متابعات
ينبغي إخراج الإسرائيليين من الأرض المحتلة أولاً
أ/ عدنان السمان
www.samman.co.nr
بعد كل هذه التحديات والتعديات والتجاوزات والاستفزازات والمراوغات والمناورات والتشريعات الباطلة التي مارسها الإسرائيليون منذ عشرات السنين في هذه الديار العربية الفلسطينية، وفي غيرها من الأراضي العربية المحتلة.. وبعد كل أعمال السلب والنهب والمصادرة ووضع اليد على الأرض وكنوزها وثرواتها الطبيعية، وتغيير معالمها، وزرعها بالمستوطنات والمستوطنين، والتحكم المطلق بالمعابر والمخارج والبوابات كافة المسالك والطرق والطرقات والشوارع الالتفافية وغير الالتفاية وكل ثابت ومتحرك على الأرض.. وبعد كل هذه السيطرة المطلقة على الفضاء القريب والبعيد حتى أقصى درجات الفضاء الخارجي صعودًا، وكل هذه السيطرة المطلقة على أعمق أعماق الأرض نزولاً وقعودًا، وكل هذه السيطرة المطلقة على أقوات الناس في هذه الديار، والتحكم المطلق بمصادر طعامهم وشرابهم ودوائهم وكسائهم، والتحكم المطلق بكل وسائل مواصلاتهم واتصالاتهم، ووسائل معلوماتهم، ومصادر معرفتهم، وأبسط أشكال علاقاتهم بغيرهم من الناس في هذا العالم.. وبعد كل هذه الادعاءات والمخالفات والمغالطات التاريخية والقانونية والأخلاقية التي مارسوها ويمارسونها جهارًا نهارًا في هذه الديار.. وبعد كل هذه التصريحات التي يطلقونها حول شرعية استيطانهم، وحول شرعية وجودهم على كل شبر من أرض "إسرائيل" ومن أرض "يهودا والسامرة".. وبعد كل هذه الممارسات الصادرة عن كل هذه الادعاءات، وعن كل هذه المطامع والأطماع التي لم يعودوا يخفونها أو يغلفونها في كل هذه الديار.. وبعد أن توجه الفلسطينيون إلى المحافل الدولية مطالبين بشيء من حقوقهم في هذه الديار.. وبعد أن أبدى كثير من الناس، وكثير من الأنظمة في هذا العالم مشاعرهم الطيبة تجاه الفلسطينيين، وتجاه مطلبهم المتواضع في حقهم المشروع بدولة مستقلة ذات سيادة على كامل أرضهم المحتلة منذ عام سبعة وستين.. بعد كل هذا وذاك ، وقبل كل هذا وذاك، ومع كل هذا وذاك، وبالإضافة إلى كل هذا وذاك جاء الرد الإسرائيلي ببناء مزيدٍ من الوحدات الاستيطانية، وبمصادرة مزيد من الأرض العربية الفلسطينية، وجاء الرد الإسرائيلي بمزيد من التصريحات الاستفزازية، وبمزيد من التحديات والعنتريات، وإلغاء الآخر إلغاءً ليس عليه من مزيد، والاستخفاف به بشكل مسبوق وغير مسبوق، كما جاء الرد الإسرائيلي يحمل مزيدًّا من التحدي، ومزيدًّا من العناد والإصرار على امتلاك كل شيء، ويحمل مزيدًا من الضغط على الغرب بشقيه كي يقف في وجه هذا المطلب الفلسطيني، وكي يرغم الجانب الفلسطيني على العودة إلى بيت الطاعة، وإلى المفاوضات مع الإسرائيليين من جديد، وبدون قيد أو شرط، وبدون أدنى ضمانة، وأدنى تعهد بأن تسفر هذه المفاوضات عن تحقيق شيء من آمال الفلسطينيين، أو تحقيق شيء من طموحاتهم، إلا أن تكون غطاءً يستكمل الإسرائيليون معه وبه ومن خلاله إقامة مشروعهم اليهودي الاستيطاني على كل أرض فلسطين وعلى كثير من أرض العرب، وكثير من أرض المسلمين.
لسنا بحاجة للدخول في التفصيلات، ولسنا بحاجة للتوقف كثيرًا أو قليلاً عند هذا الذي يحدث في هذه الأيام حول هذا المطلب الفلسطيني الذي أقام الدنيا ولم يقعدها، لعلمنا أنه ربما كان بحاجة إلى خطوة دولية تسبقه.. هذه الخطوة التي ينبغي أن يقوم بها المجتمع الدولي بأسره إلى جانبنا، أو نيابة عنا، أو بالتعاون معنا، أو تقوم بها قوًى ومنظمات عربية وإسلامية وأممية ضاغطة من أجل وضع هذه الخطوة -موضوع الحديث- موضع التنفيذ.. المطلب الفلسطيني سيصطدم بالرفض الغربي، ومن الصعب أن يحقق الفلسطينيون شيئًا ذا بال في هذه المرحلة لهذا السبب، وحتى لو افترضنا أنهم قد حصلوا على مقعدهم بمعجزة فإن إقامة الدولة (على كامل حدود سبعة وستين أو حتى على جزء منها) ينبغي أن يسبقها انسحاب إسرائيلي شامل من كامل هذه الأرض المحتلة، وينبغي أن يسبقها خروج أكثر من نصف مليون مستوطن قد يصبحون أكثر من ذلك بكثير خلال ساعات أو أيام، ولما كان الإسرائيليون لا يرغبون في ذلك على الإطلاق، ولما كانوا غير راغبين أصلاً في قيام أدنى قائمة للفلسطينيين فإنهم لن يسمحوا –عن طيب خاطر- بأن يحصل الفلسطينيون على أكثر من هذه المعازل التي حصلوا عليها بموجب اتفاقات أوسلو التي لن تتطور، ولن تصبح نواة لدولة أو دويلة أو شبه دولة أو ظل دولة، لأن الإسرائيليين لا يريدون ذلك، ولأن الإسرائيليين –في مجملهم- لا ينظرون بارتياح للوجود الفلسطيني على أرض فلسطين إلا أن يكون ذلك مرحليًّا تكون نهايته عندما تنتهي الحاجة إليه، وتزول علة وجوده، ويصبح بالإمكان الخلاص منه.
وإذا كان الأمر كذلك، وإذا كان الفلسطينيون عاجزين عن إقامة دولتهم بسبب المعارضة الغربية لهذا التوجه، وإذا كانوا عاجزين عن إقامتها بالتفاوض، وإذا كانوا عاجزين عن إقامتها حتى لو منحهم المجتمع الدولي هذا الحق لاصطدام هذه الرغبة بمعارضة الإسرائيليين، ولاصطدامها باتفاقات أوسلو وتصنيفاتها وتفصيلاتها ومتاهاتها... فهل من حقنا أن نعتقد أنه لا بد من إخرج الإسرائيليين أولاً من الأرض الفلسطينية المحتلة، ومن كل الأرض العربية المحتلة، ليصبح بإمكان الفلسطينيين بعد ذلك تقرير مصيرهم، وإقامة دولتهم؟ هل من حقنا أن نقول إنه لا بد من تنفيذ قرارات المجتمع الدولي الصادرة بشأن الأراضي العربية المحتلة، والأراضي الفلسطينية المحتلة، ولا بد لجامعة العرب، ولمنظمة المؤتمر الإسلامي، ولهيئة الأمم المتحدة، وروسيا، والصين، ولكافة الدول والقوى والمنظمات والهيئات والشعوب الحرة المؤيدة للحق والعدل والحرية والسلام أن تعمل جاهدة من أجل وضع حد لهذا الاحتلال الاستيطاني التوسعي العنصري الذي يفرض نفسه على أرض فلسطين دون سند قانوني أو أخلاقي؟
إنه إذا قرر الفلسطينيون والعرب والمسلمون ومعهم كافة أنصار الحق والعدل، وكل أنصار السلام في هذا العالم العمل الجاد من أجل وضع حد للاحتلال، وإنهائه، وإخراج المستوطنين من سائر الأراضي العربية المحتلة فإن الباب عند ذلك سيكون مفتوحًا أمام رغبة الفلسطينيين في إقامة دولتهم، وأمام رغبتهم في تنفيذ قرار حق العودة، وأمام رغبتهم في تحرير القدس وإنقاذها من الاستيطان والمستوطنين، وأمام رغبتهم في إقامة المشروع العربي فوق كل أرض العرب، وأمام رغبتهم في أن يسود السلام العادل الشريف كافة ربوع هذا العالم.
2/10/2011
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق