على ضوء احتجاجات طلبة التوجيهي:
الحذف.. ليس حلاًّ
أ. عدنان السمان
طلبة التوجيهي في سائر مدن الضفة الغربية المحتلة وقراها يطالبون بحذف نسبة معينة من مناهجهم الدراسية التي وُضعت لتُعطى في عام دراسي من مئتي يوم عمل بعد أن تراجع عدد هذه الأيام بسبب عطلة السبت التي أصبح معها أسبوع العمل خمسةَ أيام بدلاً من ستة، وبسبب أيام الإضرابات، وتقليص مدة الحصة الصفية إلى أربعين دقيقة في حدها الأقصى.
إن ما يطالب به طلبة التوجيهي اليوم قد سبقهم إليه طلبة كافة المراحل والصفوف الدراسية، بحيث أصبح المعلم – في معظم الأحوال – يعين للامتحان جزءًا محدودًا من المقرر أو الكتاب هو – في الغالب – ما أُنجز من الكتاب المقرر.. بمعنى أن الطلبة لا يتمكنون من هذه الكتب المقررة، إلا من رحم ربُّك... وهكذا يرتقي الطلبة إلى صفوف جديدة ليتكرر هذا الواقع المؤلم، وهذا يعني باختصار أن الغالبية العظمى من الطلبة أصبحت تعاني من الضعف، والضعف الشديد في كثير من الموّاد، ولا سيما مادة اللغة العربية، والانجليزية، ومواد الرياضيات والفيزياء، والكيمياء.
إن أحدًا لا يستطيع التقليل من معاناة طلبة التوجيهي، وغيرهم من طلبة كافة المراحل الدراسية التي تصنع مُجتمعةً هذا الطالب أو ذاك، وهذه الطالبة أو تلك... إن طلبة التوجيهي (الذين سيتقدمون بعد ثلاثة أشهر فقط لامتحان الثانوية العامة) هم بحاجة ماسّة لوقفة جادّةٍ مسئولةٍ إلى جانبهم، وقفةٍ تخفف من توترهم وقلقهم، وتساعدهم على فهم المقرر واستيعابه ، واجتياز الامتحان العام، وإحراز النجاح فيه بجدارة...
طلبة التوجيهي – كغيرهم من الطلبة – بحاجة لدراسة مكثَّفة معمّقة (على امتداد الشهور الثلاثة القادمة) على أن يلتزم من يعنيهم الأمر بالمصلحة العليا لهؤلاء الطلبة، فلا إضراب، ولا غياب رسميًّا إلا في أيام الجمع التي نستطيع أن نقدم في صبيحة كل يوم منها ساعتين دراسيتين لمن أراد من الطلبة الأعزاء.
بهذه الروح نستطيع أن نتغلب على الصعاب، وبهذه الروح نستطيع أن نستكمل مناهجنا، وأن نتقدم للامتحان العام بهمة وثقة واقتدار.. أما حذف هذه الوحدة من هذا الكتاب، وتلك الوحدة من ذاك فأمر لا يعود على الطلبة إلا بالخسران الذي يشعرون به في الجامعة المحلية، وفي جامعات الخارج... إن الضعف المتراكم لا يعالجه إلا مضاعفة الجهد، والدراسة المكثفة، والثقة بالنفس، والتوكل بعد ذلك على الله... حذف نسبة من المقرر ليس حلاًّ، بل على النقيض من ذلك إنه تكريس للضعف، وتتويج للتسيّب والنكوص والإهمال، ومساهمة متواضعة في خداع الذات، والضحك على الذقون، واستمراء الكسل، وخيبة الأمل، وتدمير المواطن، وإحراق الوطن بنار الجهل والجهالة والتخلف والهوى..
العالم من حولنا يراقبنا عن كثب، واتحاد الجامعات العربية وغير العربية لنا بالمرصاد، وويلٌ لنا إذا فقد هذا الامتحان مصداقيته، وويل لنا إذا فقدت جامعاتنا مصداقيتها لهذا السبب أو ذاك، ولأسباب لم تعد خافية على أحد، مع كل الاحترام لكل الجادّين الملتزمين من الطلبة والمدرّسين والمحاضرين، ومع كل الاحترام للعاملين بكل الجد في مختبرات هذه الجامعات، ومراكز البحوث فيها...
العالم من حولنا يراقبنا، والناس في هذه الديار، وغير هذه الديار ما زالوا يذكرون تلك الأيام التي كان فيها طلبة فلسطين – تحت الانتداب البريطاني – يواصلون دراستهم في مختلف جامعات العالم، ويتفوقون رغم الفقر، ورغم عسف سلطات الانتداب، وممارساتها ، وعراقيلها... واليوم تتغير الحال، ويتراجع المستوى، ولم يعد طلبتنا – مع شديد الأسف- كما كانوا من قبل!!
كفانا ما آلت إليه أحوالنا السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية.. كفانا ما آلت إليه أحوالنا النفسية ، ولسنا بحاجة لكوارث أخرى، ومصائب جديدة كانهيار الأوضاع التعليمية والصحية، وتدمير الحياة اليومية والأماني الوطنية والقومية للوطن والمواطن.. أليس كذلك؟
26/2/2008
Need to know now? Get instant answers with Windows Live Messenger. IM on your terms.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق