متابعات
في يوم الصحة العالمي
أ/ عدنان السمان
www.samman.co.nr
يصادف هذا اليوم السابع من نيسان ما أسمَوه منذ عام ثمانية وأربعين وتسعمئة وألف يومَ الصحة العالمي.. ومما لا شك فيه أنه يومٌ جديرٌ بالاهتمام، على الرغم من كثرة الهموم السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والإدارية والثقافية والمعيشية التي يئنُّ تحت وقعها المواطن العادي في هذه الديار، وفي غير هذه الديار من بلاد العروبة والإسلام، وفي غير ديار العروبة والإسلام من أقطار العالم الثالث، وأقطار آسيا وإفريقيا وغيرها من أقطار هذا العالم أجمع.
إنه يوم جدير بالاهتمام على الرغم من كثرة الأمور والحوادث والأحداث الجسام التي ترقى إلى درجة الأرزاء والكوارث والنكبات والحروب التي تفتك بالإنسان في كثيرٍ من البلدان.. وهو يومٌ جديرٌ بالاهتمام نظرًا لتردي الأوضاع الصحية في كثيرٍ من الأقطار، ونظرًا لانتشار الجوع، ونظرًا لتلوث البيئة، ونظرًا لتلوث المياه، ونظرًا للإهمال الذي يلاقيه المسنّون، ونظرًا لقة الموارد، والنقص المستمر في مساحات الأراضي الزراعية بسبب التصحر، وانتشار البناء لمواجهة هذه الأعداد المتزايدة من الناس في مختلف بلدان هذا الكون، ونظرًا للقيود التي يفرضها الكبار على الصغار، لمنعهم من استثمار أرضهم الزراعية، ومنعهم من استصلاحها، وزراعتها، كي يعتمدوا في غذائهم ومعيشتهم على أولئك الكبار، وكي تظل بلادهم أسواقًا، ويظل مواطنوهم أفواهًا لإنتاج الكبار الذين باتوا يسيطرون على الغالبية الساحقة من أقطار هذا الكون، وباتوا يعاقبون كل "صغيرٍ" يتمرد على قوانينهم، ويحاول الخروج على تعليماتهم وتوجيهاتهم، ويحاول أن يزرع أرضه، وينمي موارده، ويصنّع بلاده ويطورها، حتى يحصل على أعلى قدْرٍ من الاكتفاء الذاتي، وحتى يحقق لشعبه الأمن الغذائي والاقتصادي، وحتى يحقق لشعبه أعلى المستويات الصحية والتعليمية والخدماتية وأفضلها.
نقف في يوم الصحة العالمي هذا لنؤكد على أن الجوع هو ألد أعداء الصحة الجسدية والنفسية للناس كبارًا وصغارًا في هذا العالم، ولنؤكد على حق الناس جميعًا في الغذاء الصحي المتوازن المتكامل، ونقف في هذا اليوم لنؤكد على حق الناس جميعًا في هذا العالم بالعيش في بيئةٍ صحيةٍ نظيفةٍ خاليةٍ من كل أسباب التلوث، ومن كل ألوانه وأشكاله التي لا تستثني الطعام والشراب، ولنؤكد على وجوب الاهتمام بالمسنين، ورعايتهم، ومراعاة احتياجاتهم المادية والمعنوية، وضرورة حصولهم على حقهم الطبيعي المشروع في الغذاء والكساء والدواء والعيش الآمن الكريم.. ونقف في هذا اليوم لنؤكد على ضرورة تنمية الموارد للشعوب، وعلى ضرورة مكافحة التصحر، وضرورة العمل الجاد من أجل استصلاح الأرض، وإنقاذها من زحف البناء الذي يجب أن لا يكون بحالٍ على حساب الأرض الزراعية، وضرورة أن يزرع الناس أرضهم، وأن لا يعتمدوا في غذائهم وحياتهم على ما ينتجه الكبار.. ونقف في هذا اليوم لنؤكد على أن الاستقلال الاقتصادي هو المقدمة الأولى والطبيعية للاستقلال السياسي، وهما يسيران معًا، وجنبًا إلى جنب نحو تحقيق المستوى الصحي المطلوب لشعبٍ من الشعوب.
إن اعتماد كثيرٍ من الناس في هذا العالم على "المساعدات" الخارجية، وعلى أموال "المانحين"، وإحسان المحسنين أمرٌ يدعو إلى أكثر من الاستهجان، وأكثر من الدهشة والاستغراب، وإذا كان هذا المبدأ مقبولاً في أحوالٍ معينةٍ، وظروفٍ خاصةٍ قد يمر بها هذا البلد أو ذاك، نظرًا لكارثةٍ، أو نكبةٍ، أو عاصفةٍ، أو إعصارٍ، أو انتشار أوبئةٍ، أو مجاعةٍ، أو نشوب حربٍ مدمرةٍ أو غير مدمرة، وإذا كان هذا المبدأ مقبولاً لفترات محدودة تنتهي عادة بانتهاء الأسباب التي أدت إليها، فإن استمراره يصبح أمرًا مرفوضًا بعد زول أسبابه.. أما إذا لم تتوقف تلك الأسباب، فإنه ينبغي على المجتمع الدولي أن يعمل على معالجة الأمر، لوقف الأسباب، ووضع الحلول العملية الكفيلة بمعالجة الأوضاع التي أدت إلى هذا الخلل الشنيع الذي تحول معه شعبٌ من الشعوب إلى لاجئين ومهجرين ومنكوبين، ومشاريع نكبات بشكلٍ مستمر، الأمر الذي يجعلهم خاضعين لهذه "المساعدات" الخارجية، ومعتمدين على أموال "المانحين"، وإحسان المحسنين إلى أجلٍ غير معلوم، وإلى أمدٍ لا يعلم مداه إلا الله.
في يوم الصحة العالمي ندعو لكل الناس في هذا العالم، و لكل الشعوب فيه أن تكون حياتهم ربيعًا دائمًا، لا صقيعًا، وسعادةً مستمرةً، لا شقاءً، وعملاً ناجحًا، لا فاشلاً، وعيشًا آمنًا كريمًا بعيدًا عن الأمراض والعلل، وبعيدًا عن كل أسباب المرارة والتوتر والفقر والحاجة.. وفي يوم الصحة العالمي نتمنى الأمن والأمان والصحة والرِّفاء والشفاء لكل منكوبي شعبنا العربي الفلسطيني، ولكل أسراه، ومعذَّبيه، ومبعديه، ومرضاه.. وفي يوم الصحة العالمي نتمنى لغيرنا من شعوب هذه المنطقة العربية الإسلامية ما تمنيناه لأنفسنا، مع تمنياتنا ودعائنا لكل شعوب العالم وأممه بحياةٍ رغدةٍ هادئةٍ هانئة، وصحةٍ جسديةٍ ونفسيةٍ لا تشوبها شائبة.. إنه سميع قدير، وبالإجابة جدير.
7/4/2012
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق