متابعات
أليس من حق هذه الأجيال أن تتعلم؟؟
أ.عدنان السمان
www.samman.co.nr
إذا كان من أبسط حقوق الناس في هذا العالم أن يحصلوا على المأكل والمشرب والملبس والمسكن, وإذا كان من أبسط حقوقهم أن يعيشوا باحترام وأمن وكرامة في أوطانهم, وإذا كان من أبسط حقوقهم أن يخضعوا لنظم سياسية واقتصادية واجتماعية قائمة على العدل والإنصاف والمساواة بعيدًا عن التسلط والتحكم والطبقية والاستبداد, وإذا كان من أبسط حقوق الناس في هذا العالم أيضًا أن ينصرفوا للعمل والتطوير والبناء والتقدم في مختلف مجالات الحياة, فإن من أبسط حقوق أطفالهم أن يتعلموا , وإن من أبسط حقوق أطفالهم أن يشبوا على هذه المبادئ والأفكار والمفاهيم والقيم والمثل العليا والأهداف النبيلة السامية التي يغذيهم بها منهاج مدرسي واضح المعالم والأهداف والغايات, وكتاب مدرسي أُحكمت فصوله وعباراته, وأُعدت الإعداد الكافي الذي يشد إليه الناشئة, وينير دروبها وعقولها, وينمي مداركها, ويحقق أهدافها وغاياتها.. لأنه لا حياة لأمة بدون علم, ولا علم بدون أجيال تشب عليه, وتترعرع في أفيائه, وتغتذيه مع أشعة الشمس، ونسمات البر والبحر، وحليب الأمهات.
وإذا كان من الطبيعي أن يتفق الناس في هذا العالم, وأن يختلفوا.. بل إذا كان من الطبيعي أن يتفق الناس في البلاد الواحدة, وفي الوطن الواحد، وأن يختلفوا, وإذا كان من الطبيعي أن يأخذ كل من الاتفاق والاختلاف صورًا كثيرة , وأشكالاً متعددة لا تكاد تنتهي, ولا تكاد تقف عند حد فإن الإضراب عن العمل، والامتناع عنه, والإضراب عن تناول الطعام, وكذلك الاعتصام بكل أشكاله وصوره احتجاجًا على ممارسات معينة, واستنكارًا لإجراءات تلحق الظلم بفئة أو فئات من الناس قد أصبح من ضمن الوسائل والأساليب التي يعبر بها هذا الفريق أو ذاك في كل بلاد الدنيا عن رفضه، أو تذمره، أو احتجاجه، أو استنكاره, ويعبر بها في الوقت نفسه عن مطالبه التي يرى أنها من أبسط حقوقه, معلنا إصراره على الاستمرار في احتجاجه، أو رفضه، أو تذمره, أو استنكاره إلى أن تلبى المطالب التي قد تلبى, وقد لا تلبى .. ولسنا بحاجة لمزيد من التفصيلات, ففي كثير من أقطار هذا الكون مزيدٌ من التفصيلات لمستزيد.
على أن الأمر الذي لا بد من الإشارة إليه, والتأكيد عليه هو أن يتم ذلك في الوطن الواحد، وبين أبناء الشعب الواحد, والأمة الواحدة في إطار من الود والتفاهم والمحبة والحوار, وضمن الوسائل والأساليب المشروعة التي تحق حقَا, وتزهق باطلا , وتنصف مظلومًا, وتشيع عدلا وإنصافًا وطمأنينة بين الناس, فالحق أحق أن يتبع, فالحق أبلج , والباطل لجلج, ولا بد للباطل ان يزول، وإذا كان لابد من الإضراب، فبعد استنفاد كافة الوسائل ، وإذا كان لابد منه فعلى مراحل، وبخطًى تصعيدية مدروسة لا تلحق الأضرار بالوطن واقتصاده ومؤسساته ونسيجه الاجتماعي, وإنما هو وسلية ضغط لرفع ظلم , وإحقاق حق, وإزهاق باطل , وإنصاف شريحة أو شرائح اجتماعية باتت غير قادرة على مواجهة متطلبات الحياة وأعبائها.. وإذا كان لا بد منه أيضًا, وإذا كان لا بد من السير في الشوط إلى منتهاه, فلا مانع, بعد الإعداد الكافي, والدراسة المستفيضة, والإجماع الشعبي, إذا كان الأمر على هذا الجانب من الخطورة .
بقي أن يشار إلى ضرورة تحديد المطالب والغايات من الإضراب, وإلى ضرورة أن يتفهم الناس ذلك, وأن يتناغم الشارع مع هذه المطالب, بمعنى أن تكون ذات أبعاد سياسية, أو اقتصادية, أو اجتماعية, أو ثقافية يرفضها الشارع، كي يكون الناس جميعًا شركاء في تحمل المسئولية , وشركاء في نتائج ما أقدم عليه الناس في هذا الوطن أو ذاك.
وبقي أن يشار أيضًا إلى أمر في غاية الخطورة , ولعله بيت القصيد هنا كما يقول نقاد الأدب, أعني أن لا يشمل هذا الإضراب، طال أو قصر, من قريب أو بعيد, مدرسة أو جامعة أو روضة أطفال .. ينبغي أن تكون مدارسنا وجامعاتنا بعيدة كل البعد عن كل أشكال الإضراب وأن يكتفى بدقيقة , أو بضع دقائق تعبر المؤسسة التعليمية فيها عن رأيها لا أكثر من ذلك ولا أقل , إن كل ما يمكن أن يجنيه الناس من فوائد لا يساوي شيئا بجانب خسارة يوم دراسي واحد!! . إذ يكفي ما خسره الطلبة من أيام دراسية لا مجال هنا لحصرها، أو ذكرها, أو الإشارة إليها , لأن الناس يعرفون ذلك, ولأن الطلبة جميعًا يعرفون ذلك , وهم الذين يدفعون ثمن ذلك, ولأن أولياء أمورهم المغلوبين على أمرهم أيضًا يعرفون ذلك, ويشيرون إليه_ حين يشيرون_ بمرارة بالغة , وأسًى شديد.
إن من حق أجيالنا أن تتعلم, وإن من حقها أن تبني هذا الوطن, بعد أن بذلت في سبيل حمايته والذود عنه من دمائها ودموعها ما بذلت ..إن من حق طلبة هذا الوطن أن يتعلموا , وإن من حق الأجيال أن تتعلم, وإن من حق أبناء العروبة في كل أقطارها , وأمصارها أن يتعلموا, وأن يتعلموا ,وأن يتعلموا , وأن يحصلوا على الجوائز , والحوافز والمغريات , وأن يكون العلم في أرض العرب مجانًا, لأن هذا من حق أبناء العروبة, ورحم الله عميد الأدب العربي المرحوم الدكتور طه حسين الذي رفع هذا الشعار, ووضعه بحزم وعزم وإصرار موضع التنفيذ.
21\1\2012
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق