عزيزتي .. عزيزي


ما أجمل أن نلتقيَ على كلمة طيبةٍ في كلَّ يوم ! ما أجملَ أن نلتقيَ لِنحقَّ حقا ، ونزهقَ باطلا ونحيي ثقافة ، وننصفَ مظلومًا ، وننقدَ واقعًا أليمًا ، ونوقدَ شمعة تمزق من حولنا الظلام .
أعزائي .. يا أنصارَ الحق ، وطلابَ الحقيقة ، ومحبي الخير والجمال أفرادًا ، وجماعاتٍ ، ومجموعاتٍ ، ومؤسساتٍ ، نساءً ، ورجالا ، فتية ، وفتيات .. يا كلَّ المؤمنين بحق شعبنا العربي الفِلسطيني في العيش باحترام ، وأمن ، وأمان فوق ثرى وطنه الغالي فلسطين .. ويا كلّ عشاق هذه اللغة العربية من أبنائها وبناتها ، ومعلميها ومُتعلميها .. يا كلّ شعبنا.. يا كلّ العرب .. يا كلّ المؤمنين بحق الشعوب في الخلاص من التبعية ، والاستعباد ، والاستبداد ، وبحقها في التحرر، والبناء ، والإعمار ، والسيادة على ترابها الوطني ... هذا موقعكم .. ستجدون فيه ما يسركم من فكر ، ورأي ، ومقال سياسي ، واجتماعي ، واقتصادي ، وثقافي ، ونقدي ، وأدبي .. ستجدون فيه نثرًا وشعرًا ، وقصة ، وحكاية ، وستجدون فيه كتبًا ، ومتابعاتٍ ، ومقابلاتٍ ، ومواجهاتٍ ، ومراسلاتٍ ، ومساجلاتٍ ..ستجدون فيه كثيرًا مما كتبتُ على امتداد العقود الماضية ، وبخاصة في " القدس " المقدسية ، والبيادر السياسي ، وغيرهما من مطبوعات هذه الديار وصحفها .. وسأوافيكم من خلاله بكل ما سأكتب ... مكتفيـًا في هذه المرحلة بالكتابة إليكم ، حتى إذا ما فرغتُ من إحياء ما لديّ من قديم( مخطوطٍ ومطبوعٍ) ووضعتـُه بين أيديكم في موقعكم هذا ، وتفرغتُ بشكل كامل للكتابة في قضايا الساعة فتحتُ المجالَ أمامكم للمشاركة ، والمساهمةِ ، والنقاش والحوار ، والأخذ والرد على غرار ما تفعله كثير من المواقع الرائدة التي نكنّ لها كل الاحترام ، وندين لها بالولاء والعرفان ، ونتقدم منها بالتحية والتقديروالامتنان .
أرحب بكم في موقعكم هذا .. موقع الأسرى ، والعمال ، والفلاحين ، والطلبة ، والمثقفين ، والكتـّاب ، والأدباء ، والشعراء .. موقع المؤسسات ، وكافة أحرار هذا الوطن وحرائره ..مثمنـًا وقوفكم إلى جانبي .. آملا أن يكون لي شرف الإسهام في خدمة الوطن والمواطن في بلادنا العزيزة فِلـَسطين .. وفي كل ديار العروبة والإسلام.
عدنان السمان
15/6/2008


الاثنين، ٢٨ شباط ٢٠١١

متابعات

المال العربي العام من حق العرب وحدهم..

وأوطان العروبة ليست مزارع للطغاة من أبنائها!!

 

أ.عدنان السمان

www.samman.co.nr

 

    أمة العرب في سائر أقطارها تعرف يقينًا أن المال العربي العام مهدور مستباح يتقاسمه اللصوص من أعداء هذه الأمة، وتعرف هذه الأمة أن ثرواتها ليست ملكًا لها، وأن  المستفيد منها هو هذه الأنظمة القمعية، ومعها كافة أحبابها وأصدقائها من المسبحين بحمدها، ومعها أيضًا كافة المسخرين لحماية هذه الأنظمة من المرتزقة خربي الذمم معدومي الضمائر من أبنائها ومن غير أبنائها، ومن أولئك الأسياد والخبراء والشركاء الذين يرسمون سياسة هذه الأنظمة، ويسهرون على حمايتها من غضب شعوبها، ومن غضب أحرار العرب وتربصهم بها.. وأمة العرب تعرف يقينًا أن ثرواتها تصب في خزائن المتنفِّذين من الخصوم، وأن أولئك المتنفذين يخصصون ميزانيات للإنفاق على شراء الأعوان والأنصار والمحاسيب، وميزانيات لمساعدة تلك البلدان، وميزانيات للإغاثة الإنسانية كلما كان ذلك ضروريًّا لشراء المؤيدين والأعوان، وكل ما كان ذلك ضروريًّا لتحسين صورة تلك الأنظمة الموالية لأولئك المخططين المتنفذين المتحكمين بهذه البلدان.. أمة العرب تعرف هذا كله، وتعرف ما هو أكثر من هذا كله مما لا يسمح به الكلام المباح، ومما يغني التلميح به عن التصريح.. كل هذا النهب والسلب يمارَس جهارًا نهارًا في بلاد العرب، وكل هذه المليارات من الدولارات تحوَّل إلى خزائن الخصوم والأعداء والمستفيدين والمأجورين الكاذبين المزوّرين المراوغين المهللين المسبحين بحمد هذه الأنظمة لقاء مكاسب ومناصب ورتب ورواتب وامتيازات، ومن المسبحين بحمد سادة هذه الأنظمة من المتحكمين برقاب هذه الشعوب التي كانت حتى عهد قريب مقموعة مغلوبة على أمرها، ثم تمردت على خوفها وذلها وخضوعها وخنوعها، وتمكّنت من إسقاط  ذلك النظام الذي استباح أرض تونس الخضراء، واستباح كرامة الإنسان التونسي وأبسط حقوقه في المأكل والمشرب والملبس والمسكن، وأبسط حقوقه في التعلّم والتكلّم والعلاج والعمل والعيش الكريم، وتمكّنت أيضًا من إسقاط ذلك النظام البوليسي القمعي الذي جثم على أرض مصر، وها هي تستمر في ثورتها المظفرة لاستكمال مسيرة النصر والتحرر من ذيول ذلك العهد البغيض، وها هي شعوب عربية كثيرة تسير بخطى ثابتة على طريق الثورة العربية الشاملة التي قررت اجتثاث الطغاة من جذورهم على كل أرض العرب، والسير بهذه الديار نحو شاطئ العزة والكرامة.. أمة العرب تعرف جيدًا أن المال العربي العام من حق العرب وحدهم، وتعرف جيدًا أن الوطن العربي الكبير في أمس الحاجة لهذا المال من أجل البناء والتحديث والتعمير والتطوير والتصنيع، ومن أجل الإنفاق على التعليم، ورفع مستوى الطلَبَة العرب في رياض الأطفال، وفي المدارس والمعاهد والجامعات، ومن أجل تشجيع البحث العلمي الذي تفتقر إليه جامعات العرب ومراكز بحوثهم وأبحاثهم، وتعرف أمة العرب أيضًا أنها بحاجة إلى هذا المال العام لتصنيع بلاد العرب، وإقامة المشاريع التي تستوعب ملايين الأيدي العاملة، وملايين الخريجين العاطلين عن العمل، وإنشاء مدن العمال، وبناء المساكن للناس، وإرساء دعائم النهضة العصرية التي ترنو إليها الشعوب العربية.. إن أمة العرب التي تعرف كل هذه الحقائق، وتعرف كثيرًا غيرها تطالب اليوم بمحاسبة كل أولئك الطغاة الفاسدين، وبمصادرة كل ممتلكاتهم وأرصدتهم والبحث عن أموال العرب التي سلبها الخصوم من كل لون وجنس، وإعادتها إلى هذه الشعوب التي قررت أن تحاسب كل أولئك الطغاة المستبدين من اللصوص وغاسلي الأموال وهادمي الاقتصاد العربي في كل أرض العرب.. وإن أمة العرب التي قررت أن تسترد كل أموالها المهدورة، وأن تضع حدًّا للسلب والنهب الذي يمارسه هؤلاء وأولئك في كثير من أوطان العروبة وأقطارها قد قررت أيضًا أن أوطان العروبة ليست مزارع لأولئك الطغاة، وليست مزارع لشركائهم من الأسياد الذين يحكمون البلاد، ويتحكمون بالعباد من خلالهم، وليست مزارع للفاسدين المشبوهين المتحالفين مع تلك الأنظمة، ولكل مراكز القوى التي تفرزها تلك الأنظمة، وتلك الكيانات، ولكل تلك الهياكل والأجسام التي باتت عبئًا على كل أوطان العروبة من محيطها إلى خليجها، وباتت وبالاً على تلك الأوطان، وتلك الشعوب، وباتت تهديدًا خطيرًا لحركة التحرر العربي، والمدّ القومي الثوري العربي، وباتت تشكل التحدي الأكبر في مواجهات الجماهير العربية الثائرة على جلاديها، لأنها دون _أدنى شك_ قد أصبحت من أدوات تلك الأنظمة، ومن أسلحتها التي تصوبها إلى صدور أبناء الأمة في ثورتها ضد الفساد والطغيان والتبعية والاستبداد على كل أرض العرب.

 

     أوطان العروبة ليست مزارع لهؤلاء وأولئك، ولن تكون بعد اليوم لهذه الرموز والزُّمَر، ولتلك الهياكل والأجسام المشبوهة المتحالفة مع أعدى أعداء هذه الأمة العربية المجيدة التي قررت أن تسترد حريتها، وأن تسترد كرامتها بحد السيف وبدماء الشهداء من خيرة أبنائها وشبابها.. وأوطان العروبة لن تكون بعد اليوم إلا لهذه الأمة العربية الواحدة الموحدة الحرة المتحررة الثائرة الهادرة من المحيط إلى الخليج.

 

28\2\2011

 

  

 

 

 

 

 

 


السبت، ٢٦ شباط ٢٠١١

هذا الفيتو.. ماذا يعني؟؟

متابعات

هذا الفيتو.. ماذا يعني؟؟

أ.عدنان السمان

www.samman.co.nr

 

   ليس هذا الفيتو الأمريكي ضد رغبة الدنيا كلها في إدانة الاستيطان الإسرائيلي هو الأول من نوعه، ولن يكون الأخير، فملف مجلس الأمن الدولي حافل بهذه المواقف الأمريكية المخيبة لآمال الشعوب، والمتنكرة لحقوقها، والمؤيدة للظلم والقهر والعنصرية والعدوان والاستيطان، وملف مجلس الأمن الدولي شاهد على هذه السياسة الأمريكية المنحازة انحيازًا كاملاً لهذا الكيان الذي أقيم على أرض فلسطين عام ثمانية وأربعين، وشاهد في الوقت نفسه على هذه السياسة الأمريكية التي ناصبت العرب ألوانًا شتى من العِداء منذ أن خرجت أمريكا منتصرة من الحرب العالمية الثانية في أعقاب القنبلتين الذريتين الأمريكيتين اللتين ألقيتا على هيروشيما وناكازاكي في السادس والتاسع من شهر آب من عام خمسة وأربعين وتسعمائة وألف، وملف مجلس الأمن لا يزال يشهد على هذا الانحياز الأمريكي، وعلى هذا العِداء الأمريكي، وعلى هذه التناقضات الأمريكية التي لا يكاد يصدقها عقل، وعلى هذه السياسة الأمريكية التي تكيل بعشرين مكيالاً في عالم بات يعرف جيدًا كل ألاعيب أمريكا، وكل تناقضات أمريكا التي تجاوزت كل حدود الخرافة، وكل حدود الكلام، وكل حدود الانفصام، وباتت أكبر أعداء الشعوب على هذا الكوكب، وأكبر أعداء السلام.

 

    لا تعنيني هنا هذه المواقف الأمريكية، ولست هنا لأوجه النقد أو التوبيخ، أو التقريع، أو التهديد والسِّباب لأمريكا، فليس هذا من شيمي أولاً، وليس هذا ما ينبغي أن يكون عليه الرد المقنع ثانيًا، ولأن شعوب هذه المنطقة من العالم هي التي تملك الرد، وهي التي سترد، ولقد بدأت بالفعل تمارس ردودها المقنعة، فمن تونس جاء الرد، ومن القاهرة أيضًا جاء من قبل ومن بعد، ومن كثير من عواصم العرب وحواضرهم المتأججة الملتهبة المحترقة بنيران الثورة المتحرّقة للتغيير وللحرية والخلاص من الطغيان والطغاة سيأتي الرد، وستأتي الردود تترى على كل هذا الصلف، وعلى كل هذا الغرور وعلى كل هذا الظلم التاريخي الذي حلّ بهذه الديار، وما زال يحلّ بها لأسباب كثيرة نعدُّ منها ولا نعددها، هذه الأسباب التي وضعتها الشعوب العربية في اعتبارها، ووضعها الثوّار العرب والمثقفون العرب والقادة الشعبيون العرب في اعتباراتهم، وفي حساباتهم، وهم يفجّرون ثوراتهم في هذا البلد العربي أو ذاك، ردًا على كل ما حدث، وعلى كل ما سيحدث أيضًا مما تراه الشعوب بقلوبها المبصرة، وأفئدتها المستنيرة، وعقولها المفكرة، وأحاسيسها التي ما خدعَتْها يومًا، ولا خيّبت لها ظنًّا.. أمة العرب هذه تقف اليوم صفًّا واحدًا موحدًا ضد كل سياسات الظلم والقهر والفساد والإفساد والعنصرية والعدوان التي ما أنزل الله بها من سلطان.

 

    على الباغي تدور الدوائر، وسوف تظل تدور، وسوف يظل يدور معها هذا الباغي ويدور، وسوف تصيبه مع كل هذا الدوران ألوان من الدُّوار تعقبها صورٌ من الاضطراب والإغماء، وصور من الخلل في التوازن والاتزان، وفقد السيطرة على الذات والتصرفات، وكل ما هو آتٍ آت.. والباغي وحده يتحمل التبعات والمسئوليات، وهو وحده الذي سيدفع الأثمان، وعليه وحده ستحلُ لعنة الأزمان، وغضب الواحد الأحد الفرد الصمد القادر القاهر الملك الديّان.

 

    ستذكرُ هذه الدنيا، وسوف تظل تذكرُ وتذكّر وتقول بلسان عربي مبين غير ذي عوج، أننا لم نظلم أحدًا، وأننا لم نعتدِ على أحد، وأننا صبرنا حتى أعيا الصبر صبرُنا، وأننا لم نهن، ولم نيأس، ولم يعرف الحزَن سبيلاً إلى قلوبنا، وأننا تسلّحنا بالحب والإيمان والثقة والأمل ونور اليقين الذي بدّد من حولنا الظلمات، وأنار جنبات هذا الكون في الليالي الحالكات، ومنحنا الثقة والإصرار والثبات في كل تلك الأيام الكالحات، وفي كل تلك اللحظات التي تكالبت علينا فيها كل كلاب الأرض، وكل ذئاب الأرض تنهشنا بأنيابها، فصبرنا حتى حلّ ما بنا بها.. لسنا السبب في كل ما سيحصده الجناة المعتدون، لأن من يزرع الشوك لا يحصد به عنبًا، ولأن من يطلب النصر من عدوه سيموت كمدًا، كمن يطلب الشهد من أنياب الثعابين!!

 

     بعد هذه الرحلة الروحية السريعة في رحاب الكلمة، وهذا التحليق السريع في فضاءاتها، وهذا الاستمتاع في مداراتها ومساراتها، وسحر دلالاتها وإيحاءاتها، وشدو عباراتها، وبعد العودة إلى أرض هذا الواقع الممضّ لا بد من القول إن هذا الفيتو الأمريكي كان صفعة لمن علّقوا الآمال على السياسة الأمريكية، وكان صفعة للأمريكيين الذين كانوا يراقبون ثورة المصريين ويتابعونها بكثير من الإعجاب، ويواكبونها بأصدق المشاعر والأحاسيس والتوقعات والمؤازرة والدعوات!! إنه سيّء في شكله ومضمونه وتوقيته، سيّء وهو يخيب آمال من علقوا الآمال عليه، سيّء وهو يخيب آمال من حاولوا ويحاولون ركوب موجة الثورة العربية التي تعصف بالطغاة على أرض العرب، سيّء وهو يخيب آمال من يحاولون التقرب من شعوب أمة العرب من مواطني أمريكا العاديين، ومن غير العاديين، وربما كان منهم بعض الساسة الكبار الذين يبادلوننا -دون أدنى شك-، ونبادلهم أيضًا حبًّا بحب، على الرغم من السياسة الأمريكية الرسمية التي تناصبنا العِداء، لأسباب نعلمها علم اليقين، وتعلمها الدنيا كلها علمَ اليقين أيضًا.

 

     وقبل هذا كله، أو بعد هذا كله، فإن هذا الفيتو الأمريكي يعني فيما يعنيه أن لا يعتمد أحد من العرب على الأمريكيين، وأن لا يصدق أحد من العرب أقوال الرسميين الأمريكيين، وأن لا يراهن أحد من المخدوعين العرب على السياسة الأمريكية حتى وإن أظهرت شيئًا من الود، وحتى لو قدمت شيئًا من المساعدة المالية، وحتى لو أتت ببعض الحلول التي يرى فيها بعض العرب حلولاً واقعية معقولة وقد تكون مقبولة وما هي كذلك!! نعم.. إنها ليست كذلك، لأنها في أحسن الأحوال ستكون مدخلاً إلى النهايات المرعبة لكل قضاياهم المصيرية، ولكل ثوابتهم التي حفظتها أجيال العرب عن ظهر قلب.. ولأنها خاضعة كل الخضوع لمنظمات الضغط التي يعرف الأمريكيون قبل غيرهم مدى تأثيرها ومدى تنفّذها وتحكّمها في السياسة الأمريكية، وفي الكونغرس الأمريكي صانع هذه السياسة في الولايات المتحدة الأمريكية.. وهذا الفيتو الأمريكي السيئ في شكله ومضمونه وتوقيته ينبغي أن يكون حافزًا للفلسطينيين، وحافزًا للعرب، وحافزًا لكل شعوب العالم الثالث، وحافزًا لكل أصدقاء الشعوب، ومحبي الحق والعدل والحرية في هذا العالم أن يتكتلوا، وأن يتوحدوا، وأن يقفوا صفًّا واحدًا في وجه المعتدين المستبدين الطغاة في هذا العالم، وأن يثقوا بأن هذا هو السبيل لمواجهة كل قِوى الشر والعدوان، وعلى رأس هذه القوى السياسة الأمريكية الجائرة التي تكيل بعشرين مكيالاً، وتناصب العرب والعروبة العِداء السافر، وإن تظاهرت أحيانًا بغير ذلك فلأسباب تعلمها هي، ونعلمها نحن أيضًا، ولكنها لا تشكل أساسًا لشيء من التحول أو التغير، أو شيء من التوازن والاتزان على الإطلاق.. إنها المناورات، وألاعيب السياسة، والخداع الدبلوماسي الذي تبغي أمريكا عن طريقه خدمة حليفتها وربيبتها، والاحتفاظ بسيطرتها المطلقة على كل أرض العرب.. ولكن هذا لن يكون؛ لأن أحدًا لا يمكنه الاحتفاظ ببطيختين في يده.. فهل تعي أمريكا ما نقول؟ وهل يعي أصدقاؤها أيضًا ما نقول؟ نرجو ذلك.

25\2\2011


الأربعاء، ٢٣ شباط ٢٠١١

أما آن لهذا الحصار أن يُرفع عن غزة؟؟

متابعات

أما آن لهذا الحصار أن يُرفع عن غزة؟؟

 

أ.عدنان السمان

www.samman.co.nr

 

    في هذه الأيام التي يتذوق فيها أهلنا في مصر حلاوة الفرح وهم يحرزون في كل يوم مزيدًا من الانتصارات على طريق الثورة الشاملة التي يخوضون غمارها على أرض مصر التي عادت بفضل ثورة الخامس والعشرين من يناير لتأخذ مكانتها اللائقة بها بين أقطار هذا العالم العربي الإسلامي، وبين دول هذا العالم أجمع، وفي هذه الأيام التي يحتفل بها الأشقاء العرب قي القطرين السوري والمصري بُعيد الوحدة، وقيام الجمهورية العربية المتحدة في هذا اليوم الثاني والعشرين من فبراير شباط من عام ثمانية وخمسين وتسعمائة وألف.. وفي هذه الأيام المفعمة بالسرور والحبور والأمل بانبلاج فجر وحدة العرب من جديد، وقيام الجمهورية العربية المتحدة بعد طول تأهب وترقّب وانتظار لتضم تحت لوائها القطرين المصري والسوري، وكل الأقطار العربية الراغبة في الدخول تحت أفياء هذا اللواء الذي عاد ليخفق في سماء العروبة من جديد.. وفي هذه الأيام التي تحقق فيها أمة العرب ذاتها، ويقسم فيها أحرار العرب فيها على تصحيح الأوضاع في بلدانهم، وعلى تطوير هذه البلدان، وتحديثها، وتخليصها من كل عوامل الفساد والإفساد، ومن كل مظاهر التبعيَّة والاستعباد والاستبداد.. وفي هذه الأيام التي يدور الحديث فيها عن الوحدة والتحرر والحرية والعزة والكرامة والعدل والعدالة والمحاسبة والمساءلة والشفافية والنزاهة والاستقامة والأرصدة المذهلة والمال العام المستباح والفقر والبطالة والغلاء والجوع وبؤس الطلبة والخريجين والعمّال والزراع والصناع وصغار التجار ومتوسطي الحال منهم.. وفي هذه الأيام التي يحلو فيها الحديث عن عودة الروح، وعن الوحدة الوطنية، وعن الأخوّة الإسلامية المسيحية، ووحدة كافة فئات الشعب العامل، وائتلاف قوى الثورة ومجلس أمنائها الذي يتابع تنفيذ مطالبها وتحقيق أهدافها.. في هذه الأيام التي يفرح فيها المؤمنون بنصر الله، ويذهب فيها الطغاة الأشرار أولئك الفاسدون والمفسدون، واللصوص الجبناء، والساقطون الكاذبون ممن باعوا أنفسهم، وباعوا أيضًا مواطنيهم وأوطانهم، وخانوا أماناتهم.. في هذه الأيام التي عادت فيها شمس العرب لتسطع من جديد، وعادت فيها الشعوب لتمسك بعجلة القيادة وعاد فيها الثوّار يزلزلون الأرض تحت أقدام الطغاة والمعتدين أصبح من حق الناس في كل ديار العروبة أن يستبشروا خيرًا وأن يتوقعوا رفع هذا الحصار الخانق عن قطاع غزة الذي عانى أهلنا فيه ما عانوا من ويلات هذا الحصار الجائر، وتكبدوا فيه ما لا يُحصى من ألوان الموت والجوع والخوف والرعب والعذاب والمرض، وصنوف الإهانات، وأشكال المصاعب والمتاعب والخسائر.

 

   لقد آن لهذا الحصار الجائر أن يُرفع عن هذا القطاع الشامخ الصابر الثائر، كما آن لمصر الثورة والثوّار أن ترفع عن الأهل في غزة كل شظف هذا العيش، وكل مرارة هذا الحصار؛ فأحرار مصر وثوّارها يعرفون جيدًا عمق العلاقات الأخوية المصرية الفلسطينية منذ فجر التاريخ، وأحرار مصر يعرفون جيدًا ما الذي يعنيه قطاع غزة تحديدًا لمصر والمصريين، وأحرار مصر لا زالوا يذكرون كيف أن قطاع غزة قد حظي برعاية مصرية فائقة في أعقاب نكبة ثمانية وأربعين عندما اعتبرته ثورة يوليو منطقة حرة مفتوحة على الدنيا كلها انطلاقًا من ميناء غزة، وصولاً إلى آخر الدنيا يصدّرُ أهل غزة ما يشاءون، ويستوردون ما يشاءون، ويفعلون ما يريدون.. أما مصر فقد بقيت لهم وطنًا وأيّ وطن حتى النكبة الثانية عام سبعة وستين، أما المصريون فقد كانوا لهم الأهل والعشيرة، وبقيت الغالبية الساحقة منهم على العهد رغم كل ما حدث خلال السنوات الأربع الماضية، وها هي مصر الثورة تعود بالعلاقات الأخوية الحميمة بين الشعبين الشقيقين إلى سابق عهدها، بل على افضل عهودها منذ أن كانت الحياة على هذه الأرض.

 

     إن الأمل في رفع الحصار عن قطاع غزة كبير، وأن الأمل في أن يحتضن الأخوة المصريون أهلنا في قطاع غزة من جديد هو أمل يراود مخيّلات الفلسطينيين وكل أحرار العرب.. وما دام أحرار العرب في مصر (وفي كل بلاد العرب التي تحررت من الطغاة، أو التي هي على طريق التحرر) عروبيين ووحدويين، فإن معنى ذلك أن ترفع مصر من جانبها هذا الحصار الجائر المضروب على قطاع غزة وإن معنى ذلك أن يفتح الإخوة الثوار مصر العرب والعروبة على مصراعيها أمام أهلنا في قطاع غزة الذين أحبوا مصر وشعبها الحب كله، وأقسموا أن يكونوا الأوفياء لمصر ولشعب مصر ولمبادئ الثورة التي فجرها أحرار مصر، وشرفاء مصر.. وأن يكونوا الأوفياء أيضًا لفلسطين، ولشعب فلسطين، ولكل الثورات التي فجّرها أحرار فلسطين وشرفاؤها منذ أن كانت هذه القضية.. كما كانوا دائمًا وأبدًا الأوفياء للعروبة.. وإن معنى ذلك أيضًا أن تعود القاهرة كما كانت منارة وعي وفكر عربي وحدوي يبشّر بغدٍ مشرق عزيز، وأمة عربية واحدة موحدة في كل أقطارها وأمصارها.. وما ذلك على الله بعزيز .

23/2/2011


الثلاثاء، ٢٢ شباط ٢٠١١

اعادة

متابعات

من وحي الذكرى ...

أ. عدنان السمان

www.samman.co.nr

    في يوم السبت الثاني والعشرين من شباط من عام ثمانية وخمسين وتسعمائة وألف للميلاد  المصادف الثالث من شعبان من عام سبعةٍ وسبعين وثلاثمائة وألف للهجرة، أعلن الزعيمان السوري شكري القُوَّتلي، والمصري جمال عبد الناصر من قصر المهاجرين بدمشق قيام الجمهورية العربية المتحدة التي تضم كلاًّ من سوريا (الإقليم الشمالي) ومصر (الإقليم الجنوبي) على أن يكون الباب مفتوحًا أمام سائر الأقطار العربية لدخول دولة الوحدة، وفي العام نفسه، وبعد قيام الجمهورية في العراق في الرابع عشر من تموز كانت المحادثات التي أجراها عبد السلام محمد عارف (نيابة عن الزعيم العراقي عبد الكريم قاسم) مع جمال عبد الناصر بهدف دخول العراق في هذه الوحدة، ولكن تلك المحادثات توقفت، دون أن تسفر عن شيء، ولم يدخل العراق آنذاك، كما لم يدخل لبنان في هذه الوحدة التي لم تعمَّر طويلاً حيث انفصمت عُراها في الثامن والعشرين من أيلول من عام واحد وستين وتسعمائة وألف.

    لقد قامت تلك الوحدة بمبادرة من القيادة السورية آنذاك، وبعد أن قام القوتلي بعدة زيارات للقاهرة تمكن خلالها من إقناع عبد الناصر بضرورة قيامها لأسباب منها ما يتعلق بسوريا، ومنها ما يتعلق بمصر، ومنها ما يتعلق بفلسطين، ومنها ما يتعلق بأمة العرب في سائر أقطارها... تلك الوحدة إذن كانت مصلحة سوريَّة مصرية فلسطينية عربية اقترحها القوتلي، وقبلها عبد الناصر، وابتهج بها العرب جميعًا من المحيط إلى الخليج.

    السوريون رأَوا في تلك الوحدة قوة لهم، وحماية من أي عدوان محتمل.. فلقد كانت نكبة العرب في فلسطين نكبةً مزلزلة خسر فيها العرب قُطرًا من أقطارهم – وأيّ قطر – وأصبحت سوريا مهددة من البر والبحر والجوّ يحيط بها الأعداء من كل جانب، وعليه لا بد من الوحدة العربية سبيلاً لحماية الأقطار العربية نفسها من أطماع الطامعين، ووسيلة لاسترجاع فلسطين، والعودة بها قطرًا عربيًّا كما كانت.. وما دامت الوحدة قوة، فهي إذن وسيلة سوريا لحماية نفسها من أي عدوان خارجي، وهي وسيلة لاستقرار جبهتها الداخلية التي أنهكتها الانقلابات العسكرية، وهي وسيلة العرب لنهضة شاملة، وقوة عملاقة تحمي أوطانهم من كل عدوان، وتمكنّهم من تحرير الوطن السليب فلسطين، وبدون الوحدة لن تتحرر أرض العرب، وبدون الوحدة لن يتمكن العرب من حماية بلادهم ، ولن يستطيعوا الوقوف في وجه أي عدوان خارجي.

         والوحدة أيضًا هي وسيلة مصر لبناء القوة العربية القادرة على الوقوف في وجه التحديات الغربية، وهي وسيلة مصر لمواصلة القيام بدورها التاريخي في قيادة الأمة العربية، وبناء أمجاد العرب، بل إنها وسيلة مصر لإقامة المشروع العربي على كل أرض العرب، ووسيلتها للرد على اتفاق سايكس – بيكو، ووسيلتها للرد على نظرية آيزنهاور في ملء الفراغ، فالطبيعة تكره الفراغ.. وعليه أصبح من الضروري قيام الدولة العربية الواحدة على كل أرض العرب حمايةً للأمة العربية، وصيانةً لحريتها وسيادتها وثرواتها واستقلالها.

        هذه هي منطلقات القيادة السورية التي كان على رأسها آنذاك رجل مجرب بلغ السابعة والستين من العمر، رأى آماله وأحلامه وقد تحققت في همة عبد الناصر، وحماسة عبد الناصر الذي بلغ في عام الوحدة عامه الأربعين، وخاض حرب السويس والعدوان الثلاثي وهو في الثامنة والثلاثين، وقاد حركة الضباط الأحرار عام اثنين وخمسين وهو في الرابعة والثلاثين، وحارب في الفالوجة بفلسطين وهو ابن ثلاثين عامًا، وكان على امتداد حياته قبل ذلك الطالب والموظف والضابط الشريف.. ثم الرئيس الخالد الذي هزَّ بعناده وإصراره وإيمانه العالم كله سنوات طوالاً دون أن تلين له قناة.. الرئيس الذي قضى وهو يوحّد العرب.. الرئيس الذي وُلد فقيرًا في 15/1/1918، ومات فقيرًا في 28/9/1970 دون أن تنال منه الخطوب، ودون أن تلين له عزيمة، ودون أن يحني هامته إلا لله.

    والقيادة المصرية هي الأخرى رأت ما رآه السوريون، بل لعلها رأت في هذه الخطوة نواةً لوحدة عربية فاعله في العالم الإسلامي كله، وفي إفريقيا وأمريكا اللاتينية، وفي دول عدم الانحياز.. وحدة عربية شعارها: نصادق من يصادقنا ، ونعادي من يعادينا.. وأرض العرب للعرب من المحيط إلى الخليج.. بل لعل السياسيين المصريين بعامة، وجمال عبد الناصر بخاصة قد رأوا فيها نصرًا كبيرًا لكافة حركات التحرر، ولكافة القوى المحبة للعدل والحق والحرية والسلام في العالم أجمع.

    أما الفلسطينيون فقد رأَوا فيها أحلامهم وطموحاتهم في العودة والتحرير وهي تتحقق.. لقد عاش الشعب العربي الفلسطيني في غزة أجمل أيام العمر في تلك الفترة.. كما كان عدد كبير من أعلام نابلس والقدس والخليل من أقرب المقربين للقيادة في الجمهورية العربية المتحدة، ولرئيسها جمال عبد الناصر الذي كانت تربطه علاقات وثيقة بكثير من عرب فلسطين ومناضليها داخل فلسطين، وداخل مصر وسوريا وخارجها.

    أمة العرب في سائر أقطارها هللت وكبرت واحتفلت بهذا الحدث التاريخي، متوقعةً أن يكتمل الحلم، ويتمكن عبد الناصر من إقامة المشروع العربي على كل أرض العرب.. في تلك الفترة كان العرب في كل أقطار العالم يعيشون باحترام .. كانوا أعزة مرهوبي الجانب، موفوري الكرامة.. العالم لا يحترم إلا القوة والأقوياء في غير استعلاء وغرور، وفي غير اعتداء على أحد.. ومتى كان العرب عدوانيين؟ ومتى كان عبد الناصر  عدوانيًّا أو شوفينيًّا؟ ومتى كانت الوحدة العربية، والقوة العربية موجَّهةً ضد أحد؟

    لقد عُرف العرب في كافة عصورهم، وفي سائر أقطارهم بالتسامح والكرم وحب الآخرين ، وها هو تاريخهم يروي بأفصح لسان، وأنصع عبارة صدقهم، وأمانتهم، وعفتهم، وحبهم للناس، وكرمهم، وحبهم للعدل والحرية والحق والخير والمساواة... هؤلاء هم العرب قديمًا وحديثًا.. فما الذي حصل عندما توحد القطران العربيان مصر وسوريا في ذلك العام قبل ثلاثة وخمسين عامًا مضتْ؟

    دول الشرق رحَّبت، ودول الغرب زمجرتْ، وأرعدت، ثم أرغتْ وأزبدت، وهددت وتوعدت، متهمةً العرب ولا سيما أحرارهم ، وقياداتهم الشابة باللعب بالنار!! لقد حاربت تلك الدول مصر عبد الناصر، كما حاربت سوريا، وحاربت فكرة العروبة متهمةً إياها بالكفر والزندقة والإباحيّة أيضًا!! واستعدَت عليها كثيرًا من أبنائها، وخاضت ضدها حروبًا مختلفةً أشكالُها وألوانُها، وأحدثت شروخًا وانقساماتٍ رهيبةً في البنيان العربي الواحد، والصف العربي الواحد... لقد عملت تلك الدول بكل ما أوتيت من قوة على إسقاط ذلك المشروع الوحدوي، وعلى هزيمة قادته، والتصدي لهم بكل الوسائل.. كما عملت تلك الدول على تشجيع نوع من الفكر الديني المناهض بدون هوادة لكل فكر تقدمي، أو تفكير علمي تحرري استقلالي حتى إذا ما تم لها ذلك في كثير من بلاد العرب والمسلمين، راحت تتحكم في تلك البلدان بطريقة لا تُصدَّق، وراحت تعبث بمعتقداتها الدينية، وراحت تقتحم مساجدها ، وتنتهك أعراضها، وتقتّل شبابها، ونساءها، ورجالها، وأطفالها.. ها هي في العراق تفعل ما لم يفعله أحد.. وها هي في أفغانستان ، والسودان، وباكستان، ولبنان، وفلسطين، وفي شبه الجزيرة العربية، والخليج العربي تفعل أضعاف ما كانت تنتقده، وتنهى عنه، وتؤلّب عليه، وتعتبره وسيلة لتدخلها من أجل المحافظة على الحريات، وكرامة الناس!!!

    دول الغرب لا تريد في هذه الديار من نواكشوط حتى ما وراء أندونيسيا عروبةً أو إسلامًا .. دول الغرب لا تريد في هذه الديار حرائر وأحرارًا، بل عبيدًا وإماءً ليس لهم شيء من حقوق مدنية، أو سياسية، أو حتى إنسانية إلا بمقدار ما يقدمون من خدمة لتلك الدول التي تريد صراحةً نشر ثقافتها، ولغاتها، ومفاهيمها، وأخلاقها، ومعتقداتها  في هذه الديار...

    هذه هي الأسباب التي عصفت بدولة الوحدة المصرية السورية ، وهذه هي الأسباب التي دفعت دول الغرب لتجنيد المقاتلين ضد الشيوعية في أفغانستان، حتى إذا ما تم للغربيين ذلك، راحوا يتخلصون من أولئك المجاهدين، وراحوا يحتلون أفغانستان للتخلص من الإسلام والمسلمين الذين يريدون أن يعيشوا باحترام على أرض وطنهم بعيدًا عن الغزو الخارجي، والتدخل الأجنبي...

    هذه هي الأسباب، وهذه هي الدوافع التي تحرك دول الغرب التي تبيِّت لإيران، ولسوريا، ولبنان، وفلسطين، ولكل بلدٍ فيه " إرهابيون" إسلاميون ما بيتته من قبل لكل هذه الأقطار التي تستبيحها ، وتنكل بشعوبها تنكيلاً فاق في همجيته وبشاعته همجية القرون الوسطى وبشاعتها.. هذه هي الحقيقة بدون مواربة، وبدون لف أو دوران.

    بقي أن نقول إن الشعوب الحرة هي التي تنتصر في النهاية، وإن الطواغيت أعداء الشعوب إلى زوال، وإن البشرية ستنعم بالسلام والأمن والأمان عندما تسود شريعة العدل والمحبة والتسامح والإخاء هذا العالم.. هذه هي المعادلة، وهذا هو حكم التاريخ، وما أمرت به شريعة السماء.

        وبقي أن نقول أيضًا في هذه الذكرى الثالثة والخمسين لوحدة مصر وسوريا إن الذين يناصبون العرب والمسلمين العِداء مخطئون، وإن الذين يصرّون على إخضاع العرب والمسلمين، وتمزيق أوطانهم واحتلالها أكثر من مخطئين، وإن من يعتقدون أنهم قادرون على فرض املاءاتهم وتصوراتهم على هذه الأمة واهمون؛ فالعنف يولّد العنف، والإرهاب يصنع الإرهاب، والظلم مرتعه وخيم، والعدل مِفتاح السلام والأمن، وأساس الاستقرار في هذا العالم.                                                            

 (22/2/2011 )


اعادة

أستراليا.. لنا فيك أحباب

يرحمك الله يا مؤيد البحش!!

أ‌.      عدنان السمان

www.samman.co.nr

        عربيًّا وحدويًّا يفيض حماسةً، وينبض عنفوانًا وقوة وعزة واندفاعًا عرفتك شابًّا يافعًا.. فلسطينيًّا ثائرًا شاعرًا متحفِّزًا وثّّّابًا كنتَ في مَيعة الصِّبا، وزهرة الشباب، وربيع العمر.. غنيتَ للوطن طفلاً، وكسرتَ قيد المذلة والهوان شابًّا، وآمنتَ بالشعب المضيَّع والمكبَّل رجلاً يصرخ بأعلى الصوت في هذه الجموع لتحمل المناجل والمشاعل والشموع.

        لو كنتَ توصَف بالكلمات لوصفتك، ولو كنتَ تُفدى بالمال لافتداك الصحبُ والولد والعشيرة والرجال، ولو كنتَ تعلم ما سيحلّ بالأهل والأحباب بعدك من الوجوم والحزن والأسى لرفقتَ بنفسك، ولو كان الأمر بيدك لترفقتَ بهم، وأشفقتَ عليهم، ورحمتَ ضعفهم، ولما تعجّلتَ الرحيل عنهم، ولآثرت البقاءَ بينهم، تستمع إليهم، وتروي على مسامعهم شيئًا من قصص الوفاء التي يشيب لهولها الولدان.. لو كان الأمر بيدك لاخترتَ أن تبقى بينهم شاهدًا وراصدًا ورائدًا وقائدًا، ولآثرتَ أن تبقى إلى جانب من أحبوكَ وأحببتهم، وإلى جانب بناتك الأربع اللواتي أحببتهنَّ وأحببنك إلى أن تحين ساعة اللقاء في منابت الطفولة، ومرابع الحنين، ومراتع الأشواق والذكريات.. لكنه القدر الذي يأبى الاستماع إلى كل هذا، ويرفض الانصياع لحديث العواطف والتمنيات والأمنيات، ولا يبالي بالمشاعر والدموع، وبالآهات والتوسلات.

        قضيت (أيها الغالي) هناك في منفاك غريبَ الوجه واليد واللسان، بعد أربعين عامًا من الشتات والتشرد والتيه.. لقد تحدثت الصحف عنك يوم إبعادك، كما تحدثت عنك يوم اعتقالك، وتحدثت عنك عندما تردّت أحوالك الصحية، وعندما أصيبت يدك اليسرى بالشلل، وعندما أُبعدتَ عن الوطن على كره منكَ، وعندما حُمِلْتَ إلى "لندن" للعلاج.. لقد كان بإمكانك أن تغادر (منذ البداية) بسلام وأمان مثل كثير من الفتيان والشبان الذين عادوا بعد ذلك، ولكنك لم تفعل.. لم تغادر، ولم تفكر بالهرب، وكان (أيها الغالي) ما كان.

        قضيتَ أيها الغالي هناك في منفاك، بعد أسابيع من الصراع مع مرض لا يرحم، كنتَ خلالها رابط الجأش، عالي الهمة، ثابت الجَنان، صابرًا، مؤمنًا أن الموت حق.. قضيتَ (أيها الغالي) بعد أن غنيتَ للوطن أعذب الأغنيات، وشدوتَ لفلسطين أجمل الألحان.. قضيتَ يا مؤيد، وأنتَ تتأبط ذلك الدفتر الذي لازمك منذ سن السادسة عشرة في العام الرابع والستين من القرن الماضي، وقد كتبتَ على غلافه بخط واضح كلمة "المشرَّد".. وكأنكَ كنتَ تقرأ المستقبل يومها، بل لعلك كنتَ تكتبه لنفسك يا مؤيد!!

        كان يوم رحيلك (أيها الغالي) في الثاني والعشرين من شباط، عيد الوحدة المصرية السورية، وقيام الجمهورية العربية المتحدة التي أحببتَها.. لقد كنتَ عربيًّا فلسطينيًّا وحدويًّا جميلاً في حياتك، ويوم مماتك، ويوم تُبعثُ حيًّا يا مؤيد.. ستُبعثُ عربيًّا فلسطينيًّا ينادي بوحدة هذه الأمة، وخلاص هذا الشعب، وإنصافه، وردّ الاعتبار إليه في ذلك الموقف العظيم.

        لقد احتفظتُ لك بتلك الصورة المشرقة الزاهية عندما كنتَ شابًّا صغيرًا لم يبلغ العشرين.. لا زلتَ في نظري ذلك الشاب الوسيم الممتلئ قوة ونشاطًا وحيويةً.. لا زالتَ رمزًا لذلك الزمن الجميل، وصورة ناصعة، وصوتًا يرنّ في آذاننا لعهد الشباب الذي مضى وانقضى ولن يعود.. ولا زلتُ أراك بعينِ الخيال (أيها الغالي) فأرى فيك الإباء والعطاء والوفاء.. أراكَ فتحلو لعيني الحياة.. أراك فيحلو لعيني النظر!! ولو كان يُفدى راحلٌ يا مؤيد لافتديناك.. سلامٌ عليك أيها الراحل الحبيب.. سلام عليك يوم وُلدتَ، ويوم متَّ، ويوم تُبعث حيًّا.. سلامًا ودمعًا على قوافل الشهداء. لقد كان مصابي فيك أليمًا، وكانت فجيعتي فيك كبيرة.. سلام عليك يا مؤيد في الخالدين.

22/2/2011

 

 


الأحد، ٢٠ شباط ٢٠١١

في يوم الطلَبَة العَرَب.!!

متابعات

في يوم الطلَبَة العَرَب.!!

أ.عدنان السمان

www.samman.co.nr

   كبار الحوادث والأحداث في وادي النيل، وتسلسل ثورة الشباب وتفاعلاتها ومضاعفاتها وأصداؤها وذيولها وملحقاتها، وثورة شاطئ الياسمين قبل ذلك، ومواكبة تطورات شمس العرب التي أشرقت من الغرب، واهتمام أمة العرب من محيطها إلى خليجها بأدق تفصيلات ثورتي الشعبين العربيين العظيمين في القطرين الشقيقين، يضاف إليه اهتمامها بما يجري ويدور في كل أقطار العروبة المتأهبة للثورة، والمتحفّزة لاسترداد حقوقها وكرامتها المهدورة.. كل ذلك وكثير غيره صرف الناس في هذه الديار عن التفكير في قضايا كثيرة من قضايا الدرجة الثانية أو الثالثة كما يسمونها، وأبعدهم ولو مؤقتًا عن متابعتها ومعالجتها ومنحها ما هي جديرة به من عناية ورعاية واهتمام.

     على أن الأنظمة العربية جميعها مطالبة دون استثناء بوضع قضايا الطلبة العرب مثلاً على رأس سلم أولوياتها، لا فرق في ذلك بين نظام ثوري تقدّمي شرعي جاء ليحقَّ حقًّا ويزهقَ باطلاً، ونظامٍ قمعيٍّ تسلطي لا شرعي على استعداد لعمل المستحيل من أجل الاستمرار في الحكم، والبقاء في السلطة التي تستهوي كثيرًا من المهووسين بها، المتلهفين عليها، المتحرّقين شوقًا إليها، في هذه البلاد، وفي غير هذه البلاد لأهدافٍ وغاياتٍ أبعدَ ما تكون عن أهداف الجماهير وغاياتها، وأبعد ما تكون عن الصالح العام، ومصلحة الوطن والمواطن على السواء.. هذه الأنظمة الثورية، وتلك القمعيّة الاستبدادية التي تصارع اليوم من أجل البقاء، عليها أن تضع قضايا الطلبة العرب على رأس اهتماماتها في يومهم هذا الذي يصادف التاسع عشر من شباط، وعلى امتداد العام الدراسي هذا، والأعوام الدراسية التي تليه أيضًا، لأن للطلبة حقوقهم التي يجب أن تؤدّى، ولأن للطلبة مكانتهم في مجتمعاتهم، ولأن الطلبة هم ضمير الأمة، وهم في الغد القريب مسئولوها وقادتها ومفكروها وجنودها الذين يقاتلون في كل ميادينها وساحاتها، ولأنه لا بد لهؤلاء الجنود أن يكونوا مزوّدين بكل وسائل القوة والمنعَة كي يحققوا الانتصار.. وهذا يعني باختصار أن يبذل كل من يعنيهم الأمر قصارى جهودهم لرفعة قطاع الطلبة، وضمان قوته وعزته، وأن يعطى الطلبة في كل بلاد العرب كامل حقوقهم في أثناء وجودهم على مقاعد الدراسة والتحصيل في مدارسهم ومعاهدهم وجامعاتهم، وأن يعطوا كامل حقوقهم في العمل والعيش الكريم بعد تخرجهم.

     أمة العرب، والثوار العرب، وقادة الفكر والرأي في بلاد العرب، والمسئولون العرب على اختلاف مستوياتهم وانتماءاتهم وثقافاتهم وتوجهاتهم ينبغي أن يعملوا من أجل مناهج دراسية متطورة تواكب هذه النهضة العلمية المذهلة التي يشهدها العالم من حولنا.. وينبغي أن يعملوا من أجل أن يستوعب الطلبة هذه المناهج، وينبغي أن يعملوا بالتزامن مع هذا من أجل توفير الحياة العلمية، والجو الدراسي المريح لجماهير الطلبة، وهذا الأمر لا يتأتّى إلا من منطلق الإيمان الشديد بالوطن والمواطن ومن منطلق الإيمان الراسخ بحق هذا الأمة العربية العظيمة في العيش باحترام بين أمم العالم أجمع، ومن منطلق أن هذا لا يمكن أن يتحقق إلا بثورة علمية تعليمية تطبيقية شاملة تطال كل جوانب الحياة، وكل مكوناتها ومقوماتها، ومن منطلق الحرص المطلق على المصلحة الوطنية العليا، والمصلحة القومية العليا، ومن منطلق التحلّي بروح المسئولية التي يقدّرها حق قدْرها الرجال الشرفاء الأكفياء الأوفياء من أبناء هذه الأمة، والنساء الشريفات الكفيّات الوفيّات من بناتها.

   هذا شيء مما يترتب علينا أن نقوله في مناسبة كهذه، وفي يوم كهذا هو يوم الطلبة العرب، وهذا هو شيء من حقوق هذا القطاع الطليعيّ على الآباء والأجداد، وموجّهي الرأي، وقادة الفكر العرب في كافة أقطارهم وأمصارهم، وهذا شيء من حقوق هذه الأمة العربية علينا في يوم الطلبة العرب، لأن الأمم لا تنهض إلا بالعلم، ولأن نهضة الأمم لا يحققها إلا أبناؤها المتعلمون العاملون من أجل رفعتها وعزتها.

   في يوم الطلبة العرب لا نريد أن نقف مطوّلاً عند تلك السلبيات التي تقضّ مضاجعنا ومضاجعهم، بسبب النقص في المدارس، وبسبب النقص في المدرسات والمدرسين، وبسبب انعدام هذه المدارس أحيانًا في كثير من التجمعات السكنية العربية على طول بلاد العرب وعرضها، وبسبب الإهمال الذي يكاد أن يودي بالعملية التربوية التعليمية في كثير من ديار العروبة، وبسبب كل محاولات الاستزلام، وكل وسائل الضغط والإكراه، وكل صور التهميش والتقزيم والإغراء والتهديد التي يمارسها هؤلاء وأولئك بهدف صرف جماهير الطلبة عن أهدافهم السامية، وغاياتهم النبيلة، ودورهم الطليعي الطبيعي في قيادة الجماهير نحو أهدافها في التحرر والتحرير، وإحقاق الحقوق الوطنية الثابتة لهذه الأمة العربية الماجدة في كل ديار العروبة، وفي كل أقطارها وأمصارها.   

     وفي يوم الطلبة العرب أيضًا لا بد من توجيه التحية لكل من يوقد شمعة تنير ليلهم، ولكل من يتقدم منهم بكلمة صادقة أمينة تشد أزرهم، ولا بد لكل شرفاء هذه الأمة ومسئوليها من الوقوف إلى جانبهم، كي يحققوا الأهداف التي تعلّقها هذه الأمة عليهم.

 

19\2\2011

 

 

                                                                  

   

 

 


الجمعة، ١٨ شباط ٢٠١١

متابعات

 

الثورة العربية ليست صناعة أمريكية

والأمة العربية تعرف ما تريد..!!

أ‌.      عدنان السمان

www.samman.co.nr

 

     أوباما يتبنى أفكار سلفه بوش في "دمقرطة" الشرق الأوسط، أو العالم الإسلامي، أو الشرق الأوسط الجديد كما يحلو لكثير من الساسة الأمريكان أن ينعتوه.. بمعنى أن الديموقراطيين قد التقوا مع الجمهوريين في ضرورة نشر الديموقراطية وترسيخها في كل ديار العروبة وبلاد الإسلام، وبمعنى أن ما يجري اليوم في تونس ومصر، وما سيجري في غيرهما من بلاد العرب إنما يجري بتحريض أمريكا وبتحفيز منها، وأن هو إلا توجّه أمريكي، ورؤية أمريكية، وبالتالي سياسة أمريكية لصنع كيانات عربية جديدة تحذو حذو أمريكا في احترام  الحريات وإجراء الانتخابات، وإرساء دعائم العدل، وترسيخ قواعد الديموقراطية.. وكأن هذه المبادئ والقيم وقْف على الغرب والغربيين، وكأن الحرص على العدل والعدالة والاستقامة والنزاهة والشفافية في الحكم وإدارة شؤون الأمم والشعوب مبادئ غربية وبصناعة أمريكية تقوم أمريكا الآن بتصديرها إلى بلاد العرب، وسيلتها في ذلك استبدال وجوه قديمة مترهلة كالحة مكروهة بأخرى جديدة شابّة محبوبة، وغايتها في ذلك تجديد شباب تابعيها وأحبابها في بلاد العرب، وتحسين صورهم في عيون شعوبهم، وصولاً لمزيد من الأمن والهدوء والاستقرار الذي يضمن للولايات المتحدة نفوذًا آمنًا خلاّقًا في هذه الديار، ويضمن لها من خلال ذلك مزيدًا من التحكم بالأرض، ومزيدًا من التحكم بالإنسان، ومزيدًا من التحكم "الديمواقراطي" في كل أوجه الحياة في بلاد العرب بشكل يبدو طبيعيًّا عاديًّا لا تشوبه شائبة، وبشكل تبدو معه هذه الديار وكأنها امتداد جغرافي تاريخي ثقافي للولايات المتحدة الأمريكية، وتبدو معه أيضًا كأنها ولايات جديدة تضاف بعد كل التجارب إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وإلى نجوم العلم الأمريكي ذي الولايات الخمسين..

   وبمقدار ما في هذه التحليلات والتأويلات والتفسيرات والمنطلقات من تعسّف ونقد للغرب وللغربيين، وإدانة ونقد للولايات المتحدة أو رئة النفوذ الغربي، والاستعمار الغربي في هذه الديار حتى قبل انهيار دولة الخلافة بزمن طويل، عندما سيطرت تلك الدول على كثير من ممتلكات العثمانيين قبل أن تزول دولتهم، وبمقدار ما فيها من مرارة وشعور بالإحباط نتيجة لذلك؛ فإن فيها قدَرًا كبيرًا من التشاؤم، وقدرًا هائلاً من الاستهانة بالشعوب، وكفرٍ بها، وبمقدرتها على التغيير، وإصرارها على التصدي، وعلى التحدي، وعلى إسقاط هذا النظام أو ذاك... وفي هذا ما فيه من الظلم والتجنّي، وفيه ما فيه من الاستخفاف بالشعوب؛ إذ لا يُعقَل أن يكون ذلك التونسي الذي كان الشرارة التي أحرقت طغيان زين العابدين، وذلك المصري الذي كان على رأس شباب مصر وشيبِها وهم يُسقطون النظام البوليسي الذي أهان المصريين وأهان العرب أجمعين.. لا يُعقل أن يكون ذلك التونسي جزءًا من توجّه أمريكي، ولا يعقل أن يكون ذلك المصري خيطًا من صناعة أمريكية، أو مُنتَج أمريكي، ولماذا لا يكون الحزب الديموقراطي الأمريكي، وقد يكون برّاك حسين أوباما تحديدًا قد تابع ما يجري في تونس، وتابع بعد ذلك ما يجري في مصر، وقد يكون قد هالهُ ما يعاني منه الناس من ألم وبؤس، وقد يكون أن أفزعته هذه المشاهد التي رآها على شاطئ الياسمين، أو في ميدان التحرير، وفي كل ميادين مصر وساحاتها بعد ذلك، وقد يكون أن أرعبته الوحشية التي حاول حراس النظام أن يقمعوا الناس بها، وقد يكون أن رأى أوباما في كل تلك المشاهد المرعبة طفولته وشبابه، وقد يكون أن رأى معاناته وعذابه في معاناة هؤلاء وعذابهم؛ فراح يعمل وكأنه واحد منهم، وراح يرقَب الموقف عن كثب، ويتدخل بقدر ما تسعه الحيلة وتسعفه الوسيلة لإسقاط ذلك النظام القمعي المستبد.. وأي عيب في هذا؟ وأية غضاضة فيه؟ ألا يعرف أوباما القاهرة؟ ألم يلقِ خطابه في جامعتها؟ أليس أوباما إفريقيًّا آسيويًّا ملونًا عانى مما عانى منه الناس في هذا العالم العربي الإسلامي ولا يزالون؟ لماذا يحاول كثير من الناس في هذه الديار، وفي غير هذه الديار تجريدَ الناس من مشاعرهم حينًا؟ وتجريدهم من إنسانيتهم حينًا آخر؟ وتجريدهم من ثمار ثقافتهم وانتمائهم بغض النظر عن مواقعهم وكافة الاعتبارات الأخرى من حولهم؟ ولماذا كل هذا الظلم الصارخ الذي يوقعه هؤلاء المحبَطون المغرِقون في التشاؤم على الأحرار الذين يريدون خيرًا بالإنسان والإنسانية؟.

 

   إن الثورة العربية التي تعصف اليوم بأولئك الطغاة المستبدين في ديار العروبة ليست صناعة أمريكية، وليست بضاعة أمريكية، وليست منتجات أمريكية تصدرها أمريكا إلى بلاد العرب، بل هي إرادة العرب التي استجاب لها القدر، وهي رغبتهم في التحرر والتحرير والتطور والتقدم والخلاص من الطغاة الذين استباحوا هذه الأمة، وألهبت سياطهم ظهور أحرارها وحرائرها.. إنها الثورة على الطغيان والفساد والتخلف والاستبداد والإقطاع السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وإنها الثورة على الإرهاب الفكري والقمع الذي مارسته تلك الأنظمة ولا تزال تمارسه ضد هذه الأمة العربية العظيمة من محيطها إلى خليجها، وإنها الثورة على الجهل والفقر والمرض والطغيان الذي استشرى في كثير من ديار العروبة والعرب وبلاد الإسلام والمسلمين... الثورة العربية التي تعصف اليوم بالطغاة هي ثورة يفجرها شباب العرب وصباياهم.. عمّالهم وفلاحوهم وطلبتهم وأحرارهم من كافة الفئات والمستويات والتوجهات.. إنها ثورة المثقفين والكتّاب ورجال الصحافة والإعلام، وثورة المثقفات والكاتبات والإعلاميات موجّهات الرأي ونشيطات العمل السياسي والفكري على كل أرض مصر، وعلى كل أرض العرب.. إنها ثورة الشعوب العربية على جلاديها.. وأنها أيضًا امتداد لثورة الشعب العربي في مصري، ثورة الثالث والعشرين من يوليو التي كانت بدورها امتدادًا لثورة عرابي.. أنها سلسلة لا يمكن أن تنتهي من الثورات الآخذ بعضها برقاب بعض في تسلسلٍ وتواصل وتواتر يأخذ بيد الأمة نحو غاياتها، ويحقق لها طموحاتها وأهدافها، ويكون ردَّها بين الحين والآخر على الطغاة الفاسدين من أبنائها، وعلى الغزاة الطامعين من أعدائها الخارجيين.

 

    إن أمة العرب التي تفجر ثوراتها اليوم وتصدرها من هذا القطر إلى ذاك تعرف جيدًا ما تريد، ولن تستمع لأراجيف المرجفين، وهرطقات المحبَطين المحبِطين ودعواتهم إلى الاستكانة والتسليم واليأس القاتل الذي تسعى دوائر الغرب لزرعه في قلوب أبناء هذه الأمة العربية العظيمة.. وإن أمة العرب في مصر وهي تحتفل اليوم تحتفل بانتصارها على الطاغية لتؤكد أنها قادرة على المتابعة حتى تحقيق النصر على كل هياكل العهد البائد، وعلى كل رموزه وطواغيته، وإن شعب مصر لقادر على وضع مبادئ ثورة الخامس والعشرين من يناير موضعَ التنفيذ ولو كره الكارهون، وأبى المنحرفون المستبدون المراوغون المناورون الذين يريدون الالتفاف على الجماهير، ويريدون اغتيال حلمها الجميل، واغتيال حقها الطبيعي المشروع في الحياة الحرة الجميلة.

    شعبنا العربي في مصر، وفي تونس، وفي كل بلاد العرب يعرف يقينًا ما يريد، ولن يسمح بخلط الأوراق، ولن يسمح لأحد أن يخطف ثورته، وأن يسرق لقمته، وأن يتاجر بقضاياه، وإن أمتنا العربية العظيمة قد أفاقت من ليلها الطويل لتنعمَ بفجر الحرية، ولتكمل المشوار مع كل الأحرار والثوار في هذا العالم نحو عهد جديد يهزم فيه نور الشمس جحافلَ الظلام، وتسطعُ فيه شمس العرب على الغرب من جديد.

18\2\2011

 

   

 

 

 


الثلاثاء، ١٥ شباط ٢٠١١

في ذكرى مولد سيد المرسلين!!

متابعات

في ذكرى مولد سيد المرسلين!!

 

أ‌.       عدنان السمان

Www.samman.co.nr 

    يحتفل المسلمون والعرب في مثل هذا اليوم من كل عام بيوم من أعظم أيامهم، وعيد من أروع أعيادهم، وواحدة من أعز مناسباتهم، وأكثرها بهجة وإشراقًا؛ فقلد ولد نبي المسلمين، وسيد المرسلين، وإمام المتقين الصالحين الصادقين محمد صلوات الله عليه رحمةً للعالمين، ومنقذًا للعرب من جهلهم وجهالتهم، ومخلّصًا لهم من غيهم وضلالهم، وموحّدًا لهم على شريعة الهدى في شبه جزيرتهم، حتى إذا ما استقام الأمر لهذا الدين في شبه الجزيرة العربية خرج به الرجال إلى الأقطار العربية المجاورة.. خرجوا لنشر هذا الدين في كل بلاد العرب، وكان من الطبيعي أن يصطدموا بدولتي الفرس والروم اللتين كانتا تحتلان هذه البلاد، وتسيطران عليها، وكان من الطبيعي أيضًا أن يحرر أولئك الرجال هذه البلاد من براثن الروم والفرس، وأن ينشروا الإسلام في هاتين الدولتين وفي غيرهما من دول الأرض، لتصبح كلمة الله هي العليا، وليصبح الناس جميعًا بنعمة الله إخوانا، وليعم الأمن والأمان كل ديار العرب، وكل بلاد المسلمين، ولينعم الناس جميعًا في سائر الأقطار التي وصلها سلطان الإسلام بالأمن والأمان والمحبة والسلام، وليبني الناس في هذا العالم الإسلامي حضارة عظيمة حفظت الحضارات القديمة من الضَّياع ، وأضافت إليها من ثقافات شعوب الإسلام في كافة أقطارها وأمصارها، ومن علوم هذه الشعوب ومعارفها وفلسفاتها وآدابها وتراثها ما أضافت ، حتى غدت الحواضر العربية والإسلامية كعبة المتعلمين، وقبلة الدارسين يأتونها من كل أقطار الأرض رغبةً في اكتساب العلم والمعرفة.. لقد برع العرب والمسلمون في شتى ألوان المعارف والعلوم والآداب والاختراع.. لقد برعوا في الطب ، والصيدلة، والهندسة، والفيزياء، والكيمياء، والرياضيات، والفلك، والجغرافية، والبصريات... كما برعوا في كل أشكال الفنون والآداب، وتفوقوا في الفلسفة والحكمة، وأتقنوا كثيرًا من اللغات، وكان اهتمامهم بلغة العرب، وفقه الإسلام اهتمامًا لا يدانيه اهتمام في سائر الثقافات التي عرفها الإنسان منذ فجر التاريخ، وحتى هذه الأيام.

    لا نقول هذا تعصّبًا أو غرورًا أو من قبيل المبالغة، بل نقوله واثقين من صحته، مقتنعين بما نقول، داعين إلى عقد الندوات، وإجراء البحوث والدراسات، وكتابة المؤلفات، ووضع الموازنات الجادة الرصينة بين سائر الحضارات والثقافات.. عندئذ سيرى غيرنا ما نراه، وسنلتقي معه على حب الفضيلة والحق والخير والجمال والحياة.. سنلتقي على حب الخالق المنعم.. حبّ الله.. إلا من اتّبع هواه؛ فأَضلّه وأغواه، وكان في الفانية والباقية من الخاسرين.

    كان محمدٌ إنسانًا صادقًا أمينًا شهمًا سمحًا جوادًا، فأحبه الناس، ومالوا إليه، ووثقوا به، وأثنَوا عليه الثناء العطر منذ بداية عهده بالحياة.. مات أبوه قبل أن يراه، وماتت أمه؛ فكفله جده ورعاه، ثم كان عمه الحاني؛ فشدّ أزره، وحماه.. وكان نصيرًا لدعوته، مخلصًا في محبته، صادقًا في مودته، مؤمنًَا بنبوّته، متحدّيًا السادة والكبراء وعلية القوم في تأييد رسالته، ونصرة قضيته.

    وكان محمد في الوقت ذاته نبيًّا .. كان صبورًا.. كان شفوقًا لا يغضب، وكان مثابرًا لا ييأس، وكان داعية لا يلين، وكان محبًّا للناس يدربهم على الصبر والثبات واحتمال الألم في سبيل الله، ونصرة هذا الدين، وكان عنيدًا في الحق، واثقًا من النصر، متسلّحًا بالحكمة والروية والصبر.

    وكان محمدٌ معلمًا وهاديًا وبشيرًا ونذيرًا وداعيًا إلى الله بإذنه، وسراجًا منيرًا.. كان يعلّم العرب حب الحق والخير والجمال، وكان يغرس فيهم مكارم الأخلاق، وكان يربيهم على احتمال الأذى، والصبر على المشاقّ.. كان محمد معلمًا حليمًا واسع الصدر يسامح المسيء، ويعفو عن مقدرة، مَلك ناصية البيان، وأحاط بحكمة التشريع، وخفايا الأكوان والأديان، مؤمنًا أشد الإيمان بالواحد الأحد القوي الديّان.

    وكان محمد قائدًا في الحرب، يضع الخطط، ويستشير الأصحاب في كل أمر، ويشارك الجند كل أنواع العمل والاستعداد وحفر الخنادق ومراقبة خطوط الأعداء وتتبع أخبارهم ، ورصد تحركاتهم.. كان قائدًا فذًّا عليمًا بأسرار الحرب، متمكِّنًا من لهجات العرب، عالمًا بمجاهل شبه الجزيرة، خبيرًا بنفوس أهلها، وبما تخفيه قلوبهم.

    وكان محمد مثقِّفًا لجلسائه في أيام السلم، يعلمهم أصول هذا الدين، ويخلِّقهم بأخلاق القرآن، ويعلّمهم كيفية الصلاة، والصيام، والحج، وكيف يخرجون الزكاة .. كان إمامهم في الصلاة، وكان معهم في المسجد، وكان مدرّبًا للقضاة والدعاة مرشدًا لهم ومعلمًا.

    ولد عليه السلام في مكة عام (570م) وتوفي عام (632/11هـ) هاجر إلى المدينة سنة (622م) وأصبحت هذه السنة بداية التأريخ الإسلامي أو الهجري. انتصر في معركة بدر في السنة الثانية للهجرة( 624م) وخاض معركة أحد في السنة الثالثة للهجرة (625م) وانتصر في معركة الخندق في السنة الخامسة للهجرة (627م) أما انتصاره الكبير فكان في السنة الثامنة للهجرة (630م) عندما دخل مكة فاتحًا.

    هذا هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، وهذا هو الدين الذي أتى به، وهذه هي الحضارة التي بناها، والأمة التي نماها.. صلوات ربي عليك يا رسول الله يوم ولدت، ويوم مت ، ويوم تُبعث حيًّا. صلوات ربي عليك يا رسول الله ونحن نتذوق في هذه الأيام حلاوة النصر بالخلاص من بعض الطغاة في بلاد العرب التي وحَّدتها دعوتُك، ورسمتْ لها معالمَ الطريق رسالتُك.. صلوات ربي عليك معلمًا وقائدًا وهاديًا وثائرًا على الطغاة والطغيان والفساد والمفسدين.. صلوات ربي عليك منقذًا ومحررًا ومشعلَ نورٍ وهدايةٍ وسراجًا وهّاجًا ورحمةً للعالمين.

 

15\2\2011

   



Sucker-punch spam with award-winning protection.
Try the free Yahoo! Mail Beta.

الاثنين، ١٤ شباط ٢٠١١

في عيد الحب!!

في عيد الحب!!

شعر : عدنان السمان

www.samman.co.nr

 

 

في عيد الحب تحياتي

في عيد الحبّْ

أشواقي ترسلُ آهاتي

من هذا القلبْ

في الليل الساجي أُرسلُها

وأحمّلها

عبَقًًا ألَقًا حبًّا ورْدًا

وأردّدها

في هذا اليومِ أذوبُ هوًى

في هذا اليومْ

والقلبُ يغنّي في وجَلٍ

مني يا قَومْ

ويقول مقالةَ من بَرَعوا

في علمِ الغيبْ:

إني وَجِلٌ.. إني خَجِلٌ

من هذا الشيبْ.

القلبُ يغنّي نشوانًا

في عيد الحبّْ

والروح تراقصُ أطيافًا

يهواها القلبْ

إني أحببتكِ ملهمتي

ومعذّبتي

إني أحببتُ مسهِّدتي

إني أحببتْ

إني أحببتُكِ يا قدسُ

أحببتُ الطّورْ

من حولِ القدسِ وفي القدسِ

شعبٌ منصورْ

من خلفِ السورْ

من تحت السورْ

من فوق السورْ

أُسدٌ ونمورْ

في الفُلْكِ تدورْ

من هذا النورْ

هرب الدَّيجورْ

وتوارى الزُّورْ

وتعالى اللهْ

في الأفْقِ بهاهْ

في الكوْنِ ضِياهْ

في القلب سناهْ

في عيد الحبِّ أحبُّ اللهْْ

في عيدِ الحبّْ

هذي سلوانْ

ما أحلاها

والصوّانهْ

ما أغلاها

في باب الوادْ

ذكرى القسطلْ

والمصرارهْ

جبلَ الزيتونْ

إنّا آتونْ

كبّرْ كبّرْ

إنَّا آتونْ

أشجارُ اللوزْ

في وادي الجوزْ

والشيخْ جرّاحْ

هذي شعفاطْ

هذي لفتا

هذي التّلهْ

هذي القبّهْ

هذا الأقصى

وقيامتُنا

هذي مريمْ

هذا عيسى

ومساجدُنا

وكنائسُنا

تَحكي حبًّا

تَروي مجدًا

تُعطي درسًا

لمدارسنا

في عيد الحبّْ

إني أحببتُكَ يا وطني

هل هذا عيبْ؟

إني أحببتكَ إيمانًا

إني أحببتكَ تسليمًا

إني أحببتكَ تعظيمًا

بل تكريمًا

قلْ ترنيمًا

ومُعاهدةً

ومُبايعةً

ومُجاهدةً

ومُجالدةً

ومُنازَلةً

ومُغالبةً

ومُشاهدةً

إني أحببتُكَ تاريخًا

ومُعايشةً

ومُعانَقةً

ومُشافهةً

ومُراسَلةً

ومُخاطبةً

ومُجادلةً

إني أحببتُك فلسفةً

إني أحببتُك مدرسةً

ومُمارسةً

ومُجالسةً

إني أحببتْ

إني أحببتُكَ يا وطني

أحببتُ الطّّيرْ

قسمًا لن تبقى يا وطني

في أيدي الغَيرْ

إني أقسمتُ بإنجيلي

وبقرآني

لن يهنأَ مغتصبٌ أبدًا

في أوطاني

في عيد الحبّْ

أُهدي وردًا

للخِلاّنِ

أُهدي حبًّا

أُهدي نصرًا

أَروي شعرًا

للأوطانِ

هذا قسَمٌ للأجيالِ:

بمحبتِنا وتآلفِنا

ومودتِنا وتعاطفِنا

نبني بيتًا.. نبني مشفًى

أو مدرسةً أو مكتبةً

للأطفالِ

هذا عهدي.. هذا ديني

هذا حُبي.. لِفِلَسطينِ

في عيدِ الحبّْ.

(14\2\2011)