وللمدارس حرمتها أيضًا...
أ :عدنان السمان
جاء في افتتاحية "القدس"يوم الخميس في الثالث من هذا الشهر(نيسان 2008) قولها:"اصطلح التربويون, والناس عمومًا على وصف مباني الجامعة وقاعاتها وساحاتها وملاعبها, وكل ما يتعلق بها بالحرم الجامعي ,تعبيرًا عن حرمتها واحترامها , وضرورة الحفاظ على قوانينها وأنظمتها , وهذه القاعدة ظلت سارية نافذة المفعول , وفوق كل الخلافات والانقسامات ". وأضافت "القدس" في افتتاحيتها المشار إليها قولها:"واحترام التعليم بصورة عامة هو دليل على الوعي الفكري والاجتماعي لدى أي شعب من الشعوب . إلا أننا وللأسف الشديد, غالبًا ما نتجاوز هذه البدهيات والأخلاقيات, ونحول الحرم الجامعي إلى ساحات للنزاع والاصطدام , واستخدام الأسلحة والقوة في بعض الأحيان".
لا أريد أن أشير هنا إلى هذه الموبقات التي ترتكب بحق كثير من الحرمات في هذا الوطن, ولا أريد أن استعرض شيئًا من هذه الآلام والأحزان التي تعصف بالمواطن في هذه الديار , ولا أن أثير شجون المواطن وأشجانه على امتداد نهاره , وعلى طول حياته اليومية وعرضها , بل أكتفي هنا بواحدة جاءت منسجمة كل الانسجام وافتتاحية "القدس" التي أثارت في النفس أكثر من شجن, وحركت فيها أكثر من حزن, تلكم هي هذه المدارس المغلقة ظلمًا وعدوانًا..هذه المدارس التي أضحت خرابًا يبابًا وقفرًا بلقعًا تشكو إلى الله ما أصابها من نكبات واضطرابات دونها كل نكبة واضطراب ..هذه المدارس التي باتت مهجورة من طلبتها , منبوذة من معلميها ومعلماتها ,مضطهدة من مجتمعها الذي تنكر لها كل هذا التنكر , وتخلى عنها بعد ان عصفت به نيران الفرقة , وضربت بنيانه، وهدمت أركانه عوامل الشقاق والفساد والإفساد ، واستبدت به كل هذه الانتماءات والولاءات البعيدة كل البعد عن هذا الوطن ، وحقه الصريح علينا في البناء والإعمار ، وتلبية نداءاته واستغاثاته المشبوبة بنيران التحرر ، ولظى التحرير والاستقلال بعد كل سنيّ العذاب والقهر والتشرد والضَّياع والحرمان !!!
هذه المدارس التي كانت في يوم من الأيام، وفي زمن من الأزمان منائر يستنير بها هذا الوطن في ليالي الهزائم والفقر والجوع .. وقلاعًا يتحصن فيها كل أحباب هذه الأرض الطيبة ، وكل أبنائها الشرفاء المخلصين ... هذه المدارس التي تخرَّجَ فيها كل أعلام هذا الوطن ، وكل جهابذته وأساتذته ومعلميه ومفكريه وكتابه وصحافييه وسياسييه واقتصادييه أيضًا.. هذه المدارس التي أمدّت هذا الوطن بالمواطن الذي أحب وطنه،ولم يفرّط بحبة من ترابه تحت كل الظروف، وبرغم كل الجراح، بل برغم آلة الموت التي حصدت منه قوافل الشهداء الأباة جيلاً بعد جيل.
هذه المدارس التي كنا ذات يوم نفخر بها ونفاخر أصبحت اليوم كما نرى- واأسفاه- مغلقة في وجوه أبناء هذا الوطن.. ومن الذي أغلقها يا قوم؟ لم يغلقها الغرباء! ولم يغلقها الأعداء! نحن الذين أغلقناها! نحن الذين وجّهنا للطلبة وللعلم، والمعرفة، والثقافة، والانتماء طعنات قاتلة لا لشيء إلا لأننا مختلفون،ولا لشيء إلا لأننا متناحرون، ولا لشيء إلا لأننا نلهث خلف سراب خادع، ولا لشيء إلا لأننا ضللنا السبيل، وعميت قلوبنا وأبصارنا عن الحق.. فتنكرنا لهذا الوطن، وضحينا بإنسان هذا الوطن على مذبح الأطماع والمكاسب الرخيصة والاعتبارات الممجوجة المرفوضة التي ما أنزل الله بها من سلطان!!!
هذه المدارس يجب أن تعود للعمل بكل طاقتها، يجب أن تعود كما كانت قلاعًا للعلم والحب والحق والعمل والحرية.. يجب أن نضع حدًّا لكل هذه الحماقات التي نرتكبها بحق أطفالنا .. يجب أن يفهم كل من يعنيهم الأمر أن لمدارسنا حرمةً أيضًا ، وأن حرمتها لا تقل أبدًا عن حرمة المساجد، وأن حرمتها أيضًا فوق كل حرمة..ويجب أن يفهم معلمونا ومعلماتنا أن بإمكانهم أن يطالبوا بحقوقهم كما يريدون، وأن يفعلوا في سبيل إحقاق هذه الحقوق ما يشاؤون إلا هذا الأسلوب المدمر الذي أصاب المدرسة والجامعة والمجتمع كله بما عجز عنه الأعداء..يجب أن يفهم المعلمون أن هذا الأسلوب الذي يتبعونه في المطالبة بحقوقهم هو أسلوب مرفوض، وأن عليهم البحث عن وسائل أخرى غير هذه الوسيلة المدمرة التي آن لها أن تتوقف.
3/4/2008
The i'm Talkathon starts 6/24/08. For now, give amongst yourselves. Learn More
هناك تعليق واحد:
ايها الكاتب الفاضل ان في هذا الزمن العجيب اصبح كل شي مباح ومستباح ,اننا الان في زمن كله غرابة ليس فقط المدارس او الجامعات بال كل نواحي الحياة اختلفت ,ولكن كما تفضلت يجب ان يكون لمدارسناوجامعاتنا,كامل الاحترام ,ولكن هيهات في هذا الزمن ,ان يستجيب احد .
إرسال تعليق