عزيزتي .. عزيزي


ما أجمل أن نلتقيَ على كلمة طيبةٍ في كلَّ يوم ! ما أجملَ أن نلتقيَ لِنحقَّ حقا ، ونزهقَ باطلا ونحيي ثقافة ، وننصفَ مظلومًا ، وننقدَ واقعًا أليمًا ، ونوقدَ شمعة تمزق من حولنا الظلام .
أعزائي .. يا أنصارَ الحق ، وطلابَ الحقيقة ، ومحبي الخير والجمال أفرادًا ، وجماعاتٍ ، ومجموعاتٍ ، ومؤسساتٍ ، نساءً ، ورجالا ، فتية ، وفتيات .. يا كلَّ المؤمنين بحق شعبنا العربي الفِلسطيني في العيش باحترام ، وأمن ، وأمان فوق ثرى وطنه الغالي فلسطين .. ويا كلّ عشاق هذه اللغة العربية من أبنائها وبناتها ، ومعلميها ومُتعلميها .. يا كلّ شعبنا.. يا كلّ العرب .. يا كلّ المؤمنين بحق الشعوب في الخلاص من التبعية ، والاستعباد ، والاستبداد ، وبحقها في التحرر، والبناء ، والإعمار ، والسيادة على ترابها الوطني ... هذا موقعكم .. ستجدون فيه ما يسركم من فكر ، ورأي ، ومقال سياسي ، واجتماعي ، واقتصادي ، وثقافي ، ونقدي ، وأدبي .. ستجدون فيه نثرًا وشعرًا ، وقصة ، وحكاية ، وستجدون فيه كتبًا ، ومتابعاتٍ ، ومقابلاتٍ ، ومواجهاتٍ ، ومراسلاتٍ ، ومساجلاتٍ ..ستجدون فيه كثيرًا مما كتبتُ على امتداد العقود الماضية ، وبخاصة في " القدس " المقدسية ، والبيادر السياسي ، وغيرهما من مطبوعات هذه الديار وصحفها .. وسأوافيكم من خلاله بكل ما سأكتب ... مكتفيـًا في هذه المرحلة بالكتابة إليكم ، حتى إذا ما فرغتُ من إحياء ما لديّ من قديم( مخطوطٍ ومطبوعٍ) ووضعتـُه بين أيديكم في موقعكم هذا ، وتفرغتُ بشكل كامل للكتابة في قضايا الساعة فتحتُ المجالَ أمامكم للمشاركة ، والمساهمةِ ، والنقاش والحوار ، والأخذ والرد على غرار ما تفعله كثير من المواقع الرائدة التي نكنّ لها كل الاحترام ، وندين لها بالولاء والعرفان ، ونتقدم منها بالتحية والتقديروالامتنان .
أرحب بكم في موقعكم هذا .. موقع الأسرى ، والعمال ، والفلاحين ، والطلبة ، والمثقفين ، والكتـّاب ، والأدباء ، والشعراء .. موقع المؤسسات ، وكافة أحرار هذا الوطن وحرائره ..مثمنـًا وقوفكم إلى جانبي .. آملا أن يكون لي شرف الإسهام في خدمة الوطن والمواطن في بلادنا العزيزة فِلـَسطين .. وفي كل ديار العروبة والإسلام.
عدنان السمان
15/6/2008


الأحد، ١٤ آب ٢٠١١

وإذا أتتك مذمتي من ناقصٍ!!

متابعات
وإذا أتتك مذمتي من ناقصٍ!!
أ. عدنان السمان
www.samman.co.nr
     بعيدًا عن المهاترات, وكافة أوجه الخصومات والمخاصمات والمشاحنات، وبعيدًا عن سائر ألوان الضغائن والأحقاد والعداوات، وكل ألوان الكبائر والصغائر والتفاهات والحماقات، ومختلف أشكال الدسائس التي تلون حياة كثير من الناس في هذه الديار، وفي غير هذه الديار من أقطار هذا الكون.. وبعيدًا عن المجاملات، وكافة أوجه العلاقات العامة التي باتت في هذه الأيام عِلمًا له قواعده وأصوله ونظرياته ووجهات نظره واعتباراته، وله منظروه ومقرروه وخبراؤه وأساتذته وجهابذته.. وبعيدًا عن سائر ألوان العلاقات الخاصة التي تربط هذا بذاك، وهذه بتلك، وتشد هؤلاء إلى أولئك في إطار المسائل الشخصية البحتة، والروابط العائلية والعاطفية الإخوانية المحضة، أو في أطر المنافع المتبادلة، وحسابات الربح والخسارة، وحسابات الحقل والبيدر، والمصالح الشخصية والفئوية والحزبية الضيقة وغير الضيقة.. وبعيدًا عن كل ما تحمله هذه الأيام الوافدة إلينا من الغرب لا من الشرق (بعد أن اختل نظام هذا الكون) في ركابها من أوامر ونواهٍ وتعليمات وتوجيهات وقرارات وممارسات أقل ما يمكن أن يقال فيها إنها محاولة لمصادرة العقل الفردي والجمعي، والالتفاف على الإرادة البشرية، والحقوق الثابتة في القول والتفكير والتعبير، وفتح المجال واسعًا أمام الأقلام والأفواه التي اشتراها هذا الغرب، أو تمكن من خداعها وتضليلها بمعسول كلامه، وبريق وعوده، وسحر بيانه، وأحاديثه عن الشراكات والثقافات والحوارات والتفاهمات التي ستجعل من الدنيا كلها جنة خضراء، ولكن لهذا السيد الغربي ولمن يسير في ركابه من التابعين وتابعيهم.. وأقل ما يمكن أن يقال فيها أيضًا إنها محاولة لسوق الناس في هذه الديار وغير هذه الديار من أقطار هذا الشرق سوق الحمر، وإغراقها في بحارٍ من الدماء والدموع حتى لا يبقى فيها مقاوم لهذا الغرب وسياساته، أو ممانع لخططه ومخططاته وتوجهاته وأطماعه.
     بعيدًا عن كل ما سبق ذكره، وبعيدًا عن كثير غيره من تحسسات المتحسسين، وتشنجات المتشنجين عندما يتحدث متحدث عن فكر قومي عربي، أو ثقافة عربية إسلامية، أو فكر شرقي تقدمي تحرري تنويري، أو مشروع عربي إسلامي أو غير إسلامي على هذه الأرض العربية، وعلى تلك الأرض الإسلامية، أو تقارب وتفاهم وتعاون وتنسيق عربي إسلامي شرقي تقدمي مشترك بين كل أقطار هذا الشرق وأممه وشعوبه التي تؤمن إيمانًا عميقًا نفسَّا وثيقًا بحق هذه الشعوب في ثرواتها، وبحقها في حرياتها، وبحقها في استقلال أوطانها وأقطارها، وبحقها المطلق في الخلاص من التبعية للغرب، وفي الخلاص من أتباعه وأعوانه.. وحتى لا يفهم أحد من هذا العنوان أن الأمر يتعلق بذمٍّ وبسباب وشتائم يوجهها ناقص لمن هو أو لمن هم خير منه في كل المعايير والمقاييس والاعتبارات، وحتى لا يذهب ذاهب في هذا الاتجاه المؤدي إلى حلبة الصراعات الشخصية التافهة وغير التافهة، فإنني أقول إن الأمر أبعد من كل هذا وذاك، وإن الشأن الشخصي هو أبعد ما يكون قصدًا عما يمكن أن يوحي به هذا العنوان، أو هذا الصدر من هذا البيت الذي استهواني طالبًا يافعًا يهوى الأدب، ويذوب في الشعر على مقاعد الدراسة، مؤكدًا على أن الأمر أبعد من ذلك، وأنه يتعلق بالشأن السياسي الأخلاقي في هذا الذي يجري ويدور في كثير من أقطار العروبة في هذه الأيام التي تنوء بأثقالها، وأنه يتعلق أيضًا بكل هذا التدخل الغربي السافر بالشأن العربي الداخلي، وبالشأن العربي العام، وبالمال العربي العام، وبلقمة عيش العامل العربي، والفلاح العربي، وبكتاب الطالب العربي، ومصروفه اليومي، وبمستقبل الأجيال العربية على كل أرض العرب، وبمستقبل هذه الأمة العربية بين أمم هذا العالم.. آملاً أن أوفق في إبراز الأفكار التي يعكسها هذا المشهد المأساوي العربي، وأن تسعفني الكلمات في طرح هذه الأفكار والتعبير عنها بصدق ووضوح لا يرى فيه القارئ أي التباس أو غموض أو رثاثة، ولا يجد فيه السامع غضاضة في مواصلة الاستماع، ومتابعة الإصغاء، على الرغم مما يكتنف هذا المقال وكثيرًا غيره من مقالاتي التي أكتبها في هذا الاتجاه من إطالة، وعلى الرغم مما يعتريه ويعتريها ويعتريني فيها من ميل إلى التفصيل والإطناب، وجنوح إلى الموازنات والمقايسات، وإعراضٍ عن المشاحنات والمهاترات والتخرصات، وتعلقٍ بالإيماءات والإيحاءات والإشارات، وإيثار للتلميح على التصريح حينًا، وعنايةٍ بالسجع والمحسنات أحيانًا.. وماذا في ذلك؟  إنني لا أرى فيه غضاضة ما دمنا في هذه الديار نشخّص حالة غريبة، ونصور واقعا شاذًّا فريدًا لم يسبق لنا أن عشناه، وما دمنا في هذا الليل الطويل بحاجة لكل ما في الدنيا من صبر وأناة وبصر وتبصر وبصيرة، ونحن ندب فيه راغبين في الخلاص منه بأقل الخسائر، وأبسط التكاليف.. وما دامت لغتنا هذه، وثقافتنا هذه خير زاد لنا في رحلة البحث عن الحقيقة، وفي رحلة البحث عن الذات، وفي رحلة العبور من الشك إلى اليقين، ومن الظلمات إلى النور، ومن برد الشتاء وعريه وتجهمه وأهوائه وأنوائه وعواصفه وأعاصيره إلى جمال الربيع.
     في الماضي الذي كان شهدت العلاقات العربية الغربية ألوانًا شتى من الصراع، وألوانًا شتى من المد والجزر، وألوانًا شتى من حروب العظمة وتدمير المواقع وفرض السيطرة، ولئن كانت المعارك والحروب بين الغرب والشرق العربي الإسلامي هي الصفة المميزة لتلك العلاقات منذ فجر التاريخ، وعلى امتداد الماضي البعيد والوسيط، وعلى امتداد هذا التاريخ الحديث أيضًا من منبعه إلى مصبه في بحر الدم العربي المائج الهائج.. لئن كانت هذه هي حالنا، وهذه هي طبيعة العلاقات العربية الغربية مرورًا بالإسكندر المقدوني، وبكل الفاتحين العرب المسلمين في عهود الراشدين والأمويين والأندلسيين، ومرورًا بالحملات الصليبية وبالأيوبيين والعثمانيين، ولا أقول إنتهاءً بالحربين العالميتين الأولى والثانية، ووقوع معظم أقطار العروبة والإسلام قبيل ذلك وبعده وبالتزامن معه تحت احتلالاتٍ غربية أوروبية مختلفة، وما أعقب الحرب العالمية الثانية من انتصار أمريكا وخروجها من تلك الحرب القوة الغربية الاولى، وما أعقب ذلك أيضًا من إقامة الدولة العبرية على معظم أرض فلسطين عام ثمانية وأربعين، ثم سيطرة هذه الدولة بعد ذلك على ما تبقى من أرض فلسطين، وعلى أجزاء واسعة من أرض العرب خلال حرب سبعة وستين، ثم عملية الليطاني عام ثمانية وسبعين، وتوقيع معاهدة السلام الإسرائيلية المصرية، واجتياح لبنان عام اثنين وثمانين، وانعقاد مؤتمر مدريد، وتوقيع اتفاقات أوسلو، وقيام سلطة الحكم الذاتي في غزة وأريحا، وتوقيع اتفاقية السلام الإسرائيلية الأردنية، وتمكن المقاومة اللبنانية من تحرير أرض الجنوب اللبناني، وبروز نجم حسن نصر الله، وفوز حماس في الانتخابات التشريعية الفلسطينية، وحصار غزة، وإطلاق يد الاستيطان والمستوطنين في الضفة الغربية، وتوقف المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، ووصولها إلى طريق مسدود، وإصرار السلطة الفلسطينية على التوجه إلى الأمم المتحدة لإعلان قيام الدولة الفلسطينية على أرض سبعة وستين، ورفض الإسرائيليين والولايات المتحدة هذا التوجه الفلسطيني إلى الأمم المتحدة في العشرين من أيلول الوشيك.. ولئن تمكن الإسرائيليون خلال السنوات الثلاثين الماضية من إقامة علاقات دبلوماسية واقتصادية وثقافية مع عدد كبير من أقطار العروبة، ولئن تمكنوا بالتنسيق مع الغرب بشقيه الأمريكي والأوروبي من إخضاع كثير من القادة والسياسيين العرب، ومن إخضاع أو احتواء كثير من المفكرين والإعلاميين والمثقفين وقادة الفكر والرأي في كثير من ديار العروبة، فإن آخر ما تفتقت عنه أدمغتهم للرد على ثورة الياسمين في تونس، وللرد على ثورة الخامس والعشرين في مصر، وللرد على المد القومي العربي الذي تدفق في شرايين العرب وعروقهم نتيجة هذه الإنجازات التي حققتها العروبة في تونس ومصر هو أن يخلطوا الأوراق، وأن يغرقوا كثيرًا من أقطار العروبة في حمامات دم تدمر تآلف العرب، ووحدتهم، وسر قوتهم، وتدمر اقتصادهم، وتهدم بنيانهم، وتتصدى لمكاسب التونسيين والمصريين بكل قوة لإعادة عقارب الساعة فيهما إلى الوراء، حيث حكم الطاغيتين المستبدين اللذين كانا أكبر خادمين للسياسة الغربية في بلديهما.. بل إن ما فعله هؤلاء على أرض القطر العربي السوري كان هجومًا على انتصارات حزب الله اللبناني، وكان ردهم على قوة المقاومة اللبنانية، وكان ردهم على الممانعة الفلسطينية، وكان ردهم على مشاعر العروبة المتنامية في كل أجزاء سوريا الكبرى وبلاد الشام: في لبنان، وفي فلسطين كل فلسطين، وفي الأردن،  وكان ردهم على كل مواقف سوريا من الاحتلال الأمريكي للعراق، وكان ردهم على الدور السوري في القضاء على حكم الشاه، وتفجير الثورة الإسلامية في إيران، وكان ردهم على الدور الذي قامت به سوريا في تركيا، والذي لم يكتمل، وكان ردهم على الدور السوري في لبنان وفي كل أقطار الجوار، وعلى الدور القيادي السوري في كل أرض العرب، وكان ردهم أيضًا على إصرار سوريا على تحقيق الاكتفاء الذاتي، وعلى تحقيق العدالة الاجتماعية لكافة فئات الشعب العربي في سوريا، ولكافة العرب المقيمين على أرض هذا القطر العربي السوري، ولا سيما الفلسطينيين والعراقيين منهم، حيث توفر سوريا كافة الخدمات وعلى رأسها الخدمات التعليمية حتى درجة الدكتوراة، والخدمات الطبية حتى زراعة الأعضاء بشكل مجاني، وهذه حقيقة يعلمها كل من يعرف سوريا، ويعرف طبيعة التوجه العروبي العربي الذي انتهجته كافة الحكومات السورية المتعاقبة منذ عهد الاستقلال، وحتى يومنا هذا.. وكان ردهم على تطور الزراعة في سوريا، وعلى التطور الصناعي والتجاري، وعلى تطور العلاقات السورية مع كثير من أقطار هذا العالم، ولا سيما دول المنظومة الاشتراكية، والدول المتحررة في آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية، وكان ردهم على كل هذه التوجهات العربية السورية ثقافيًّا وسياسيًّا واقتصاديًّا وإعلاميًّا وتربويًّا وتعبويًّا وعربيًّا وإسلاميًّا وأمميًّا، وكان ردهم على المواقف العربية السورية الداعمة والمؤيدة لإقامة المشروع العربي الوحدوي على كل أرض العرب.
     لكل هذه الأسباب، ولأسباب أخرى نربأ بأنفسنا عن ذكرها، أو الخوض فيها كانت هذه الهجمة التي شنها الغرب بشقيه الأمريكي والأوروبي على سوريا.. وكان كل هذا التجييش الإعلامي غير المسبوق، وكانت كل وقاحة الأمريكان في حديثهم عن الشرعية، وفي حديثهم عن الحرية، وفي حديثهم عن إرادة الشعوب، وهم الذين كانوا ولا يزالون أعدى أعداء هذه الشعوب، وكان كل هذا الإنفاق بسخاء على تلك الخلايا النائمة التي حرص الغرب، كما حرص أتباعه وأعوانه ومؤيدوه والمتناغمون مع سياساته وأطماعه في كل بلاد العروبة والإسلام من بعض أبناء العروبة على زرعها في سوريا، لتكون أداته في ضرب هذا النظام عندما يقرر السيد الغربي ذلك!! لقد حاصرت أمريكا سوريا منذ ثلاثين عامًا، ولقد أربكها كل أعدائها المتحالفين ضدها بالمؤامرات والحوادث والأحداث، وسلطوا عليها أتباعهم وأعوانهم للعبث بها، ولإعاقة مسيرة العمل والبناء والإعمار كلما كان ذلك ممكنًا، وشنوا عليها الحملات الإعلامية الباطلة لتشويه صورتها محليًّا وإقليميًّا وعربيًّا ودوليًّا.. ولما لم تفلح كل هذه المحاولات والجهود، ولما فشلت كل هذه المؤامرات، ولم تمنع سوريا من كسر الحصار الامريكي، ومن توفير أفضل الخدمات لشعبها ولكل العرب المقيمين فيها، ولما تمكنت سوريا من التأثير بقوة في المنطقة العربية، وفي الساحة الدولية أيضًا، ولما كان القرار السوري بضرورة بناء محور طهران بغداد دمشق (أنقرة) بيروت من أجل إحقاق الحق العربي في فلسطين، ومن أجل حماية لبنان واللبنانيين، ومن أجل الرد على خطط الغرب ومخططاته في السيطرة على الأرض العربية، فقد كان قرارهم بشن الحرب على سوريا بهذا الشكل الذي نراه: لقد فرضوا عليها نوعًا من أسوأ أنواع الحروب الأهلية التي ابتليت بها كثير من الأقطار عبر التاريخ، مستغلين في ذلك كل العيوب والهنات والأخطاء التي لا يمكن أن تخلو منها مسيرة شعب، او مسيرة أمة، أو مسيرة ثورة، أو مسيرة حكم، أو مسيرة حكومة، أو مسيرة دولة قررت أن تحقق لنفسها ولشعبها ولأمتها كل ما يمكن أن تحققه من رعاية وعناية وعزة ومنعة وتقدم واستقلال واستقرار.. ومستغلين في ذلك كافة التناقضات العربية،  والخلافات العربية، والأمراض العربية، والصراعات العربية العربية القبلية، وتبعية كثير من العرب للغرب، ومستغلين في ذلك حاجة كثير من السوريين الفقراء ، وكثير من العرب الفقراء، وجهل كثير منهم بحقيقة الأهداف الغربية في سوريا، فأغدقوا عليهم الأموال التي لم تتمكن دولهم من توفيرها لأسباب تتعلق بظروف هذه الدولة وأحوالها، وزودتهم بالسلاح عبر الحدود السورية المترامية الأطراف من كافة الجهات، وحرضتهم وحركتهم للعمل ضد الدولة، وضد المؤسسات، وضد المنشآت العامة والخاصة.. وكلما تدخلت الدولة لوضع الأمور في نصابها ارتفع صياح هذه الفضائيات الكاذبة، وارتفع صراخ كثير من المطبوعات المتآمرة، وصراخ كثير من الإعلاميين الذين آثروا السير في هذه الزفة الإعلامية على الوقوف إلى جانب الحقيقة، وإلى جانب شعوبهم وقضاياهم، ظنَّا منهم أنها فرصتهم لتحقيق المآرب والأهداف والغايات، وظنًّا منهم أنها ليست أكثر من أيام ثم يحصدون ثمار ما يزرعون!! وما علموا أن ما يبتغون صعب المنال، وأن الدولة التي يراهنون على انهيارها ليست كما يتوهمون، فكافة الفئات، وكافة الشرائح فيها، وكافة المستويات والتجمعات والثقافات والاتجاهات تقف مؤيدة كل التأييد لمسيرة الإصلاح، ولمسيرة البناء، ولمسيرة العز والفخار، ولمسيرة  العروبة التي تقودها سوريا، ولمسيرة بناء الدولة العربية على كل أرض العرب التي يرفعها السوريون الأباة...
     إن ما تدعيه دول الغرب بشقيه، وما تزعمه، وما تطالب به هو أكثر من عجيب، وأكثر من مستهجن، فالغرب الذي زرع الفتنة يدعي الحرص على وقفها، ويطلب من الدولة أن لا تتعرض للمدنيين، وكأن الدولة هي المعتدية، وكأن الدولة تحارب المدنيين، وتحارب الناس في الشوارع وليس العكس!! وكأن الدولة أيضًا هي التي تقصف المساجد وتقصف بيوت الأهالي في المدن السورية وفي القرى السورية!! وها هي بريطانيا تدخل شيئًا شبيهًا بهذه التجربة، ولسوف نرى ونسمع ما الذي ستفعله ديمقراطية المملكة المتحدة في مواجهة عناصر كهذه.. إن المراهنين على خضوع سوريا لهذه الدولة أو تلك مخطئون، وإن من يتعاطفون مع تباكي الأمين العام للأمم المتحدة واهمون، وإن المراهنين على محاولات أمريكا لتجنيد مجلس الأمن، واستصدار قرار بإدانة سوريا لا يعرفون أن سوريا قوية بشعبها وبعلاقاتها العربية الأممية، وبدعم كثير من الدول الكبرى لها في المحافل الدولية، وفي مجلس الأمن تحديدًا، ولسوف تخرج سوريا من هذه الفتنة المؤلمة أكثر قوة، وأكثر إصرارًا على استئناف مسيرتها العربية الإسلامية حتى تحقيق أهداف العرب في الوحدة والحرية والاشتراكية.
     بقي أن نقول، والأسى يعتصر منا القلوب، إن العربي لا يعتب على الغرب، ولا يعتب على أعدائه في كل هذا الذي يجري على أرض سوريا، وعلى كثير من أرض العرب، ولكنه "يقينًا" يعتب على عربي يرضى لنفسه أن يكون رأس حربة في هذا الجسد العربي، وفي خاصرة هذه الدولة العربية التي قررت أن تعيد للعرب أمجادهم.. وبقي أن نقول إن كل هذا الزيف، وكل هذا التزوير، وكل هذا التحامل الذي تبديه كل وسائل الإعلام التي تناصب القطر العربي السوري كل هذا العداء السافر المكشوف هو أكثر من مؤلم، وأكثر من مؤسف، وأكثر من شهادة أيضًا على أن الدولة السورية بخير، وعلى أن الدولة السورية على حق،  وعلى أن القطر العربي السوري على حق ما دام هؤلاء وأولئك هم الذين يحاولون النيل منه، وما دام هؤلاء وأولئك هم الذين يذمونه.. ومن هم هؤلاء؟؟  إن العرب كل العرب تعرفهم، بل إن العجم أيضًا تعرفهم.. وبقي أيضًا أن نقول إن من يريد إصلاحًا لا يفعل هذا الذي يفعله، ولا يطالب منذ اللحظة الأولى التي رفع فيها صوته بنزع سلاحٍ حرر أرضًا عربيةً من احتلال ما كان يومًا ليفكر بالخروج والانسحاب لولا هذا السلاح.. وإن من كان عربيًّا مسلمًا، أو مسيحيًّا، أو كتابيًّا، أو وجوديًّا دهريًّا علمانيًّا لا يؤمن إلا بالمادة لا يمكن أن يرتضي لنفسه هذه المكانة، وهذه المهانة التي تضعه فيها تبعيته لكل أعداء العروبة.. إننا لا نملك إلا أن نردد مع هذا الشاعر: وإذا أتتك مذمتي من ناقصٍ// فهي الشهادة لي بأني كاملُ.
     ونحن إذ نؤمن أن الكمال لله وحده، فإننا نقول: ما كان أحرى كل هؤلاء الذين يشنون هذه الحملات الإعلامية الظالمة على سوريا أن يعملوا على معالجة عيوبهم، وأن يعملوا على إصلاح هذه العيوب.. ما كان أحراهم بالنظر إلى اعوجاج رقابهم.. ما كان أحراهم أن يشفقوا على ضحاياهم من المواطنين السوريين الأبرياء ومن غير المواطنين السورين الأبرياء أيضًا من هؤلاء الذين يضللونهم، ويغررون بهم، وهم يعلمون أنهم لن يحققوا شيئًا، ولن يتمكنوا من مواجهة شعب وجيش وحكومة ومجتمع حريص على تاريخه وثقافته وعروبته وإسلامه وإنجازاته وثوابته ومكاسبه ومعتقداته.. ما أحراهم بالاكتفاء بكل هذا الذي فعلوه، وبالعودة من حيث أَتَوا، لأن استمرارهم لا يعني إلا مزيدًا من الخسائر في صفوف أولئك البسطاء المغرر بهم، ولا يعني إلا مزيدًا من الخسائر لبلدٍ وضع كافة إمكاناته وطاقاته وكافة قواه البشرية في خدمة القضايا العربية المصيرية التي تستهدفها دول الغرب بشقيه، ويقف إلى جانبهم في ذلك نفرٌ من المحسوبين على أمة العرب، وما هم من هذه الأمةِ في شيء.
 
14/8/2011
 
  

ليست هناك تعليقات: