تعقيبًا على ما جاء في حديث "القدس"
ما الذي تبقّى من وعود السلام؟
أ. عدنان السمان
مسلسل المصادرات والمداهمات وتوسيع المستوطنات ما زال مستمرًّا.. وعمليات الحصار، والتضييق على المواطنين، وحملات الاعتقالات والتقتيل هي الأخرى ما زالت مستمرة.. التخطيط لتهويد مدينة القدس، والمبالغة في عزلها عن مدن الأرض المحتلة (عام سبعة وستين) وقراها ومخيماتها، بل عزلها عن كثير من قراها وضواحيها بأكثر من وسيلة وأسلوب ما زال سياسة راسخة، ونهجًا متّبعًا يمارسونه ضد المدينة المقدسة، ويجري تنفيذه وتعميقه على قدم وساق لأهداف منها قهر المقدسيين، والتنكيد عليهم بهدف تهجيرهم من القدس، وبهدف فصل جنوب الضفة عن شمالها فصلاً كاملاً عن طريق امتداد المستوطنات (ولاسيما مستوطنة أدوميم وتفرعاتها) وانتشارها شرقًا حتى باتت تشرف على الأغوار المغلقة منذ سنوات في وجه أصحابها العرب.. العبث بكل مدن الأرض المحتلة ومخيماتها وقراها، والعمل على تغيير معالم هذه الأرض في كل يوم ما زال شغلهم الشاغل بشكل يتناقض تمامًا مع كل ما يُقال عن الحل الذي سيتم التوصل إليه مع نهاية هذا العام.. أي حل هذا الذي يتحدث عنه هؤلاء الذين يتخذون قرارًا بهدم مسجد عمره سبعمئة عام بدعوى عدم الترخيص!!! أيّ حل هذا الذي يتحدث عنه هؤلاء الذين يواصلون حفرياتهم، واستحداث مزيد من أنفاقهم في بيت المقدس؟ كيف سيكون هذا الحل وأصحاب الأرض المصنَّفة "ج" في الضفة الغربية والبالغة مساحتها تسعةً وستين بالمئة من مساحة الضفة الغربية البالغة مساحتها خمسةَ آلافٍ وثمانمئةٍ وتسعةً وسبعين (5879) كيلومترًا مربَّعًا قد فقدوا معظم أراضيهم لصالح مئات المستوطنات ومئات آلاف المستوطنين في هذه الأرض؟ في الوقت الذي لا يعيش فيه أصحاب القرى المصنّفة "ب" والبالغة مساحتها ثلاثةً وعشرين بالمئة من مساحة الضفة الغربية حياةً أفضل من حياة الناس في المنطقة المصنَّفة "ج" .. وفي الوقت الذي يجتاحون فيه ما تبقّى ( وهي المدن التي تبلغ مساحتها ثمانية بالمئة) في أي وقت يريدون، دون أن يسألهم أحد عما يفعلون؟!!
كيف سيكون هذا الحل وهم يعلنون سيطرتهم على المياه، وعلى الجو، وعلى كل ما في باطن الأرض، وعلى الحدود، كيف سيكون هذا الحل وهم يعلنون سيطرتهم على القدس الكبرى التي يثير الحديث في تفصيلاتها أكثر من الرعب، وأكثر من الذهول؟؟ كيف سيكون هذا الحل وهم يتحدثون صراحةً عن إلغاء حق العودة لأكثر من خمسة ملايين لاجئ ومهجَّر فلسطيني أُخرجوا من ديارهم دون وجه حق عام ثمانية وأربعين، هؤلاء اللاجئون الذين تكفّل القرار رقم (194) الصادر في 11/12/1948 بعودتهم إلى ديارهم، وتعويضهم عما لحق بهم من خسائر وأضرار!!
الرئيس الأمريكي بوش أكد على أن الحل سيكون قبل نهاية هذا العام، وتوني بلير هو الآخر يرى ما يراه بوش، والناس بين مصدِّقٍ وغير مصدّق، ونهاية العام تقترب، وباقترابها لا يبدو في الأفق ما يشير إلى شيء من هذا إلا إذا كانت هنالك مفاجأة أو مفاجآت؛ فشعبنا قد تعوّد منذ ستين عامًا على كثير من المفاجآت غير السارّة بطبيعة الحال.. كفانا الله شرور الأشرار، وردّ كيدهم إلى نحورهم.
بعد أن أسهبت "القدس" في افتتاحيتها (يوم السبت الماضي ) في الحديث عن كل هذه الممارسات المتناقضة مع الإيمان بالسلام العادل والسعي إليه، وبعد أن استعرضت كثيرًا من الممارسات الإسرائيلية على الأرض، وبعد أن أِشارت إلى تعهد أولمرت للزعيم الروحي لحركة "شاس" الحاخام عوفاديا يوسف بتجميد المفاوضات مع الجانب الفلسطيني حول القدس.. خلصت "القدس" إلى القول إن أولمرت لا يتفاوض جدّيًّا مع الفلسطينيين حول قضيتي الاستيطان والقدس، وبالطبع فهو يرفض بشكل مطلق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم، إضافة إلى إصرار إسرائيل على ضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية، والسيطرة على مصادر المياه، والأجواء، والحدود الخارجية.. مؤكدةً على أنه إزاء هذا الوضع يُطرح السؤال: ما الذي أبقته إسرائيل من وعود الرئيس الأميركي بوش بأن يتم التوصل إلى اتفاق سلام فلسطيني إسرائيلي قبل نهاية العام 2008؟ وكيف يمكن للفلسطينيين أن يقتنعوا أن هناك أي أمل بتحريك عملية السلام؟ مختتمةً حديثها بسؤال موجَّه إلى العرب والفلسطينيين: ماذا سيفعل العرب، وكيف سيتصرف الفلسطينيون في مواجهة تحديات موقف إسرائيلي يثبت يوميًّا أنه غير جادّ في التوجه نحو السلام؟ ونحن مع "القدس" نردد هذا السؤال، وإن كنّا على قناعة بأنهم – واأسفاه- لن يفعلوا شيئًا.
5/2/2008
The other season of giving begins 6/24/08. Check out the i'm Talkathon. Check it out!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق