متابعات
قضايا تربوية
أ. عدنان السمان
كثيرة هي القضايا التربوية التي تفرض نفسها على أجندة التربويين والدارسين والمدرّسين في مطلع كل عام دراسي، وكثيرة هي المطالب التي يتقدمون بها، وكثيرة هي الآمال التي يعلقها الناس على العملية التربوية في هذه الديار، وفي غيرها من بلاد الله الواسعة.. منها ما يتحقق، ومنها ما لا يتحقق، بل يظل مجرد آمال وأمنيات تداعب الخيال، وتعبّر عن نفسها في مستهلّ كل عام، وعلى امتداد أيامه في محاولات دائبة مستمرة لتحقيق ما يمكن تحقيقه منها، ويبقى الأمل معقودًا على الهمم العالية، والنفوس الكبيرة من ذوي الاختصاص، وأصحاب الضمائر الحية، والحسّ الوطني والاجتماعي العالي اليقظ المسئول من كل من يعنيهم الأمر لتحقيق مزيد من هذه الطموحات والأماني والآمال.
أكتبُ هذه الكلمات في مستهل هذا العام الدراسي، وفي ذهني بعض القضايا والأفكار المحدّدة التي أرغب في عرضها، ولكي لا تضيع هذه الأفكار في غمرة المقدمات، والشروح المطوَّلة، والمجاملات؛ فإنني ألخصها بما هو آت:-
في العام الماضي (2007) أقرت وزارة التعليم امتحانًا وطنيًّا للصف السادس، وقد حقق هذا الامتحان كثيرًا من الأهداف التي وُضع من أجل تحقيقها، والمطلوب باختصار تعميم هذا الامتحان ليشمل سائر مدارس البلاد، وسائر الموضوعات الرئيسة كالتربية الدينية، واللغة العربية، واللغة الإنجليزية، والرياضيات، والعلوم.. إن هذا الامتحان الذي يأتي بعد ست سنوات من الترفيع التلقائي له فوائد كثيرة منها أنه يدق جرس الإنذار للطلبة وأولياء أمورهم، ولإدارات المدارس ومعلميها، ولكل من يعنيه الأمر، ويكون فرصة لتكثيف الجهد المبذول من أجل بناء هذا الطفل، وتخليصه من عناصر ضعفه وتراكماته لأسباب يعرفها كل أهل هذه البلاد.
وكذلك كانت الوزارة قد أقرت في العام (2005) امتحانًا موحَّدًا للصف العاشر، ولقد أتى هذا الامتحان أيضًا بنتائج إيجابية مما يستدعي ضرورة إعادة العمل به، وتعميمه، والارتقاء به ليأخذ شكل الامتحان العام.. إنه لمن الضروري جدًّا أن تكون هنالك محطات كثيرة في حياة الطلبة يشعرون فيها بضرورة الاهتمام بأنفسهم ودروسهم، وبضرورة العمل الجادّ المسئول من أجل بناء مستقبلهم.. وكلما أكثرت وزارة التربية والتعليم من هذه الامتحانات لتشمل المدارس كلها، والموضوعات الدراسية الرئيسة كانت النتائج إيجابية، وكان ذلك حافزًا للطلبة وأولياء أمورهم ومعلميهم على العمل الجادّ لتجاوز كل عوامل التثبيط والإحباط التي تحيط بالناس من كل جانب.
ولابد من الإشارة هنا إلى مساوئ الترفيع التلقائي، وتحديد نسبة الرسوب بخمسة في المئة فقط، ولابد من الإشارة إلى مساوئ اكتظاظ الصفوف، وافتقار كثير من المدارس إلى أبسط متطلبات الحياة العصرية، ولابد من الإشارة بألم شديد إلى هذه الضائقة المالية التي تغشى البلاد والعباد، وإلى هذه البطالة التي تعصف بالناس، وما يسببه هذا كلُّه من آلام تنعكس سلبًا على نفوس الطلبة، وعلى تحصيلهم العلمي، وعلى سلوكهم في المدرسة والبيت والشارع، ولابد من الإشارة أيضًا إلى هذه الإضرابات والعطل الرسمية وغير الرسمية التي فاقت كل التوقعات والحدود، جاعلةً العطلة هي الأصل، والدوام هو الاستثناء!! إن مئة يوم دراسي في العام لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تشكّل عامًا دراسيًّا، ولا يمكن بأي حال أن تُنهي منهاجًا، وتبني طلبةً، وتخدم عملية تربوية!! ولابد من الإشارة أيضًا إلى هذه التحزّبات والاستقطابات والمحاور والممارسات التي من شأنها أن تبتعد بمدارسنا عن غاياتها ،وبطلبتنا عن أهدافهم، وبمعلمينا عن رسالتهم، وبالشعب عن أهدافه الحقيقية في التحرر والتحرير والبناء والعيش الكريم في وطن حر عزيز سيد مستقل!!!.
ولابد أخيرًا من الإشارة السريعة إلى ما يعانيه طلبة الجامعات في هذا الوطن من منغصات وإحباطات ومشكلات وطبقية بغيضة لا تختلف في جوهرها عن مشكلات طلبة المدارس مع فارق رئيس يتمثل في التنقلات، والمواصلات، ودور السكن والأقساط الجامعية التي تقصم الظهور. وللحديث بقية.
9/9/2008
See how Windows Mobile brings your life together—at home, work, or on the go. See Now
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق