متابعات
وقى اللهُ مصرَ شرورَ الفتن!!
أ. عدنان السمان
www.samman.co.nr
لا بأسَ يا مصر.. فأنت قادرة على احتواء هذه الفتنة الكبرى التي تُراد بكِ، وأنت قادرة على تجاوزها، وعلى وأدها في مهدها.. شعب مصر يدرك جيدًا كل أبعاد ما يراد به، ويدرك جيدًا كيف يخرج من هذه المآزق التي يرميه فيها بكل المكر والدهاء أعداء مصر الذين لا يريدون لها خيرًا، بل يضمرون لها كل العداء، وكل سوء النية والطوية، لا لشيء إلا لأن مصر هي الجناح الأيسر للنسر العربي الذي يرصد ما وراء البحر المتوسط من على ذُرى الجليل، ولا لشيءٍ أيضًا إلا لأن سوريا هي الجناح الأيمن لهذا النسر.. جناحا النسر يجب أن يظلا هدفًا لنيران الفتن، ونيران الأزمات الداخلية، والحروب الخارجية التي تُفرض على أحدهما، أو عليهما كليهما بين الحين والآخر، وبين الفينة والفينة، إضافةً إلى الحروب الداخلية الأهلية التي تطل برأسها على سوريا لتحرق وجه هذا البلد العربي الجميل، وتطل بأنيابها على مصر في محاولةٍ لتمزيق هذا البلد العربي الذي كان نصيرًا لسوريا، ونصيرًا لفلسطين، ونصيرًا لكل أمة العرب في سائر أقطارها ذات يوم!!.
لا بأس يا مصر إن اتفق هذا الفريق وذاك على العودة بك إلى الوراء، ولا بأس يا مصر إن اتفق هؤلاء وأولئك على النيل منكِ، والعودة بك إلى عهود التخلف والطبقية والتبعية والسلب والنهب والفساد.. فحولك أبناؤك الصِّيد لهم بالمرصاد، وحولك أبناء مصر الأباة الذين افتدَوا تراب مصر على مر الدهور، وتعاقب العصور بدمائهم الزكية، وحولك هذا الشعب العربي في مصر يحميك من الأذى والعدوان، ويصون تربك الغالي بأهداب الجفون، وبحبات العيون.. فلن تهون مصر، لن تهون، لن تهون.
إن الشعب العربي في مصر، والشعب العربي في سوريا والعراق، واليمن، وشبه جزيرة العرب، وفي كل بلاد العروبة مدعوٌّ لإسقاط المؤامرة التي تستهدف كل بلاد العروبة، وكلَّ شعوب هذه الأمة العربية دون استثناء.. الشعب العربي في مصر قادرٌ على التصدي لهذا التحالف الذي بدأ رحلة الالتفاف على ثورته، وقادرٌ على إسقاط هذه المؤامرة بمزيدٍ من التكاتف والتلاحم والتضامن والتفاهم، وبمزيدٍ من الوحدة الوطنية التي تضم في صفوفها كل أطياف الشعب العربي في مصر، ولا تنبذ من بين هذه الصفوف إلا أعداء مصر الذين باعوها للأجنبي.. وإن الشعب العربي في مصر قادرٌ على إسقاط المؤامرة، وقادرٌ على المضي قُدُمًا بثورته بمزيدٍ من الوعي، ومزيدٍ من الحرص على مصر، وعلى شعب مصر، ومقدرات هذا الشعب العربي المصري عبر العصور.. ولئن كان أكثر من نصف أصحاب حق الاقتراع في مصر لم يُدلوا بأصواتهم في انتخابات الدورة الأولى فإن بإمكان هؤلاء أن يقلبوا الطاولة، وأن يحسموا نتائج انتخابات الإعادة، وإن بإمكانهم أن يُثبتوا للدنيا كلها أن مصر إذا قالت فعلت، وأن عقارب الساعة لن تعود اليوم إلى الوراء، وأن مصر لن يحكمها بعد اليوم إلا الشرفاء من أبنائها، وأن ثورة الخامس والعشرين ستكون امتدادًا طبيعيًّا لما سبقها من ثوراتٍ مصريةٍ مجيدةٍ رفعت رؤوس المصريين، ورؤوس العرب أجمعين، وكانت بالمرصاد لكل أعداء العرب والعروبة، ولكل أعداء مصر والمصريين.. ولئن كان مفوضو المرشحين في الدورة الأولى في اليوم الأول قد استجابوا للأمر الموجه إليهم بمغادرة هذه الصناديق من التاسعة مساءً وحتى الثامنة من صباح اليوم التالي، فإن بإمكانهم أن يرفضوا ذلك، وإن بإمكانهم المبيت إلى جانب الصناديق التي فُوضوا بالمحافظة عليها، كما ينص على ذلك قانون الانتخاب.. ولئن كانت لجنة الانتخابات قد رفضت تزويد مرشحي الرئاسة بقوائم من أسماء الناخبين، ورفضت النظر في الطعون السبعة التي قدمها بعض مرشحي الرئاسة، ولئن كان المستشار الذي أعلن نتائج الانتخابات في الثامن والعشرين من مايو أيار قد رفض الإجابة عن أسئلة الصحافيين بكل صلف وفوقية واستفزاز، ولئن أعلن هذا المستشار بعد عشر دقائق فقط من إعلان تلك النتائج رفع الجلسة، والانسحاب من مواجهة الصحافيين وأسئلتهم ودهشتهم التي كانت تلاحقه أينما نظر.. لئن حصل كل هذا وكثيرٌ غيره من المخالفات الصريحة لنص القانون وروحه، فإن من حق المرشحين (ولا سيّما مرشحي الرئاسة الثلاثة المعترضين علنًا أو ضمنًا على هذه النتائج) أن يتابعوا هذه القضايا قانونيًّا، وعن طريق الاحتجاج السلمي، وعبر وسائل الإعلام، لكشف هذا الاتفاق بين الفريقين اللذين حاولا الالتفاف على ثورة مصر، ولا يزالان يحاولان ذلك حتى تتم سرقة هذه الثورة رسميًّا، وحتى تتم العودة بمصر بعد انتخابات الإعادة، إلى ذلك العهد البائد الذي دفع المصريون من دمائهم وأعصابهم ثمن سقوطه، وانهيار أركانه، وتصدع بنيانه.. وإن من واجب القضاء المصري، ورجال القانون في مصر، وكافة من يعنيهم الأمر من ذوي الاختصاص، والمكانة، والشعور بالمسئولية أن يقولوا كلمتهم، وأن يحولوا دون انعقاد دورة الإعادة، لأن ذلك معناه – على الأرجح- أن يفوز مرشح الثورة المضادة، وأن يعود العهد البائد بكل رموزه، وبكل أوخامه وأوهامه لحكم مصر والمصريين من جديد، الأمر الذي قد يؤدي إلى ردة فعلٍ شرسةٍ في الشارع المصري، قد تنقلب إلى حربٍ أهليةٍ لا نريدها، ولا يريدها أحدٌ من أحرار العرب وشرفائهم.. لذا ينبغي أن يبادر المصريون جميعًا وطنيين وقوميين وإسلاميين وعلمانيين وأقباطًا ومسلمين عاديين إلى تجنيب مصر مخاطر عودة النظام السابق، وتجنيب مصر مخاطر حربٍ أهليةٍ مدمرةٍ سوف تنعكس آثارها السلبية على مصر، وعلى العرب، وعلى المسلمين.. كما ينبغي أن يُبادر السوريون جميعًا وطنيين وقوميين وإسلاميين وعلمانيين ومسيحيين ومسلمين عاديين إلى تجنيب سوريا مخاطر حربٍ أهليةٍ مدمرة، وتجنيب سوريا مخاطر اللبننة والعرقنة والأفغنة والبلقنة، وبالتالي مخاطر هدم آخر قلاع العروبة في دمشق.. وإذا كان المصريون قادرين على إسقاط المؤامرة، وإنقاذ مصر من شرور هذه الفتنة التي يريد أعداؤها أن يغرقوها فيها، وإذا كان المصريون أيضًا قادرين على حسم مصر لصالح المعسكر العربي العروبي، ولصالح المشروع العربي الوحدوي، ولصالح قوى التحرر والتحرير والثورة الاجتماعية الاقتصادية السياسية العربية، فإن السوريين أيضًا قادرون على ذلك، وقادرون على وضع حدٍّ لهذه الفتن، ولهذه المجازر، ولكل هذا الرعب والدمار والتخريب والقتل وسفك الدماء الذي لا يعود بالنفع إلا على أعداء هذه الأمة العربية في بلاد الشام، وفي كل أوطان العروبة.. وإن العراقيين أيضًا قادرون على ذلك.. وإن العرب في كل أقطارهم وأمصارهم يستطيعون تلقين المعتدين دروسًا قاسيةً لا يمكن أن ينسَوها.. إن ما ترجوه الأمة العربية الواحدة الموحدة في كل ديار العروبة أن يتمكن الشعبان العربيان في مصر وسوريا الآن الآن وليس غدًا من إنقاذ جناحي النسر العربي المرفرفة على الساحل الشرقي للبحر المتوسط، كي يظل جناحا هذا النسر في مأمن من الاحتراق بنيران هذه الفتن، وكي يظل قلب هذا النسر – كجناحيه- خافقًا خفاقًا فوق قلب العروبة، وكي تظل مخالبه الحديدية متشبثةً بذرى هذا الوطن الساحر الآسر الجميل.. وسلامٌ عليك يا أرض الرسالات والمرسلين.. سلامٌ على ذرى الجليل.. سلامٌ على ذرى عيبال.. سلام على ذرى القدس والخليل.
وقى الله مصر شرور الفتن.. وجنب مصر الشقيقة وكافة ديار العرب والمسلمين كل سوء.. وحمى الله مصر والمصريين من كيد الكائدين، وأحقاد الحاقدين، ودسائس الدساسين المندسين المغرضين، وأطماع الطامعين، إنه سميعٌ قدير، وبالإجابة جدير.
30/5/2012
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق