متابعات
مزيدًا من المحبة والتسامح في العيد..
أ.عدنان السمان
www.samman.co.nr
العيد فرحةٌ للصغار ،وبهجة للكبار .. ولئن كانت الدنيا روضًا فإن الأعياد زهره وأريجه . ولئن كانت الحياة رحلة فالأعياد زينتها وزخرفها ، وهي المحطات التي يستريح فيها المسافرون من عناء السفر ومتاعبه ، ويجددون فيها نشاطهم ، ويستعيدون قواهم لمواصلة السير على طول دروبها الطويلة ... في العيد تصفو النفوس ، وتنقشع غيوم التجّهم والعبوس .. فيه تؤدّى الشعائر ، وتُزار المقابر ، ويُقبل الناس على الحياة بهمة وعزم ونشاط يَصِلون أرحامهم ، ويعودون مرضاهم ، ويزورون أقرباءهم وأصدقاءهم ، ويناقشون قضاياهم ، ويتحدثون في أحوال أمتهم وقضاياها ، وفي أحوال الدنيا من حولهم .
والعيد فرصةٌ لالتقاط الأنفاس ، والاستماع جيِّدًا لأحاديث الناس ، والاطّلاع على أحوالهم ، وأخبارهم ، والوقوف على أفكارهم وآرائهم ، وهو فرصة لمناقشة أحوال الأمة بهدف إيجاد الحلول المناسبة لقضاياها ومشكلاتها ، والاتفاق على أفضل السبل لإخراجها من أزماتها ، وإعادة أيام عزها وأمجادها في محاولة لصنع رأي عام واعٍ مستنير ...والعيد أيضًا فرصة لإسداء النصح لطالبيه ، فالدين النصيحة ، والدين المعاملة، والدين أمر بالمعروف ونهي عن المنكر ، والدين تغليب للمصلحة العامة على غيرها من المصالح ، واهتمام بقضايا البلاد والعباد دونه كل اهتمام ... كل هذا في إطار من المحبة ، والتفاهم ، والتسامح ، والغفران .. بعيدًا عن الشتيمة والتجريح والاتهام ، وبعيدًا عن الفحش في القول ، ونسف الجسور بين أبناء المجتمع الواحد ... فالعيد هنا فرصة للتصافي ، وتنقية القلوب من الضغائن ، والأحقاد ، وسوء الفهم بسبب ضغوط الحياة ، وتراكماتها ، وأحداثها التي يضيق بها صدر الحليم !!
والعيد فرصة مثالية لتراجع المخطئين عن أخطائهم ، والمسيئين عن إساءاتهم ، وهو فرصة للتراجع عن الغواية والضلال والانحراف ، والسير في طريق الرشاد والسداد والاستقامة ... إن وقفة صادقة مع النفس في هذا اليوم كفيلة أن تعيد الإنسان – مهما بلغت أخطاؤه – إلى جادة الحق والصواب ، وأن تعود به إلى دائرة العاملين المخلصين الأوفياء من أبناء الأمة الذين يُؤْثرون الباقية على الفانية ، ويفضّلون الموت في خنادق أمتهم على العيش في قصور أعدائها .
والعيد مناسبةٌ يعيد فيها الإنسان النظر في مسلكياته ، وعلاقاته بالآخرين ، فيقلع عن الإساءة للناس ، ويحجم عن إلحاق الأذى والضرر بهم مهما كانت الأسباب ، ويعاملهم بالتي هي أحسن حتى لو أساءوا إليه ، وما دام الإنسان كائنًا اجتماعيًّا فإن ممارسة الأذى والعدوان مهما كان ضئيلاً هو من المحرمات التي يجب على هذا الكائن الاجتماعي تجنبها حتى تستقيم أمور الناس ، وتصلح أحوال المجتمع ، وتستقيم أمور الأمة ، ويعلو شأنها بين الأمم.
وفي العيد .. عيد المحبة والتسامح والمغفرة يَحْسُن بقادة الأمة ، ومفكريها ، وسياسييها ، وأهل الرأي فيها أن يبتعدوا في أقوالهم وأفعالهم عما يثير الفتن بين الناس .. فحسبنا ما نحن فيه من تفسّخ ، وتقاطع ، وتنابذ ، واحتراب .. حسبنا ما نحن فيه من غمّ وهمّ وتشتّت وبعد عن الصواب !! ألا فليتق الله فينا أولئك الذين يريدونها حروبًا طائفية ومذهبيّة مدمرة في كل ديار العروبة والإسلام !! ليتّق الله فينا أولئك الذين يصطنعون الأزمات ، ويفتعلون المشكلات والانقسامات في صفوف هذه الأمة التي أصبح أمرها عجبًا بين الأمم !! ليس منا من دعا إلى عصبيّة ، وليس منا من دعا إلى طائفية ، وليس منا من دعا إلى فئوية ، وليس منا من دعا إلى تنابذ أو تدابر أو تخاصم أو احتراب ...
كلنا في هذه الديار إخوة .. كلنا في ديار العروبة والإسلام إخوة .. كل العرب إخوة .. وكل المسلمين إخوة.. المسلم أخو ( المسيحيّ) لا يسلمه ولا يخذله !! والسنيّ أخو الشيعيّ لا فرق بينهما إلا بالتقوى والعمل الصالح ، والموقف المشرّف من كافة قضايا الأمة!!
فمزيدًا من التضامن والتكافل والتعاون يا عرب .. مزيدًا من التفاهم والمحبة والتعاضد أيها المسلمون .. ومزيدًا من التعقل والحكمة والروية يا كل أصحاب المواقع والألقاب والمناصب والأقلام في كل ديار العروبة والإسلام.. مزيدًا من العمل من أجل مستقبل الأجيال على كل أرض العرب، وعلى كل أراضي المسلمين.. مزيدًا من وحدة الرأي، ومن وحدة الهدف، ومن وحدة المشاعر والغايات والأهداف.. مزيدًا من العمل من أجل حقن الدماء التي ما كان لها أن تُسفك في رمضان، وفي غير رمضان،و ما كان لها أن تُسفك في هذا اليوم الأول من شوّال عيد الإسلام، وعيد المسلمين، وعيد الفطر السعيد.. فيا أيها المحتفلون بالعيد اذكروا إخوةً لكم يُقتلون ظلمًا وعدوانًا في كثير من ديار العروبة والإسلام، واذكروا إخوةً لكم، وأخواتٍ ما كُنَّ ليجعن أو يَهُنَّ لو قمنا بالواجب نحوهنَّ.. واذكروا في هذا اليوم أسراكم ومشرديكم، وترحَّموا على شهدائكُم، وكل عام وانتم بخير.
29/8/2011
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق