متابعات
الرئيس عباس يحقّق نصرًا دبلوماسيًّا كبيرًا لفلسطين!!
أ.عدنان السمان
في خطابه أمام سفراء فلسطين الذي ألقاه الرئيس محمود عباس في اسطنبول بمشاركة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أوردوغان تمكّن الرئيس الفلسطيني من إقناع سامعيه بصحة وجهة نظره، وبصدق توجهه، وعمق إيمانه بما يقول، كما تمكن الرئيس من مخاطبة الغرب بشقيه باللغة التي يفهمها هذا الغرب، ليحقق الرئيس بذلك نصرًا دبلوماسيًّا كبيرًا لفلسطين، وللقضية الفلسطينية، وليسجل كذلك كثيرًا من الأهداف في مرمى اليمين الإسرائيلي المتشدد، وكثيرًا من الأهداف في مرمى الحزب الأمريكي الحاكم، وفي مرمى الحزب الأمريكي المعارض، وفي مرمى كثير من الأحزاب الأوروبية الحاكمة وغير الحاكمة المؤيدة صراحة أو ضمنًا لإسرائيل.
على أن هذا النصر الكبير الذي تحقق، لا بد له من تأييد كثير من الأشقاء، وكثير من الأصدقاء، وكثير من أنصار الحق والعدل والحرية في هذا العالم، لتحقيق أهداف هذا الشعب العربي الفلسطيني في الحرية والدولة والاستقلال وحياة الاستقرار.. إن العرب والمسلمين مضافًا إليهم كل أنصار الحق والعدل في هذا العالم يستطيعون _يقينًا_ استصدار قرار من هيئة الأمم بميلاد هذه الدولة الفلسطينية الحرة المستقلة على سائر الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ سبعة وستين، على أن تكون القدس العربية عاصمة هذه الدولة، وعلى أن يضاف إليها ما احتله الإسرائيليون عند إقامة "دولتهم" من مساحة الدولة الفلسطينية التي نصَّ عليها القرار (181) الصادر في 29-11- 1947 ومساحته (3510 كم2) لتقام الدولة الفلسطينية على ما مساحته (11751كم2) من مساحة فلسطين التاريخية البالغة (27009 كم2) وعلى أن لا يكون من حق أحد أن يتعرض للعرب الفلسطينيين الذين كانوا يعيشون في بيوتهم وعلى أراضيهم عند صدور قرار التقسيم المشار إليه، بمعنى أن الدولة اليهودية المشار إليها هي لكل سكانها عند صدور ذلك القرار، وأن الدولة العربية هي دولة لمواطنيها العرب فقط، وإذا كان احتلال الإسرائيليين ما نسبته 13% من الأرض المخصصة للدولة العربية في فلسطين هو إجراء باطل، وإذا كان احتلالهم الضفة الغربية وقطاع غزة عام سبعة وستين هو إجراء باطل أيضًا، فإن كل ما بني على هذا الإجراء من استيطان، ومن تهويد للقدس، ومن تغيير لمعالم الأرض، ومن عدوان على الناس، وتهجير لهم هو باطل، ولا بد من العودة للأوضاع إلى ما كانت عليه يوم الأحد الرابع من حزيران من عام سبعة وستين، لتقام هذه الدولة الفلسطينية باختصار شديد على كامل الأرض المحتلة عام سبعة وستين، مضافًا إليها ما احتله الإسرائيليون في الخامس عشر من أيار من الأرض المخصصة للدولة العربية بموجب القرار (181).
لقد أكد الرئيس عباس في خطابه أمام سفراء فلسطين إصرار الفلسطينيين على التوجه إلى الأمم المتحدة في أيلول للاعتراف بهذه الدولة الفلسطينية، مؤكدًا في الوقت نفسه على التمسك بالمفاوضات وسيلة لترجمة هذا الاعتراف، ووضعه على الأرض موضع التنفيذ، ومؤكدًا أيضًا على أن الفلسطينيين لا يرغبون في إلغاء شرعية قيام إسرائيل بموجب قرار التقسيم الصادر في التاسع والعشرين من تشرين الثاني من عام سبعة وأربعين وتسعمائة وألف، وعلى أنهم لا يرغبون في دخول مواجهة مع الولايات المتحدة، ولا يملكون القدرة على ذلك، ولكنهم في الوقت نفسه لن يتراجعوا عن قرارهم بالتوجه إلى المنظمة الدولية، ولن يتراجعوا عن المطالبة بإقامة دولتهم العتيدة بموجب القرار الذي سيصدر، وبموجب القرار الذي صدر منذ زهاء أربعة وستين عامًا.
أغلب الظن أن المجتمع الدولي سيصوت إلى جانب الفلسطينيين في الجمعية العامة، وأغلب الظن أن أمريكا ستصوت ضد رغبة المجتمع الدولي، وضد رغبة شعب فلسطين، وضد رغبة الرئيس عباس إذا عُرِض الأمر على مجلس الأمن، وأغلب الظن أن قرار الجمعية العامة الذي سيصدر في أيلول الوشيك هو كالقرار الذي صدر عن هذه الجمعية ذات يوم، وقامت بموجب شق منه دولة الإسرائيليين على أرض فلسطين، ولا زال الشق الثاني في انتظار اللحظة الحاسمة لوضعه موضع التنفيذ، وأغلب الظن أن الفلسطينيين، وأن العرب والمسلمين، وكل الأصدقاء في هذا العالم قادرون على إحقاق الحقوق، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وقادرون أيضًا على صنع السلام الشامل العادل المقنع، الذي لا غالب فيه ولا مغلوب، وأغلب الظن أن التاريخ سيكتب ذات يوم أن هذا الرئيس الفلسطيني، وأن هذه القيادة الفلسطينية، وأن هذا الشعب العربي الفلسطيني، وأن هذه الأمة العربية، وأن رمز فلسطين الخالد ياسر عرفات قد تمكّنوا جميعًا من وضع حدِّ لمعاناة شعب فلسطين، ومن وضع حد لمعاناة هذه المنطقة من العالم بإنهاء حالة الحرب والاقتتال، وبنشر بذور المحبة، وأغصان الزيتون واللوز والبرتقال في ربوعها.
31\7\2011
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق