متابعات
حول الفقر والبِطالة والأمية في بلاد العرب!!
أ/ عدنان السمان
www.samman.co.nr
التقارير,والإحصاءات,والدراسات,والنشرات الرسمية,وشبه الرسمية,والأخبار,والتقديرات,والمشاهدات الشخصية,والقراءات,ومصادر الجامعة العربية,وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي,وغيرها من المصادر والمرجعيات والمراجع الإعلامية والصحافية الموثوقة في كل بلاد العرب تفيد بأن مئة وأربعين مليون عربي يعيشون تحت خط الفقر بنسبة تبلغ أربعين بالمئة من عدد سكان العالم العربي البالغ أكثر من ثلاثمائة مليون مواطن!!وأن نسبة البطالة في بلاد العرب تبلغ خمسين بالمئة!!وأن عدد الأميين في ديار العروبة يبلغ ستين مليون أميّ!!وأن هذه الأرقام والنَّسب مرشحة للزيادة والارتفاع عامًا بعد عام,وعقدًا بعد عقد,بسبب تردي الأحوال السياسية,وتردّي الأوضاع الاقتصادية,وتراجع الأحوال الاجتماعية والمعيشية والنفسية والصحية,وانعدام البنى التحتية,وبرامج التنمية والتغذية والإعمار والبناء والتصنيع,ومواكبة ركب الحضارة الإنسانية في كثير من أقطار العرب.
من المؤلم أن تزداد كل هذه الأحوال تردَّيًا في كثير من البلدان العربية..ومن المؤلم أن ترتفع بشكل مرعب كل هذه التناقضات بين شعوب الأمة العربية,وأن يزداد تضارب الإحصاءات والدراسات الرقمية وتفاوتها في كثير من أقطار العرب..الأمر الذي ينطوي على دلالات كثيرة منها غياب الدقة في هذه الإحصاءات والدراسات,واعتماد التقديرات العشوائية المرتجلة الخاطئة التي لا تؤدي إلا لمزيد من التراجع,ومزيد من التخلف والانهيار,ومزيد من تردي الأوضاع العامة لكثير من أقطار الأمة العربية,ومواصلة التقهقر والتراجع في شتى الميادين,وعلى مختلف الصعد,وكافة مجالات الحياة,وأوجهها المختلفة..بل إن من المؤلم أيضًا غياب الدراسات الجادة المسئولة التي من شأنها أن تضع الحلول والمعالجات لأوضاع العرب في كافة أقطارهم,وأن تحدد معالم النمو الاقتصادي العربي,والنمو الثقافي المعرفي العربي,ومعالم النهضة العربية الحقيقية بدءًا بالتكامل العربي,ولا أقول انتهاءً بوحدة أمة العرب على كل أرض العرب!!فالوحدة هي البداية,والوحدة هي القوة,والوحدة هي الحياة والتحرر والتحرير والبناء والإعمار,والوحدة هي سبيل هذه الأمة للخلاص من كل عللها,ومن كل تخلفها,ومن كل كوارث الفقر والبطالة والأمية التي تعصف بها منذ أجيال..ولا تزال!!
لا بد من الإشارة إلى كل هذا التبذير والإسراف الذي تمارسه أقطار عربية غنية لا توفر فرص عمل لمواطنيها,ومواطني غيرها من الأقطار العربية,بل إنها تنفق بغير حساب في مجال الخدمات والعقارات وبعض الاستثمارات التي لا تعود بأدنى فائدة على وطن وعلى مواطن,وإنما ترفع من أرصدة أصحابها,ومن أرصدة شركائهم في الاستثمار..فإذا تعرض الوطن لهزة اقتصادية لهذا السبب أو ذاك خسر هؤلاء,ودفعوا ثمن ذلك من أرصدتهم الهائلة,ولكن خسارة الشعوب هي الخسارة عندما تعصف هذه الهزة بكافة مقومات حياتها..وعندما تخسر لقمة عيشها,وعندما تهددها هذه الهزة وما يعقبها من هزات في أمنها الغذائي والدوائي,وفي أمنها القومي,وسلمها الأهلي الاجتماعي أيضًا.
إن النظام السياسي العربي,وانعدام القانون في كثير من بلدان العرب,وغياب المساءلة والمحاسبة,وتردي الأمن والأمان,وسوء الأحوال,والفوضى,والكبت,والقمع,والتسلط,والتحكم بالناس..كل هذا,وكثير غيره يحول دون تطور اقتصادي حقيقي قائم على الاستثمار والبناء والإعمار والتصنيع والنهوض بهذه البلدان..كما أن غياب القرار السياسي العربي في كثير من بلاد العرب,وغياب القرار الاقتصادي العربي أيضًا ,وتحكّم الأجنبي بهذين القرارين,وبغيرهما بنسب متفاوتة لاتسمح في حدها الأقصى,وعند سقفها الأعلى بشيء من نهضة,وبشيء من تقدم,وبشيء من نفع للشعوب العربية صاحبة المصلحة الحقيقية في أوطانها,وفي ثرواتها,وفي كل خاماتها النفطية و المعدنية..تحكّم الأجنبي بهذين القرارين من شأنه أن يُبقي على هذه الأمة في ذيل القائمة..ومن شأنه أن يحول بينها وبين التطور الحقيقي,والتقدم الحقيقي,والاستقلال الحقيقي,والنهضة الحقيقية..ومن شأنه أن يبقي عليها فريسة سهلة لهذا الأجنبي.
ولعل من الضروري أن يُشار إلى هذه الإحصاءات التي تتحدث عن نمو اقتصادي مرتفع في كثير من بلاد العرب مع وجود الفقر والبطالة فيها..هذا التناقض له تفسير واحد هو انتشار الفساد,وعجز التشريعات,وغياب المتابعة والمساءلة والملاحقة والمحاسبة الأمر الذي يؤدي إلى سوء توزيع الثروة,وتجمعها في أيدي الوكلاء والأوصياء,وبروز الطبقية بشكل مرعب:طبقة كبار رجال الدولة,ومن يلف ويدور في فلكهم..وطبقة عامة الناس التي تشكل الغالبية العظمى من أبناء هذه الأمة,وهي طبقة مقموعة فقيرة جائعة تعصف البطالة بأبنائها,وتنتشرالأمية بينهم,ويفتك بهم الفقر والجهل والمرض.
بإمكان الأمة العربية التخلص من كل العلل والآفات التي تتحدث عنها التقارير والدراسات والإحصاءات إذا هي عرفت طريقها,وحققت لنفسها نظامًا سياسيًّا واقتصاديًّا سليمًا,وإذا هي توجهت بهمةٍ وعزم ونشاط نحو أرضها تزرعها وتستثمرها,وإذا هي توجهت بقوةٍ نحو الصناعة والتصنيع,وإذا هي قررت أن تأكل مما تزرع,وأن تلبس مما تصنع..وليس هذا على إرادة الشعوب بعزيز!!
(10/3/2012)a
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق