نابلس والمجّمع التجاري .. ومؤتمر باريس!!
أ.عدنان السمان
منذ اللحظة الأولى التي وضعت فيها قوات الاحتلال يدها على المجّمع التجاري الكبير في نابلس (نابلس مول) ارتفعت الأصوات مطالبة بضرورة إلغاء هذا القرار ، وبضرورة رفع اليد عن هذه المؤسسة الاقتصادية ، وبضرورة الجلاء عن المدينة ، وبضرورة رفع الحصار عنها ، وتركها وشأنها ... ومنذ اللحظة الأولى لهذا الحدث الخطير ارتفعت الأصوات مطالبةً بوقف كل هذه الاجتياحات التي تستهدف المدينة كل يوم ، ومحذّرةً من العواقب الوخيمة المترتبة على قرار وضع اليد على هذا المجّمع الأكبر في مدينة نابلس ومنطقة الشمال ، ومحذّرة أيضًا من احتمال تكرار مثل هذا العمل في المدينة التي وضعوا يدهم فيها منذ سنوات على مقام النبي يوسف ... لقد وضعت هذه الأصوات آلية واضحة للعمل من أجل إنقاذ الموقف، وإعادة هذا المجمع إلى أصحابه الذين يزيد تعدادهم عن أربعة آلاف مستثمر من أبناء المدينة (بينهم المسلمون والمسيحيون والسامريون) ومن بين هذه الآليات توكيل أحد كبار المحامين برفع قضية ضد قرار قوات الاحتلال بهدف إلغاء هذا القرار.
ولئن كان هذا الإجراء القانوني القضائي ضروريًّا في مثل هذا الموقف ؛ فإن إجراءات أخرى يجب أن تُتًّخذ إلى جانب هذا الإجراء منها ضرورة نقل عدد من وزارات السلطة في الحال إلى هذا المجمّع ، وضرورة نقل أكبر عدد ممكن من دوائر المدينة ومؤسساتها إلى هذا المجمّع ، حتى يدرك أولئك الذين اتخذوا هذا القرار حجم المخاطر التي ينطوي عليها قراراهم هذا ، وحتى يدركوا مدى إصرار أهالي المدينة على حماية مجمعهم التجاري ، وحماية استثماراتهم وأموالهم في هذا المجمّع ، وحتى يدركوا مدى إصرار هذه السلطة الفلسطينية ، وهذه الحكومة الفلسطينية على التصدي لهذه الخطة الاستفزازية غير المسوّغة وغير المستساغة التي أقدمت عليها قوات الاحتلال بوضع اليد على هذا المجمّع ... يضاف إلى كل ذلك إعلان واضح صريح من جانب السلطة بوقف كل أشكال التفاوض مع الطرف الآخر إذا لم يتراجع في الحال عن هذا القرار ، وإذا لم يرفع يده عن هذا المجمع التجاري ، وعن غيره ، وإذا لم يوقف اعتداءاته واستفزازاته بحق المواطنين ، وإذا لم يستجب لنداءات المجتمع الدولي ، وقراراته التي تنص عل ضرورة تحرر الفلسطينيين ، وخلاصهم من كابوس الاحتلال ، ونيره الثقيل.
لقد خطت هذه المنطقة خطوات واسعة نحو السلام في مؤتمر باريس كما جاء في البيان الختامي الصادر في الثالث عشر من تموز من هذا العام الثامن بعد الألفين للميلاد ، ولابد للمسارات جميعًا أن تتوحد لتحقق الغايات المرجوة منها في تحقيق سلام عادل دائم مقنع يوفر الأمن والأمان والحرية والاستقرار .. لابد من تحقيق الأهداف السورية واللبنانية والفلسطينية على هذه المسارات الثلاثة... وإذا كان ذلك كذلك ، وإذا كان هذا هو المطلوب بإجماع العرب ، وإجماع المسلمين ، وإجماع المجتمع الدولي ، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية ، والجامعة العربية ، ومنظمة المؤتمر الإسلامي فما معنى أن يضع هؤلاء كل هذه العراقيل في وجه هذا السلام الذي بات هدف الأطراف جميعًا في هذه المنطقة من العالم ؟ ما معنى أن يستمر هؤلاء في مصادرتهم ومداهمتهم واستيطانهم وجدرانهم وحصارهم واعتدائهم على الناس في أرواحهم وممتلكاتهم وحرياتهم وأعمالهم ؟ ما معنى أن يكون الناس جميعًا في هذا العالم – بما فيهم العرب – في واد وهؤلاء وحدهم في وادٍ آخر ؟ ما معنى أن يكون في سجون هؤلاء ومراكز توقيفهم واعتقالهم أكثر من اثني عشر ألف أسير وأسيرة بينهم كثيرٌ من الأطفال والشيوخ والمرضى ؟ ما معنى أن يفني الناس من أعمارهم – في هذه الديار – خمسة عشر عامًا في مفاوضات لم تسفر إلا عن مزيد من النهب والسلب والمصادرة والتنكيل والتقتيل والتجويع والإرهاب والتنكر لأبسط حقوق هذا الشعب في الأمن والأمان والحرية والاستقلال والاستقرار وتقرير المصير ؟ ما معنى أن يتنكر هؤلاء بشكل مطلق لحق لاجئي هذه الديار ومهجريها في العودة إلى ديارهم بموجب القرار 194 ؟ وما معنى أن يضع هؤلاء أيديهم على القدس المحتلة ؟ وما معنى أن يضعوا يدهم على الخليل ؟ وما معنى أن ينقلوا رحاهم بعد ذلك كله إلى نابلس بعد أن زرعوا جبالها وسهولها بمستوطناتهم على امتداد السنوات الأربعين الماضية ؟ بل ما معنى أن يحدث هذا كله في عهد السلام يا كل أنصار السلام ودعاته في هذا العالم ؟ ما معنى أن يحدث هذا كله يا أقطاب مؤتمر باريس ، ويا رئيس الجمهورية الفرنسية ، رئيس الاتحاد الأوروبي القادم .
14/7/2008
Reveal your inner athlete and share it with friends on Windows Live. Share now!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق