها، فإن هنالك دولاً شرقية كبرى ترى غير ما يرى هؤلاء، وإن هنالك دولاً وشعوبًا عربية وغير عربية ترى غير ما يراه الغربيون وأتباعهم وحلفاؤهم من المحسوبين على العرب والعروبة.. فماذا ستكون نتيجة هذا كله في هذا المؤتمر إذا أصر الغرب على عدوانه، وإذا أصر الغربيون على العبث بسوريا، وإذا أصر كل هؤلاء الخصوم على مواصلة اعتداءاتهم ضد هذا القطر العربي السوري؟.
     أغلب الظن أن الغالبية الساحقة من السوريين، والغالبية الساحقة من العرب، والغالبية الساحقة من سكان هذه الدنيا ممن يفهمون الحقيقة، ويعرفون جيدًا طبيعة ما يحدث في هذه الديار يرفضون كل أشكال التدخل ومحاولات فرض الوصاية الأجنبية، والهيمنة الأجنبية على سوريا العربية، فإذا أضفنا إلى كل هذا الزخم الشعبي الجماهيري الواسع دولاً كثيرة في هذا العالم تقف إلى جانب هذه الشعوب بكل قوتها؛ فإننا ندرك بالتالي أن مؤتمر جنيف لا يمكن أن يعيد إلى سوريا أمنها المنشود، وسلامها المفقود إلا إذا تنازل أولئك الغربيون عن أوهامهم وأحلامهم، وتنازل معهم أتباعهم وأعوانهم وأدواتهم من المستزلَمينَ الكاذبينَ المزورينَ الحاقدينَ عن تدخلهم في الشأن السوري الداخلي، وفي الشأن العربي القومي التقدمي الوحدوي العروبي.. لقد أعلنها بوتين، وكافة المسئولين في الاتحاد الروسي مرارًا وتكرارًا صريحة مدوية أنهم يقفون إلى جانب سوريا، وأنهم لن يسمحوا لأحد بالتدخل في الشأن الداخلي السوري، وأنهم لن يكونوا بحال من الأحوال إلى جانب العدوان والمعتدين على سوريا العربية، وسائر حلفائها وأصدقائها في هذه المنطقة من العالم.
     إن كثيرًا من الدول المشاركة في مؤتمر جنيف قد أخطأت كثيرًا وهي ترحب بذلك الطيار الذي هرب بطائرته، وأخطأت كثيرًا وهي تؤكد أن هذا الطيار الهارب لن يكون الأخير، ولقد أثبتت تلك الدول أنها تجهل كثيرًا من الحقائق المتعلقة بهذا الملف، وكأن هذا الطيار هو الأول من نوعه في هذه الدنيا! ويقينًا فإنها قد نسيت قصة ذلك الطيار الذي هرب بطائرته من العراق إلى (إسرائيل) عام ستة وستين.... ونسيت قصة أكثر من طيار عربي هرب بطائرته إلى مصر في عهد الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، ونسيت، أو تناست قصص كثير من الطيارين في هذه الدنيا ممن هربوا بطائراتهم لهذا السبب أو ذاك، ثم نسيهم الناس فيما نسَوا من أحداث.
    وإن كثيرًا من الدول المشاركة في جنيف قد أخطأت، وهي تتحدث بطريقة استفزازية عن الطائرة التركية التي أسقطتها وسائل الدفاع الجوي السورية ، وأخطأت أيضًا وهي تتحدث بطريقة فيها من التهديد والوعيد ما فيها!! رغم أن ما حدث هو أمر أكثر من مؤسف، وعلى الرغم من حق سوريا المطلق في التصدي لمثل هذا الهدف المجهول الذي أضحى على بعد أقل من كيلومتر واحد من سواحلها متجهًا نحوها بسرعة جنونية، وعلى الرغم من أن هذا الهدف ربما كان يشكّل كارثة جوية تصيب هذه المدينة أو تلك في القطر العربي السوري، ولو أن كارثة كهذه قد حدثت، فماذا كان من الممكن أن يقول كل هؤلاء؟ وما هي التفسيرات والتأويلات والاتهامات التي كان من الممكن أن يوجهوها لطيار سوري مزعوم قصف مسجدًا ، أو جامعة، أو مدرسة، أو محطة لتوليد الكهرباء، أو سدًّا يروي عشرات آلاف الهكتارات من الأراضي الزراعية، أو مخيمًا من مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في دمشق، أو روضة أطفال يضيفونها إلى سلسلة المذابح التي اقترفها أعداء سوريا، وألصقها إعلامهم برجال الجيش السوري، والأمن السوري الذي يتصدى منذ خمسة عشر شهرًا لمؤامرات المتآمرين على بلد لا لشيء إلا لأنه يقول ربي الله، ولا لشيء إلا لأنه بلد عربي حر كريم يفتح أبوابه لكل العرب الشرفاء، ويغلقها، وسيستمر في إغلاقها في وجوه المعتدين الحاقدين الذين يكيدون له، ويناصبونه العداء!!.
     مؤتمر جنيف قد يكون منطلَقًا لإشاعة الأمن والأمان والسلم الأهلي في سوريا إذا رفعت كل قوى الطغيان والعدوان يدها عن هذا البلد، وإذا أحسنت التفكير في عواقب ما قد تؤدي إليه هذه الفتن العمياء التي تثيرها فيه، وإذا هي أدركت جيدًا متانة هذا النظام وقوته وتماسكه والتفاف كثير من الناس من حوله، وإذا هي أدركت مدى إصرار الاتحاد الروسي والصين وغيرهما من الدول الشريفة في هذا العالم على حماية سوريا من كل عدوان خارجي.. وبغير ذلك فإن هذا المؤتمر قد يكون سببًا في مزيد من التوتر والتصعيد، ومزيد من الدمار والانهيار الذي قد يصيب كثيرًا من الأقطار في هذا العالم، وكثيرا من الأقطار والأنظمة والكيانات في هذه المنطقة من العالم أيضا.
30/6/2012
 

الخميس، ٢٨ حزيران ٢٠١٢

في العلاقات السورية التركية!!

متابعات
في العلاقات السورية التركية!!
أ‌.       عدنان السمان
    لا أريد في هذه الصرخة العجلى، والزفرة الحرّى أن أدخل في تفصيلات هذه العلاقات التاريخية الجغرافية الثقافية الاجتماعية النفسية المصيرية المشتركة التي تربط بين الجمهورية التركية والقطر العربي السوري، ومن حوله سائر أقطار بلاد الشام، ومن خلفه أمة العرب جمعاء من المحيط إلى الخليج.. ولا أريد في هذا التعليق السريع على ما يجري بين البلدين من حوادث وأحداث مؤسفة مؤلمة يندى لها الجبين أن أنحاز إلى طرف دون طرف، لأنني لا أرى طرفين اثنين، بل طرفًا واحدًا، ولأنني أقف على مسافة واحدة من سائر الأشقاء في سوريا، والأشقاء في تركيا، والأشقاء في سائر ديار العروبة والإسلام، وفي كافة أرجاء هذا العالم أيضًا دون أدنى تمييز، ودون أدنى انحياز، ودون أدنى اعتبار لعرق، أو لون، أو لسان؛ فالناس في هذه الديار، وفي غير هذه الديار هم الناس، وخير الناس أنفعهم للناس، لا فرق بين هذا وذاك،أو هذه وتلك، أو هؤلاء وأولئك إلا بمقدار ما يقدم كل منهم للآخرين من أعمال البر والخير والمعروف والإحسان.
     إن هذه العلاقات السورية التركية المتردية منذ بداية الفتنة الكبرى في سوريا، قد أساءت بشكل غير مسبوق للعلاقات العامة بين البلدين، والعلاقات الخاصة بين الشعبين، والعلاقات المميزة بين سوريا وهذه الحكومة التركية التي قام قادتها قبل مدة وجيزة من هذه الفتنة العمياء بزيارات مثمرة بناءة إلى سوريا، أسفرت عن عقد كثير من الاتفاقات الثنائية، وألغت كثيرًا من الحواجز بين البلدين، حتى أن رجب طيب أردوغان قد وصف آنذاك هذه العلاقات التركية السورية بالعلاقات الاستراتيجية، وبأنها لا يمكن أن تنفصم عراها... ولقد فرح الناس لهذا، وصفقوا له، واطمأنوا إليه، لأنه: يخدم مصالح الناس في البلدين الجارين الشقيقين، ولأنه يعطي هذه المنطقة من العالم مزيدًا من القوة، ومزيدًا من المنعة التي يقف معها كافة الواهمين الحالمين بالسيطرة عليها عند حدهم، ولأنه أولاً وقبل كل شيء يضع العلاقات السورية التركية، والعلاقات التركية العربية في إطارها الصحيح انطلاقًا من الدين المشترك، والمصير المشترك، والتاريخ المشترك، وانطلاقًا من علاقات الود والتعاون وحسن الجوار التي يجب أن تسود كافة ديار العروبة والإسلام.
     لقد آن لهذه العلاقات التركية السورية أن تعود إلى ما كانت عليه قبل الفتنة الكبرى في سوريا، وقبل أن تنضم تركيا إلى هذا المعسكر الذي يناصب سوريا والسوريين العداء، وقبل حادثة الطائرة التركية التي أسقطت فوق الشاطئ السوري، وفوق المياه الإقليمية السورية، وداخل الأجواء السورية التي لا يسمح سوري أو عربي أو تركي حر شريف بانتهاكها.. ولقد آن لهذه العلاقات التركية السورية أن تستثمر في خدمة الأهداف النبيلة السامية لأمة العروبة والإسلام، وخدمة المصالح المشتركة بين البلدين الجارين الشقيقين، وخدمة القيم والمثل العليا، وتوفير الحياة الفضلى لكل المواطنين على الأرض السورية، وعلى الأرض التركية، ولكل شعوب الأرض في كل مكان من هذا الكوكب.
    إن العرب والأتراك والأكراد والأرمن وسائر الأقليات والقوميات على سائر الأراضي التركية، وعلى كافة أرض بلاد الشام من لواء الإسكندرون حتى رفح، وإن غير العرب والأتراك والأكراد والأرمن من مسلمين ومسيحيين على اختلاف طوائفهم ومذاهبهم وتوجهاتهم في هذا العالم العربي الكبير يستنكرون كل هذا الذي يحدث من إساءة للعلاقات التركية السورية، ويستنكرون كل هذا التدخل الخارجي في الشأن الداخلي السوري، وإن كل الناس في هذه الديار، وفي غير هذه الديار يدركون الأسباب الحقيقية التي حدت بهؤلاء وأولئك لافتعال هذه الفتنة الكبرى التي تستهدف سوريا، وأرض سوريا، وشعب سوريا، وتستهدف بلاد الشام دون استثناء ضمن مخططات رهيبة أغلب الظن أنها قد تحطمت على صخرة التصدي لهذه المخططات، وعلى صخرة التحدي لهؤلاء المخططين، وأغلب الظن أنها قد فشلت في تحقيق شيء من أهدافها، وأغلب الظن أنه على الباغي تدور الدوائر، وأنه لا يصح في نهاية المطاف إلا الصحيح، وأغلب الظن أن موقع تركيا الطبيعي هو أن تقف إلى جانب سوريا، والوقوف إلى جانب سوريا والسوريين لا يمكن أن يكون بأي حال من الأحوال بهدم هذا البلد، وتخريبه، وإحراقه، ولا يمكن أن يكون بفرض نظام تابع لكل أعداء العروبة والإسلام في هذا البلد، وإنما يكون بالوقوف إلى جانب سوريا أولاً، ومساعدة سوريا باستمرار على الاستمرار في مسيرة الإصلاح، بعيدًا عن الوعيد والتهديد، وبعيدًا عن لغة السلاح الذي لا يرفعه في وجه سوريا إلا كل خارج على مبادئ العروبة ومعتقدات الإسلام.
28/6/2012

الثلاثاء، ٢٦ حزيران ٢٠١٢

في اليومين العالميين لمكافحة المخدرات، ودعم ضحايا التعذيب!!

في اليومين العالميين لمكافحة المخدرات، ودعم ضحايا التعذيب!!
أ‌.  عدنان السمان
     ما أبشع أن يصبح الإنسان مدمن مخدرات! وما أبشع أن تروج جهات ومستويات في هذا البلد أو ذاك لهذا الداء الذي يفتك بكثير من الناس في شرق الدنيا وغربها، وفي شمالها وجنوبها! وما أبشع أن يعذب أحد أحدًا في هذا العالم تعذيبًا جسديًّا، أو نفسيًّا! وإذا كانت المخدرات داءً يجب مكافحته،  وتخليص الناس من أضراره القاتلة، فإن تعذيب الناس، والتحكم بهم، وقطع أرزاقهم، والاعتداء عليهم، وتقييد حرياتهم، والزج بهم في غياهب السجون والمعتقلات، ومقابر الأحياء، كل ذلك علل وممارسات يجب مكافحتها، كما تكافَح المخدرات، ويجب أن يتخلص الناس منها، ومن سائر آثارها الجسدية والنفسية تخلصَهم من المخدرات التي ما ابتليت بها أمة إلا ساءت أحوالها، وتهدم بنيانها، وتحطمت أركانها، وتخلف إنسانها، وعليه، فإن من أراد إصلاح الناس وجب عليه أن يخلصهم من كثير من العلل والآفات والأمراض والسلبيات، ولعل على رأس ذلك كله هذه المخدرات، وهذا التعذيب والتنكيل والظلم والاستعباد والاستبداد الذي يتعرض لهوله كثير من الناس في هذا العالم على أكثر من مستوًى، وأكثر من صعيد منها السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي، ومنها ما هو جسدي قمعي وحشي كذاك الذي يحدث في كثير من المعتقلات والسجون ومراكز التوقيف والتحقيق في هذا العالم، ومنها ما هو نفسي قمعي قهري تسلطي تعسفي كيدي يأبى معه المتسلطون المستبدون إلا أن يعذبوا ضحاياهم تعذيبًا نفسيًّا يفوق في بشاعته التعذيب الجسدي في كثير من الأحيان.
    ولئن أدرك المجتمع الدولي خطورة هذا كله على الأفراد والمجتمعات والتجمعات، ولئن أدرك المجتمع الدولي أيضًا كافة انعكاسات هذه العلل والمصائب والآفات على الأمم والشعوب كافة، فإن حرصه على مكافحتها وملاحقتها كان كبيرًا، وإن حرصه على إعلان الحرب عليها بهدف اجتثاثها واستئصالها وتخليص البشرية من آثارها المدمرة، ونتائجها المرعبة على ضحاياها من الأفراد والمجتمعات كان كبيرًا أيضًا.. لقد حرص كافة الغيورين في هذا العالم على مكافحة كل هذه المظاهر الرهيبة، والعلل والآفات المدمرة، ونحن عندما نقول ( المجتمع الدولي) فإنما نقصد بذلك كافة من يعنيهم الأمر من هؤلاء الغيورين من أصحاب الضمائر الحية اليقظة التي تحرص كل الحرص على أمان البشرية وسلامها وتقدمها، ولا نقصد بالطبع تلك الأنظمة الاستبدادية الاستعمارية التسلطية التي تتحكم بالناس، وتتحكم بأعناقهم وأرزاقهم في كثير من بلدان هذا العالم.
    إن حرص هؤلاء الغيورين من المثقفين والمفكرين على حق كافة الشعوب في هذا العالم في حياة آمنة كريمة بعيدة عن العلل والآفات والنكبات والسلبيات والفساد قد دفع بهم لاعتبار هذا اليوم السادس والعشرين من حزيران يومًا لمناسبتين اثنتين هما مكافحة المخدرات، ودعم ضحايا التعذيب، وما من شك في أن واجب الشعوب والحكومات في هذا العالم يتطلب منها أن تعمل بكل طاقاتها وإمكاناتها من أجل مكافحة آفة المخدرات، ومن أجل دعم ضحايا التعذيب، ويتطلب منها تقديم كل عون مادي ومعنوي لكل هؤلاء الضحايا، ويتطلب منها تحريم القمع السياسي والاجتماعي والاقتصادي، كما يتطلب منها أن تعمل بكل الحزم والعزم والقوة والإصرار على توفير الحياة الكريمة لكافة الشعوب والمجتمعات في هذا العالم، بعيدًا عن الظلم والغطرسة والتحكم والاستبداد، وبعيدًا عن سياسة الهيمنة والاحتواء والإلحاق، وسياسة السلب والنهب والتسلط والاستعباد.
     في هذا اليوم السادس والعشرين من حزيران لا يسعنا إلا أن نرفع صوتنا مطالبين بمكافحة المخدرات، وكافة السموم القاتلة التي تفتك بكثير من الناس، ولا يسعنا إلا أن نرفع صوتنا مطالبين بالحرية لكافة المضطهدين في السجون والمعتقلات ومراكز التوقيف والتحقيق، ومطالبين بضرورة أن يسترد شعبنا العربي الفلسطيني كافة حقوقه المشروعة في بلاده فلسطين وبضرورة أن تعود إلى القدس العربية هويتها العربية الإسلامية، وأن يرفع الحصار عن غزة، وأن تتوقف كافة أشكال العدوان على الناس في غزة، وفي كل هذه الديار الفلسطينية، وفي كل بلدان هذا العالم دون استثناء، كي يعيش الناس جميعًا في هذا العالم حياة آمنة مستقرة حرة كريمة، وكي يسود الأمن والأمان والعدل والعدالة والسلام كافة أرجاء هذا العالم.
26/6/2012
 

الأحد، ٢٤ حزيران ٢٠١٢

اعادة
متابعات

بعد أن أصبح مرسي رئيسًا لمصر
أ‌. عدنان السمان
http://www.samman.co.nr/
  وأخيرًا قال شعب مصر العربي كلمته، وفاز مرشح الإخوان برئاسة مصر، وأصدر المجلس العسكري قوانين مقيدةً نشرها في الحال في الجريدة الرسمية من شأنها أن تحد كثيرًا من صلاحيات الرئيس في كل الأمور الحيوية الحساسة المصيرية، بعد أن كان هذا المجلس قد اتخذ قرارًا من قبل بحل مجلس الشعب المصري المنتخب.. إن تسلسل الأحداث في مصر، ولا سيما في ما يتعلق بنتائج انتخابات الإعادة التي تفوق فيها مرسي على شفيق بفارق بسيط يشير بوضوح إلى التكافؤ بين الرجلين، وبالتالي بين التيارين المتنافسين في الشارع المصري، كما يشير بوضوح إلى هذا الانقسام الحاد، والتفاوت الشديد بين وجهات النظر السياسية والاجتماعية والفكرية، وكافة التوجهات بين فئات الشعب المصري.. ولئن جاءت هذه القراءة واضحة في انتخابات الإعادة هذه، فإنها كانت كذلك في انتخابات الدورة الأولى عندما تفوق مرسي على شفيق بفارق بسيط أيضًا، وعندما جاء حمدين الصباحي في المرتبة الثالثة، وأبو الفتوح رابعًا، والتي لم يتمكن فيها أحد من إحراز نسبة الحسم، فكانت الدورة الثانية، وكانت أيضًا هذه النتائج عندما التقى مرسي وشفيق فيها وجهًا لوجه، الأمر الذي عكس هذا التباين في توجهات الناخبين، وعزز من مكانة المجلس العسكري، وشدد من قبضته على سير الحوادث والأحداث في مصر.
    لو كان ما حدث في مصر من تقارب بين هذين المرشحين المتنافسين على الرئاسة قد حدث في بلد أوروبي لما شكل ذلك خطورة على الوضع الأمني، ولكن الوضع في مصر مختلف، فالمراقبون باتوا يخشَون الفتن التي قد تعصف بمصر نتيجة هذه التباينات والتناقضات، ونتيجة هذا التقارب في عدد الأصوات، ونتيجة هذا الاحتقان السياسي، والتراشق الكلامي، وتبادل الاتهامات، والدعوة إلى الاعتصامات والاحتجاجات التي دعت إليها جماعة السادس من ابريل، استنكارًا لهذه القوانين والإجراءات التي بادر المجلس العسكري لاتخاذها من أجل تقييد الرئيس الجديد، والحد من صلاحياته.
    إن ما حدث ويحدث في مصر، وما قد يحدث فيها أيضًا من تطورات، وتوترات قد يكون حافزًا للبحث عن حل، وقد يكون دافعًا للبحث عن مخرج يجنَّب مصر شرور الفتن، ويحميها من عاديات الزمن، ويقيها مآزق الانقسام، ويصونها من نتائج الشقاق، ويبعد عنها شبح المتسلطين الحالمين بحكمها، والتصرف بمصيرها، والعودة بها إلى الأحوال التي سادتها، وفرضت عليها خلال أكثر من ثلاثة عقود خلت، وخلال أكثر من عقد قبل ذلك أدى إلى هذه العقود الثلاثة.. وما دام الأمر كذلك، وما دام الوضع خطيرًا إلى هذا الحد الذي يراه كثير من المراقبين والمحللين السياسيين، ونراه نحن هنا في فلسطين، نظرًا لتأثيره المباشر على قضيتنا الفلسطينية، قضية العرب الأولى والمركزية كما كان يقال منذ اكثر من ستين عامًا، وما دام هذا الوضع الخطير بحاجة إلى من ينزع فتيله المتفجر قبل أن نقرع سن الندم، ولات حين مندم، فإن على الرئيس الجديد المنتخب أن يعمل من أجل احتواء الموقف، ونزع فتيل هذه الأزمة، بل هذه الفتنة التي تطل برأسها على مصر أُمَّ العرب.. على الرئيس المصري محمد مرسي أن يوسع قاعدة الحكم في مصر، وأن يعزز هذا الحكم الجديد، وأن يرفده بكثير من مصادر القوة التي تمكّنه من العمل، وتمكنه من الاستمرار، وتمكنه من خدمة مصر، وخدمة كل أقطار العروبة.
    يحسن مرسي صنعًا إذا هو كلف (أبو الفتوح) بتشكيل الوزارة، ويحسن صنعًا إذا هو أقنع حمدين الصباحي ليكون نائبًا أول لرئيس الجمهورية، ويحسن صنعًا إذا هو أقنع شخصية مسيحية قبطية لتكون النائب الثاني لرئيس الجمهورية (وبهذا نكون قد تجاوزنا ما حدث عام أربعة وخمسين، ونكون أيضًا قد تجنبنا شرور الفتن الطائفية) ويحسن صنعًا إذا هو تحلى بالحد الأقصى من رباطة الجأش، وهدوء الأعصاب، وإذا هو تحلى بالحد الأقصى من التسامح والحزم، وإذا هو تحلى بالحد الأقصى من الوعي، والشعور بالمسئولية، والعمل بروح الفريق الواحد، وإذا هو عمل على بناء مؤسسة للرئاسة في مصر تمثل كل المصرين، وتضع الضوابط والقوانين والإشارات والمؤشرات والمنطلقات والخطوط الحمراء والصفراء والبرتقالية أيضًا لتصرفات كافة المسئولين في الدولة من القاعدة إلى القمة، ومن أصغر مواطن في البلد إلى رأس الدولة الذي لا يمكن أن يكون كبيرًا جديرًا بالمنصب إلا بمقدار ما يمثل من أبناء هذا الشعب المصري، وأبناء هذا الشعب العربي، وأبناء هذه الأمة الإسلامية الواحدة من أقصى المغرب العربي إلى ما وراء أندونيسيا، والمنتشرة على مساحة من الأرض تبلغ ثلاثة وثلاثين مليونًا من الكيلومترات المربعة، وتضم في رحابها ربع سكان هذا العالم، وأكثر من سبعين بالمئة من مياهه وثرواته وخيراته.
24/6/2012

الجمعة، ٢٢ حزيران ٢٠١٢

تفاهمات بوتين أوباما..هل تنهي الصراع في سوريا؟؟

متابعات

تفاهمات بوتين أوباما..هل تنهي الصراع في سوريا؟؟

أ‌. عدنان السمان

www.samman.co.nr

    في لقائهما موخرًا في المكسيك اتفق الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين، والأمريكي برّاك أوباما حول عدد من القضايا العالمية، ومن بينها قضية الصراع الذي يجري على أرض القطر العربي السوري منذ خمسة عشر شهرًا، ومن أبرز ما اتفق عليه الرجلان حول الوضع في سوريا هو ضرورة حل هذه الأزمة حلاًّ سلميًّا سياسيًّا بموجب خطة المبعوث الدولي كوفي عنان، وهذا يعني أن تكف كافة الأطراف الخارجية عن تزويد العناصر التي تحارب النظام السوري بالمال والسلاح والتجييش الإعلامي والتحريض على الاستمرار في هذه الفتنة العمياء التي تكاد تحرق الأخضر واليابس في سوريا التي تتبنى كثيرًا من القضايا العربية والإسلامية، بالإضافة إلى هذه الثورة الاقتصادية الاجتماعية التعليمية الصحية الثقافية التي ينتهجها هذا القطر غير المدين لأحد بدولار واحد، والذي يأكل غالبًا مما يزرع، ويلبس مما يصنع، ويعلّم الناس جميعًا على أرض سوريا دون مقابل، ويطببهم، ويزرع لهم الأعضاء دون مقابل، ويقدم كثيرًا من ضرورات العيش، وعلى رأسها الخبز، دون مقابل يذكر.. ولعل كل هذه الحقائق، وكثيرًا غيرها، قد باتت معروفة للقاصي والداني، ولعل كافة خبراء الاقتصاد، والمراقبين المتتبعين للأحوال العامة في سوريا يعرفون يقينًا أن إنتاج هذا القطر العربي السوري الصغير من القمح قد بلغ مليون طن هذا العام رغم كل الحرائق، ورغم كل نيران الفتنة العمياء، ورغم كل الدمار الذي ألحقته هذه الفتنة في البلد، وموارد البلد، ومدارسه، ومشافيه، ومؤسساته، وبرامجه الإصلاحية التنموية، وخططه الاقتصادية، وغير الاقتصادية، ولعل كافة الخبراء والمراقبين يعرفون يقينًا كذلك أن إنتاج هذا القطر الصغير من الفستق الحلبي لهذا العام قد بلغ سبعة وستين ألف طن، ومن الكرز مئة وثلاثة وسبعين ألف طن.. وعلى ذلك قس، وإن شئتَ أن لا تقيس، فأنت حر، وإن كنت ممن يستمعون القول، فلا يتبعون أحسنه، فأنت حر أيضًا، وإن قلت مع القائلين إن سوريا ليست دولة!! فأنت حر، وإن كنت من المخدوعين بهذه الجعجعة الإعلامية التي ثبت كذبها وزورها وافتراءاتها وأهدافها منذ مدة طويلة فأنت حر (إنك لا تهدي من أحببت) وإن كنت من المصرين على استمرار العنف والقتل وسفك الدماء في سوريا، وفي غير سوريا من أرض العروبة، فأنت حر أيضًا.

    ولكن الذي لا بد أن تعلمه – أيها الحر- أن كافة الأطراف التي خدعتك، وزينت لك سوء أفعالها، وضللتك، وقلبت لك الحقائق، وزورت الأحداث، وزودتك بهذا السيل العرم من الأكاذيب والافتراءات قد تراجعت عن كل ذلك، بعد أن أيقنت أن أمرها قد أفتُضح، وبعد أن أدركت أن المآزق التي ألفت فيها نفسها هي مآزق من العيار الثقيل الذي لا تحسد عليه، وبعد أن اقتنعت أن كل مساعيها قد باءت بالفشل، وأن كل أحلامها وأوهامها وأباطيلها وأطماعها قد تحطمت على صخرة مقاومة الشعب العربي في سوريا العربية، وعلى صخرة إصرار هذا الجيش العربي السوري على المحافظة على الشعب السوري، والوطن السوري، والدولة السورية المقبلة غير المدبرة، والزمن السوري الآتي، والأماني السورية التي تحقق كثير منها، وما سيتحقق منها في المستقبل المنظور أكثر.

    ولعل ما توصل إليه الرئيسان الروسي والأمريكي مؤخرًا يقطع الشك باليقين أن أوباما قد بات أكثر من مقتنع أن هذا السلاح الذي حارب به أصحابُه سورية العربية كان سلاحًا ذا حدين، وكان سلاح سوريا أكثر مضاءً، وأشد فتكًا، وأن أوباما بات أكثر من مقتنع أن معظم الناس في هذا العالم يدركون الحقيقة، وأن كثيرًا من الدول العظمى تقف بكل قوة وثقة وإصرار إلى جانب سوريا العربية صانعة تاريخ العرب الحديث، وقبل هذا وذاك فإن أوباما قد بات مقتنعًا بضرورة وضع حد لكل هذه الدماء التي تسفك على أرض سوريا ظلمًا وعدوانًا، دون أن تحقق شيئًا من أهداف أعداء سوريا الذين تكالبوا عليها، وتحالفوا ضدها، وغزاها مرتزقتهم وأعوانهم في عقر دارها للنَّيل منها، فكانت النتيجة مزيدًا من التماسك، ومزيدًا من الإصرار على التصدي، ومزيدًا من الإصرار على التحدي، ومزيدًا من الإصرار على الخروج من هذه المواجهات أشد قوة، وأمضى عزيمة، وأكثر إصرارًا على تحقيق الغايات والأهداف والطموحات، وأكثر إصرارًا على تحدي العدوان، ووضع حد لهذه الفتنة العمياء، والخروج بسوريا العروبة والإسلام وقد زين النصر المبين مفرقها، وزينت هامها أكاليل الغار والياسمين الدمشقي السوري الأبيض، والبغدادي العراقي الأصفر، والفل الدمشقي الناصع البياض.

     فهل نستطيع القول بعد تفاهمات بوتين أوباما إن الغرب سيوعز لكل أتباعه بضرورة التوقف عن كل محاولاتهم اليائسة البائسة التي ألحقت بهم كل هذا العار؟ وهل نستطيع القول إن الغرب بشقيه قد بات مقتنعًا بضرورة وضع حد لهذا الصراع الدامي الذي سفك كثيرًا من الدماء على أرض سوريا العربية دون وجه حق، وهل نستطيع القول إن أتباع الغرب وأعوانه من العرب، وغير العرب قد باتوا مقتنعين بهذا؟ وهل نستطيع القول بالتالي إن الصراع في القطر العربي السوري يوشك على نهايته، وإن هذا الصراع لم يكن من أجل الإصلاح، بل على العكس تمامًا، فقد كان من أجل هدم البلد، وتقسيمه، وشطب سوريا عن الخريطة، وضرب المقاومة والممانعة في الصميم بتمزيق سوريا، والقضاء عليها كدولة فاعلة في التاريخ منذ بدء الخليقة وحتى يومنا هذا؟ وهل نستطيع القول إن الباب قد أصبح مفتوحًا أمام المعارضين السوريين الوطنيين الشرفاء الذين يريدون الإصلاح؟ وإن الباب قد أصبح مفتوحًا أمام كل المخلصين الشرفاء من قادة العالم لعقد مؤتمرهم الذي يعلنون من خلاله وقوفهم بكل الحزم إلى جانب سوريا، وإلى جانب شعب سوريا، وإلى جانب التوجهات السورية العربية العروبية التقدمية التي لا تحابي، ولا تداهن، ولا ترائي، ولا تساوم، بل تبني، وتحمل راية المقاومة والممانعة، وتقود العرب في كل معارك البناء والتحرير القادمة، وتقودهم أيضًا نحو صناعة نظام سياسي عربي عروبي تقدمي تحرري يبني ولا يهدم، يوحد ولا يفرق، ويفتح الطريق لإقامة المشروع العربي الواحد الموحد على كل أرض العرب، وصولاً إلى المشروع الإسلامي العظيم على كل أرض المسلمين في مشرق الدنيا ومغربها.. لا نقول هذا تعصبًا، ولا نقوله ترويجًا لأحد، ولا نقوله انتقاصًا من شأن أحد.. هل من حقنا كعرب أن نتفاءل؟ وهل من حقنا أن نحلم بكل هذا، وأن نشرب المر، ونتحمل الآلام، ونخوض الصعاب من أجل مستقبل أمة العروبة والإسلام؟؟

    أغلب الظن أن هذا هو ما سيحدث، والظن هنا ليس أكذب الحديث، بل إن الظن هنا هو من باب أصدق الحديث، ومن باب التأكيد على أن هذا هو ما سيحدث.. وأغلب الظن أن أمة العرب سوف تنفض عنها رداء المذلة والمهانة والتبعية والهوان والخضوع، وأغلب الظن أن الزعيمين الروسي والأمريكي قد نجحا أخيرًا في التوصل إلى الحل، وأنهما في طريقهما لإنهاء الصراع في القطر العربي السوري.. وإن غدًا لناظره قريب.

(23/6/2012)    

في هذا اليوم العالمي للاجئين

متابعات

في هذا اليوم العالمي للاجئين

أ‌.       عدنان السمان

www.samman.co.nr

    لقد عرفت المجتمعات والتجمعات البشرية الحروب منذ أقدم العصور، واكتوت بنيرانها، وكانت تلك الحروب سببًا من أسباب التشرد والهروب واللجوء والهجرات الفردية والجماعية.. كما عرفت المجتمعات ظاهرة المحل والقحط وشحّ المياه، وما يترتب على ذلك من رحلة في الأرض بحثًا عن الكلأ والماء.. وعرفت المجتمعات والتجمعات الأوبئة على مر العصور، وعرفت فيها سببًا من أسباب الهجرة والهروب من مكان إلى مكان طلبًا للنجاة.. ويُضاف إلى هذه الأسباب، وكثير غيرها أسباب منها الكوارث الطبيعية من زلازل، وبراكين، وفيضانات، وعواصف عاتية، وأعاصير مدمرة، ومنها أيضًا الكوارث البيئية، وسطوة الحيوانات الكاسرة.. ومنها ظلم الإنسان للإنسان، وتجارة الرقيق، والرحلة في طلب العلم، أو طلب الرزق، ومنها السياحة الداخلية، والخارجية، والرحلات العلمية، والاستكشافية.. فإذا عجز هؤلاء أو أولئك عن العودة إلى أوطانهم بفعل مرض، أو وباء، أو  حرب، أو  نحو ذلك أصبحوا لاجئين، ثم تحولوا إلى مواطنين أو شبه مواطنين بمرور الزمن.

    وإذا كانت المجتمعات والتجمعات البشرية الحديثة قد تخلصت من   معظم أسباب اللجوء ومسبباته في الماضي السحيق والوسيط، إلا أن كثيرًا من  هذه الأسباب والمسببات ما زال موجودًا وإن اختلفت الأسماء والمسمَّيات والصور والأشكال في هذا البلد أو ذاك، وفي هذه المنطقة أو تلك.

    فالفقر الذي يعصف اليوم بكثير من البلدان، ويفتك بأكثر من  مليار إنسان ما زال سببًا، وأيّ سبب، من أسباب التشرد والهجرة واللجوء، وما زال سببًا رئيسًا من أسباب معاناة البشرية واضطرابها.. ولدى البحث في أسباب هذا الفقر نجد أنه ناجم في معظم الأحوال عن عدوان الأقوياء، واستبدادهم بالضعفاء، ووضع يدهم على مقدّراتهم وثرواتهم وخيرات بلادهم.. وإن تظاهر هؤلاء الأقوياء أحيانًا بالإنسانية ومساعدة بعض الفقراء أو الضعفاء فإن ذلك لا يعني شيئًا، ولا يثبت براءتهم من  هذه التهمة الدامغة، والمسئولية عما نحن بصدده، وما كل هذا  الإحسان المُفتعل، والتظاهر بالإنسانية أحيانًا إلا نوع مما يمكن تسميته بالعلاقات العامة، وما يمكن تسميته على الأصح بالنفاق والخداع والرياء والتمادي في الضحك على الناس، والتمادي في استغفالهم واستغلالهم بهذا الشكل أو ذاك.

    وما يقال في الفقر يقال في القمع  السياسي، والاضطهاد الديني، والعرقي، والاجتماعي، والاستبداد الفئوي في كثير من البلدان مما يؤدي في النهاية والمحصِّلة إلى الهجرة إن لم يؤدِّ إلى الموت والتشوهات الجسدية والنفسية، والعيش إلى ما شاء الله في السجون والمعتقلات.. ولا يستطيع أحد إنكار مسئولية أولئك الأقوياء وتلك الدول المتنِّفذة في هذا العالم عن كل هذا الذي يحدث في كثير من أقطار هذا الكون!!

    على أن هنالك سببًا من  الصعب تجاهله لهذا اللجوء الذي يحاول الناس اليوم وضع حد له في هذا اليوم  العالمي للاجئين.. أعني هجرة الأدمغة والعقول من أوطانها إلى عدد محدود جدًّا من  الدول القوية المتنِّفذة في هذا العالم لأسباب تعلمها الشعوب، وتعلمها الحكومات، وتعلمها الأدمغة المهاجرة أيضًا.. ولكن لا أحد يعمل من أجل وقفها!! إن الدول القوية معنيَّة باستمرار هذه الهجرة، وإن غالبية الأنظمة في أقطار العالم  الثالث معنيّة هي الأخرى بذلك، وإن أصحاب الأدمغة والكفاءات والمهارات هم أيضًا يدركون خطورة ما يفعلون، ولكنهم يريدون أن يعملوا.. ويريدون أن يمارسوا اختصاصاتهم، ويريدون أن يعيشوا حياة لائقة بهم.. ولا يجدون ذلك في بلدانهم، فيضطرون إلى الهجرة واللجوء، ويضطرون إلى العيش في تلك الدول.. وبذلك تخسرهم أوطانهم، وتخسرهم شعوبهم.. ولا يستفيد من ذلك كله ومن مضاعفاته وتراكماته، وتفاعلاته إلا أولئك الأقوياء!!

    في اليوم العالمي للاجئين الذي يصادف هذا اليوم العشرين من حزيران لا يسعنا إلا أن نتوجه بالشكر إلى كل الأحرار الغيورين على أمن الشعوب وأمانها واستقرارها وتطورها وخلاصها من السلبيات والعلل والأمراض.. ولا يسعنا إلا أن نشد على كل الأيدي العاملة من أجل خير الشعوب، ونشر العدل والعدالة في الأرض، مطالبين كافة الشعوب بالعمل الجاد من أجل وضع حد للهجرة واللجوء، ومن أجل استصلاح أراضيها، لتأكل مما تزرع، وتلبس مما تصنع.. وفي اليوم العالمي للاجئين نقول: كفى تشردًا، وكفى هجرةً واغترابًا ولجوءًا، وكفى تشتتًا وطوافًا على غير هدًى؛ فلقد آن الأوان لكل لاجئ ومهاجر ومهجَّر أن يعود إلى وطنه!!

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الثلاثاء، ١٩ حزيران ٢٠١٢

بعد أن أصبح مرسي رئيسًا لمصر...

متابعات
بعد أن أصبح مرسي رئيسًا لمصر...
أ‌.       عدنان السمان
   وأخيرًا قال شعب مصر العربي كلمته، وفاز مرشح الإخوان برئاسة مصر، وأصدر المجلس العسكري قوانين مقيدةً نشرها في الحال في الجريدة الرسمية من شأنها أن تحد كثيرًا من صلاحيات الرئيس في كل الأمور الحيوية الحساسة المصيرية، بعد أن كان هذا المجلس قد اتخذ قرارًا من قبل بحل مجلس الشعب المصري المنتخب.. إن تسلسل الأحداث في مصر، ولا سيما في ما يتعلق بنتائج انتخابات الإعادة التي تفوق فيها مرسي على شفيق بفارق بسيط يشير بوضوح إلى التكافؤ بين الرجلين، وبالتالي بين التيارين المتنافسين في الشارع المصري، كما يشير بوضوح إلى هذا الانقسام الحاد، والتفاوت الشديد بين وجهات النظر السياسية والاجتماعية والفكرية، وكافة التوجهات بين فئات الشعب المصري.. ولئن جاءت هذه القراءة واضحة في انتخابات الإعادة هذه، فإنها كانت كذلك في انتخابات الدورة الأولى عندما تفوق مرسي على شفيق بفارق بسيط أيضًا، وعندما جاء حمدين الصباحي في المرتبة الثالثة، وأبو الفتوح رابعًا، والتي لم يتمكن فيها أحد من إحراز نسبة الحسم، فكانت الدورة الثانية، وكانت أيضًا هذه النتائج عندما التقى مرسي وشفيق فيها وجهًا لوجه، الأمر الذي عكس هذا التباين في توجهات الناخبين، وعزز من مكانة المجلس العسكري، وشدد من قبضته على سير الحوادث والأحداث في مصر.
    لو كان ما حدث في مصر من تقارب بين هذين المرشحين المتنافسين على الرئاسة قد حدث في بلد أوروبي لما شكل ذلك خطورة على الوضع الأمني، ولكن الوضع في مصر مختلف، فالمراقبون باتوا يخشَون الفتن التي قد تعصف بمصر نتيجة هذه التباينات والتناقضات، ونتيجة هذا التقارب في عدد الأصوات، ونتيجة هذا الاحتقان السياسي، والتراشق الكلامي، وتبادل الاتهامات، والدعوة إلى الاعتصامات والاحتجاجات التي دعت إليها جماعة السادس من ابريل، استنكارًا لهذه القوانين والإجراءات التي بادر المجلس العسكري لاتخاذها من أجل تقييد الرئيس الجديد، والحد من صلاحياته.
    إن ما حدث ويحدث في مصر، وما قد يحدث فيها أيضًا من تطورات، وتوترات قد يكون حافزًا للبحث عن حل، وقد يكون دافعًا للبحث عن مخرج يجنَّب مصر شرور الفتن، ويحميها من عاديات الزمن، ويقيها مآزق الانقسام، ويصونها من نتائج الشقاق، ويبعد عنها شبح المتسلطين الحالمين بحكمها، والتصرف بمصيرها، والعودة بها إلى الأحوال التي سادتها، وفرضت عليها خلال أكثر من ثلاثة عقود خلت، وخلال أكثر من عقد قبل ذلك أدى إلى هذه العقود الثلاثة.. وما دام الأمر كذلك، وما دام الوضع خطيرًا إلى هذا الحد الذي يراه كثير من المراقبين والمحللين السياسيين، ونراه نحن هنا في فلسطين، نظرًا لتأثيره المباشر على قضيتنا الفلسطينية، قضية العرب الأولى والمركزية كما كان يقال منذ اكثر من ستين عامًا، وما دام هذا الوضع الخطير بحاجة إلى من ينزع فتيله المتفجر قبل أن نقرع سن الندم، ولات حين مندم، فإن على الرئيس الجديد المنتخب أن يعمل من أجل احتواء الموقف، ونزع فتيل هذه الأزمة، بل هذه الفتنة التي تطل برأسها على مصر أُمَّ العرب.. على الرئيس المصري محمد مرسي أن يوسع قاعدة الحكم في مصر، وأن يعزز هذا الحكم الجديد، وأن يرفده بكثير من مصادر القوة التي تمكّنه من العمل، وتمكنه من الاستمرار، وتمكنه من خدمة مصر، وخدمة كل أقطار العروبة.
    يحسن مرسي صنعًا إذا هو كلف (أبو الفتوح) بتشكيل الوزارة، ويحسن صنعًا إذا هو أقنع حمدين الصباحي ليكون نائبًا أول لرئيس الجمهورية، ويحسن صنعًا إذا هو أقنع شخصية مسيحية قبطية لتكون النائب الثاني لرئيس الجمهورية (وبهذا نكون قد تجاوزنا ما حدث عام أربعة وخمسين، ونكون أيضًا قد تجنبنا شرور الفتن الطائفية) ويحسن صنعًا إذا هو تحلى بالحد الأقصى من رباطة الجأش، وهدوء الأعصاب، وإذا هو تحلى بالحد الأقصى من التسامح والحزم، وإذا هو تحلى بالحد الأقصى من الوعي، والشعور بالمسئولية، والعمل بروح الفريق الواحد، وإذا هو عمل على بناء مؤسسة للرئاسة في مصر تمثل كل المصرين، وتضع الضوابط والقوانين والإشارات والمؤشرات والمنطلقات والخطوط الحمراء والصفراء والبرتقالية أيضًا لتصرفات كافة المسئولين في الدولة من القاعدة إلى القمة، ومن أصغر مواطن في البلد إلى رأس الدولة الذي لا يمكن أن يكون كبيرًا جديرًا بالمنصب إلا بمقدار ما يمثل من أبناء هذا الشعب المصري، وأبناء هذا الشعب العربي، وأبناء هذه الأمة الإسلامية الواحدة من أقصى المغرب العربي إلى ما وراء أندونيسيا، والمنتشرة على مساحة من الأرض تبلغ ثلاثة وثلاثين مليونًا من الكيلومترات المربعة، وتضم في رحابها ربع سكان هذا العالم، وأكثر من سبعين بالمئة من مياهه وثرواته وخيراته.
19/6/2012

الأحد، ١٧ حزيران ٢٠١٢

في هذا الملف..للمرة الألف!!

متابعات

في هذا الملف..للمرة الألف!!

أ. عدنان السمان

www. Samman.co.nr

   هؤلاء الأسرى من الفلسطينيين والعرب في سجون المحتلين ومعتقلاتهم، وهؤلاء الموقوفون والمعتقلون الإداريون الذين تغص بهم مراكز التحقيق والتوقيف والاعتقال، وهؤلاء الأسرى من الكبار والصغار، والمرضى والأصحاء، من المضربين ومن غير المضربين عن الطعام، وأهالي هؤلاء الأسرى، وذووهم، وأقرباؤهم، وأنسباؤهم، وأصدقاؤهم، ومعارفهم، ومواطنوهم، وبنو جلدتهم من كافة الفئات والشرائح والمستويات، ومن سائر المجتمعات والمناطق والتجمعات.. هؤلاء جميعًا.. أليس من حقهم أن يعيشوا حياة حرة كريمة آمنة هادئة بعيدة عن كل أسباب التوتر والقلق والخوف والرعب؟ أليس من حقهم جميعًا أن ينعموا بالأمن والأمان والاستقرار، بعيدًا عن التعدي والتحدي والعدوان والاستفزاز، وبعيدًا عن التحكم والتجبر والتسلط والاستبداد والاستعباد، وبعيدًا عن حياة السجون والمعتقلات، ومراكز التوقيف والتحقيق والإذلال؟؟ أليس من حقهم أن  يعيشوا في وطنهم، وقد حصلوا على حقوقهم المشروعة الثابتة فيه؟؟ أليس من حقهم جميعًا أن يعيشوا سادة أحرارًا كرامًا في ديارهم، وقد تخلصوا من كل مفردات اللجوء والشتات والاغتراب والغربة، ومن كل مفردات العنصرية والتمييز والجوع والخوف، ومن كل سياسات النهب والسلب والمصادرة والهدم والتشريد والوعيد والتهديد والاستكبار والإقصاء والاحتواء والاستعلاء؟؟ فلماذا لا يخرج كل هؤلاء الأسرى إلى عالم الحرية؟ ولماذا لا يضع هذا المجتمع الدولي حدًّا لكل ألوان التعدي والعدوان على هؤلاء الناس في كل أوطانهم؟ ولماذا لا يتكفل هذا المجتمع الدولي بإحقاق كافة الحقوق التي نصت عليها مواثيقه، وكفلتها قوانينه لكل الناس في هذا العالم؟ ولماذا لا يضمن مجلس الأمن الدولي كافة حقوق هذا الشعب في بلاده؟ ولماذا لا يطبق مجلس الأمن كافة القرارات المتعلقة بهذا الشعب، وبحقوق هذا الشعب في بلاده فلسطين؟؟ ولماذا لا يضع مجلس الأمن حدًّا لسائر الاعتداءات على هذا الشعب؟ ولماذا لا يغلق مجلس الأمن بالتالي هذا الملف الأسود، ملف الاعتقال الإداري والسياسي؟ ولماذا لا يغلق ملف أسرى الحرية بعد أن أصبح وصمة عار في جبين حقوق الإنسان، ووصمة عار في جبين المجتمع الدولي، ووصمة عار في جبين هذه المنظمة الدولية منذ أكثر من ستين عامًا، بل منذ أكثر من ذلك بكثير إذا عدنا بالذاكرة إلى ذلك الانتداب البريطاني على بلادنا فلسطين، وما فعله ذلك الانتداب بفلسطين والفلسطينيين منذ أن وطئت أقدامه بلادنا في أعقاب الحرب العالمية الأولى، وحتى العام الثامن والأربعين من القرن الماضي؟!!.

   لقد تعرض عشرات الآلاف من أبناء هذا الشعب المسالم للموت والأسر منذ تلك الأيام، كما تعرض هذا الشعب المسالم لكل أنواع الخوف والرعب والجوع في تلك الأيام التي لا تنسى من تاريخه، ثم تعرض للتهجير من وطنه بعد ذلك،حيث أجبر نحو مليون فلسطيني على الهجرة عام ثمانية وأربعين، وقد أصبحوا اليوم ستة ملايين لاجئ يهيمون على وجوههم في كل واد، في الوقت الذي يبلغ فيه تعداد الفلسطينيين في فلسطين التاريخية اليوم ستة ملايين أيضًا تعيش غالبيتهم الساحقة حياة الذل والفاقة والمهانة والاغتراب على أرض الوطن! في الوقت الذي تقبع فيه هذه الآلاف من الأسرى والمعتقلين في السجون والمعتقلات.. إن قرابة مليون فلسطيني قد جرب حياة الأسر، وتعرض للاعتقال والتوقيف والتحقيق منذ عام سبعة وستين، فإذا أضيف إلى هذا العدد مَن تعرضوا لذلك من قبل، وإذا أضيف إليهم أيضًا مَن تعرضوا لمثل ذلك في منافيهم خارج أرض الوطن، فإننا نستطيع القول إن أكثر من مليوني فلسطيني قد مروا بتجربة الأسر والاعتقال بنسب متفاوتة!!.

    ولقد اشتكى الفلسطينيون، واحتجوا، ولطموا الخدود، وشقوا الجيوب، وكتبوا، واستنكروا كل هذه الإجراءات، وكل هذه الاعتداءات والاعتقالات.. ولكن دون جدوى!! وكأن الفلسطيني إنما خلق للعذاب والاضطهاد والأسر والاعتقال الإداري والسياسي، وكأن الفلسطيني إنما جاء إلى هذا الوجود ليكون عبدًا، أو شريدًا، أو شهيدًا، أو لاجئًا، أوسجينًا، أو معتقلاً، أو موقوفًا، أو رقمًأ في مقابر الأرقام، أو تابعًا ذليلاً لهذا (السيد) أو ذاك، وفقًا لهذه المشاريع المرحلية أو تلك!! وكأن الفلسطيني قد جاء إلى هذا الوجود بلا وطن يؤويه، أو عشيرة تحميه، أو مجتمع دولي يتبناه ويرعاه، ويرد إليه اعتباره مع الاعتذار، ويعيد إليه كامل حقوقه التي جرد منها ظلمًا وعدوانًا، وبدون أي وجه حق!!.

    للمرة الألف تحدث المتحدثون في هذا الملف، وكتب الكتاب في هذا الملف.. وللمرة الألف قال الفلسطينيون، وقال معهم كل أحرار العالم وشرفائه، وقالت معهم الدنيا كلها: إن كل هذا الذي يتعرض له الفلسطينيون من تجويع وتنكيل وتقتيل وتركيع وحبس واضطهاد واعتقال إداري وسياسي هو قمع لا يمكن أن يستمر، وهو محاولات يائسة بائسة لإجباره على التخلي عن وطنه وحريته وكرامته وانتمائه.. ولكن دون جدوى.. فهذا الشعب العربي الفلسطيني شعب حر كريم أبيّ، وهو شعب أعلنها ثورة على السجن والسجان.. ويكتب في هذا الملف وآلامه وأوجاعه للمرة الألف.. وسيواصل العمل حتى تحرير آخر أسير من أسراه، وحتى تحرير آخر حبة تراب من تراب وطنه الطاهر المقدس الطهور.. وسلام على القدس والخليل وغزة والجليل.. سلام على فلسطين في العالمين.

17/6/2012 

الخميس، ١٤ حزيران ٢٠١٢

من أجلِ نظامٍ تعليميًّ عربيًّ متوازنٍ طَموح!!

متابعات
من أجلِ نظامٍ تعليميًّ عربيًّ متوازنٍ طَموح!!
أ. عدنان السمان
www. Samman.co.nr
 
    نظام الثانوية العامة الذي قد يستبدل بنظام جديد اعتبارًا من العام الدراسي القادم، إذا أقرته الجهات المختصة، لم يكن بذلك السوء الذي يستدعي التحول عنه، والانقلاب عليه، لا لشيء إلا لأنه نظام قديم تجاوز سن الخمسين من العمر!! فليس كل قديم سيّئًا، وليس كل حديث جيدًا، وليس كل تمسك بالقديم رذيلةً، وليست كل دعوة للحداثة والتحديث فضيلة.. نظام الثانوية العامة القديم-على علاته- زود المجتمع على مدى أكثر من نصف قرن بخريجين عمل كثير منهم في الدوائر والوزارات، والتحق كثير منهم بالجامعات في أقطار شتى من أقطار هذا العالم، وكانوا في غالبيتهم الساحقة من الناجحين، وكانوا أيضًا من المتفوقين لسبب بسيط هو أن المتعلم في تلك الأيام كان يريد أن يتعلم، وأن المعلم كان يريد أن يعلم، وأن الناس كانوا يحترمون كلاًّ من المتعلم والمعلم، ويرَون فيهما الخطوة الأولى لمواجهة الأوضاع المعيشية الصعبة التي أعقبت نكبة العرب في فلسطين، ويرون فيهما أيضًا المقدمة الأولى لاسترداد الحق العربي السليب في ذلك الفردوس المفقود.. حصل هذا في أعقاب النكبة، وحتى أواخر سنوات الخمسين في إبان الوحدة الأردنية الفلسطينية بين الضفتين، وفي ذلك الزمن الذي كانت فيه مدة الدراسة أحد عشر عامًا يتقدم الطلبة بعدها للحصول على الثانوية العامة التي كانت تسمى(المترك) في تلك الأيام.. ثم أصبحت سنوات الدراسة اثنتي عشرة سنة، وأصبح تقسيم الدارسين في السنتين الأخيرتين إلى علمي وأدبي، وإلى صناعي وزراعي وتمريضي وتجاري بالإضافة إلى العلمي والأدبي، منذ بداية سنوات الستين من القرن الماضي، وحتى أيامنا هذه.
    لست مع القديم لأنه قديم، ولست مع الجديد المقترح الذي لم نطلع على تفصيلاته بعد، ولست ضد أحدهما، أو كليهما، وإنني مع ما يقرره ذوو الإختصاص، ويقره من يعنيهم الأمر بهذا الشأن.. ولكنني - يقينًا- مع النقد الهادف البناء لسير العملية التربوية، ومع النقد الهادف البناء الذي يتوخى سد الثغرات، والتخلص من الأخطاء والسلبيات في العملية التربوية أولاً قبل الخوض في نظام الثانوية العامة، وقبل الخوض في تفصيلات هذا النظام، لأنني أومن بالتحرك والبناء من أسفل إلى أعلى، لا من أعلى إلى أسفل، ولأنني أومن بالمنهاج المدرسي وسيلة لتحقيق الأهداف المرجوة من العملية التربوية التعليمية، وتحقيق الأهداف المرجوة من فلسفة التربية والتعليم التي لا بد منها، ولا غنًى عنها لبناء الأجيال بناءً تربويًّا علميًّا خلقيًّأ وطنيًّأ عربيًّأ سليمًا، ولأنني أومن أن فلسفة التعليم – إن وجدت- فإنها تحصّنه من كل عاديات الزمن، وتحميه من عبث كل عابث، وتصونه من تدخل الجهلة والفاسدين، وأنصاف المتعلمين الذين لا يرون في مدارس الصغار والكبار، وفي معاهدهم وجامعاتهم أيضًا أكثر من مزارع وحقول تجارب لأفكارهم وثقافتهم وممارساتهم التي يحاولون معها صنع الإنسان (الجديد) الذي يخدم طموحاتهم وأحلامهم في السيطرة على الناس، والتحكم بهم، وصولاً لصنع المجتمع (الجديد)، والحياة (الجديدة) التي تعتبر كل ديار العروبة والإسلام جزءًا من هذا العالم الجديد وجزءًا من هذا النظام العالمي الجديد الذي يعتبر بدوره كل هذه الديار مناطق تابعة له، خاضعة لسيطرته، منفذة لتعليماته وأوامره دون إبطاء ودون تلكؤ، أو تردد، أو نقاش.
    قد يبدو مثل هذا القول في موضوع تربوي تعليمي غريبًا بعيدًا عن الموضوع، وما هو كذلك،لأن غياب فلسفة التعليم في هذا الوطن العربي الكبير هو الذي أدى إلى كل ما أدى إليه من أخطاء، وأخطار، ومخاطر، وخطايا أبسطها وأقلها الفشل في صنع الشخصية العربية المنتمية الملتزمة، والفشل بالتالي في تحقيق الأهداف المرجوة من العملية التربوية، ومن نظام التعليم مهما كان شكله ولونه وتاريخ ميلاده، والفشل أيضًا في مواجهة هذه الدنيا من حولنا، لأننا لا نملك الأداة، ولا نملك الوسيلة، ولا نملك الفكر، ولا نملك الاستعداد، ولا نملك القدرة، ولا نملك الإرادة، ولا نملك التعبئة المعنوية، ولا نملك الأداة المادية والسلاح الذي يمكننا من المواجهة ، ويمكننا من الانتصار، ويمكننا من الاستقلال، ويمكننا من العيش في أوطاننا بحرية وكرامة واحترام.
    إنه، ولكي يكون للتعليم فلسفته، ولكي تحقق العملية التربوية التعليمية أهدافها وغاياتها، ولكي يكون بالتالي لنظام الثانوية العامة قيمته ومعناه، فإنه لا بد من معالجة الصغائر واحدة واحدة، وصغيرة صغيرة، ولا بد من مراجعة سير العملية التربوية، ولا سيما في السنوات العشر الماضية مراجعة شاملة وافية شافية كاملة لاستخلاص النتائج والدروس، ولا بد من مراجعة المنهاج لغة وأسلوبًا ومحتوًى وأهدافًا وغايات.. ولا بد من التحقق من أن الخطط الدراسية، وأيام الدوام المدرسي قد استوعبت تمامًا هذا المنهاج، وقدمته كاملاً شاملاً للطلبة على مدار العام الدراسي، ولا بد من التحقق من أن الطلبة قد استوعبوا هذا المنهاج، وأنهم يستحقون الترفيع إلى هذه الصفوف الجديدة التي رفعوا إليها، بعد التحقق بطبيعة الحال من مدى استفادة الطلبة من كل هذه الحصص المتأخرة كالحصة التاسعة والثامنة والسابعة والسادسة في مدارس لا تصلح للتدريس صيفًا أو شتاءً أعني في أيام الحر اللافح، والبرد القارس، وبعد التحقق كذلك من أن عدد أيام الدوام المدرسي الفعلي التي داومها الطلبة في مدارسهم، وتعلموا فيها كافة الحصص هي فعلاً كما جاء في شهادات الطلبة (181) يومًا دراسيًّا، وإذا لم تكن كل تلك الأيام المفتوحة، والرحلات المدرسية، وأيام قطف الزيتون، وهطول الأمطار الغزيرة والثلوج، وأعمال الاحتجاج في مناسبات كثيرة على مدار العام، وإذا لم يكن كثير من الأعياد الوطنية والاجتماعية والقومية والعمالية والدينية عطلاً رسمية، فكيف بلغ عدد أيام الدوام الرسمي (181) يومًا بعد عطلة يومي الجمعة والسبت من كل أسبوع؟؟.
    بعد معالجة هذه الصغائر والكبائر، وغيرها مما لا يسمح المقام بذكره، والدخول في تفصيلاته، وبعد أن يعود للعملية التربوية شكلها ومضمونها، ولنظام الثانوية العامة معناه ومبناه قديمًا كان، أو حديثًا أو خليطًا وسطًا بين القديم والحديث، لا يعنيني ذلك في كثير أو قليل ما دامت القاعدة سليمة، وما دام الطلبة في كافة صفوفهم ومراحلهم التعليمية يتعلمون، وما دامت العملية التعليمية تسير من اليوم الأول من العام الدراسي وحتى اليوم الأخير منه، وعلى مدى عام دراسي من سبعة أشهر (210) أيام دراسية فعلية كما كان الأمر هنا حتى الأمس القريب.. أقول بعد معالجة هذا كله، وكثير غيره، وبعد أن نثبت بالدليل القاطع، والبرهان الساطع أننا حريصون على مستقبل طلبتنا، حريصون على ضمان حقهم المقدس في عام دراسي كامل، وعملية تربوية تعليمية حقيقية ناجحة، ونظام للثانوية العامة يكون حصادًا لسنوات الدراسة، وتتويجًا لها بالحصول على الثانوية العامة بجدارة، بعد هذا كله، وبعد كل هذه التوضيحات والتصريحات والتلميحات أضيف بعض التصورات والرؤى والمقترحات التي قد تضيف جديدًا في هذا السياق، وقد لا تضيف، وقد تساهم في خدمة أبنائنا وحفدتنا الطلبة، وقد لا تساهم آملاً في أن تساهم:
    ينبغي أن يأخذ من يعنيهم الأمر في اعتبارهم كافة الموهوبين والموهوبات من الطلبة، كي تتبنى المجتمعات والدوائر والمؤسسات هذه المواهب.. هنالك طلبة يكتبون، ويتذوقون الأدب، ويحاولون أن يقولوا شعرًا.. ومن حق هؤلاء علينا أن نأخذ بأيديهم، وأن نضع لهم البرامج والمناهج، وأن نعقد الندوات لصقل مواهبهم، وتحسين لغتهم، وتطويرها وتخليصهم من مظاهر الضعف في لغتهم العربية.. يحسن بنا أن نخصص لهؤلاء يومًا دراسيًّا أسبوعيًّا (وليكن يوم العطلة الثاني الذي يبدو أن أحدًا لا يريد العدول عنه) ونحن بذلك نحصنهم، ونقويهم، ونغذي مواهبهم، ونشجعهم على إتقان لغتهم العربية، ونساعدهم على الكتابة الأدبية نثرها وشعرها، ونحول بينهم وبين التسرب والتشرد في الشوارع والأزقة والطرقات مع الكلاب الضالة، والقطط المريضة، وقرناء السوء في يوم عطلة لا يجد الناس فيه ما يفعلون سوى ما ذكر، وكثير غيره مما لا يعود على أحد بأي نفع.. هذه المواهب الأدبية يمكن تبنيها، ويمكن تطويرها عن طريق إعداد البرامج والمساقات المناسبة، وعن طريق منح الشهادات في نهاية كل عام بهذه الساعات المعتمدة التي أتموها بنجاح، وعن طريق صرف الجوائز وتقديم الحوافز التي تشجعهم على العودة في السنة القادمة لمثل ما بدأوه في سابقتها، وبمستوى جديد أعلى، وهكذا، وكذك صرف الجوائز وتقديم الحوافز لمعلميهم ومعلماتهم، سواء كانوا من أعضاء الهيئات التدريسية أو من الخريجات والخريجين العاطلين عن العمل... وما يقال في المواهب الأدبية، واللغوية، والنقدية، يقال أيضًا في الخط العربي، فتطويره أمر رائع، وهو- دون شك- واحد من أجمل أنواع الرسم الذي يجب أن نهتم به كل الاهتمام، إن كثيرًا من الأطفال يعبرون عن أنفسهم بالرسم، وإن كثيرًا من الأطفال من الممكن أن يصبحوا رسامين محترفين إذا وجدوا من يأخذ بأيديهم، وإذا وجدوا من يتبنى مواهبهم.. وقد يقال ذلك في النحت، ويقال في الموسيقى، والعزف على مختلف الآلات الموسيقية، ويقال في الغناء، والتمثيل، والرقص، وتكوين الفرق الشعبية الفلوكلورية.. وما يقال في كل تلك الفنون الجميلة التي تصقل الذوق، وترهف الإحساس، وتربي الطفل على حسن الخلق، والذوق السليم، وتذوق الجمال وسمو المشاعر والوجدان والأحاسيس يقال أيضًا في المحاسبة، والحاسوب ببرامجه المختلفه، ويقال في كافة المقدمات الأولى للعلوم الكونية المختلفة التي يتسابق العالم لامتلاك ناصيتها، ويقال في كل أوجه ثورة المعلومات.. ويقال أيضًا في كثير من اللغات الحيوية التي من الصعب أن نستغني عنها، ومن الصعب أن نتجاهل وجودها علميًّا وأدبيًّا وثقافيًّا ومعرفيًّا كاللغة الإنجليزية التي لا بد من الاهتمام بها على الشكل الذي قدمناه للغتنا العربية الجميلة، وكذلك اللغة الفرنسية، والألمانية، والروسية.. إنه من الجميل جدًّا أن نرى  طلبتنا( في أيام إجازة يقضونها متسكعين متشردين لاهين) وهم يؤسسون منتديات ومنابر للغات في مدارسهم، وفي أحيائهم، وفي مجالسهم الخاصة، وفي بيوتهم.. إنه لمن الجميل أن نرى جيلاً يتقن لغته العربية أولاً، ويتقن إلى جانبها كثيرًا من اللغات الحية في هذا العالم.. وما يقال في اللغات يقال أيضًا في الثقافات والمعارف والعلوم والآداب العالمية التي يمكن الاطلاع عليها من خلال هذه اللغات الحية التي كُتبت بها.. وما يقال في هذا يقال في الترجمة، فكم هو رائع جميل أن نربي كثيرًا من أبناء هذه الأمة وبناتها على مثل هذه المهارة العظيمة التي تضع كل ثقافات الدنيا بين يدي القارىء في كل مكان، وفي كل زمان.
    إن حدود مثل هذه المهارات، وتطوير مثل هذه المواهب والكفاءات، إضافة إلى تعلم العلوم والآداب والفلسفات والفنون واللغات، وكثير مما ذكرت، ومما لم أذكر هي حدود مفتوحة لا تغلق، وهي حدود يستطيع طلبتنا ولوجها بكل سهولة ويسر، وهي وسيلة لإثراء طلبتنا، وإغنائهم، وتثقيفهم، والانتقال بهم إلى عالم جديد، ودنيا جديدة، وإبعادهم عن التسكع والتسرب والتسيب والانحراف والجهل والتبعية للأراذل والفاشلين والمتجرين بتخلف المتخلفين وطيش الجاهلين، وهي إلى ذلك وسيلة من وسائل استقطاب الطلبة حول ما ينفعهم، ويربي فيهم الذوق الرفيع، والمواطنة الصالحة، ووسيلة لحصولهم على شهادات تفتح أمامهم الطرق لمواصلة الدراسة مستقبلاً، وتفتح أمامهم الطرق للعمل الجزئي في سن مبكرة في العطل الصيفية، وخلال العام الدراسي أيضًا، ولو كان ذلك العمل من باب أن يوفر الطالب مصروفه الشخصي بطريقة محترمة، وإن مثل هذه المهارات والهوايات والمواهب والكفاءات وشتى أشكال العلم والمعرفة والإلمام بوسائل المواصلات والاتصالات والإلكترونيات من شأنه ان يخفف قليلاً أو كثيرًا من هذه الأزمات التي يتحدثون عنها في المجتمعات، كأزمات البطالة، ولا سيما بين الخريجين والخريجات لتشابه التخصصات، ونظرًا لإقبال معظم خريجي الثانوية العامة على دراسة العلوم الإنسانية التي أصبح خريجوها منذ زمن عاطلين عن العمل، لأنهم يقدرون بعشرات الآلاف في الوقت الذي لا تستوعب الدوائر والمؤسسات أكثر من عشرات منهم في كل عام، وذلك في أحسن الظروف..إن إعداد البرامج، وإعداد الموازنات والميزانيات التي نستطيع من خلالها مد يد العون لأبنائنا الطلبة في مدارسهم سواء كان ذلك خلال العام الدراسي، أو في جزء من العطلة الصيفية يكاد يكون الوسيلة الوحيدة لإنقاذ هؤلاء الطلبة، ويكاد يكون الوسيلة الوحيدة لتنمية مواهبهم، وإثراء ثقافتهم وإغنائها، ومساعدتهم على فرض وجودهم في صراع الحياة القائم على هذه الأرض منذ أجيال. إن التوسع في هذه البرامج يساعد كثيرًا على تخفيف الأزمات الناشئة عن الخلل سواء في سير العملية التربوية التعليمية، أو في نظام الثانوية العامة قديمه أو حديثه.
    إن كل ما ذكر بحاجة إلى همة عالية، وإعداد واستعداد، وإنه بحاجة إلى أن تنقلب المدارس والأحياء والنوادي والمنتديات وكثير من البيوت أيضًا إلى ورش عمل يتعلم فيها طلبتنا، ويتلقون التوجيهات والإرشادات والمساعدة الأدبية المعنوية والمادية، وهذا بالإضافة إلى ما تعده بعض الدوائر من برامج مهنية، وتعليم مهني صناعي ، أو زراعي، أو تجاري، أو فندقي هو بدون شك أمر جميل، وحبذا لو تطور كل هذا ليأخذ شكلاً جديدًا يعود على الطلبة، ويعود على الخريجين، ويعود على المجتمع كله بالخير والفائدة، ومن يدري فقد يؤدي ذلك كله، وكثير غيره مما قد تتفتق عنه أذهان الطلبة ومعلميهم إلى ثورة كبرى صناعية تجارية فنية أدبية لغوية معرفية ترفع من شأن هذه الأمة، وتعلي مكانتها بين أمم العالم، وتنهي بذلك عهدًا كان العرب فيه متهمين بالاقتتال والاحتراب وسفك الدماء والتخلف والجهل والغباء، وتنهي كذلك عهدًا طمع فيه الطامعون بهذه الأمة، وثرواتها، وتنهي بذلك عهدًا تحكم فيه الجهلة المأجورون منذ عقود.. ومن يدري، فربما كانت هذه الأحلام والآمال والأمنيات والتمنيات فاتحة عهد جديد تحقق فيه هذه الأمة ذاتها، وتعلي فيه هذه الأمة بنيانها، وتحترم إنسانها، وتستعيد مكانتها اللائقة بها بين الأمم.
14/6/2012
 

الاثنين، ١١ حزيران ٢٠١٢

قراءة موضوعية عاجلة في أحداث سوريا...

متابعات

قراءة موضوعية عاجلة في أحداث سوريا...

أ. عدنان السمان

www. Samman.co.nr

   في البدء لا بد من التأكيد على أن الحكمة هي ضالّة المؤمن، وعلى أن الحقيقة هي الهدف الذي يسعى إليه، وأن كلمة الحق يجب أن تقال حتى لو كانت ضد أقرب الناس إليك، وأدناهم منك، وحتى لو كانت أيضًا إلى جانب عدوٍّ يناصبك العداء، وقديمًا قالت العرب: والفضل ما شهدت به الأعداء.

   وفي البدء أيضًا لا بد من الإشارة إلى أن المؤمن أخو المؤمن لا يسلمه ولا يخذله، ولا يتخلى عنه، ولا يبيعه بكل كنوز الدنيا، وبكل مغرياتها، ولا بد من الإشارة إلى أن المسلمين تتكافأ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، وهم يدٌ على مَن سواهم، ولا بد أيضًا من الإشارة إلى أنه إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار، لأن المقتول كان حريصًا على قتل صاحبه!! ولا بد من التأكيد على أن الناس جميعًا في كل ديار العروبة والإسلام هم إخوةٌ متحابون، ومواطنون متساوون أمام القانون، وهم جميعًا شركاء في بناء أوطانهم، وصنع حضاراتهم، وإثراء ثقافاتهم، يشهد على هذا تاريخ هذه الديار العربية الإسلامية، وحضارة هذه البلاد العربية الإسلامية، وآداب هذه الديار العربية الإسلامية، وعلومها، وسائر إنجازاتها في مجالات الطب والهندسة والصيدلة والفلك واللغات، وسائر العلوم الإنسانية التي بنى صرحها، وأرسى دعائمها، وأعلى بنيانها كل مواطني هذه الديار على اختلاف ألوانهم وأعراقهم وألسنتهم وأديانهم ومعتقداتهم وتوجهاتهم عندما قرروا العيش في كل ديار العروبة والإسلام، في شرق الدنيا وغربها، إخوة متحابين متسامحين عاملين من أجل إثراء هذه الحياة وإغنائها بالعلم والعمل والمحبة والتسامح والتعاون والبناء والتقدم والتطور والنهوض بالأفراد والمجتمعات والتجمعات والشعوب، لتنهض بذلك الأمة ، ويحقق الناس الغاية التي وُجدوا من أجلها، والهدف الذي من أجله كانت هذه المجتمعات، وكانت هذه الحياة البشرية في هذا الوجود.

   لا بد من التذكير بهذا كله، ولا بد من التأكيد عليه، والإشارة إليه، ولا بد قبل ذلك، أو بعده، من الإشارة إلى أن علاقة هذه الدولة العربية الإسلامية مع غيرها من الدول كانت قائمة على الاحترام والتعاون وتبادل الخبرات والمعلومات، ولا ينسى أحد من أهل هذه الديار، وغير هذه الديار، كيف كانت العلاقة بين المسلمين وأعدائهم حتى في حالة الحروب والغزو العسكري، عندما أرسل صلاح الدين أكبر أطبائه وأشهرهم لعلاج أكبر أعدائه ريكاردوس، ولا أحد من أهل هذه الديار أيضًا يمكن أن ينسى كيف كانت هذه الدولة العربية الإسلامية قوية عزيزة مرهوبة الجانب يخشاها أعداؤها، وإن كلمات الخليفة العباسي التي وجهها إلى الغزاة لا تزال تتردد في جنبات هذا الكون: الجواب ما تراه، لا ما تسمعه، لقد أرسلت لك بجيش أوله عندك، وآخره في منابت الزيتون!! ومنابت الزيتون هي بلاد الشام.

   لم تكن علاقة العرب والمسلمين مع غيرهم من دول هذا العالم آنذاك قائمة على الخضوع والتبعية، ولم تكن قائمة على المذلة والهوان، ولم تكن قائمة على تلقي التعليمات والأوامر من تلك الدول، ولم يكن العرب والمسلمون ليسيروا في فلك تلك الدول، ولم يكونوا ليطئطئوا الرؤوس، أو يحنوا القامات والهامات أمام رؤساء تلك الدول، أو سفرائها، أو جيوشها، وإنما كان العرب والمسلمون سادة الدنيا في أيام السلم، وفرسانها في أيام الحرب، ولعل من الضروري هنا أن نشير إلى أن هذه الديار قد تعرضت في الماضي لموجات من الغزو، وأسراب من الغزاة، وألوان من الاحتلال والمحتلين، ولكن أهل هذه الديار على اختلاف ألوانهم وأعراقهم وأديانهم كانوا دائمًا يتصدون لهؤلاء الغزاة المحتلين، وكانوا دائمًا يحررون هذه الديار العربية الإسلامية من عدوانهم وغزوهم، وكانوا دائمًا يستعيدون أراضيهم وديارهم من عدوان المعتدين الغزاة الطامعين.

   هكذا كان العرب، وهكذا كان المسلمون في سالف الأحقاب والأزمان، وهكذا كانت علاقاتهم مع غيرهم من دول هذا العالم وأممه وشعوبه، على الرغم من تلك الانتكاسات التي أصابتهم في ذلك الماضي، وعلى الرغم من فترات الضعف التي كانت تعتريهم بين الحين والآخر، وعلى الرغم من الهزائم التي حاقت بهم أيضًا.. إلا أنهم كانوا سرعان ما يحولون الهزائم إلى انتصارات، وسرعان ما كانوا يستردون عافيتهم، ويحررون أوطانهم، وسرعان ما كانوا يوحدون صفوفهم من جديد.

   إن تاريخ هذه الديار (على الرغم من كثير من المآخذ، وكثير من السلبيات) هو تاريخ مشرّف مشرق، وهو تاريخ حافل بالأمجاد وحافل بالانتصارات، وحافل بالعزة، والثقة، والمحبة، والتسامح حتى في أسوأ الظروف، وأمرّها، وأشدها حلكةً وسوادًا .. ولقد كان تاريخ هذه الديار حتى عهد قريب تاريخًا يبشر بقرب انتصار العرب على أنفسهم، وبقرب انتصارهم على عوامل ضعفهم وتخلفهم وتفرقهم وتمزقهم، وبقرب انتصارهم لقضاياهم العادلة، وما أكثر هذه القضايا!! لقد كانت الشعوب العربية حتى عهد قريب شعوبًا متفائلة مؤمنة بحقها في الوحدة والحرية والاستقلال، شعوبًا مؤمنة بحقها في فلسطين، وحقها في تحرير كافة أراضيها المحتلة، وحقها في بناء دولة الوحدة العربية، وإقامة المشروع العربي فوق أرض العرب.. ولقد كانت هذه الشعوب حتى عهد قريب لا تنظر بارتياح إلى هذه الحدود التي اصطنعها الاستعمار بين أقطار العالم العربي، ولا تنظر بأدنى ارتياح إلى هؤلاء الحكام الذين يسيرون في فلك الغرب، ويستمرئون التعاون معه، والتبعية له، والسير على خطاه.. ولقد كانت هذه الشعوب حتى عهد قريب مؤمنة بثوابتها، متمسكة بحقوقها، متشبثة بأهدافها وغاياتها في صنع الحياة الحرة الكريمة لأمة العرب على كل أرض العرب.

   وإن تاريخ هذه الديار ليؤكد بما لا يدع أدنى مجال للشك على أن معسكر الاعتدال العربي (وهو المصطلح الذي يطلقه السياسيون العرب على البلدان العربية الموالية للغرب) كان حتى عهد قريب لا يجرؤ على المجاهرة بتبعيته للغرب، وكان حتى عهد قريب يخشى الشعوب العربية، ويخشى الأنظمة العربية التقدمية، ويخشى الثوريين العرب، والتقدميين العرب، والمثقفين العرب، والإعلاميين العرب، ويخشى الحركة التحررية العربية، والحركة الوطنية العربية، والحركة القومية العربية، والمد القومي الثوري العربي.. وكان هذا المعسكر يعمل – على الأغلب – في الظلام، حتى كانت حرب أكتوبر 73، وكانت اتفاقات كامب ديفيد، وكانت معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، وما تلا ذلك من معاهدات واتفاقات، وما أعقب ذلك من علاقات عربية اسرائيلية رسمية أو شبه رسمية، سياسية، أو اقتصادية.. لقد تمكن هذا المعسكر من الترويج لأفكاره وسياساته وارتباطاته وتوجهاته، وتسويغ ذلك كله، أو فرضه على كثيرٍ من العرب، مستفيدًا في ذلك من انهيار الاتحاد السوفياتي، ومستفيدًا من ضعف حركة التحرر العربي، واهتزازها أمام ضربات الغرب، ومستفيدًا من اجتياح العراق العربي، ودخوله في حظيرة الاحتلال، ومستفيدًا من التبشير الغربي بالفوضى الخلاّقة، ومستفيدًا من حالة التقهقر العربي، والتراجع العربي، والانهيار الذي أصاب كثيرًا من العرب على اختلاف أسمائهم ومسمياتهم، وعلى اختلاف صفاتهم ومواصفاتهم.. وهكذا وجد كثير من العرب أنفسهم في سباق مع الزمن من أجل تحقيق المكاسب الشخصية عن طريق الانخراط في سلك هذه الأنظمة، وفي سلك هذه المشاريع التي أقامها الغرب بشقيه مع حليفته، ورأس حربته في المنطقة العربية.. وهكذا أيضًا دخل كثير من المثقفين العرب، والكتاب العرب، والإعلاميين العرب، والمفكرين العرب، والأكاديميين العرب، وزعماء القبائل العرب، والعمال العرب، والنقابيين العرب، وكثير من الشخصيات الاعتبارية العربية، وكثير من الرأسماليين العرب هذه اللعبة القديمة الجديدة، وأصبح هؤلاء إضافة إلى من سبقوهم أعضاء فاعلين على الساحة العربية، ومع هذه الأنظمة العربية، أو خلايا نائمة تنتظر الإشارة للتحرك.

   وهكذا أصبح معسكر الاعتدال العربي قوة سياسية اقتصادية إعلامية اجتماعية تغلغلت في صفوف أبناء الأمة العربية (مستفيدة من هذه الخلافات والانقسامات، وموظفة حالة البطالة والفقر والحصار وسائر التناقضات) وضمت كثيرًا منهم إلى صفوف أجهزتها وقواتها النظامية والشعبية.. وهكذا أيضًا وجد هذا المعسكر نفسه وجهًا لوجه أمام تحالف طهران – بغداد – دمشق – أنقرة، هذا التحالف الذي يدعم حزب الله والمقاومة في لبنان، وحماس والمقاومة في فلسطين.. وهكذا أيضًا خاض هذا المعسكر حربه المكشوفة ضد هذا التحالف: فإيران شيعية فارسية تضطهد السنّة، وتحتل ثلاثًا من الجزر العربية، وتعكف على مشروع نووي رهيب يهدد الأمة العربية في شبه الجزيرة والخليج، وعليه، فلا بد من التصدي لإيران ولمشاريعها الرهيبة، وأطماعها في بلاد العرب، وأما العراق فكثير من أبنائه شيعة، ولكن كثيرًا منهم أيضًا سنيون، دولة شمال العراق كردية سنية، وهذا يخدم قضيتنا كثيرًا، وأما بغداد ووسط العراق فلا بد من تفجيره وتثويره وإحراقه بنيران رجال السّنة.. وأما سوريا فلا بد من إحراقها وتمزيقها بحرب أهلية طائفية مدمرة، أما السبب، أو الأسباب، فمؤازرتها للمقاومة اللبنانية التي استولت على لبنان، وحررت الجنوب، وهزمت إسرائيل، وباتت صواريخها تهدد الوجود الإسرائيلي، وتهدد بالطبع وجود كثير من التجمعات العربية الموالية لمعسكر الاعتدال، وسلاح حزب الله هو سلاحٌ سوري إيراني يجب أن يُنزع، وهو يدٌ سوريّة إيرانية يجب أن تُقطع!! وأما المقاومة في فلسطين فيجب أن تنتهي إلى الأبد، ليتمكن المجتمع الدولي من حل هذه القضية، وفرض الحل الذي يراه، كما فرض كثيرًا من الحلول من قبل!! أما الانتخابات التي أتت بهؤلاء، فإننا لا نعترف بنتائجها، لأنها التفافٌ على "الديمقراطية" وتسخير صندوق الانتخاب لغاياتٍ وأهدافٍ لا نريدها، ولا يريدها المجتمع الدولي، فصندوق الانتخاب يجب أن يأتي بالمسالمين، وإلا فإن أحدًا لا يمكن أن يعترف بمن أتى بهم هذا الصندوق، لأن هذه هي الديمقراطية، ولأن هذا هو العدل والحق، ولأن هذا هو السلام الذي اتفقنا عليه، ونسعى إليه.

   وأما تركيا، فلا بد أن يقف أردوغان عند حده، ولا بد أن يُلغي كافة الاتفاقات التي أبرمها مع سوريا، ولا بد أن ينقلب إلى عدو لسوريا من جديد، بتحريض من حلف الناتو الذي قرر شطب سوريا عن الخريطة، بعد إسقاط النظام فيها، وتقسيمها إلى عددٍ من الدويلات الطائفية والعرقية.

   معسكر الاعتدال العربي، وبعد سيطرته على الجامعة العربية، وبعد تخلي الغرب عن فكرة تدمير سوريا بأسلحته وطائراته وصواريخه وعدوانه المباشر كما فعل في ليبيا بعد موقف روسيا والصين، وبعد أن أوكل إليه الغرب هذه المهمة راح يعمل بكل الوسائل من أجل إنجاحها، بالتعاون مع الغرب وإسرائيل صاحبتي المصلحة في شطب سوريا عن الخريطة كدولة مستقلة ذات سيادة، وتقسيمها إلى دويلات، وضم أجزاء منها إلى هذا البلد أو ذاك... وراح هذا المعسكر يعقد المؤتمرات، ويستقطب الأنصار والأعوان، وينسّق مع كل أعداء سوريا، ويجنّد الحاقدين والجهلة والموتورين والبسطاء الذين لا يعرفون حقيقة ما يُراد بهم، وبوطنهم السوري، وبوطنهم العربي بعد ذلك، ويخوضها حربًا مدمرة على السوريين في مدنهم وقراهم، ويرتكب من المجازر والمذابح ما تقشعر لهوله الأبدان، ملصقًا كل ذلك بالنظام، ومتهمًا جيش سوريا بما يرتكبه هو من عدوان على الناس في أرزاقهم وأموالهم وأعمالهم ومؤسساتهم وأمنهم وأمانهم واستقرارهم، تقف إلى جانبه في كل ذلك، وفي كثير غيره مما لا يقال، ومما لا تستسيغ سماعه الآذان فضائيات عربية وغير عربية، وشيوخ مسلمون ضالعون مع رموز هذا المعسكر، يزينون له سوء عمله، ويشدون أزره بهذه الفتاوى التي بات أمرها عجبًا، وبات وقوفها إلى جانب أعداء العروبة والإسلام جليًّا واضحًا ليس بحاجة إلى دليل أو برهان!!

   ولكن ما ينبغي أن يشار إليه في الوقت نفسه أنه، وبعد مرور أكثر من أربعة عشر شهرًا على هذه الفتنة العمياء التي أثاروها في سوريا العربية، وبعد كل أعمال التدمير والتفجير والتقتيل وسفك الدماء، وكل محاولات تخريب البلد، وكل محاولات الاصطفاف، والأعمال الكيدية، والأكاذيب، والافتراءات، والفتاوى التحريضية التي مارسها شيوخ الفتنة، وبعد كل هذه المؤامرات العربية الإسرائيلية الغربية التي بات المراقبون السياسيون والعسكريون في هذه الديار يدركون جيدًا كل أبعادها، ويمسكون جيدًا بكل خيوطها ومؤشراتها خيطًا خيطًا، ومؤشرًا مؤشرًا، وبعد افتضاح أمر هذه المؤامرات للقاصي  والداني، وبعد أن رُفع المحظور، وظهر المستور، وسقطت ورقة التوت، أو أوراق التوت، وبعد أن صار اللعب بعد كل هذه المدة الزمنية على المكشوف، وبعد أن أصبح المراقب في هذه الديار، وفي غيرها من ديار العروبة لا يخشى في قول كلمة الحق لومة لائم، وبعد أن أصبحت المعركة معركة وجودٍ أو عدم، وبعد أن سقطت كل الأقنعة عن كل الوجوه.. ما ينبغي أن يشار إليه بعد كل هذا هو أن سوريا قد تصدت لهذه المؤامرات والدسائس بكل قوة وجرأة ووحدة وتماسك وثبات، وأن جيش سوريا كان متماسكًا قويًّا ولا يزال، وأن شعب سوريا قد انتصر على المؤامرات والدسائس على كثير من الصعد، وفي أكثر من مجال، وأن الغالبية الساحقة من المسلمين السنة في سوريا قد حاربت هذه المؤامرات، وتنبهت لمراميها منذ الأيام الأولى لهذه الفتنة العمياء، والجهالة الجهلاء، وكذا سائر الطوائف والمذاهب والأعراق والألوان والألسنة في سوريا العربية، وأن الغالبية الساحقة من أبناء العروبة والإسلام من المقيمين في سوريا العربية كانت ولا تزال كغيرها من السوريين الشرفاء الذين يفتدون تراب الوطن السوري بالمهج والأرواح، وأن الغالبية الساحقة من أبناء العروبة في أقطار الجوار، وعلى امتداد الوطن العربي أيضًا قد ازدادت تمسكًا بعروبة سوريا، وتأييدًا لكل مواقفها العربية العروبية المعلنة، وبكل توجهاتها السياسية والفكرية والثقافية والنفسية في كل بلاد العرب والمسلمين، ولعل طرد السفراء الغربيين من دمشق يشير بوضوح إلى إصرار هذا القطر العربي على الندية في المعاملة، ولعل هذا أيضًا قد أثار إعجاب كثيرٍ من العرب، وإعجاب كثيرٍ من المسلمين بمواقف سوريا الثابتة، وغير القابلة للمساومة والمهادنة على حساب الحق العربي والكرامة العربية.

   وما ينبغي أن يُشار إليه هو أن العزف على نغمة سنيٍّ وشيعيٍّ لم تجد آذانًا صاغية، ولم يتمكن المخططون لهذه الفتنة الكبرى من تحقيق أهدافهم، ولم يتمكنوا من تحريك الجماهير العربية بالعزف على هذه النغمة النشاز، والضرب على هذا الوتر المقطوع، ولم تجد آذانًا صاغية كذلك كل محاولات التكفير، وكل محاولات التحريض، وكل محاولات إغراق الحدود السورية بالأموال والأسلحة والمرتزقة المجلوبين من كل واد.. لقد انقلب السحر على الساحر في تركيا، حيث تحاصر الأحزاب التركية، والقوميون الأتراك، ونقابات العمال، وكثير من المثقفين والمفكرين والإعلاميين هذه الحكومة التركية التي يقف على رأسها أردوغان، لأن الشعب التركي، والأحزاب والتنظيمات والقوى الوطنية والاجتماعية والثقافية في تركيا، كل ذلك لا يريد لهذه العلاقات التركية السورية أن تتدهور، ولا يريد لهذه الحدود بين البلدين أن تُستغل ضد سوريا، وشعب سوريا، وإرادة الحرية والتحرر والتحرير في سوريا.. ولقد انقلب السحر على الساحر في لبنان، وكانت الوحدة الإسلامية التي تجلت بين الشيعة وكثير من أقطاب السّنة ورموزها، والغالبية الساحقة من المسلمين السّنة على كل أرض لبنان، مضافًا إليها هذه الوحدة الإسلامية المسيحية التي جمعت في صفوفها كافة الشرفاء من اللبنانيين العرب العروبيين.. كان ذلك كله هو الرد اللبناني على كل محاولات تسخين "الحدود"، وعلى كل محاولات تهريب الأسلحة والأموال والمرتزقة إلى الوطن السوري عن طريق هذه "الحدود".. ولقد انقلب السحر على الساحر في كل أقطار الجوار، وباءت كل مراهنات المراهنين على التلاعب بعواطف الناس ومشاعرهم بالخسران المبين، وها هم الناس في كل أقطار الجوار يؤكدون وقوفهم إلى جانب سوريا، والتفافهم حول قلعة العروبة في دمشق.. وكذلك فإن السحر بدأ ينقلب على الساحر في تلك المناطق التي تعهدت أنظمة الحكم فيها بمواصلة أعمال التخريب والقتل والتدمير في سوريا نيابة عن كل أعدائها، وبالأصالة عما تكنه لسوريا ولكل العرب الشرفاء من حقد وكراهية وعداء، لقد بدأ السحر ينقلب على الساحر هناك، ويستطيع المراقب بسهولة ويسر ودون عناء أن يرى ذلك على وجوه أولئك الذين يناصبون سوريا وأمة العرب العداء، وأن يدرك أبعاد ذلك أيضًا في هذيانهم وتناقضاتهم وأميتهم التي تعكسها حركة ألسنتهم في أفواههم، وما تخفي صدورهم أمر وأدهى، ولكن لا يشعرون، ولكنهم – يقينًا – سيعرفون أن الله حق عندما تتولى شعوبهم أمر حسابهم وعقابهم ومساءلتهم عن نفط هذه الأمة، وأرصدتها في يوم بات أقرب إليهم من حبل الوريد.

   ما من شك في أن من أسباب انتصار سوريا على هذه الفتنة العمياء هو وقوف روسيا والصين وكثيرٍ من دول العالم وشعوبه إلى جانبها، وما من شك في أن تماسك الشعب والجيش كان سببًا من أسباب ذلك، وكذلك فإن وقوف كثير من الأشقاء العرب، والإعلاميين العرب، والمفكرين العرب، والأحرار العرب إلى جانب سوريا كان له تأثير بالغ على حسم الأمور فيها لصالح الوطن السوري، والقضية السورية التي انتصرت على كل دعاة الفتنة والوقيعة والدسيسة، ومحاولات القضاء على هذا القطر العربي السوري، وشطب هذا الاسم الجميل، ومحوه عن الخريطة كما يقول كثير من المفكرين العرب والأجانب، وما من شكٍّ أيضًا في أن الإعلام السوري قد لعب دورًا مميزًا في هذا، وقد كان له الأثر البالغ في شرح الحقيقة، وتوضيحها، وكان له الأثر البالغ في الرد على خصومه، وفي الرد على المتآمرين الكاذبين المفبركين المحرضين، وكان له الأثر البالغ في إقناع الشرق والغرب بكثيرٍ مما يحصل على الأرض في سوريا، وبكثيرٍ من الحقائق المتعلقة بالأوضاع في سوريا، ولقد تمكن الإعلاميون السوريون بما لديهم من فضائيات ومطبوعات ووسائل إعلام واتصال من إحراز النصر على جيوشٍ كثيرةٍ متنوعةٍ تجمعت للنيل من سوريا، وعلى مؤتمراتٍ تبنت كثيرًا من المؤامرات ضد سوريا، وضد لبنان، وضد فلسطين، وضد العراق، وضد أمة العرب، وضد القرار العربي الحر السيد المستقل، وضد مصير هذه الأمة العربية، ومصير الأجيال العربية على كل أرض العرب.

   واليوم، وبعد أن تبين لكل هؤلاء وأولئك ما كان لهذا الإعلام السوري، والإعلاميين السوريين، وللإعلاميين العرب الشرفاء من أثرٍ فاعل في هزيمتهم، وتعرية أكاذيبهم، ورد كيدهم إلى نحورهم، وبعد أن أيقن هؤلاء وأولئك أن الإعلام العربي السوري قد تمكن من إحراز النصر في معارك غير متكافئةٍ مع كل هذا التجييش الإعلامي الذي استهدف سوريا، واستهدف معها كل قضايا الأمة العربية العادلة، فقد قرروا في جامعتهم مؤخرًا أن يشطبوا الفضائيات السورية، بعد أن فشلوا في شطب الوطن السوري! ظنًّا منهم أن إغلاق هذه الفضائيات سيمكّنهم من سوريا! ألمثل هذا الحد بلغ بهم الحقد على سوريا؟ أإلى هذا الدرك قد انحدر بهم التفكير؟ أيظنون أن هذه الشركات لعبة في أيديهم؟ أم يظنون أن سوريا عاجزةٌ عن إيجاد البدائل؟ عجيبٌ أمر هؤلاء! ألا يعلمون أن إغلاق هذه الفضائيات السورية سيكون نصرًا جديدًا مؤزرًا لسوريا؟ لأنه سيلهب مشاعر العرب في كل أرجاء هذا العالم، ولأنه سيدفع العرب جميعًا إلى الثورة ضد هؤلاء الطغاة الذين يقتلون الشعب السوري، وغيره من شعوب هذه الديار، ويحاصرون الشعب السوري، وغيره من شعوب هذه الديار، ويعتدون على الحريات العامة في القول والتفكير والتعبير، ويصادرون حق الشعوب في التعبير عن نفسها، ويصادرون أبسط حقوقها التي نصت عليها كافة الشرائع، وكفلتها كافة القوانين والأعراف في هذا العالم الذي يقول هؤلاء إنهم ينتمون إليه؟.

   إن المراقب المحايد المتتبع لسير الأحداث في سوريا منذ أربعة عشر شهرًا يستطيع بسهولة أن يدرك أن الغرب بشقيه، وبأداته ورأس حربته، وبأعوانه وحلفائه، وبكافة خلاياه العاملة، وتلك النائمة قد قرر توجيه ضربة قاضية لسوريا، لأسبابٍ تعرفها الدنيا كلها، ولقد قرر هذا التحالف في البدء تطبيق السيناريو الذي اتبعه في ليبيا، ولكنه فشل في ذلك، ولم يجد في الداخل السوري من يعتمد عليه، ويلجأ إليه في وضع هذا السيناريو موضع التنفيذ، ولما رُفع الأمر إلى مجلس الأمن كان الفيتو الروسي، والفيتو الصيني، وعندما أيقن الغرب، ومعه حليفته وربيبته ورأس حربته أنه سيصطدم بالمعسكر الشرقي الذي أعلن قادته أكثر من مرة أنهم لن يسمحوا بالعدوان على سوريا، فإنه قد راح يتراجع عن هذا السيناريو، وراح يعهد لأتباعه وحلفائه وأعوانه في بلاد العرب بهذه المهمة، وراح يكلف أردوغان، وبعض اللبنانيين بتهريب السلاح والمرتزقة والأموال إلى الداخل السوري، وراحت قنوات الحقد الأسود تقوم بدورٍ تحريضي مكشوف، وتمارس الأكاذيب والألاعيب ضد سوريا، كما راح شيوخ الفتنة يحرضون ضد هذا القطر العربي السوري، في الوقت الذي لم يخفِ فيه القادة الإسرائيليون قلقهم واستياءهم من بطء العمل الذي يجري ضد سوريا، وفي الوقت الذي عقد فيه "أصدقاء سوريا" عددًا من الاجتماعات لتنفيذ مخططاتهم دون جدوى، وبعد أن فشل الأتباع والأعوان والحلفاء والأدوات في القيام بدور الغرب، راح هذا التحالف يفكر بالسيناريو اليمني، وراح يعرض خططه ومخططاته في هذا الشأن، وراح أيضًا يروج لها، ولما لم تجدْ هذه الخطط والمخططات آذانًا صاغيةً في سوريا، وفي غير سوريا أيضًا، ولما حوصرت الفتنة التي حاولوا إشعال نارها، وإذكاء أوارها في طرابلس الشام بين علويٍّ وسنيٍّ وشيعيٍّ كما قالت بعض وكالات الأنباء، ولما عهدت الدولة اللبنانية بهذا الملف الطائفي البشع إلى الجيش اللبناني الذي حاصر الفتنة ووأدها في مهدها، أو هو في طريقه يقينًا إلى ذلك، ولما كان افتتاح مجلس الشعب السوري في دمشق، وما تضمنه خطاب الرئيس من إصرارٍ على متابعة نهج الإصلاح والتصدي والتحدي والمقاومة والممانعة والتمسك بالثوابت والحقوق والحفاظ على النهج العربي العروبي في سوريا، والمضي قدمًا في مقارعة الفتنة حتى تتم هزيمتها رسميًّا.. عندما حدث هذا، وكثيرٌ غيره في الأيام القليلة الماضية التي سبقت قرار هؤلاء الأعراب الذين باتوا يحكمون الجامعة العربية، ويتحكمون فيها، ويعقدون اجتماعاتهم في أروقتها بعد أن أنزلوا العلم السوري عنها، راح هؤلاء بالأصالة عن أنفسهم، وبالنيابة عن أسيادهم وحُماتهم الغربيين يطالبون بإغلاق الفضائيات السورية ظنًّا منهم أن إغلاقها سيساعدهم في تنفيذ المهمة التي أُسندت إليهم، وأُنيطت بهم، وراحوا يصعّدون من جرائمهم وموبقاتهم ضد شعب سوريا وجيشها، وراحوا أيضًا يلصقون كل ذلك بالنظام جريًا على مألوف عادتهم في ذلك!!.

   إن القراءة الموضوعية في هذا الملف السوري بخاصة، وفي غيره من الملفات العربية والإقليمية والدولية التي لا تنفصل عنه تشير بوضوح إلى أن سوريا ستخرج من هذه الفتنة التي أشعل نيرانها ألد خصومها وأعدائها أكثر قوةً، وأشد مضاءً، وأقوى عزيمةً، وسوف تشارك سوريا بعد ذلك في صنع النظام السياسي الرسمي العربي استنادًا إلى قواها الذاتية، واعتمادًا على التأييد الشعبي العربي والإقليمي، وانطلاقًا من المؤازرة الروسية، ومواقف بوتين الذي يتوقع المراقبون أن يظل في السلطة حتى عام 2024.

   وإن القراءة الموضوعية في أحداث العالم العربي تشير بوضوح إلى حتمية انتصار هذه الأمة العربية، وإلى حتمية استردادها كافة حقوقها في السيادة على أوطانها، وفي بناء هذه الأوطان، وصنع هذا الإنسان العربي الجديد القادر على المواجهة، وعلى العمل، والبناء، وحماية الأرض العربية من عدوان المعتدين، وأطماع الطامعين، وكذلك فإن هذه القراءة تشير بوضوح إلى إمكانية قيام نظام سياسي عربي يحترم الإنسان، ويحترم سائر حرياته، ويحترم حقه في العيش الآمن الحر الكريم، ويحترم كافة حقوقه في العمل، وفي المسكن والمأكل والمشرب والملبس، ويحترم كافة حقوقه في مجانية التعليم، ومجانية العلاج، والعيش باحترام في وطنٍ حرٍّ عزيز سيد مستقل يرفض التبعية للأجنبي، ويرفض المذلة والخضوع والهوان تحت أي ظرف، وبأي شكلٍ من الأشكال.

   وبعد، فإن المراقب المتتبع لسير الحوادث والأحداث في سوريا والعراق، وفي غيرهما من ديار العروبة لَيؤكد على أن خير هذه الأمة وعزتها ومنعتها وقوتها وتطورها وسيادتها على أرضها كامنٌ في وحدتها، وحاضرٌ في نبذها كل أسباب الخلاف والشقاق والنفاق والتبعية للأجنبي الطامع فينا، المجترئ علينا، المستهتر بنا.. وإن المراقب المتتبع لسير الحوادث والأحداث في هذا العالم العربي من محيطه إلى خليجه ليؤكد أن المستقبل الواعد المشرق البسام سيكون من نصيب هذه الأمة إذا هي أحسنت التصرف، وإذا هي عرفت كيف تقضي على خلافاتها، وإذا هي وحدت كلمتها، وتمسكت بثوابتها، وأنصفت أقلياتها، وساوتها بالغالبية من المواطنين في سائر الحقوق والواجبات، وإذا هي تحررت من التبعية للغرب بشقيه، وتحررت من الاستعمار القديم والحديث، وتحررت من التدخل الأجنبي في شأنها الداخلي، وتحررت من التبعية لأعدائها، وألد خصومها، ممَن ناصبوها، ويناصبونها كل أنواع العداء منذ فجر التاريخ، وإذا هي حافظت على توازنها واتزانها وكرامتها واحترامها بين أمم العالم وشعوبه.

12/6/2012