متابعات
أيها الشيخ الطيب شكرًا لك..
وجزاك الله عنا خير الجزاء!!
أ.عدنان السمان
ما صرح به شيخ الأزهر الشريف الدكتور أحمد الطيب من أنه مستعد للذهاب إلى طهران كي يزيل الخلاف بين السنّة والشيعة، وكي يعيد اللُّحمة إلى صفوف المسلمين كل المسلمين في كل ديار الإسلام هو خطوة في الاتجاه الصحيح، وخطوة مشكورة من شأنها أن تدخل الطمأنينة إلى قلوب الناس في كل بلاد العروبة والإسلام.. وما من شك في أن مثل هذه الخطوة من شأنها أن تضع كثيرًا من النقاط على كثير من الحروف، ومن شأنها أن تسهم بقسط وافر في سبيل تخليص العالم الإسلامي من مشكلة أرَّقتْهُ في الماضي، ولا زالت سببًا من أسباب فرقته في الحاضر، وربما كانت سببًا من أسباب اقتتاله واحترابه في المستقبل، ولاسيَّما إذا كان هنالك من يصب الزيت على النار، وإذا كان هنالك من يسعى بكل جهده لإيقاظ الفتنة، وإذا كان هنالك من يحرص على إذكاء نار العداوة والخصام بين صفوف المسلمين، تنفيذًا لأهدافه في إضعافهم كي تسهُلَ سيطرته عليهم، وكي يسهل عليه أن يقودهم، وأن يستولي على بلادهم ومقدّراتهم ومكتسباتهم، لا فرق في ذلك أيضًا بين سنيٍّ وشيعيٍّ، ولا فرق بين أبيض وأحمر، ولا فرق في ذلك أيضًا بين عريي وأعجمي.
ومما لا شك فيه أن حرص شيخ الأزهر مضافًا إليه حرص الغالبية الساحقة من أهل السنّة على وضع حد لكل أسباب التوتر في هذا العالم الإسلامي الكبير سوف يؤتي أُكُلَه، وسوف يكون الخطوة الأولى على طريق وحدة إسلامية تضع حدًّا لكل أطماع الطامعين في هذا العالم الإسلامي، وتضع حدًّا لغطرسة المتغطرسين الذين لا يرون في المسلمين أكثر من أمة جاهلة متخلفة مقتتلة تبحث عمن يحكمها، وتبحث عمن يدير شؤونها، ويطور أنظمتها السياسية والإدارية والاقتصادية والثقافية، لأنها لا تقوى على ذلك بنفسها لجهلها واقتتالها، ولانعدام ثقتها بالنفس، وللفراغ الفكري الذي تتخبط فيه شعوبها من أقصى العالم الإسلامي إلى أقصاه.
ومما لا شك فيه أيضًا أن المسلمين الشيعة في كل ديار العروبة والإسلام سوف يرحبون بخطوة شيخ الأزهر، وسوف يردون على هذه الخطوة بخطوات، وسوف يبذلون الجهد كل الجهد من أجل القضاء على سائر الخلافات التي باتت تعصف بكثير من ديار العروبة، وبكثير من ديار الإسلام والمسلمين، وباتت تنعكس سلبًا على كثير من قضايا العرب، وكثير من قضايا المسلمين أيضًا.
إن الجهود المخلصة التي يبذلها اليوم قادة الفكر والرأي من قياديّي السنّة والشيعة سوف تتمخّض عن لقاء سنيٍّ شيعيٍّ من شأنه أن يرسي دعائم وحدة إسلامية شاملة في كل ديار العروبة والإسلام، ومن شأنه أن يعيد إلى هذه الديار دورها الذي أُبعِدَت عنه يوم ابتعدت عن مقومات قوّتها، ومقوّمات وحدتها، ومقوّمات عزتها، وانصرفت عن ذلك كله إلى سُبل التنافر والتنابذ والتباغض والتخاصم والاقتتال التي ما كانت يومًا سُبل الرفعة والعزة والوحدة والمَنَعة، وما كانت يومًا منطلَقَ الرسول الأعظم لبناء أمة الإسلام، ودولة الإسلام، وحضارة الإسلام الخالدة.
وإذا كان الخلاف بين السنّة والشيعة خلافًا فكريًّا اجتماعيًّا دينيًّا في بعض أشكاله وصوره، سياسيًّا في بعضها الآخر، وإذا كان الفقهاء والمفكرون والمجتهدون من الطرفين كليهما يُغِذّون الخطى في هذه الأيام لتضييق شقة الخلاف بين الفئتين، فإن على هؤلاء القادة الروحيين الحريصين على وحدة هذه الأمة، وعلى صون كرامتها، وحرية إنسانها في كل ديار العروبة والإسلام أن يبذلوا جهودًا مكثّفة لدى القادة السياسيين لضمان مشاركتهم في كل هذه الجهود التي تُبذَل من أجل وضع حد للخلافات، ومن أجل التوصل إلى وحدة إسلامية شاملة في كل مناحي الحياة، لأن الخلاف بين السنّة والشيعة ليس خلافًا عقيديًّا فقهيًّا دينيًّا بقدْرِ ما هو سياسيّ، ومن هنا وجب على كافة المعنيين بإصلاح ذات البين من الطرفين أن يبذلوا جهودهم لدى المستوى السياسيّ، وأن يمارسوا الضغوط على أولئك الذين لا يرغبون في العمل الإسلامي المشترك، وفي الوحدة الإسلامية الشاملة منهم، وأن يمارسوا الضغوط على من يضعون العصيّ في دواليب هذه الحركة الوحدويّة المحمديّة التي تطمح إلى إزالة الخلافات، وبناء جسور الثقة، وصولاً إلى وحدة إسلامية كبرى، ودولة إسلامية عظمى فوق كل أرض المسلمين.
بقي أن أقول لهذا الشيخ الطيب شكرًا لك، وجزاك الله عنا خير الجزاء، وسدّدَ الله على دروب الحق والعدل والخير والنور خطاك، وألهم السياسيين ورجال الدولة، وأنظمة الحكم في كل ديار العروبة والإسلام سواء السبيل، وهداهم للخلاص من التبعيّة للغزاة والطغاة الطامعين المستكبرين، إنه سميع قدير، وبالإجابة جدير.
وبقي أن أَقول إنني ما كنت لأخوض في موضوع شائك كهذا لولا مبادرة فضيلة شيخ الأزهر، ولولا مساس هذا الموضوع بالعلاقات العربية الإسلامية، والعربية العربية، ولولا مساسه المباشَر بكل القضايا المصيريّة الحساسة الساخنة في كل ديار العروبة والإسلام وعلى رأسها قضيتنا قضية فلسطين.
119\7\2011
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق