عزيزتي .. عزيزي
ما أجمل أن نلتقيَ على كلمة طيبةٍ في كلَّ يوم ! ما أجملَ أن نلتقيَ لِنحقَّ حقا ، ونزهقَ باطلا ونحيي ثقافة ، وننصفَ مظلومًا ، وننقدَ واقعًا أليمًا ، ونوقدَ شمعة تمزق من حولنا الظلام .
أعزائي .. يا أنصارَ الحق ، وطلابَ الحقيقة ، ومحبي الخير والجمال أفرادًا ، وجماعاتٍ ، ومجموعاتٍ ، ومؤسساتٍ ، نساءً ، ورجالا ، فتية ، وفتيات .. يا كلَّ المؤمنين بحق شعبنا العربي الفِلسطيني في العيش باحترام ، وأمن ، وأمان فوق ثرى وطنه الغالي فلسطين .. ويا كلّ عشاق هذه اللغة العربية من أبنائها وبناتها ، ومعلميها ومُتعلميها .. يا كلّ شعبنا.. يا كلّ العرب .. يا كلّ المؤمنين بحق الشعوب في الخلاص من التبعية ، والاستعباد ، والاستبداد ، وبحقها في التحرر، والبناء ، والإعمار ، والسيادة على ترابها الوطني ... هذا موقعكم .. ستجدون فيه ما يسركم من فكر ، ورأي ، ومقال سياسي ، واجتماعي ، واقتصادي ، وثقافي ، ونقدي ، وأدبي .. ستجدون فيه نثرًا وشعرًا ، وقصة ، وحكاية ، وستجدون فيه كتبًا ، ومتابعاتٍ ، ومقابلاتٍ ، ومواجهاتٍ ، ومراسلاتٍ ، ومساجلاتٍ ..ستجدون فيه كثيرًا مما كتبتُ على امتداد العقود الماضية ، وبخاصة في " القدس " المقدسية ، والبيادر السياسي ، وغيرهما من مطبوعات هذه الديار وصحفها .. وسأوافيكم من خلاله بكل ما سأكتب ... مكتفيـًا في هذه المرحلة بالكتابة إليكم ، حتى إذا ما فرغتُ من إحياء ما لديّ من قديم( مخطوطٍ ومطبوعٍ) ووضعتـُه بين أيديكم في موقعكم هذا ، وتفرغتُ بشكل كامل للكتابة في قضايا الساعة فتحتُ المجالَ أمامكم للمشاركة ، والمساهمةِ ، والنقاش والحوار ، والأخذ والرد على غرار ما تفعله كثير من المواقع الرائدة التي نكنّ لها كل الاحترام ، وندين لها بالولاء والعرفان ، ونتقدم منها بالتحية والتقديروالامتنان .
أرحب بكم في موقعكم هذا .. موقع الأسرى ، والعمال ، والفلاحين ، والطلبة ، والمثقفين ، والكتـّاب ، والأدباء ، والشعراء .. موقع المؤسسات ، وكافة أحرار هذا الوطن وحرائره ..مثمنـًا وقوفكم إلى جانبي .. آملا أن يكون لي شرف الإسهام في خدمة الوطن والمواطن في بلادنا العزيزة فِلـَسطين .. وفي كل ديار العروبة والإسلام.
عدنان السمان
15/6/2008
الجمعة، ٢٩ حزيران ٢٠١٢
مؤتمر جنيف.. هل يعيد لسوريا أمنها المنشود؟؟
الخميس، ٢٨ حزيران ٢٠١٢
في العلاقات السورية التركية!!
الثلاثاء، ٢٦ حزيران ٢٠١٢
في اليومين العالميين لمكافحة المخدرات، ودعم ضحايا التعذيب!!
الأحد، ٢٤ حزيران ٢٠١٢
متابعات
بعد أن أصبح مرسي رئيسًا لمصر
http://www.samman.co.nr/
وأخيرًا قال شعب مصر العربي كلمته، وفاز مرشح الإخوان برئاسة مصر، وأصدر المجلس العسكري قوانين مقيدةً نشرها في الحال في الجريدة الرسمية من شأنها أن تحد كثيرًا من صلاحيات الرئيس في كل الأمور الحيوية الحساسة المصيرية، بعد أن كان هذا المجلس قد اتخذ قرارًا من قبل بحل مجلس الشعب المصري المنتخب.. إن تسلسل الأحداث في مصر، ولا سيما في ما يتعلق بنتائج انتخابات الإعادة التي تفوق فيها مرسي على شفيق بفارق بسيط يشير بوضوح إلى التكافؤ بين الرجلين، وبالتالي بين التيارين المتنافسين في الشارع المصري، كما يشير بوضوح إلى هذا الانقسام الحاد، والتفاوت الشديد بين وجهات النظر السياسية والاجتماعية والفكرية، وكافة التوجهات بين فئات الشعب المصري.. ولئن جاءت هذه القراءة واضحة في انتخابات الإعادة هذه، فإنها كانت كذلك في انتخابات الدورة الأولى عندما تفوق مرسي على شفيق بفارق بسيط أيضًا، وعندما جاء حمدين الصباحي في المرتبة الثالثة، وأبو الفتوح رابعًا، والتي لم يتمكن فيها أحد من إحراز نسبة الحسم، فكانت الدورة الثانية، وكانت أيضًا هذه النتائج عندما التقى مرسي وشفيق فيها وجهًا لوجه، الأمر الذي عكس هذا التباين في توجهات الناخبين، وعزز من مكانة المجلس العسكري، وشدد من قبضته على سير الحوادث والأحداث في مصر.
لو كان ما حدث في مصر من تقارب بين هذين المرشحين المتنافسين على الرئاسة قد حدث في بلد أوروبي لما شكل ذلك خطورة على الوضع الأمني، ولكن الوضع في مصر مختلف، فالمراقبون باتوا يخشَون الفتن التي قد تعصف بمصر نتيجة هذه التباينات والتناقضات، ونتيجة هذا التقارب في عدد الأصوات، ونتيجة هذا الاحتقان السياسي، والتراشق الكلامي، وتبادل الاتهامات، والدعوة إلى الاعتصامات والاحتجاجات التي دعت إليها جماعة السادس من ابريل، استنكارًا لهذه القوانين والإجراءات التي بادر المجلس العسكري لاتخاذها من أجل تقييد الرئيس الجديد، والحد من صلاحياته.
إن ما حدث ويحدث في مصر، وما قد يحدث فيها أيضًا من تطورات، وتوترات قد يكون حافزًا للبحث عن حل، وقد يكون دافعًا للبحث عن مخرج يجنَّب مصر شرور الفتن، ويحميها من عاديات الزمن، ويقيها مآزق الانقسام، ويصونها من نتائج الشقاق، ويبعد عنها شبح المتسلطين الحالمين بحكمها، والتصرف بمصيرها، والعودة بها إلى الأحوال التي سادتها، وفرضت عليها خلال أكثر من ثلاثة عقود خلت، وخلال أكثر من عقد قبل ذلك أدى إلى هذه العقود الثلاثة.. وما دام الأمر كذلك، وما دام الوضع خطيرًا إلى هذا الحد الذي يراه كثير من المراقبين والمحللين السياسيين، ونراه نحن هنا في فلسطين، نظرًا لتأثيره المباشر على قضيتنا الفلسطينية، قضية العرب الأولى والمركزية كما كان يقال منذ اكثر من ستين عامًا، وما دام هذا الوضع الخطير بحاجة إلى من ينزع فتيله المتفجر قبل أن نقرع سن الندم، ولات حين مندم، فإن على الرئيس الجديد المنتخب أن يعمل من أجل احتواء الموقف، ونزع فتيل هذه الأزمة، بل هذه الفتنة التي تطل برأسها على مصر أُمَّ العرب.. على الرئيس المصري محمد مرسي أن يوسع قاعدة الحكم في مصر، وأن يعزز هذا الحكم الجديد، وأن يرفده بكثير من مصادر القوة التي تمكّنه من العمل، وتمكنه من الاستمرار، وتمكنه من خدمة مصر، وخدمة كل أقطار العروبة.
يحسن مرسي صنعًا إذا هو كلف (أبو الفتوح) بتشكيل الوزارة، ويحسن صنعًا إذا هو أقنع حمدين الصباحي ليكون نائبًا أول لرئيس الجمهورية، ويحسن صنعًا إذا هو أقنع شخصية مسيحية قبطية لتكون النائب الثاني لرئيس الجمهورية (وبهذا نكون قد تجاوزنا ما حدث عام أربعة وخمسين، ونكون أيضًا قد تجنبنا شرور الفتن الطائفية) ويحسن صنعًا إذا هو تحلى بالحد الأقصى من رباطة الجأش، وهدوء الأعصاب، وإذا هو تحلى بالحد الأقصى من التسامح والحزم، وإذا هو تحلى بالحد الأقصى من الوعي، والشعور بالمسئولية، والعمل بروح الفريق الواحد، وإذا هو عمل على بناء مؤسسة للرئاسة في مصر تمثل كل المصرين، وتضع الضوابط والقوانين والإشارات والمؤشرات والمنطلقات والخطوط الحمراء والصفراء والبرتقالية أيضًا لتصرفات كافة المسئولين في الدولة من القاعدة إلى القمة، ومن أصغر مواطن في البلد إلى رأس الدولة الذي لا يمكن أن يكون كبيرًا جديرًا بالمنصب إلا بمقدار ما يمثل من أبناء هذا الشعب المصري، وأبناء هذا الشعب العربي، وأبناء هذه الأمة الإسلامية الواحدة من أقصى المغرب العربي إلى ما وراء أندونيسيا، والمنتشرة على مساحة من الأرض تبلغ ثلاثة وثلاثين مليونًا من الكيلومترات المربعة، وتضم في رحابها ربع سكان هذا العالم، وأكثر من سبعين بالمئة من مياهه وثرواته وخيراته.
24/6/2012
الجمعة، ٢٢ حزيران ٢٠١٢
تفاهمات بوتين أوباما..هل تنهي الصراع في سوريا؟؟
متابعات
تفاهمات بوتين أوباما..هل تنهي الصراع في سوريا؟؟
أ. عدنان السمان
في لقائهما موخرًا في المكسيك اتفق الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين، والأمريكي برّاك أوباما حول عدد من القضايا العالمية، ومن بينها قضية الصراع الذي يجري على أرض القطر العربي السوري منذ خمسة عشر شهرًا، ومن أبرز ما اتفق عليه الرجلان حول الوضع في سوريا هو ضرورة حل هذه الأزمة حلاًّ سلميًّا سياسيًّا بموجب خطة المبعوث الدولي كوفي عنان، وهذا يعني أن تكف كافة الأطراف الخارجية عن تزويد العناصر التي تحارب النظام السوري بالمال والسلاح والتجييش الإعلامي والتحريض على الاستمرار في هذه الفتنة العمياء التي تكاد تحرق الأخضر واليابس في سوريا التي تتبنى كثيرًا من القضايا العربية والإسلامية، بالإضافة إلى هذه الثورة الاقتصادية الاجتماعية التعليمية الصحية الثقافية التي ينتهجها هذا القطر غير المدين لأحد بدولار واحد، والذي يأكل غالبًا مما يزرع، ويلبس مما يصنع، ويعلّم الناس جميعًا على أرض سوريا دون مقابل، ويطببهم، ويزرع لهم الأعضاء دون مقابل، ويقدم كثيرًا من ضرورات العيش، وعلى رأسها الخبز، دون مقابل يذكر.. ولعل كل هذه الحقائق، وكثيرًا غيرها، قد باتت معروفة للقاصي والداني، ولعل كافة خبراء الاقتصاد، والمراقبين المتتبعين للأحوال العامة في سوريا يعرفون يقينًا أن إنتاج هذا القطر العربي السوري الصغير من القمح قد بلغ مليون طن هذا العام رغم كل الحرائق، ورغم كل نيران الفتنة العمياء، ورغم كل الدمار الذي ألحقته هذه الفتنة في البلد، وموارد البلد، ومدارسه، ومشافيه، ومؤسساته، وبرامجه الإصلاحية التنموية، وخططه الاقتصادية، وغير الاقتصادية، ولعل كافة الخبراء والمراقبين يعرفون يقينًا كذلك أن إنتاج هذا القطر الصغير من الفستق الحلبي لهذا العام قد بلغ سبعة وستين ألف طن، ومن الكرز مئة وثلاثة وسبعين ألف طن.. وعلى ذلك قس، وإن شئتَ أن لا تقيس، فأنت حر، وإن كنت ممن يستمعون القول، فلا يتبعون أحسنه، فأنت حر أيضًا، وإن قلت مع القائلين إن سوريا ليست دولة!! فأنت حر، وإن كنت من المخدوعين بهذه الجعجعة الإعلامية التي ثبت كذبها وزورها وافتراءاتها وأهدافها منذ مدة طويلة فأنت حر (إنك لا تهدي من أحببت) وإن كنت من المصرين على استمرار العنف والقتل وسفك الدماء في سوريا، وفي غير سوريا من أرض العروبة، فأنت حر أيضًا.
ولكن الذي لا بد أن تعلمه – أيها الحر- أن كافة الأطراف التي خدعتك، وزينت لك سوء أفعالها، وضللتك، وقلبت لك الحقائق، وزورت الأحداث، وزودتك بهذا السيل العرم من الأكاذيب والافتراءات قد تراجعت عن كل ذلك، بعد أن أيقنت أن أمرها قد أفتُضح، وبعد أن أدركت أن المآزق التي ألفت فيها نفسها هي مآزق من العيار الثقيل الذي لا تحسد عليه، وبعد أن اقتنعت أن كل مساعيها قد باءت بالفشل، وأن كل أحلامها وأوهامها وأباطيلها وأطماعها قد تحطمت على صخرة مقاومة الشعب العربي في سوريا العربية، وعلى صخرة إصرار هذا الجيش العربي السوري على المحافظة على الشعب السوري، والوطن السوري، والدولة السورية المقبلة غير المدبرة، والزمن السوري الآتي، والأماني السورية التي تحقق كثير منها، وما سيتحقق منها في المستقبل المنظور أكثر.
ولعل ما توصل إليه الرئيسان الروسي والأمريكي مؤخرًا يقطع الشك باليقين أن أوباما قد بات أكثر من مقتنع أن هذا السلاح الذي حارب به أصحابُه سورية العربية كان سلاحًا ذا حدين، وكان سلاح سوريا أكثر مضاءً، وأشد فتكًا، وأن أوباما بات أكثر من مقتنع أن معظم الناس في هذا العالم يدركون الحقيقة، وأن كثيرًا من الدول العظمى تقف بكل قوة وثقة وإصرار إلى جانب سوريا العربية صانعة تاريخ العرب الحديث، وقبل هذا وذاك فإن أوباما قد بات مقتنعًا بضرورة وضع حد لكل هذه الدماء التي تسفك على أرض سوريا ظلمًا وعدوانًا، دون أن تحقق شيئًا من أهداف أعداء سوريا الذين تكالبوا عليها، وتحالفوا ضدها، وغزاها مرتزقتهم وأعوانهم في عقر دارها للنَّيل منها، فكانت النتيجة مزيدًا من التماسك، ومزيدًا من الإصرار على التصدي، ومزيدًا من الإصرار على التحدي، ومزيدًا من الإصرار على الخروج من هذه المواجهات أشد قوة، وأمضى عزيمة، وأكثر إصرارًا على تحقيق الغايات والأهداف والطموحات، وأكثر إصرارًا على تحدي العدوان، ووضع حد لهذه الفتنة العمياء، والخروج بسوريا العروبة والإسلام وقد زين النصر المبين مفرقها، وزينت هامها أكاليل الغار والياسمين الدمشقي السوري الأبيض، والبغدادي العراقي الأصفر، والفل الدمشقي الناصع البياض.
فهل نستطيع القول بعد تفاهمات بوتين أوباما إن الغرب سيوعز لكل أتباعه بضرورة التوقف عن كل محاولاتهم اليائسة البائسة التي ألحقت بهم كل هذا العار؟ وهل نستطيع القول إن الغرب بشقيه قد بات مقتنعًا بضرورة وضع حد لهذا الصراع الدامي الذي سفك كثيرًا من الدماء على أرض سوريا العربية دون وجه حق، وهل نستطيع القول إن أتباع الغرب وأعوانه من العرب، وغير العرب قد باتوا مقتنعين بهذا؟ وهل نستطيع القول بالتالي إن الصراع في القطر العربي السوري يوشك على نهايته، وإن هذا الصراع لم يكن من أجل الإصلاح، بل على العكس تمامًا، فقد كان من أجل هدم البلد، وتقسيمه، وشطب سوريا عن الخريطة، وضرب المقاومة والممانعة في الصميم بتمزيق سوريا، والقضاء عليها كدولة فاعلة في التاريخ منذ بدء الخليقة وحتى يومنا هذا؟ وهل نستطيع القول إن الباب قد أصبح مفتوحًا أمام المعارضين السوريين الوطنيين الشرفاء الذين يريدون الإصلاح؟ وإن الباب قد أصبح مفتوحًا أمام كل المخلصين الشرفاء من قادة العالم لعقد مؤتمرهم الذي يعلنون من خلاله وقوفهم بكل الحزم إلى جانب سوريا، وإلى جانب شعب سوريا، وإلى جانب التوجهات السورية العربية العروبية التقدمية التي لا تحابي، ولا تداهن، ولا ترائي، ولا تساوم، بل تبني، وتحمل راية المقاومة والممانعة، وتقود العرب في كل معارك البناء والتحرير القادمة، وتقودهم أيضًا نحو صناعة نظام سياسي عربي عروبي تقدمي تحرري يبني ولا يهدم، يوحد ولا يفرق، ويفتح الطريق لإقامة المشروع العربي الواحد الموحد على كل أرض العرب، وصولاً إلى المشروع الإسلامي العظيم على كل أرض المسلمين في مشرق الدنيا ومغربها.. لا نقول هذا تعصبًا، ولا نقوله ترويجًا لأحد، ولا نقوله انتقاصًا من شأن أحد.. هل من حقنا كعرب أن نتفاءل؟ وهل من حقنا أن نحلم بكل هذا، وأن نشرب المر، ونتحمل الآلام، ونخوض الصعاب من أجل مستقبل أمة العروبة والإسلام؟؟
أغلب الظن أن هذا هو ما سيحدث، والظن هنا ليس أكذب الحديث، بل إن الظن هنا هو من باب أصدق الحديث، ومن باب التأكيد على أن هذا هو ما سيحدث.. وأغلب الظن أن أمة العرب سوف تنفض عنها رداء المذلة والمهانة والتبعية والهوان والخضوع، وأغلب الظن أن الزعيمين الروسي والأمريكي قد نجحا أخيرًا في التوصل إلى الحل، وأنهما في طريقهما لإنهاء الصراع في القطر العربي السوري.. وإن غدًا لناظره قريب.
(23/6/2012)
في هذا اليوم العالمي للاجئين
متابعات
في هذا اليوم العالمي للاجئين
أ. عدنان السمان
لقد عرفت المجتمعات والتجمعات البشرية الحروب منذ أقدم العصور، واكتوت بنيرانها، وكانت تلك الحروب سببًا من أسباب التشرد والهروب واللجوء والهجرات الفردية والجماعية.. كما عرفت المجتمعات ظاهرة المحل والقحط وشحّ المياه، وما يترتب على ذلك من رحلة في الأرض بحثًا عن الكلأ والماء.. وعرفت المجتمعات والتجمعات الأوبئة على مر العصور، وعرفت فيها سببًا من أسباب الهجرة والهروب من مكان إلى مكان طلبًا للنجاة.. ويُضاف إلى هذه الأسباب، وكثير غيرها أسباب منها الكوارث الطبيعية من زلازل، وبراكين، وفيضانات، وعواصف عاتية، وأعاصير مدمرة، ومنها أيضًا الكوارث البيئية، وسطوة الحيوانات الكاسرة.. ومنها ظلم الإنسان للإنسان، وتجارة الرقيق، والرحلة في طلب العلم، أو طلب الرزق، ومنها السياحة الداخلية، والخارجية، والرحلات العلمية، والاستكشافية.. فإذا عجز هؤلاء أو أولئك عن العودة إلى أوطانهم بفعل مرض، أو وباء، أو حرب، أو نحو ذلك أصبحوا لاجئين، ثم تحولوا إلى مواطنين أو شبه مواطنين بمرور الزمن.
وإذا كانت المجتمعات والتجمعات البشرية الحديثة قد تخلصت من معظم أسباب اللجوء ومسبباته في الماضي السحيق والوسيط، إلا أن كثيرًا من هذه الأسباب والمسببات ما زال موجودًا وإن اختلفت الأسماء والمسمَّيات والصور والأشكال في هذا البلد أو ذاك، وفي هذه المنطقة أو تلك.
فالفقر الذي يعصف اليوم بكثير من البلدان، ويفتك بأكثر من مليار إنسان ما زال سببًا، وأيّ سبب، من أسباب التشرد والهجرة واللجوء، وما زال سببًا رئيسًا من أسباب معاناة البشرية واضطرابها.. ولدى البحث في أسباب هذا الفقر نجد أنه ناجم في معظم الأحوال عن عدوان الأقوياء، واستبدادهم بالضعفاء، ووضع يدهم على مقدّراتهم وثرواتهم وخيرات بلادهم.. وإن تظاهر هؤلاء الأقوياء أحيانًا بالإنسانية ومساعدة بعض الفقراء أو الضعفاء فإن ذلك لا يعني شيئًا، ولا يثبت براءتهم من هذه التهمة الدامغة، والمسئولية عما نحن بصدده، وما كل هذا الإحسان المُفتعل، والتظاهر بالإنسانية أحيانًا إلا نوع مما يمكن تسميته بالعلاقات العامة، وما يمكن تسميته على الأصح بالنفاق والخداع والرياء والتمادي في الضحك على الناس، والتمادي في استغفالهم واستغلالهم بهذا الشكل أو ذاك.
وما يقال في الفقر يقال في القمع السياسي، والاضطهاد الديني، والعرقي، والاجتماعي، والاستبداد الفئوي في كثير من البلدان مما يؤدي في النهاية والمحصِّلة إلى الهجرة إن لم يؤدِّ إلى الموت والتشوهات الجسدية والنفسية، والعيش إلى ما شاء الله في السجون والمعتقلات.. ولا يستطيع أحد إنكار مسئولية أولئك الأقوياء وتلك الدول المتنِّفذة في هذا العالم عن كل هذا الذي يحدث في كثير من أقطار هذا الكون!!
على أن هنالك سببًا من الصعب تجاهله لهذا اللجوء الذي يحاول الناس اليوم وضع حد له في هذا اليوم العالمي للاجئين.. أعني هجرة الأدمغة والعقول من أوطانها إلى عدد محدود جدًّا من الدول القوية المتنِّفذة في هذا العالم لأسباب تعلمها الشعوب، وتعلمها الحكومات، وتعلمها الأدمغة المهاجرة أيضًا.. ولكن لا أحد يعمل من أجل وقفها!! إن الدول القوية معنيَّة باستمرار هذه الهجرة، وإن غالبية الأنظمة في أقطار العالم الثالث معنيّة هي الأخرى بذلك، وإن أصحاب الأدمغة والكفاءات والمهارات هم أيضًا يدركون خطورة ما يفعلون، ولكنهم يريدون أن يعملوا.. ويريدون أن يمارسوا اختصاصاتهم، ويريدون أن يعيشوا حياة لائقة بهم.. ولا يجدون ذلك في بلدانهم، فيضطرون إلى الهجرة واللجوء، ويضطرون إلى العيش في تلك الدول.. وبذلك تخسرهم أوطانهم، وتخسرهم شعوبهم.. ولا يستفيد من ذلك كله ومن مضاعفاته وتراكماته، وتفاعلاته إلا أولئك الأقوياء!!
في اليوم العالمي للاجئين الذي يصادف هذا اليوم العشرين من حزيران لا يسعنا إلا أن نتوجه بالشكر إلى كل الأحرار الغيورين على أمن الشعوب وأمانها واستقرارها وتطورها وخلاصها من السلبيات والعلل والأمراض.. ولا يسعنا إلا أن نشد على كل الأيدي العاملة من أجل خير الشعوب، ونشر العدل والعدالة في الأرض، مطالبين كافة الشعوب بالعمل الجاد من أجل وضع حد للهجرة واللجوء، ومن أجل استصلاح أراضيها، لتأكل مما تزرع، وتلبس مما تصنع.. وفي اليوم العالمي للاجئين نقول: كفى تشردًا، وكفى هجرةً واغترابًا ولجوءًا، وكفى تشتتًا وطوافًا على غير هدًى؛ فلقد آن الأوان لكل لاجئ ومهاجر ومهجَّر أن يعود إلى وطنه!!
الثلاثاء، ١٩ حزيران ٢٠١٢
بعد أن أصبح مرسي رئيسًا لمصر...
الأحد، ١٧ حزيران ٢٠١٢
في هذا الملف..للمرة الألف!!
متابعات
في هذا الملف..للمرة الألف!!
أ. عدنان السمان
www. Samman.co.nr
هؤلاء الأسرى من الفلسطينيين والعرب في سجون المحتلين ومعتقلاتهم، وهؤلاء الموقوفون والمعتقلون الإداريون الذين تغص بهم مراكز التحقيق والتوقيف والاعتقال، وهؤلاء الأسرى من الكبار والصغار، والمرضى والأصحاء، من المضربين ومن غير المضربين عن الطعام، وأهالي هؤلاء الأسرى، وذووهم، وأقرباؤهم، وأنسباؤهم، وأصدقاؤهم، ومعارفهم، ومواطنوهم، وبنو جلدتهم من كافة الفئات والشرائح والمستويات، ومن سائر المجتمعات والمناطق والتجمعات.. هؤلاء جميعًا.. أليس من حقهم أن يعيشوا حياة حرة كريمة آمنة هادئة بعيدة عن كل أسباب التوتر والقلق والخوف والرعب؟ أليس من حقهم جميعًا أن ينعموا بالأمن والأمان والاستقرار، بعيدًا عن التعدي والتحدي والعدوان والاستفزاز، وبعيدًا عن التحكم والتجبر والتسلط والاستبداد والاستعباد، وبعيدًا عن حياة السجون والمعتقلات، ومراكز التوقيف والتحقيق والإذلال؟؟ أليس من حقهم أن يعيشوا في وطنهم، وقد حصلوا على حقوقهم المشروعة الثابتة فيه؟؟ أليس من حقهم جميعًا أن يعيشوا سادة أحرارًا كرامًا في ديارهم، وقد تخلصوا من كل مفردات اللجوء والشتات والاغتراب والغربة، ومن كل مفردات العنصرية والتمييز والجوع والخوف، ومن كل سياسات النهب والسلب والمصادرة والهدم والتشريد والوعيد والتهديد والاستكبار والإقصاء والاحتواء والاستعلاء؟؟ فلماذا لا يخرج كل هؤلاء الأسرى إلى عالم الحرية؟ ولماذا لا يضع هذا المجتمع الدولي حدًّا لكل ألوان التعدي والعدوان على هؤلاء الناس في كل أوطانهم؟ ولماذا لا يتكفل هذا المجتمع الدولي بإحقاق كافة الحقوق التي نصت عليها مواثيقه، وكفلتها قوانينه لكل الناس في هذا العالم؟ ولماذا لا يضمن مجلس الأمن الدولي كافة حقوق هذا الشعب في بلاده؟ ولماذا لا يطبق مجلس الأمن كافة القرارات المتعلقة بهذا الشعب، وبحقوق هذا الشعب في بلاده فلسطين؟؟ ولماذا لا يضع مجلس الأمن حدًّا لسائر الاعتداءات على هذا الشعب؟ ولماذا لا يغلق مجلس الأمن بالتالي هذا الملف الأسود، ملف الاعتقال الإداري والسياسي؟ ولماذا لا يغلق ملف أسرى الحرية بعد أن أصبح وصمة عار في جبين حقوق الإنسان، ووصمة عار في جبين المجتمع الدولي، ووصمة عار في جبين هذه المنظمة الدولية منذ أكثر من ستين عامًا، بل منذ أكثر من ذلك بكثير إذا عدنا بالذاكرة إلى ذلك الانتداب البريطاني على بلادنا فلسطين، وما فعله ذلك الانتداب بفلسطين والفلسطينيين منذ أن وطئت أقدامه بلادنا في أعقاب الحرب العالمية الأولى، وحتى العام الثامن والأربعين من القرن الماضي؟!!.
لقد تعرض عشرات الآلاف من أبناء هذا الشعب المسالم للموت والأسر منذ تلك الأيام، كما تعرض هذا الشعب المسالم لكل أنواع الخوف والرعب والجوع في تلك الأيام التي لا تنسى من تاريخه، ثم تعرض للتهجير من وطنه بعد ذلك،حيث أجبر نحو مليون فلسطيني على الهجرة عام ثمانية وأربعين، وقد أصبحوا اليوم ستة ملايين لاجئ يهيمون على وجوههم في كل واد، في الوقت الذي يبلغ فيه تعداد الفلسطينيين في فلسطين التاريخية اليوم ستة ملايين أيضًا تعيش غالبيتهم الساحقة حياة الذل والفاقة والمهانة والاغتراب على أرض الوطن! في الوقت الذي تقبع فيه هذه الآلاف من الأسرى والمعتقلين في السجون والمعتقلات.. إن قرابة مليون فلسطيني قد جرب حياة الأسر، وتعرض للاعتقال والتوقيف والتحقيق منذ عام سبعة وستين، فإذا أضيف إلى هذا العدد مَن تعرضوا لذلك من قبل، وإذا أضيف إليهم أيضًا مَن تعرضوا لمثل ذلك في منافيهم خارج أرض الوطن، فإننا نستطيع القول إن أكثر من مليوني فلسطيني قد مروا بتجربة الأسر والاعتقال بنسب متفاوتة!!.
ولقد اشتكى الفلسطينيون، واحتجوا، ولطموا الخدود، وشقوا الجيوب، وكتبوا، واستنكروا كل هذه الإجراءات، وكل هذه الاعتداءات والاعتقالات.. ولكن دون جدوى!! وكأن الفلسطيني إنما خلق للعذاب والاضطهاد والأسر والاعتقال الإداري والسياسي، وكأن الفلسطيني إنما جاء إلى هذا الوجود ليكون عبدًا، أو شريدًا، أو شهيدًا، أو لاجئًا، أوسجينًا، أو معتقلاً، أو موقوفًا، أو رقمًأ في مقابر الأرقام، أو تابعًا ذليلاً لهذا (السيد) أو ذاك، وفقًا لهذه المشاريع المرحلية أو تلك!! وكأن الفلسطيني قد جاء إلى هذا الوجود بلا وطن يؤويه، أو عشيرة تحميه، أو مجتمع دولي يتبناه ويرعاه، ويرد إليه اعتباره مع الاعتذار، ويعيد إليه كامل حقوقه التي جرد منها ظلمًا وعدوانًا، وبدون أي وجه حق!!.
للمرة الألف تحدث المتحدثون في هذا الملف، وكتب الكتاب في هذا الملف.. وللمرة الألف قال الفلسطينيون، وقال معهم كل أحرار العالم وشرفائه، وقالت معهم الدنيا كلها: إن كل هذا الذي يتعرض له الفلسطينيون من تجويع وتنكيل وتقتيل وتركيع وحبس واضطهاد واعتقال إداري وسياسي هو قمع لا يمكن أن يستمر، وهو محاولات يائسة بائسة لإجباره على التخلي عن وطنه وحريته وكرامته وانتمائه.. ولكن دون جدوى.. فهذا الشعب العربي الفلسطيني شعب حر كريم أبيّ، وهو شعب أعلنها ثورة على السجن والسجان.. ويكتب في هذا الملف وآلامه وأوجاعه للمرة الألف.. وسيواصل العمل حتى تحرير آخر أسير من أسراه، وحتى تحرير آخر حبة تراب من تراب وطنه الطاهر المقدس الطهور.. وسلام على القدس والخليل وغزة والجليل.. سلام على فلسطين في العالمين.
17/6/2012
الخميس، ١٤ حزيران ٢٠١٢
من أجلِ نظامٍ تعليميًّ عربيًّ متوازنٍ طَموح!!
الاثنين، ١١ حزيران ٢٠١٢
قراءة موضوعية عاجلة في أحداث سوريا...
متابعات
قراءة موضوعية عاجلة في أحداث سوريا...
أ. عدنان السمان
www. Samman.co.nr
في البدء لا بد من التأكيد على أن الحكمة هي ضالّة المؤمن، وعلى أن الحقيقة هي الهدف الذي يسعى إليه، وأن كلمة الحق يجب أن تقال حتى لو كانت ضد أقرب الناس إليك، وأدناهم منك، وحتى لو كانت أيضًا إلى جانب عدوٍّ يناصبك العداء، وقديمًا قالت العرب: والفضل ما شهدت به الأعداء.
وفي البدء أيضًا لا بد من الإشارة إلى أن المؤمن أخو المؤمن لا يسلمه ولا يخذله، ولا يتخلى عنه، ولا يبيعه بكل كنوز الدنيا، وبكل مغرياتها، ولا بد من الإشارة إلى أن المسلمين تتكافأ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، وهم يدٌ على مَن سواهم، ولا بد أيضًا من الإشارة إلى أنه إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار، لأن المقتول كان حريصًا على قتل صاحبه!! ولا بد من التأكيد على أن الناس جميعًا في كل ديار العروبة والإسلام هم إخوةٌ متحابون، ومواطنون متساوون أمام القانون، وهم جميعًا شركاء في بناء أوطانهم، وصنع حضاراتهم، وإثراء ثقافاتهم، يشهد على هذا تاريخ هذه الديار العربية الإسلامية، وحضارة هذه البلاد العربية الإسلامية، وآداب هذه الديار العربية الإسلامية، وعلومها، وسائر إنجازاتها في مجالات الطب والهندسة والصيدلة والفلك واللغات، وسائر العلوم الإنسانية التي بنى صرحها، وأرسى دعائمها، وأعلى بنيانها كل مواطني هذه الديار على اختلاف ألوانهم وأعراقهم وألسنتهم وأديانهم ومعتقداتهم وتوجهاتهم عندما قرروا العيش في كل ديار العروبة والإسلام، في شرق الدنيا وغربها، إخوة متحابين متسامحين عاملين من أجل إثراء هذه الحياة وإغنائها بالعلم والعمل والمحبة والتسامح والتعاون والبناء والتقدم والتطور والنهوض بالأفراد والمجتمعات والتجمعات والشعوب، لتنهض بذلك الأمة ، ويحقق الناس الغاية التي وُجدوا من أجلها، والهدف الذي من أجله كانت هذه المجتمعات، وكانت هذه الحياة البشرية في هذا الوجود.
لا بد من التذكير بهذا كله، ولا بد من التأكيد عليه، والإشارة إليه، ولا بد قبل ذلك، أو بعده، من الإشارة إلى أن علاقة هذه الدولة العربية الإسلامية مع غيرها من الدول كانت قائمة على الاحترام والتعاون وتبادل الخبرات والمعلومات، ولا ينسى أحد من أهل هذه الديار، وغير هذه الديار، كيف كانت العلاقة بين المسلمين وأعدائهم حتى في حالة الحروب والغزو العسكري، عندما أرسل صلاح الدين أكبر أطبائه وأشهرهم لعلاج أكبر أعدائه ريكاردوس، ولا أحد من أهل هذه الديار أيضًا يمكن أن ينسى كيف كانت هذه الدولة العربية الإسلامية قوية عزيزة مرهوبة الجانب يخشاها أعداؤها، وإن كلمات الخليفة العباسي التي وجهها إلى الغزاة لا تزال تتردد في جنبات هذا الكون: الجواب ما تراه، لا ما تسمعه، لقد أرسلت لك بجيش أوله عندك، وآخره في منابت الزيتون!! ومنابت الزيتون هي بلاد الشام.
لم تكن علاقة العرب والمسلمين مع غيرهم من دول هذا العالم آنذاك قائمة على الخضوع والتبعية، ولم تكن قائمة على المذلة والهوان، ولم تكن قائمة على تلقي التعليمات والأوامر من تلك الدول، ولم يكن العرب والمسلمون ليسيروا في فلك تلك الدول، ولم يكونوا ليطئطئوا الرؤوس، أو يحنوا القامات والهامات أمام رؤساء تلك الدول، أو سفرائها، أو جيوشها، وإنما كان العرب والمسلمون سادة الدنيا في أيام السلم، وفرسانها في أيام الحرب، ولعل من الضروري هنا أن نشير إلى أن هذه الديار قد تعرضت في الماضي لموجات من الغزو، وأسراب من الغزاة، وألوان من الاحتلال والمحتلين، ولكن أهل هذه الديار على اختلاف ألوانهم وأعراقهم وأديانهم كانوا دائمًا يتصدون لهؤلاء الغزاة المحتلين، وكانوا دائمًا يحررون هذه الديار العربية الإسلامية من عدوانهم وغزوهم، وكانوا دائمًا يستعيدون أراضيهم وديارهم من عدوان المعتدين الغزاة الطامعين.
هكذا كان العرب، وهكذا كان المسلمون في سالف الأحقاب والأزمان، وهكذا كانت علاقاتهم مع غيرهم من دول هذا العالم وأممه وشعوبه، على الرغم من تلك الانتكاسات التي أصابتهم في ذلك الماضي، وعلى الرغم من فترات الضعف التي كانت تعتريهم بين الحين والآخر، وعلى الرغم من الهزائم التي حاقت بهم أيضًا.. إلا أنهم كانوا سرعان ما يحولون الهزائم إلى انتصارات، وسرعان ما كانوا يستردون عافيتهم، ويحررون أوطانهم، وسرعان ما كانوا يوحدون صفوفهم من جديد.
إن تاريخ هذه الديار (على الرغم من كثير من المآخذ، وكثير من السلبيات) هو تاريخ مشرّف مشرق، وهو تاريخ حافل بالأمجاد وحافل بالانتصارات، وحافل بالعزة، والثقة، والمحبة، والتسامح حتى في أسوأ الظروف، وأمرّها، وأشدها حلكةً وسوادًا .. ولقد كان تاريخ هذه الديار حتى عهد قريب تاريخًا يبشر بقرب انتصار العرب على أنفسهم، وبقرب انتصارهم على عوامل ضعفهم وتخلفهم وتفرقهم وتمزقهم، وبقرب انتصارهم لقضاياهم العادلة، وما أكثر هذه القضايا!! لقد كانت الشعوب العربية حتى عهد قريب شعوبًا متفائلة مؤمنة بحقها في الوحدة والحرية والاستقلال، شعوبًا مؤمنة بحقها في فلسطين، وحقها في تحرير كافة أراضيها المحتلة، وحقها في بناء دولة الوحدة العربية، وإقامة المشروع العربي فوق أرض العرب.. ولقد كانت هذه الشعوب حتى عهد قريب لا تنظر بارتياح إلى هذه الحدود التي اصطنعها الاستعمار بين أقطار العالم العربي، ولا تنظر بأدنى ارتياح إلى هؤلاء الحكام الذين يسيرون في فلك الغرب، ويستمرئون التعاون معه، والتبعية له، والسير على خطاه.. ولقد كانت هذه الشعوب حتى عهد قريب مؤمنة بثوابتها، متمسكة بحقوقها، متشبثة بأهدافها وغاياتها في صنع الحياة الحرة الكريمة لأمة العرب على كل أرض العرب.
وإن تاريخ هذه الديار ليؤكد بما لا يدع أدنى مجال للشك على أن معسكر الاعتدال العربي (وهو المصطلح الذي يطلقه السياسيون العرب على البلدان العربية الموالية للغرب) كان حتى عهد قريب لا يجرؤ على المجاهرة بتبعيته للغرب، وكان حتى عهد قريب يخشى الشعوب العربية، ويخشى الأنظمة العربية التقدمية، ويخشى الثوريين العرب، والتقدميين العرب، والمثقفين العرب، والإعلاميين العرب، ويخشى الحركة التحررية العربية، والحركة الوطنية العربية، والحركة القومية العربية، والمد القومي الثوري العربي.. وكان هذا المعسكر يعمل – على الأغلب – في الظلام، حتى كانت حرب أكتوبر 73، وكانت اتفاقات كامب ديفيد، وكانت معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، وما تلا ذلك من معاهدات واتفاقات، وما أعقب ذلك من علاقات عربية اسرائيلية رسمية أو شبه رسمية، سياسية، أو اقتصادية.. لقد تمكن هذا المعسكر من الترويج لأفكاره وسياساته وارتباطاته وتوجهاته، وتسويغ ذلك كله، أو فرضه على كثيرٍ من العرب، مستفيدًا في ذلك من انهيار الاتحاد السوفياتي، ومستفيدًا من ضعف حركة التحرر العربي، واهتزازها أمام ضربات الغرب، ومستفيدًا من اجتياح العراق العربي، ودخوله في حظيرة الاحتلال، ومستفيدًا من التبشير الغربي بالفوضى الخلاّقة، ومستفيدًا من حالة التقهقر العربي، والتراجع العربي، والانهيار الذي أصاب كثيرًا من العرب على اختلاف أسمائهم ومسمياتهم، وعلى اختلاف صفاتهم ومواصفاتهم.. وهكذا وجد كثير من العرب أنفسهم في سباق مع الزمن من أجل تحقيق المكاسب الشخصية عن طريق الانخراط في سلك هذه الأنظمة، وفي سلك هذه المشاريع التي أقامها الغرب بشقيه مع حليفته، ورأس حربته في المنطقة العربية.. وهكذا أيضًا دخل كثير من المثقفين العرب، والكتاب العرب، والإعلاميين العرب، والمفكرين العرب، والأكاديميين العرب، وزعماء القبائل العرب، والعمال العرب، والنقابيين العرب، وكثير من الشخصيات الاعتبارية العربية، وكثير من الرأسماليين العرب هذه اللعبة القديمة الجديدة، وأصبح هؤلاء إضافة إلى من سبقوهم أعضاء فاعلين على الساحة العربية، ومع هذه الأنظمة العربية، أو خلايا نائمة تنتظر الإشارة للتحرك.
وهكذا أصبح معسكر الاعتدال العربي قوة سياسية اقتصادية إعلامية اجتماعية تغلغلت في صفوف أبناء الأمة العربية (مستفيدة من هذه الخلافات والانقسامات، وموظفة حالة البطالة والفقر والحصار وسائر التناقضات) وضمت كثيرًا منهم إلى صفوف أجهزتها وقواتها النظامية والشعبية.. وهكذا أيضًا وجد هذا المعسكر نفسه وجهًا لوجه أمام تحالف طهران – بغداد – دمشق – أنقرة، هذا التحالف الذي يدعم حزب الله والمقاومة في لبنان، وحماس والمقاومة في فلسطين.. وهكذا أيضًا خاض هذا المعسكر حربه المكشوفة ضد هذا التحالف: فإيران شيعية فارسية تضطهد السنّة، وتحتل ثلاثًا من الجزر العربية، وتعكف على مشروع نووي رهيب يهدد الأمة العربية في شبه الجزيرة والخليج، وعليه، فلا بد من التصدي لإيران ولمشاريعها الرهيبة، وأطماعها في بلاد العرب، وأما العراق فكثير من أبنائه شيعة، ولكن كثيرًا منهم أيضًا سنيون، دولة شمال العراق كردية سنية، وهذا يخدم قضيتنا كثيرًا، وأما بغداد ووسط العراق فلا بد من تفجيره وتثويره وإحراقه بنيران رجال السّنة.. وأما سوريا فلا بد من إحراقها وتمزيقها بحرب أهلية طائفية مدمرة، أما السبب، أو الأسباب، فمؤازرتها للمقاومة اللبنانية التي استولت على لبنان، وحررت الجنوب، وهزمت إسرائيل، وباتت صواريخها تهدد الوجود الإسرائيلي، وتهدد بالطبع وجود كثير من التجمعات العربية الموالية لمعسكر الاعتدال، وسلاح حزب الله هو سلاحٌ سوري إيراني يجب أن يُنزع، وهو يدٌ سوريّة إيرانية يجب أن تُقطع!! وأما المقاومة في فلسطين فيجب أن تنتهي إلى الأبد، ليتمكن المجتمع الدولي من حل هذه القضية، وفرض الحل الذي يراه، كما فرض كثيرًا من الحلول من قبل!! أما الانتخابات التي أتت بهؤلاء، فإننا لا نعترف بنتائجها، لأنها التفافٌ على "الديمقراطية" وتسخير صندوق الانتخاب لغاياتٍ وأهدافٍ لا نريدها، ولا يريدها المجتمع الدولي، فصندوق الانتخاب يجب أن يأتي بالمسالمين، وإلا فإن أحدًا لا يمكن أن يعترف بمن أتى بهم هذا الصندوق، لأن هذه هي الديمقراطية، ولأن هذا هو العدل والحق، ولأن هذا هو السلام الذي اتفقنا عليه، ونسعى إليه.
وأما تركيا، فلا بد أن يقف أردوغان عند حده، ولا بد أن يُلغي كافة الاتفاقات التي أبرمها مع سوريا، ولا بد أن ينقلب إلى عدو لسوريا من جديد، بتحريض من حلف الناتو الذي قرر شطب سوريا عن الخريطة، بعد إسقاط النظام فيها، وتقسيمها إلى عددٍ من الدويلات الطائفية والعرقية.
معسكر الاعتدال العربي، وبعد سيطرته على الجامعة العربية، وبعد تخلي الغرب عن فكرة تدمير سوريا بأسلحته وطائراته وصواريخه وعدوانه المباشر كما فعل في ليبيا بعد موقف روسيا والصين، وبعد أن أوكل إليه الغرب هذه المهمة راح يعمل بكل الوسائل من أجل إنجاحها، بالتعاون مع الغرب وإسرائيل صاحبتي المصلحة في شطب سوريا عن الخريطة كدولة مستقلة ذات سيادة، وتقسيمها إلى دويلات، وضم أجزاء منها إلى هذا البلد أو ذاك... وراح هذا المعسكر يعقد المؤتمرات، ويستقطب الأنصار والأعوان، وينسّق مع كل أعداء سوريا، ويجنّد الحاقدين والجهلة والموتورين والبسطاء الذين لا يعرفون حقيقة ما يُراد بهم، وبوطنهم السوري، وبوطنهم العربي بعد ذلك، ويخوضها حربًا مدمرة على السوريين في مدنهم وقراهم، ويرتكب من المجازر والمذابح ما تقشعر لهوله الأبدان، ملصقًا كل ذلك بالنظام، ومتهمًا جيش سوريا بما يرتكبه هو من عدوان على الناس في أرزاقهم وأموالهم وأعمالهم ومؤسساتهم وأمنهم وأمانهم واستقرارهم، تقف إلى جانبه في كل ذلك، وفي كثير غيره مما لا يقال، ومما لا تستسيغ سماعه الآذان فضائيات عربية وغير عربية، وشيوخ مسلمون ضالعون مع رموز هذا المعسكر، يزينون له سوء عمله، ويشدون أزره بهذه الفتاوى التي بات أمرها عجبًا، وبات وقوفها إلى جانب أعداء العروبة والإسلام جليًّا واضحًا ليس بحاجة إلى دليل أو برهان!!
ولكن ما ينبغي أن يشار إليه في الوقت نفسه أنه، وبعد مرور أكثر من أربعة عشر شهرًا على هذه الفتنة العمياء التي أثاروها في سوريا العربية، وبعد كل أعمال التدمير والتفجير والتقتيل وسفك الدماء، وكل محاولات تخريب البلد، وكل محاولات الاصطفاف، والأعمال الكيدية، والأكاذيب، والافتراءات، والفتاوى التحريضية التي مارسها شيوخ الفتنة، وبعد كل هذه المؤامرات العربية الإسرائيلية الغربية التي بات المراقبون السياسيون والعسكريون في هذه الديار يدركون جيدًا كل أبعادها، ويمسكون جيدًا بكل خيوطها ومؤشراتها خيطًا خيطًا، ومؤشرًا مؤشرًا، وبعد افتضاح أمر هذه المؤامرات للقاصي والداني، وبعد أن رُفع المحظور، وظهر المستور، وسقطت ورقة التوت، أو أوراق التوت، وبعد أن صار اللعب بعد كل هذه المدة الزمنية على المكشوف، وبعد أن أصبح المراقب في هذه الديار، وفي غيرها من ديار العروبة لا يخشى في قول كلمة الحق لومة لائم، وبعد أن أصبحت المعركة معركة وجودٍ أو عدم، وبعد أن سقطت كل الأقنعة عن كل الوجوه.. ما ينبغي أن يشار إليه بعد كل هذا هو أن سوريا قد تصدت لهذه المؤامرات والدسائس بكل قوة وجرأة ووحدة وتماسك وثبات، وأن جيش سوريا كان متماسكًا قويًّا ولا يزال، وأن شعب سوريا قد انتصر على المؤامرات والدسائس على كثير من الصعد، وفي أكثر من مجال، وأن الغالبية الساحقة من المسلمين السنة في سوريا قد حاربت هذه المؤامرات، وتنبهت لمراميها منذ الأيام الأولى لهذه الفتنة العمياء، والجهالة الجهلاء، وكذا سائر الطوائف والمذاهب والأعراق والألوان والألسنة في سوريا العربية، وأن الغالبية الساحقة من أبناء العروبة والإسلام من المقيمين في سوريا العربية كانت ولا تزال كغيرها من السوريين الشرفاء الذين يفتدون تراب الوطن السوري بالمهج والأرواح، وأن الغالبية الساحقة من أبناء العروبة في أقطار الجوار، وعلى امتداد الوطن العربي أيضًا قد ازدادت تمسكًا بعروبة سوريا، وتأييدًا لكل مواقفها العربية العروبية المعلنة، وبكل توجهاتها السياسية والفكرية والثقافية والنفسية في كل بلاد العرب والمسلمين، ولعل طرد السفراء الغربيين من دمشق يشير بوضوح إلى إصرار هذا القطر العربي على الندية في المعاملة، ولعل هذا أيضًا قد أثار إعجاب كثيرٍ من العرب، وإعجاب كثيرٍ من المسلمين بمواقف سوريا الثابتة، وغير القابلة للمساومة والمهادنة على حساب الحق العربي والكرامة العربية.
وما ينبغي أن يُشار إليه هو أن العزف على نغمة سنيٍّ وشيعيٍّ لم تجد آذانًا صاغية، ولم يتمكن المخططون لهذه الفتنة الكبرى من تحقيق أهدافهم، ولم يتمكنوا من تحريك الجماهير العربية بالعزف على هذه النغمة النشاز، والضرب على هذا الوتر المقطوع، ولم تجد آذانًا صاغية كذلك كل محاولات التكفير، وكل محاولات التحريض، وكل محاولات إغراق الحدود السورية بالأموال والأسلحة والمرتزقة المجلوبين من كل واد.. لقد انقلب السحر على الساحر في تركيا، حيث تحاصر الأحزاب التركية، والقوميون الأتراك، ونقابات العمال، وكثير من المثقفين والمفكرين والإعلاميين هذه الحكومة التركية التي يقف على رأسها أردوغان، لأن الشعب التركي، والأحزاب والتنظيمات والقوى الوطنية والاجتماعية والثقافية في تركيا، كل ذلك لا يريد لهذه العلاقات التركية السورية أن تتدهور، ولا يريد لهذه الحدود بين البلدين أن تُستغل ضد سوريا، وشعب سوريا، وإرادة الحرية والتحرر والتحرير في سوريا.. ولقد انقلب السحر على الساحر في لبنان، وكانت الوحدة الإسلامية التي تجلت بين الشيعة وكثير من أقطاب السّنة ورموزها، والغالبية الساحقة من المسلمين السّنة على كل أرض لبنان، مضافًا إليها هذه الوحدة الإسلامية المسيحية التي جمعت في صفوفها كافة الشرفاء من اللبنانيين العرب العروبيين.. كان ذلك كله هو الرد اللبناني على كل محاولات تسخين "الحدود"، وعلى كل محاولات تهريب الأسلحة والأموال والمرتزقة إلى الوطن السوري عن طريق هذه "الحدود".. ولقد انقلب السحر على الساحر في كل أقطار الجوار، وباءت كل مراهنات المراهنين على التلاعب بعواطف الناس ومشاعرهم بالخسران المبين، وها هم الناس في كل أقطار الجوار يؤكدون وقوفهم إلى جانب سوريا، والتفافهم حول قلعة العروبة في دمشق.. وكذلك فإن السحر بدأ ينقلب على الساحر في تلك المناطق التي تعهدت أنظمة الحكم فيها بمواصلة أعمال التخريب والقتل والتدمير في سوريا نيابة عن كل أعدائها، وبالأصالة عما تكنه لسوريا ولكل العرب الشرفاء من حقد وكراهية وعداء، لقد بدأ السحر ينقلب على الساحر هناك، ويستطيع المراقب بسهولة ويسر ودون عناء أن يرى ذلك على وجوه أولئك الذين يناصبون سوريا وأمة العرب العداء، وأن يدرك أبعاد ذلك أيضًا في هذيانهم وتناقضاتهم وأميتهم التي تعكسها حركة ألسنتهم في أفواههم، وما تخفي صدورهم أمر وأدهى، ولكن لا يشعرون، ولكنهم – يقينًا – سيعرفون أن الله حق عندما تتولى شعوبهم أمر حسابهم وعقابهم ومساءلتهم عن نفط هذه الأمة، وأرصدتها في يوم بات أقرب إليهم من حبل الوريد.
ما من شك في أن من أسباب انتصار سوريا على هذه الفتنة العمياء هو وقوف روسيا والصين وكثيرٍ من دول العالم وشعوبه إلى جانبها، وما من شك في أن تماسك الشعب والجيش كان سببًا من أسباب ذلك، وكذلك فإن وقوف كثير من الأشقاء العرب، والإعلاميين العرب، والمفكرين العرب، والأحرار العرب إلى جانب سوريا كان له تأثير بالغ على حسم الأمور فيها لصالح الوطن السوري، والقضية السورية التي انتصرت على كل دعاة الفتنة والوقيعة والدسيسة، ومحاولات القضاء على هذا القطر العربي السوري، وشطب هذا الاسم الجميل، ومحوه عن الخريطة كما يقول كثير من المفكرين العرب والأجانب، وما من شكٍّ أيضًا في أن الإعلام السوري قد لعب دورًا مميزًا في هذا، وقد كان له الأثر البالغ في شرح الحقيقة، وتوضيحها، وكان له الأثر البالغ في الرد على خصومه، وفي الرد على المتآمرين الكاذبين المفبركين المحرضين، وكان له الأثر البالغ في إقناع الشرق والغرب بكثيرٍ مما يحصل على الأرض في سوريا، وبكثيرٍ من الحقائق المتعلقة بالأوضاع في سوريا، ولقد تمكن الإعلاميون السوريون بما لديهم من فضائيات ومطبوعات ووسائل إعلام واتصال من إحراز النصر على جيوشٍ كثيرةٍ متنوعةٍ تجمعت للنيل من سوريا، وعلى مؤتمراتٍ تبنت كثيرًا من المؤامرات ضد سوريا، وضد لبنان، وضد فلسطين، وضد العراق، وضد أمة العرب، وضد القرار العربي الحر السيد المستقل، وضد مصير هذه الأمة العربية، ومصير الأجيال العربية على كل أرض العرب.
واليوم، وبعد أن تبين لكل هؤلاء وأولئك ما كان لهذا الإعلام السوري، والإعلاميين السوريين، وللإعلاميين العرب الشرفاء من أثرٍ فاعل في هزيمتهم، وتعرية أكاذيبهم، ورد كيدهم إلى نحورهم، وبعد أن أيقن هؤلاء وأولئك أن الإعلام العربي السوري قد تمكن من إحراز النصر في معارك غير متكافئةٍ مع كل هذا التجييش الإعلامي الذي استهدف سوريا، واستهدف معها كل قضايا الأمة العربية العادلة، فقد قرروا في جامعتهم مؤخرًا أن يشطبوا الفضائيات السورية، بعد أن فشلوا في شطب الوطن السوري! ظنًّا منهم أن إغلاق هذه الفضائيات سيمكّنهم من سوريا! ألمثل هذا الحد بلغ بهم الحقد على سوريا؟ أإلى هذا الدرك قد انحدر بهم التفكير؟ أيظنون أن هذه الشركات لعبة في أيديهم؟ أم يظنون أن سوريا عاجزةٌ عن إيجاد البدائل؟ عجيبٌ أمر هؤلاء! ألا يعلمون أن إغلاق هذه الفضائيات السورية سيكون نصرًا جديدًا مؤزرًا لسوريا؟ لأنه سيلهب مشاعر العرب في كل أرجاء هذا العالم، ولأنه سيدفع العرب جميعًا إلى الثورة ضد هؤلاء الطغاة الذين يقتلون الشعب السوري، وغيره من شعوب هذه الديار، ويحاصرون الشعب السوري، وغيره من شعوب هذه الديار، ويعتدون على الحريات العامة في القول والتفكير والتعبير، ويصادرون حق الشعوب في التعبير عن نفسها، ويصادرون أبسط حقوقها التي نصت عليها كافة الشرائع، وكفلتها كافة القوانين والأعراف في هذا العالم الذي يقول هؤلاء إنهم ينتمون إليه؟.
إن المراقب المحايد المتتبع لسير الأحداث في سوريا منذ أربعة عشر شهرًا يستطيع بسهولة أن يدرك أن الغرب بشقيه، وبأداته ورأس حربته، وبأعوانه وحلفائه، وبكافة خلاياه العاملة، وتلك النائمة قد قرر توجيه ضربة قاضية لسوريا، لأسبابٍ تعرفها الدنيا كلها، ولقد قرر هذا التحالف في البدء تطبيق السيناريو الذي اتبعه في ليبيا، ولكنه فشل في ذلك، ولم يجد في الداخل السوري من يعتمد عليه، ويلجأ إليه في وضع هذا السيناريو موضع التنفيذ، ولما رُفع الأمر إلى مجلس الأمن كان الفيتو الروسي، والفيتو الصيني، وعندما أيقن الغرب، ومعه حليفته وربيبته ورأس حربته أنه سيصطدم بالمعسكر الشرقي الذي أعلن قادته أكثر من مرة أنهم لن يسمحوا بالعدوان على سوريا، فإنه قد راح يتراجع عن هذا السيناريو، وراح يعهد لأتباعه وحلفائه وأعوانه في بلاد العرب بهذه المهمة، وراح يكلف أردوغان، وبعض اللبنانيين بتهريب السلاح والمرتزقة والأموال إلى الداخل السوري، وراحت قنوات الحقد الأسود تقوم بدورٍ تحريضي مكشوف، وتمارس الأكاذيب والألاعيب ضد سوريا، كما راح شيوخ الفتنة يحرضون ضد هذا القطر العربي السوري، في الوقت الذي لم يخفِ فيه القادة الإسرائيليون قلقهم واستياءهم من بطء العمل الذي يجري ضد سوريا، وفي الوقت الذي عقد فيه "أصدقاء سوريا" عددًا من الاجتماعات لتنفيذ مخططاتهم دون جدوى، وبعد أن فشل الأتباع والأعوان والحلفاء والأدوات في القيام بدور الغرب، راح هذا التحالف يفكر بالسيناريو اليمني، وراح يعرض خططه ومخططاته في هذا الشأن، وراح أيضًا يروج لها، ولما لم تجدْ هذه الخطط والمخططات آذانًا صاغيةً في سوريا، وفي غير سوريا أيضًا، ولما حوصرت الفتنة التي حاولوا إشعال نارها، وإذكاء أوارها في طرابلس الشام بين علويٍّ وسنيٍّ وشيعيٍّ كما قالت بعض وكالات الأنباء، ولما عهدت الدولة اللبنانية بهذا الملف الطائفي البشع إلى الجيش اللبناني الذي حاصر الفتنة ووأدها في مهدها، أو هو في طريقه يقينًا إلى ذلك، ولما كان افتتاح مجلس الشعب السوري في دمشق، وما تضمنه خطاب الرئيس من إصرارٍ على متابعة نهج الإصلاح والتصدي والتحدي والمقاومة والممانعة والتمسك بالثوابت والحقوق والحفاظ على النهج العربي العروبي في سوريا، والمضي قدمًا في مقارعة الفتنة حتى تتم هزيمتها رسميًّا.. عندما حدث هذا، وكثيرٌ غيره في الأيام القليلة الماضية التي سبقت قرار هؤلاء الأعراب الذين باتوا يحكمون الجامعة العربية، ويتحكمون فيها، ويعقدون اجتماعاتهم في أروقتها بعد أن أنزلوا العلم السوري عنها، راح هؤلاء بالأصالة عن أنفسهم، وبالنيابة عن أسيادهم وحُماتهم الغربيين يطالبون بإغلاق الفضائيات السورية ظنًّا منهم أن إغلاقها سيساعدهم في تنفيذ المهمة التي أُسندت إليهم، وأُنيطت بهم، وراحوا يصعّدون من جرائمهم وموبقاتهم ضد شعب سوريا وجيشها، وراحوا أيضًا يلصقون كل ذلك بالنظام جريًا على مألوف عادتهم في ذلك!!.
إن القراءة الموضوعية في هذا الملف السوري بخاصة، وفي غيره من الملفات العربية والإقليمية والدولية التي لا تنفصل عنه تشير بوضوح إلى أن سوريا ستخرج من هذه الفتنة التي أشعل نيرانها ألد خصومها وأعدائها أكثر قوةً، وأشد مضاءً، وأقوى عزيمةً، وسوف تشارك سوريا بعد ذلك في صنع النظام السياسي الرسمي العربي استنادًا إلى قواها الذاتية، واعتمادًا على التأييد الشعبي العربي والإقليمي، وانطلاقًا من المؤازرة الروسية، ومواقف بوتين الذي يتوقع المراقبون أن يظل في السلطة حتى عام 2024.
وإن القراءة الموضوعية في أحداث العالم العربي تشير بوضوح إلى حتمية انتصار هذه الأمة العربية، وإلى حتمية استردادها كافة حقوقها في السيادة على أوطانها، وفي بناء هذه الأوطان، وصنع هذا الإنسان العربي الجديد القادر على المواجهة، وعلى العمل، والبناء، وحماية الأرض العربية من عدوان المعتدين، وأطماع الطامعين، وكذلك فإن هذه القراءة تشير بوضوح إلى إمكانية قيام نظام سياسي عربي يحترم الإنسان، ويحترم سائر حرياته، ويحترم حقه في العيش الآمن الحر الكريم، ويحترم كافة حقوقه في العمل، وفي المسكن والمأكل والمشرب والملبس، ويحترم كافة حقوقه في مجانية التعليم، ومجانية العلاج، والعيش باحترام في وطنٍ حرٍّ عزيز سيد مستقل يرفض التبعية للأجنبي، ويرفض المذلة والخضوع والهوان تحت أي ظرف، وبأي شكلٍ من الأشكال.
وبعد، فإن المراقب المتتبع لسير الحوادث والأحداث في سوريا والعراق، وفي غيرهما من ديار العروبة لَيؤكد على أن خير هذه الأمة وعزتها ومنعتها وقوتها وتطورها وسيادتها على أرضها كامنٌ في وحدتها، وحاضرٌ في نبذها كل أسباب الخلاف والشقاق والنفاق والتبعية للأجنبي الطامع فينا، المجترئ علينا، المستهتر بنا.. وإن المراقب المتتبع لسير الحوادث والأحداث في هذا العالم العربي من محيطه إلى خليجه ليؤكد أن المستقبل الواعد المشرق البسام سيكون من نصيب هذه الأمة إذا هي أحسنت التصرف، وإذا هي عرفت كيف تقضي على خلافاتها، وإذا هي وحدت كلمتها، وتمسكت بثوابتها، وأنصفت أقلياتها، وساوتها بالغالبية من المواطنين في سائر الحقوق والواجبات، وإذا هي تحررت من التبعية للغرب بشقيه، وتحررت من الاستعمار القديم والحديث، وتحررت من التدخل الأجنبي في شأنها الداخلي، وتحررت من التبعية لأعدائها، وألد خصومها، ممَن ناصبوها، ويناصبونها كل أنواع العداء منذ فجر التاريخ، وإذا هي حافظت على توازنها واتزانها وكرامتها واحترامها بين أمم العالم وشعوبه.
12/6/2012