متابعات
في ذكرى ثورة الشعب المصري
أ/ عدنان السمان
www.samman.co.nr
لئن كانت ثورات مصر على امتداد تاريخها كثيرةً، ولئن كانت مصر –كما يسميها كثير من الناس- أم التاريخ، فإن ثورة الخامس والعشرين من كانون الثاني (يناير) تقف، أو تكاد تقف، على رأس الحوادث والأحداث في وادي النيل.. لا نقول هذا مكابرةً، ولا نقوله مجاملةً، ولا يقوله أحد من باب التعصب لمصر، ولشعب مصر، وللأمة التي تنتسب إليها مصر، وإنما نقوله إحقاقًا للحق، وشهادةَ حق لمصر ولشعبها الذي يرفض الضيم ويأباه، وإن أغمض عينيه أحيانًا على القذى.
ولئن كانت مصر منذ الفتح الإسلامي مركِزًا من مراكز الحضارة العربية الإسلامية، ولئن كانت مصر منذ تلك الأيام مركِزًا من مراكز الثقل الثقافي السياسي الاجتماعي الفكري في العالم العربي الإسلامي في شرق الدنيا وغربها، فإن مصر في هذه الأيام تستعيد عهودها الزاهية تلك، وإن مصر في هذه الأيام التي تحيي فيها الذكرى السنوية الأولى لثورتها المباركة التي وضعت فيها كثيرًا من النقاط على كثير من الحروف تنتصب شامخة عملاقة لتمارس دورها الطبيعي الطليعي، ولتستأنف دورها القيادي الريادي في هذا العالم العربي الإسلامي الكبير الذي سيبقى كبيرًا، ولو كره الكارهون.
ولئن كانت القاهرة كمكة والمدينة ودمشق وبغداد، ولئن كانت مصر كالحجاز والشام والعراق واحدةً من بيئات ازدهار الأدب والسياسة والثقافة والفكر والاقتصاد في تلك العصور الزاهرة من تاريخنا، فإن مصر، وهي تحتفل اليوم بذكرى ثورتها المجيدة التي أعادت فيها إلى المصريين، وإلى كثير من العرب والمسلمين قدْرًا كبيرًا من كرامتهم، وردَّتْ إليهم قدرًا كبيرًا من اعتبارهم.. مصر التي تحتفل اليوم بذكرى ثورة (يناير) إنما تعيد إلى مثلث الحضارات العراقي السوري المصري القديم الجديد المتجدد دائمًا مكانته واعتباره، وإن احتفالات مصر اليوم إنما تأتي في فترة مختلفة مؤلمة من تاريخ هذه الديار، فالعراق الذي تخلّص منذ أيام من احتلال غربي شديد الوطأة، وسوريا التي تعاني منذ نحو عام من هذه الفتنة الكبرى التي تنوء بأثقالها على كل بلاد الشام.. احتفالات مصر، وانتصارات مصر هذه إنما تأتي اليوم لتشد أزر العراق العربي، ولتشد أزر سوريا العربية، ولتشد أزر العرب في كل ديارهم، ولتبث في نفوس العرب، وفي نفوس المسلمين وقلوبهم نور الأمل والجذل واليقين والتفاؤل والقوة والثقة بالمستقبل.. إن مصر وهي تحتفل اليوم بذكرى انتصارها إنما تنتصر لأمة العروبة والإسلام في كل أقطارها وأمصارها.. وهي إنما تعيد كثيرًا من التوازن الذي افتقدته هذه الديار على امتداد عقود كثيرة خَلَتْ، فلله درك يا مصر!! لله أنتِ يا مصر!! لله أنتِ يا قاهرة المعز قائدةً ورائدةً وهاديةً!! ولله أنتَ يا جيش مصر!! جيش العروبة يا بطل الله معك!!
لا يسعنا في هذه الذكرى العظيمة إلا أن نشد على أيدي الإخوة المصريين مباركين ومهنئين، ولا يسعنا إلا أن ندعو لمصر وللمصريين بمزيد من الوحدة والوعي والتلاحم والتمسك بالمواقف والأهداف والغايات النبيلة السامية لهذه الأمة العربية، ولا يسعنا إلا أن ندعو لمصر وللمصريين بمزيد من العزة والكرامة والتحرر والخلاص من ذيول العهد الغابر الذي ناء بكلكله على مصر ردحًا من الزمن.. فاسلمي يا مصر، واسلم يا عراق، واسلمي يا سوريا العروبة والإسلام.. واسلمي يا كل بلاد العروبة من الشام لبغدان.. ومن نجد إلى يمن إلى مصر فتطوان.
24/1/2012
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق