متابعات
الاقتصادي حسام حجاوي: أومن بضرورة بناء هذا الوطن والاستثمار فيه..
أ.عدنان السمان
www.samman.co.nr
لقد تعلمنا من تجاربنا وتجارب الشعوب في هذا العالم أن قوة الأمم اليوم تكمن في قوة اقتصادها، وأن قوة الاقتصاد لا يمكن أن تأتي من فراغ، بل هي نتيجة طبيعية لرغبة الأمة –أية أمة_ في أن تكون أمة منتجة، وفي أن تعتمد على نفسها في بناء أوطانها، وبناء إنسانها الذي يبني بجده واجتهاده هذه الأوطان.. ولعل أول خطوة من الممكن أن تخطوها الأمة في هذا الاتجاه أن تعلّم أبناءها كيف يكونون منتجين، وأن تفتح أمامهم سبل العمل والبناء، وان تغرس فيهم حب العلم والعمل، والإصرار على النجاح.. إن الأمة العظيمة هي الأمة التي تملك الإرادة والعزيمة والإصرار على مواجهة الصعاب، وتذليل العقبات، ودخول معركة الحياة بهمة وعزيمة وإرادة يلين أمامها الحديد.. الأمة العظيمة هي الأمة التي يعرف كل فرد من أفرادها مكانته، ويعرف ما له وما عليه، ويضع نهضة بلده وتطورها واستقلالها وعزتها وسمو مكانتها على رأس سلم أولوياته، وعلى رأس اهتماماته، والأمة العظيمة هي الأمة التي تربي أبناءها على العمل بكل ما أوتوا من قوة لبناء وطن قوي سيد مستقل عزيز لا مكان فيه لخامل، ولا وجود فيه لمتكاسل..وطن قوي مستقل مستقر تحقق سواعد عماله وفلاحيه ومثقفيه ومفكريه نهضته العمرانية والصناعية والزراعية والثقافية.. وطن قوي بشبابه ورجاله ونسائه وشيوخه العاملين الذين لا يأكلون إلا مما يزرعون، ولا يلبسون إلا مما يصنعون.. وطن قوي باقتصاده القوي الذي تبنيه وتعلي صروحه سواعد أبنائه وبناته.. وطن قوي لأن كل مواطنيه ومواطناته قرروا أن يكونوا منتجين عاملين بنائين واثقين من أنفسهم، مؤمنين بعدالة قضاياهم، موقنين أنهم إن لم يبنوا أوطانهم بعلمهم وعملهم وإنتاجهم وتضحياتهم فلن يبنيه أحد نيابة عنهم، ولن يكونوا عندها إلا في أسفل درجات السلم، ولن يكونوا إلا في ذيل قائمة الأمم والشعوب.
عجبت لمن ارتضوا لأنفسهم أن يعيشوا على ما يقدمه لهم الآخرون، ولو كان ذلك بالطبع على حساب حرية أوطانهم، وعلى حساب استقلالها السياسي والاقتصادي والثقافي، وعلى حساب كرامة أبنائها ومستقبل أجيالها وحرية مواطنيها.. عجبت لهم وقد ارتضوا لأنفسهم عيش العبيد، وبإمكانهم أن يعيشوا سادة كرامًا بين أمم هذا العالم وشعوبه!! عجبت لهم كيف لم يقرأوا تاريخ كثير من الشعوب التي لا تكاد تملك شيئًا من ثروات هذا العالم العربي، ولا تكاد تملك شيئًا من ثروات هذا العالم الإسلامي، ولكنها –مع ذلك- تقف في مقدمة الأمم الصناعية في هذا العالم بعزيمة أبنائها وإصرارهم على التقدم والتطور والنهوض.. لست بحاجة لضرب الأمثلة، فهي كثيرة، ولكنني أوجه كل هؤلاء وأولئك لأخذ العبرة من بلد أوروبي هزم شر هزيمة في الحرب العالمية الثانية، ولكنه بعد أقل من عشرين عامًا من تلك الهزيمة كان عملاقًا اقتصاديًّا يقف على قدميه بقوة وثبات في وجه من ألحقوا به الهزيمة العسكرية.. هذا البلد هو ألمانيا، وكفى!! كما أوجه كل هؤلاء وأولئك لأخذ العبرة أيضًا من بلد آسيوي هو اليابان.. وما أدراك ما اليابان؟؟ والأمثلة على الإرادة والعزيمة في هذا العالم كثيرة.
لقد علمتني الحياة منذ أنت كنت شابًّا صغيرًا أقف إلى جوار والدي في تلك المطبعة (التي أنشأها قبل ستة وسبعين عامًا بالكمال والتمام) أن الحياة تصبح عبئًا على الإنسان، وعبثًا لا طائل تحته إن كانت تخلو من عمل نافع منتج، وجهد وتعب وعرق ودموع وسهر من أجل تحقيق الأهداف السامية التي يطمح الإنسان إلى تحقيقها.. لقد عشت إلى جانب والدي –قبل أن أستقل بالعمل- فتعلمت منه الإصرار على النجاح، كما تعلمت منه الصدق والأمانة والتضحية، إنني أقول بكل صدق: إن هذه المطبعة المؤسسة التي أقف على رأسها منذ صيف العام الستين من القرن الماضي، والتي تعتبر من أكبر مطابع هذه البلاد هي في الحقيقة من إنجازات والدي الذي علمني كيف أعمل، وكيف أنجح، وكيف أواجه الصعاب، وكيف أكون مواطنًا يحترم عمله، وعماله، ومواطنيه، وقيم هذه الأمة العظيمة التي ينتمي إليها.
لقد علمتني الحياة أن أقدم لبلدي كل ما أستطيع تقديمه.. لقد آمنت منذ طفولتي بأن قيمة الإنسان تنبع من طبيعة العمل الذي يمارسه، ومن طبيعة المواقف التي يقفها من إخوانه وزملائه ومواطنيه.. آمنت بالعمل التطوعي منذ شققت طريقي في هذه الحياة، ولقد أفنيت من عمري حتى الآن إحدى وخمسين عامًا عملت من خلالها على تطوير المطبعة، وعملت خلالها على تمتين علاقاتي التجارية مع كل الناجحين في هذا الوطن، ولا سيما في مدينة الخليل، وأعتقد أنني قمت بواجبي بشكل يرضى معه ضميري في لجنة إغاثة المتضررين في حينه، وأمينًا لسر الهلال الأحمر لأكثر من خمسة وعشرين عامًا، وأمينًا لسر جمعية التضامن حتى دخولي الغرفة التجارية، وعضوًا فاعلاً في الغرفة التجارية الصناعية بنابلس، وممثلاً عن اتحاد الغرف التجارية الصناعية أكثر من مرة في منظمة العمل العربية، وممثلاً للقطاع الخاص الفلسطيني في مؤتمرات هذه المنظمة، ونتيجة لهذا فقد قررت منظمة العمل تكريمي في مؤتمرها المنعقد في البحرين قبل ثلاث سنوات (2008)، كما أنني عضو لجنة السياسات العمالية، ولقد شاركت في مناقشة قانون العمل الفلسطيني، وكذلك في وضع مسودة مشروع الصناعة، كما شاركت في أوراق عمل كثيرة في قضايا اقتصادية متعددة.
إنني أومن إيمانًا لا يأتيه الشك من بين يديه ولا من خلفه بضرورة بناء هذا الوطن، وبضرورة الاستثمار فيه، وبضرورة تطويره، وإقامة المشاريع على أرضه بهدف إيجاد الأعمال اللائقة لأفراد المجتمع دون استثناء، وللخريجين منهم بخاصة، كي يعيش الناس في هذا الوطن بأمنٍ وأمان واحترام، وكي نوفر لهم الحياة الكريمة على أرض وطنهم.
24/12/2011
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق