منذ أيام كان حديث كثير من الناس في هذه الديار حول الخامس عشر من أيار، وإقامة الدولة العبرية على نحو ثمانين بالمئة من أرض فلسطين ، وتشريد قرابة مليون عربي فلسطيني من ديارهم في عام النكبة ذاك، أصبحوا أكثر من خمسة ملايين في هذه الأيام .. واليوم يتحدث كثير من الناس في هذه الديار عن الخامس من حزيران من العام سبعة وستين ، وكيف توسعت تلك الدولة ، وسيطرت على ما كان قد تبقّّى من أرض فلسطين ، مضافًا إليه مساحات شاسعة من أرض العرب .. وغدًا سيتحدث كثير من الناس عن ضم القدس الشرقية إلى الغربية ، وإعلان هذه القدس "الموحدة" عاصمة لهذه الدولة العبرية التي تسيطر على فلسطين كلها لأول مرة في التاريخ منذ إحدى وأربعين عامًا.. وبعد غد سيتحدث كثير من الناس عن هذه البيوت التي تقام لليهود بالآلاف في القدس الشرقية ، وعن هذه المستوطنات التي تمتد وتنتشر ملتهمةً في كل يوم مزيدًا من الأرض المحتلة في الضفة الغربية ، حتى أصبحت مساحة مستوطنة " أدوميم" التي يسكنها ثلاثة عشر ألف مستوطن أكبر من مساحة " تل أبيب" التي أُقيمت قبل تسعة وتسعين عامًا ، ويسكنها اليوم نحو نصف مليون منهم ، وحتى أصبحت مساحة القدس " الموحدة" بما حولها من مستوطنات وأراض مصادرة، وأراض ستصادَر نحو ستمائة كيلو متر مربع ، أي ما يساوي عُشر مساحة الضفة الغربية البالغة مساحتها (5879) خمسة آلاف وثمانمائة وتسعة وسبعين كيلومترًا مربعًا .. وحتى أصبح تعداد المستوطنين فيها نصف مليون مستوطن.. في كل يوم سيجد الناس في هذه الديار أكثر من مناسبة يتحدثون فيها ،ويكتبون عنها ، جريًا على مألوف عادتهم منذ البدايات الأولى لنشأة القضية الفلسطينية ، في الوقت الذي تسوء فيه أحوال الناس يومًا بعد يوم ، بل ساعةً في إثر ساعةٍ من كافة النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، وفي الوقت الذي لا يجد فيه كثير من الناس ما يسدون به الرمق ، وفي الوقت الذي يتوقف فيه كثير من الطلبة عن مواصلة الدراسة الجامعية لعدم المقدرة على دفع أقساطها ، وفي الوقت الذي تضطرب فيه أحوال الطلبة في كافة مراحل الدراسة ، وتضطرب فيه أحوال الناس الصحية والنفسية والأخلاقية والمسلكية بشكل لم يسبق له مثيل في تاريخهم.
المجتمع الفلسطيني في هذه الديار أضحى مجتمع فقر وجهل ومرض ويأس وإحباط تعصف به البطالة ، وتفتك به العلل والكوارث على اختلاف ألوانها وأشكالها ، وتستبد به المخاوف من المجهول ، وهو يرى آماله وطموحاته وأحلامه تتحطم في كل يوم ، وتتهاوى أمامه دون أن يقوى على فعل شيء ، ودون أن يتمكن من رفع ظلم ، أو دفع عدوان عن نفسه .. قالوا له إنهم سيقيمون له دولة قابلة للحياة على جزء من أرض الآباء والأجداد .. وقالوا له إنهم سيضعون حدًّا لمعاناته ، وبؤسه وتشرده في الآفاق ، وهوانه على الناس .. وقالوا له إنه سيعيش باحترام على أرضه ، ولكن شيئًا من هذا لم يحدث ، ويبدو أن شيئًا منه لن يحدث ، ويبدو أن هذا الشعب سيظل الخاسر الأكبر في هذه اللعبة التي يديرها خصومه بمنتهى الذكاء والمكر منذ أكثر من مئة عام .
يبدو أن خسارة هذا الشعب ستستمر على مدى السنوات القادمة أيضًا ، وأن عدد أسراه سيستمر فالارتفاع، وأنه سيخسر مزيدًا من أرضه ، وسيتعرض لمزيد من الضغوط والمضايقات والجوع والموت حتى يرضخ لكل هذه الشروط والإملاءات التي يحاول هؤلاء وأولئك فرضها عليه ، وحتى يخرج في النهاية " من المولد بلا حمص " كما يقولون .
في الذكرى الحادية والأربعين لهزيمة العرب في حزيران ، وضياع ما كان قد تبقّّى من أرض فلسطين يقررون في الدولة العبرية تقديم الانتخابات لنُجرى في شهر تشرين الثاني من هذا العام ، وفي هذا ما فيه من تحلُّل بالمطلق من كل ما قيل عن وهم الدولة ، ومن كل ما قيل عن وهم السلام ، ومن كل ما قيل عن وهم العدل والعدالة ، ومن كل ما قيل عن وهم الحق ، ومن كل ما قيل عن وهم المستقبل الذي ينتظر هذا الشعب العربي الفلسطيني بنصفه المقيم هنا على أرض الوطن، ونصفه الذي يتحرّق هناك في الشتات للعودة إلى هذا الوطن ، والعودة إلى الدار والأرض التي أُجلي عنها منذ ستين عامًا.. هذا الائتلاف الإسرائيلي المتصدع يلفظ في هذه الأيام آخر أنفاسه ، لتغرق سفن ، وتنهار أحزاب ، وتصعد على أنقاضها أحزاب... ولتختلف لهجة المتحدثين عن السلام ، وعن الحلول ، وعن العدل والعدالة والحقوق ، وعن التسويات أيًّا كان شكلها لتحل محلها لهجات أكثر تطرفًا وأكثر عنفًا ، وأكثر حسمًا ، وأشد إنكارًا لأبسط حقوق هذا الشعب العربي الفلسطيني في بلاده فلسطين.
وفي الذكرى الحادية والأربعين لهذه الهزيمة نقول : لقد آن الأوان لاستخلاص العبر .. آن الأوان لفهم كل دروس الماضي والحاضر أيضًا .. آن الأوان لأمة العرب أن تستفيق من سباتها ، كما آن لها أن تعلم أن الناس في هذا العالم لا يحترمون الضعفاء ، ولا يحترمون الأذلة اللاهثين خلف السراب .. لقد آن لهذه الأمة أن تعلم أنها إذا أرادت إحقاق حق ، وإذا أرادت لنفسها مكانة بين أمم العالم وشعوبه فإن عليها أولاً وقبل كل شيء أن تحترم نفسها ، وأن تبني أوطانها ، وأن تأخذ بأسباب القوة ، وأن تقول لا للمعتدي وأن تحافظ على اقتصادها ، وأن تصنع المواطن الحر العزيز الواثق من نفسه ، وأن تزرع أرضها ، وتدخل عصر الصناعة ، وتبني قوة عمالية واعية ناهضة عاملة قوية عزيزة ، وقوة طلابية عليها تعقد الأمة آمالها في التقدم والتطور والنهوض.
إن العرب والفلسطينيين أيضًا قادرون على تحقيق أهدافهم ، وفرض وجهات نظرهم العادلة المقنعة على غيرهم إذا هم وحّدوا كلمتهم ، وتمسكوا بحقوقهم ، وأعدّوا لكل أمر عُدته ، واعتمدوا على النفس ، وتشبّثوا بالقرار الحر الشجاع المستقل الذي يأبى المذلة والهوان، ويرفض التبعيّة ، ولا يقرّ الركوع إلا لله.
1\6\2008
المجتمع الفلسطيني في هذه الديار أضحى مجتمع فقر وجهل ومرض ويأس وإحباط تعصف به البطالة ، وتفتك به العلل والكوارث على اختلاف ألوانها وأشكالها ، وتستبد به المخاوف من المجهول ، وهو يرى آماله وطموحاته وأحلامه تتحطم في كل يوم ، وتتهاوى أمامه دون أن يقوى على فعل شيء ، ودون أن يتمكن من رفع ظلم ، أو دفع عدوان عن نفسه .. قالوا له إنهم سيقيمون له دولة قابلة للحياة على جزء من أرض الآباء والأجداد .. وقالوا له إنهم سيضعون حدًّا لمعاناته ، وبؤسه وتشرده في الآفاق ، وهوانه على الناس .. وقالوا له إنه سيعيش باحترام على أرضه ، ولكن شيئًا من هذا لم يحدث ، ويبدو أن شيئًا منه لن يحدث ، ويبدو أن هذا الشعب سيظل الخاسر الأكبر في هذه اللعبة التي يديرها خصومه بمنتهى الذكاء والمكر منذ أكثر من مئة عام .
يبدو أن خسارة هذا الشعب ستستمر على مدى السنوات القادمة أيضًا ، وأن عدد أسراه سيستمر فالارتفاع، وأنه سيخسر مزيدًا من أرضه ، وسيتعرض لمزيد من الضغوط والمضايقات والجوع والموت حتى يرضخ لكل هذه الشروط والإملاءات التي يحاول هؤلاء وأولئك فرضها عليه ، وحتى يخرج في النهاية " من المولد بلا حمص " كما يقولون .
في الذكرى الحادية والأربعين لهزيمة العرب في حزيران ، وضياع ما كان قد تبقّّى من أرض فلسطين يقررون في الدولة العبرية تقديم الانتخابات لنُجرى في شهر تشرين الثاني من هذا العام ، وفي هذا ما فيه من تحلُّل بالمطلق من كل ما قيل عن وهم الدولة ، ومن كل ما قيل عن وهم السلام ، ومن كل ما قيل عن وهم العدل والعدالة ، ومن كل ما قيل عن وهم الحق ، ومن كل ما قيل عن وهم المستقبل الذي ينتظر هذا الشعب العربي الفلسطيني بنصفه المقيم هنا على أرض الوطن، ونصفه الذي يتحرّق هناك في الشتات للعودة إلى هذا الوطن ، والعودة إلى الدار والأرض التي أُجلي عنها منذ ستين عامًا.. هذا الائتلاف الإسرائيلي المتصدع يلفظ في هذه الأيام آخر أنفاسه ، لتغرق سفن ، وتنهار أحزاب ، وتصعد على أنقاضها أحزاب... ولتختلف لهجة المتحدثين عن السلام ، وعن الحلول ، وعن العدل والعدالة والحقوق ، وعن التسويات أيًّا كان شكلها لتحل محلها لهجات أكثر تطرفًا وأكثر عنفًا ، وأكثر حسمًا ، وأشد إنكارًا لأبسط حقوق هذا الشعب العربي الفلسطيني في بلاده فلسطين.
وفي الذكرى الحادية والأربعين لهذه الهزيمة نقول : لقد آن الأوان لاستخلاص العبر .. آن الأوان لفهم كل دروس الماضي والحاضر أيضًا .. آن الأوان لأمة العرب أن تستفيق من سباتها ، كما آن لها أن تعلم أن الناس في هذا العالم لا يحترمون الضعفاء ، ولا يحترمون الأذلة اللاهثين خلف السراب .. لقد آن لهذه الأمة أن تعلم أنها إذا أرادت إحقاق حق ، وإذا أرادت لنفسها مكانة بين أمم العالم وشعوبه فإن عليها أولاً وقبل كل شيء أن تحترم نفسها ، وأن تبني أوطانها ، وأن تأخذ بأسباب القوة ، وأن تقول لا للمعتدي وأن تحافظ على اقتصادها ، وأن تصنع المواطن الحر العزيز الواثق من نفسه ، وأن تزرع أرضها ، وتدخل عصر الصناعة ، وتبني قوة عمالية واعية ناهضة عاملة قوية عزيزة ، وقوة طلابية عليها تعقد الأمة آمالها في التقدم والتطور والنهوض.
إن العرب والفلسطينيين أيضًا قادرون على تحقيق أهدافهم ، وفرض وجهات نظرهم العادلة المقنعة على غيرهم إذا هم وحّدوا كلمتهم ، وتمسكوا بحقوقهم ، وأعدّوا لكل أمر عُدته ، واعتمدوا على النفس ، وتشبّثوا بالقرار الحر الشجاع المستقل الذي يأبى المذلة والهوان، ويرفض التبعيّة ، ولا يقرّ الركوع إلا لله.
1\6\2008
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق